ما أسهل أن تجلس في مكتبك المكيف أو حتي تحت ظل شجرة وامامك كوب الشاي وتطلق للسانك العنان في النقد والتنظير حول أداء الحكومة الضعيف واختيارات الاخوان المسلمين التي تعتمد في جزء كبير منها علي أولي الثقة وليس الكفاءة وصولا الي توسيد الامر لغير أهله.. ربما تكون كل هذه الامور حقيقية وربما يكون التنظير الذي لا يخلو منه شارع ولا بيت يصل الي درجة من الدقة بحيث يفصل الأزمة أو المشكلة تفصيلا.. لكن يبقي في النهاية مجرد تنظير لم يجد بعد طريقه الي الواقع المعقد. مصر الآن أصيبت بتخمة من التنظير الذي غطي كل الفضائيات ووصل في بعض الأحيان الي شكل من أشكال النقد لمجرد النقد.. مصر الآن في أمس الحاجة الي عمل أو فكرة علي الأرض ليس شرطا ان تكون حكومة أو فصيلا سياسيا بحثا عن صوت هنا أو صوت هناك هو من يتبني هذه الفكرة.. ألا يوجد في مصر من يستطيع أن يحول الأفكار الي كيان مادي يشعر به المصريون دعوكم من السياسة ومنافساتها التي تخرج غالبا عن القواعد النزيهة وهذه المحاولات الحثيثة من كل الفصائل السياسية الا من رحم ربي لإقصاء الطرف الآخر لتخلو لها الساحة السياسية.. دعونا نلقي كل هذا الغثاء جانبا ونبحث عن فكرة نطبقها وندفع أولي الأمر الي تبنيها طالما تحمل في طياتها الخير لهذا البلد. دعونا لا نصبغ مشروعاتنا وأفكارنا لنهضة هذا البلد بالصبغة السياسية علي شاكلة أن الذي يفكر ويبني اخواني أو سلفي أو ليبرالي او يساري.. نريدها مشروعات وأطروحات مصرية خالصة نقدمها لمصر وفقط. وأخشي في ظل هذه الحالة البغيضة من الاستقطاب وتشويه كل طرف للطرف الآخر أن يكفر الناس بالسياسة ومن يتعاطونها ثم ينتهي الأمر الي الكفران بالثورة بل وبغضها وكرهها لا لشيء الا لأن الذين قادوها ربما يكونون باعوها من أجل كرسي أو منصب أو مكسب سياسي او تحقيقا لزعامة زائفة.. من فضلكم أيها السياسيون رفقا بمصر وأهلها فالجسد المصري الذي أثخنته الجراح لم يعد يتحمل هذا الشد والجذب ألا يري أحد فيكم هذه الجراح وهو يحاول شد هذا الجسد يمينا ويسارا وألا يسمع اولئك السياسيون هذه الصرخات التي يطلقها الشعب المصري ليل نهار من هذا الشد واذا لم يتوقف أولئك السياسيون عن مراهقتهم التي تدفع بمصر وشعبها نحو الهاوية فانتظروا غضبة شعب قد تأتي علي الأخضر واليابس ولا تذر من السياسيين أحدا.