هذه الصلاة من أهم الصلوات التي فرضها الله علي المسلمين.. تنبع أهميتها من أنها الصلاة الوحيدة التي يحتشد فيها المسلمون في بيوت الله بكافة أنحاء المعمورة ليس للصلا فقط ولكن للاستماع إلي الوعظ والارشاد من فوق منبر الإسلام ورأي الدين في كافة القضايا والمشاكل التي يمكن أن يتعرض لها المسلمون. كما أنها الصلاة الوحيدة التي نزلت سورة قرآنية كاملة بأسمها هي سورة الجمعة وورد الحث علي أدائها صراحة في آية من السورة. لذلك كانت الجمعة موضع دراسة المستشرقين لأنها تلعب دورا غير عادي في تاريخ العالم الإسلامي وفي توحيد المسلمين وجمع كلمته. من هنا كانت ضرورة مناقشة القرارات التي اتخذتها وزارة الأوقاف مؤخرا والتي قصرت صلاة الجمعة علي المسجد الجامع دون الزوايا الصغيرة كما قصرت صعود المنبر علي الأزهريين وسحبت آلاف التراخيص من خطباء بالمكافأة لأنهم لا ينتمون إلي الأزهر.. ما تأثير هذه القرارات علي دور المسجد في الوعض والارشاد.. وهل ستتسع الجوامع للمصلين بعد اغلاق آلاف الزوايا في صلاة الجمعة وهل تتفق هذه القرارات مع الفتاوي الدينية الصحيحة وكيفية أداء الجمعة كما شرعها الإسلام.. ما رأي أئمة المساجد والأزهر والجمعيات الدينية؟ الشيخ حسين حبيب إمام المسجد الكبير بمدينة السادات يسرد بعض تفاصيل المشكلة.. يقول لدينا في المدينة 350 مسجدا و300 إمام فقط بعجز 50 إماما يتم الاستعاضة عنهم بخطباء بالمكافأة.. غير أن المهم أن عدد المساجد التي تقوم فيها فعلا صلاة الجمعة لا يتجاوز 100 مسجد و250 آخرين في مصانع مغلقة أساسا يوم الجمعة وعلي طرقات خالية من السكان رغم أن لها عمالا وأئمة ومقيمي شعائر. في بني سويف حوالي 4 آلاف مسجد بها ثلاثة آلاف و300 مسجد بدون إمام وبها خطباء بالمكافأة والأزهريون عندي نسبة بسيطة جدا.. وهكذا معظم محافظات الجمهورية بها عجز في الأئمة بنسب مختلفة وبها زوايا لها خطباء بالمكافأة لا تفتح أصلا لصلاة الجمعة. أضاف الشيخ حسين حبيب إمام المسجد الكبير بمدينة السادات إن القرارات التي أصدرها الوزير مؤخرا ليست أول تشريعات تصدر في هذا الأمر ولكن سبقها قرار وزاري بقصر خطبة الجمعة علي حاملي تصريحات من وزارة الأوقاف وبشروط معينة.. وقرار من رئيس مجلس الوزراء بتشكيل لجان للتوعية الدينية لمساعدة الأوقاف في تنظيم ونشر الدعوة وقرار أخر لشيخ الأزهر بشأن إنشاء لجان فنية لاختيار من يتقدم للخطابة والدروس في المساجد من غير الأزهريين وكل هذه التشريعات صدرت قبل ثورة 25 يناير. تفعيل القرارات قال إنه كان لابد أولا من تفعيل هذه القرارات قبل إصدار تعليمات أخري في هذا الشأن وليست قرارات لأن ما صدر هي مجرد تصريحات من الوزير لم تتبلور حتي الآن في شكل قرارات.. وتساءل هل هذه التعليمات حتي لو صدر بها قرار ستلغي قرار شيخ الأزهر بشأن اختيار من يتقدم للعمل في الخطابة والدروس من غير الأزهريين.. وهل يملك الوزير إلغاء قرار شيخ الأزهر. وأجاب هذا غير صحيح قانونا.. إذن كان لابد من التنسيق بين الأزهر والوزارة في هذا الصدد واتخاذ الإجراء القانوني السليم لتنفيذ هذه التعليمات في صورة قرارات قانونية سليمة.. غير أني كنت أفضل والحديث للشيخ حسين حبيب أن يتم تفعيل القرارات السابقة وعدم اتخاذ قرارات جديدة في هذا التوقيت.. لأن عدد الزوايا التي سيتم إغلاقها كثير جدا والسيطرة عليها ليس سهلا ويمكن أن يؤدي ذلك إلي بعض المشاكل في جو البلد فيه متوتر أصلا. إضافة إلي ذلك فإنه لابد من الاعتراف بأن البعض من الدعاة غير الأزهريين أفضل من كثير من الأزهريين لأنه ليس كل أزهري يصلح للدعوة والخطابة.. وهذا يعرفه الجميع ويظهر بشكل مثير لدي العامة من الناس الذين يراقبون جيدا صلاة الجمعة ويعشقون أصلا الاستماع لخطبة الجمعة ويعرفون الخطيب الجيد من الآخر الضعيف ويمكن أن تصطدم ببعضهم الآن عندما تمنع خطيبا أداؤه جيد لمجرد أنه غير أزهري وتأتي بآخر أزهري ضعيف فتفقد مصداقيتك لدي جمهور المصلين.. لذلك كانت هذه القرارات تحتاج لدراسة جيدة قبل إعلانها. إضافة إلي ذلك.. كان لابد أيضا من حصر شامل لعدد المساجد الوهمية التي لا تقام فيها صلاة الجمعة وتوزيع خطبائها علي المساجد المنتشرة بين السكان خاصة وأن كثيرا من هذه المساجد الوهمية بها خطباء أزهريون.. كما أنه كان لابد أيضا من دراسة التشريعات والقرارات القديمة قبل إصدار قرارات جديدة. الجمعة وصلاة العيدين غير أنه من الناحية الموضوعية والشرعية فإن صلاة الجمعة لابد أن تقتصر علي الجوامع الكبيرة لذلك فإن قرار وزير الأوقاف رقم "91" لسنة 2003 في مادته الرابعة كان دقيقا في هذا الخصوص حيث نص علي أن الزاوية تعتبر مكانا لأداء الصلوات الخمس دون الجمعة والعيدين إلا في حالة ما إذا كان أقرب مسجد يبعد عن موقعها ب 500 متر علي الأقل ويحظر استخدام مكبرات الصوت في الزوايا لأي سبب كان ويحال المخالف المساءلة التأديبية. وهذا القرار فيه حل لجميع المشاكل التي أثارتها التصريحات الأخيرة سواء من ناحية قصر الجمعة علي المسجد الجامع أو من ناحية بعد المساجد الكبيرة عن السكان وكيفية التصرف في هذه الحالة وهناك تضارب بين ما صدر مؤخرا والقرارات السابقة. إضافة إلي ذلك فإن عددا كبيرا من مساجد الجمعيات الشرعية والأهلية لم يتم ضمها للأوقاف وعددا كبيرا من مشايخ الدعوة السلفية غير أزهريين. غير أن الدكتور محمد مختار المهدي رئيس الجمعية الشرعية يثير مسألة أخري وهي ضرورة عرض هذا الموضوع علي هيئة كبار العلماء لحسم الموقف وإصرار فتوي شرعية منضبطة للرد علي كافة الأسئلة التي تثار في هذا الخصوص.. وتساءل لماذا الآن بالتحديد تمت إثارة هذا الموضوع؟ ولكن الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر يؤكد أن قرارات وزارة الأوقاف الأخيرة سليمة من الناحية الشرعية ومن حق الوزير تنظيم هذه الشعيرة بما يحقق المصلحة الدينية للجميع ويؤكد أنه لا يوجد شك في وجود مشاكل كثيرة تسببها بعض الزوايا الصغيرة المنتشرة في طول البلاد وعرضها والتي تستخدم في الصلاة والخطابة بطريقة غير لائقة.. كما أن بعضها غير مناسب أصلا لصلاة الجمعة لصغر مساحتها والمفروض أن الجمعة تكون في المسجد الجامع وليس في زوايا صغيرة لا تتسع إلا لعدد قليل من المصلين. الشيخ محمد عبدالعزيز إمام مسجد السيدة عائشة يؤكد أن وزارة الأوقاف لديها 110 آلاف مسجد بها عجز في الأئمة حوالي 55 ألفا بسبب هذه الزوايا الصغيرة التي يعمل بها خطباء بالمكافأة ليسوا مؤهلين جيدا مما يسيء أساسا لصلاة الجمعة والخطبة والمنبر.. فلماذا لا نتجمع في مسجد كبير ولماذا منبر الإسلام بالذات يعتليه غير المتخصصين؟ ويري الشيخ محمد عبدالعزيز أن الأزهريين هم المؤهلون ومن يري في نفسه ضعفا فإنه يمكن عقد دورات تدريبية لهم لأن عنده القاعدة الفقهية والعقائدية السليمة.. لكن ما يحدث الآن أن بعض الحاصلين علي الدبلومات الفنية يصعدون المنابر.. فهل هذا معقول؟ يضيف نحن نريد من يلتزم بالمنهج السليم للدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة ومن يتجنب الاساءة للناس من علي المنبر ويلزم بمنهج الرسول الذي كان لا يصرح باسم أحد علي المنبر. المفكر الإسلامي المستشار الدمرداش العقالي المستشار السابق بمجلس الدولة يؤكد أن مذاهب أهل السنة والشيعة تؤكد أن الأصل في مسجد الجمعة أن يجمع أكبر عدد من الناس ولا يسمح بتفرق الأعداد والخطباء وتناقض الخطاب في المسألة الواحدة لأن هذا يحدث اضطرابا شديدا.. لأن هذه الشعيرة الأصل فيها الاجتماع وليس التفرقة كما أن الفكرة أصلا كانت موجودة في عهد الشيخ المراغي شيخ الأزهر الأسبق وحاول الشيخ حسن الباقوري عندما كان وزيرا للأوقاف تنفيذها. أضاف أن الشرود المذهبي سببه وجود زوايا "تحت السلم" لا يجوز صناعة العقيدة بها..أكد أن تنظيم صلاةالجمعة موجود في باب "ادب التردد علي المساجد" والمسألة ليست جديدة.