طلت الفترة الرئاسية الثانية علي الرئيس الأمريكي باراك أوباما بلعنتها المعهودة علي رؤساء الولاياتالمتحدة.. ليجد أوباما نفسه متورطاً في مجموعة فضائح دفعة واحدة.. وفي مواجهة سيل من الاتهامات القوية بلا هوادة.. اتهامات ألقت بإدارته في دائرة الشبهات للمرة الأولي وهزت صورة رئيس أكبر دولة في العالم.. وانتقصت من ثقة شعبه فيه.. لتبدأ الشكوك في قدرة الرئيس الأمريكي علي توجيه دفة السلطة خلال الوقت المتبقي من فترته الرئاسية. جاء أوباما علي رأس الإدارة الأمريكية في وقت حرج عانت فيه أمريكا من الكوارث السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي خلفتها إدارة الرئيس السابق جورج بوش الابن والتي أغرقت البلاد في بحر من الأزمات. فتمكن أوباما من تحقيق أعظم إصلاحات الرعاية الصحية منذ عام 1965 وإنقاذ البلاد من فترة كساد اقتصادي مدمر كما عمل علي تعديل الصورة المهشمة لأمريكا بعد إخفاقات بوش الاستراتيجية. وهذا ما جعل شعبه ينظر له كبطل خارق ويصنفه كرئيس جيد من الدرجة الأولي خلال فترته الرئاسية الأولي وهو أيضاً ما دفع المواطن الأمريكي لاختياره كبطل من جديد لفترة ثانية. ومع بداية الفترة الثانية وعكس كل التوقعات وجدت الإدارة الأمريكية نفسها تحت الحصار.. حيث تواجه ثلاث اتهامات أولها أنها كانت علي علم بهجوم خطط له تنظيم القاعدة علي القنصلية الأمريكية في بني غازي في حين أنها ادعت أن الاعتداء جاء كرد فعل لفيلم أمريكي مسيء للإسلام. وكانت الإدارة الأمريكية ترمي إلي شغل الرأي العام عشية الانتخابات الرئاسية والتشريعية لتخليص أوباما من تهمة التهاون في التعامل مع الحرب علي الإرهاب وبالفعل هذا ما حدث فلم يول الرأي العام الأهمية التي كان ينبغي أن ينالها الهجوم باستثناء قطاع المناوئين لسياسة أوباما. وبما أن المصائب لا تأتي فرادي ففي نفس اليوم طرقت الفضيحة الثانية أبواب البيت الأبيض وهي عن إجراءات هيئة الضرائب التي استهدفت مجموعات سياسية بعينها لاسيما أن الهيئة لا تلقي ترحيباً بل تواجه عدم ثقة وربما مشاعر احتقار شبه جماعية نظراً لطبيعة مهامها التي تنال من رفاهية كل فرد من أفراد المجتمع. أما الفضيحة الثالثة والتي تجاوز تداعيتها الهجوم علي القنصلية وإجراءات هيئة الضرائب فهي تخص تنصت وزارة العدل برئاسة أريك هولدر علي الهواتف الخاصة لعدد من مراسلي ومحرري وكالة "اسوشيتد برس" للأنباء وشملت نحو20 هاتفاً شخصياً للفترة الممتدة من شهري أبريل ومايو لعام .2012 وقد أعلن كثير من الخبراء السياسيين أن تلك الفضائح أتت في وقت غير مناسب تماماً بالنسبة للرئيس وأجندته وأنه سيكون التحدي أمام أوباما والديمقراطيين في الأسابيع والشهور المقبلة هو تركيز انتباه الرأي العام علي الأهداف السياسية لأوباما بينما سيركز الجمهوريون والإعلام علي الفضيحة. وفي خطوة لتحسين صورته أمام الشعب الأمريكي وإظهار روح المسئولية أعلن أوباما عن إقرارات ذمة مالية له تنص علي ممتلكات قيمتها بين 1.85 مليون دولار و6.88 مليون دولار منها أذون خزانة متوسطة الأجل تتراوح قيمتها بين مليون وخمسة ملايين دولار. وحول الهجوم علي القنصلية الأمريكية في بنغازي نشر البيت الأبيض رسائل البريد الالكتروني المتعلقة بهذه القضية وذلك علي الرغم من أن هذه الرسائل أظهرت كيف أن إدارة أوباما قدمت رؤية غير مكتملة إلي المواطن الأمريكي عن هذا الهجوم كما قدمت لمحة عن الرقابة التي تفرضها الإدارة علي تصريحات موظفيها والتعبير الرسمي الذي يجب اعتماده إزاء الكونجرس والإعلام لوصف الهجوم وملابساته كما أعلن أوباما أن ما حدث كان نقصاً في المعلومات ولا يتعلق بأي أهداف سياسية. ورداً علي فضيحة التجسس علي محرري الاسوشيتد برس سعت الإدارة إلي إحياء مشروع قانون للإعلام برعاية السيناتور الديمقراطي تشارلز شومر. يعطي مشروع القانون للصحفيين الذين يرفضون الكشف عن مصادرهم السرية حماية اتحادية لكنه يسمح بأن تفوق احتياجات الأمن القومي أهمية حقوق هؤلاء الصحفيين ولم يتوقع أحد أن يضع ردفعل البيت الأبيض نهاية للجدل لكنه أظهر أن الإدارة أصبحت أخيراً مستعدة لمواجهة الآثار السياسية المحتملة.