إذا كانت معاناة الإعلاميين المعتقلين قاسية جرّاء ما يُمارس ضدهم من إنتهاكات تتنافى مع حقوق الإنسان فإن معاناة أسرهم لا تقل قسوة وربما تزيد, حيث تتقاسم الأسر معهم مشاعر الألم والحزن والمهانة. الحاج أحمد محمد منصور والد الإعلامى المتميز شريف منصور المذيع بقناة مصر 25 والذى إعتقل أثناء ممارسة عمله وتغطيته أحداث مسجد الفتح, أحد الأباء الصابرين الذى لم يفقده الظلم الذى يتعرض له ولده داخل المعتقل يقينه فى نصر الله القريب . الحاج منصور أعلن انضمامه الى رابطة أسر الإعلاميين المعتقلين التى تم تدشينها مؤخراً معتبراً أنها ستكون أحد المنابر التى تدافع عن حقوق الإعلاميين المعتقلين والشهداء وأحد أدوات الضغط على الانقلابيين للإفراج عنهم وكشف منصور في حواره مع "الحرية والعدالة" أن شريف يتعرض لإنتهاكات متعددة داخل محبسه, وأن إدارة السجن تتعمد إذلال أسر المعتقلين أثناء الزيارة التى لا تتجاوز عشر دقائق، وقال ان أكثر ما يحزنه هو حلول عيد الأضحى المبارك دون أن يكون إبنه بين اسرته وأبنائه . * أنت أحد أعضاء رابطة أسر الإعلاميين المعتقلين التى تم تدشينها مؤخراً، هل هذه الرابطة تمثل أداة ضغط على الانقلابيين للإفراج عن أبنائكم ؟ نحن نأخذ بالأسباب ونسعى فى كل الإتجاهات بهدف تحرير أبناءنا الإعلاميين الشرفاء من سجون الانقلاب, بعد تخاذل المؤسسات المعنية بالدفاع عنهم وعلى رأسها نقابة الصحفيين, وسنسعى الى تفعيل دور الرابطة حتى تكون أداة ضغط حقيقية على الانقلابيين, وأهم أهدافنا توعية الناس بقضيتنا, وكشف حقيقة ما يمارس ضد الإعلاميين الشرفاء ولن يقتصر دور الرابطة على الإعلاميين المعتقلين بل سندافع عن حقوق الشهداء منهم ونطالب بالقصاص لهم. * هل هناك تصور واضح للفاعليات الخاصة بهذه الرابطة ؟ الرابطة لا تزال قيد التأسيس, وتم إختيار رئيسها وبعض اللجان, وكلنا أمل أن يكون لها دور كبير بإذن الله تعالى فى حل هذه الأزمة والإفراج عن جميع الإعلاميين المعتقلين والقصاص لشهدائهم * تعددت جرائم الانقلابيين ضد الإعلاميين بين قتل عدد منهم وحبس العشرات وبينهم إبنك شريف بما تفسر هذا الإستهداف ؟ (حسبنا الله ونعم الوكيل ) عشت عمرى كله والذى تجاوز 67 عاماً لم أشاهد ظلما كما أشاهده اليوم, فلا تفسير لما يُمارس ضد الصحفيين والإعلاميين من قتل وحبس وتلفيق تهم سوى تفسير واحد وهو حرص الانقلابيين على تكميم الأفواة المعارضة ومصادرة كل صوت حر جرىء أصر على مواجهة الانقلاب وكشف جرائمه أمام الشعب الذين يرغبون فى تضليله . * مر أكثر من شهر على اعتقال شريف هل تعرض خلال هذه الفترة لإنتهاكات أو تجاوزات من قبل سلطات الانقلاب ؟ داخل معتقلات الانقلاب تُمارس كل ألوان الإنتهاكات, ولا يستثنى أى معتقل منها سواء إعلامى أو عالم, أو طبيب, أو غيره، وإبنى أحد هؤلاء الشرفاء الذين اعتقلوا أثناء ممارسة عمله فى تغطية أحداث مسجد الفتح من أجل كشف وفضح جرائم الإنقلابيين التى يزييفها إعلامهم الفاسد, وهو يتعرض لما يتعرض له جميع المعتقلين من إنتهاكات وإهانات, ورغم أنه قليل الكلام حيث يفضل دائماً الصمت حتى لا يقلقنى أنا ووالدته المسنه وزوجته وأبنائه الصغار لكن هيئته ومنظره العام يؤكد ذلك, فقد تم حلق شعره (زيرو) وكسرت نظارته كما تم الإعتداء عليه أثناء القبض عليه وسرق كارنيه عمله الخاص بقناة مصر 25 وبطاقته الشخصية وكل ما كان معه فضلاً عن أن المكان الذى يحتجز فيه يمثل أبشع صور الإنتهاك حيث أنه يحبس مع عدد كبير من السجناء رغم ضيق المكان وينام على الأرض فى مكان غير أدمى على الإطلاق . * ما التهم الموجهة إليه ؟ هى نفس القائمة الطويلة من التهم التى توجه إلى أى فرد يتم إعتقاله من معارضى الإنقلاب العسكرى, ومنها التحريض على العنف وحيازة سلاح وغيرها من الأباطيل والتلفيقات الكاذبة, وقد عثرت داخل مكتب النيابة أثناء إستخراج تصريح لزيارة إبنى على ورقة من الأوراق الخاصة بالنيابة والتى من المفترض أن يُكتب فيها إسم المتهم وبياناته والتهم المنسوبة إليه ولكن الورقة التى وجدتها كان فيها التهم المنسوبة فقط للمتهم وهى نفس التهم الموجهة لكل معارضي الإنقلاب وكانت خانة اسم المتهم فارغة وهو ما يمثل إشارة واضحة وصريحة لحجم ما يمارس من ظلم وتلفيق ضد كل من يعارض الإنقلاب . * هل تستطيعون زيارته بشكل مستمر ؟ نحن حريصون على زيارته كل يوم سبت رغم المعاناة التى نلقاها سواء فى السفر حيث نسكن فى محافظة الشرقية, أو لما نتعرض له من إذلال حتى يسمحوا لنا بالزيارة , حيث نخرج من البيت الساعة السادسة صباحاً لنصل الى السجن الساعة التاسعة ونظل واقفين فى الشمس أنا وزوجته وأبنائه الصغار حتى الواحدة ظهراً وعندما ندخل لزيارته لا يتجاوز وقت الزيارة عشر دقائق, لا يستطيع فيها أن يُسلم علينا أو نعرف أخباره , حيث يتم إطلاق صُفارة لتجميع السجناء من مكان الزيارة بشكل مهين للغاية, كما أن روتين الأوراق الخاصة بالزيارة تمثل فى حد ذاتها معاناة وإذلال لا يمكن لبشر أن يتحمله * ماذ عن حالته النفسية داخل المعتقل ؟ شريف بطبيعته صبور ومحتسب, وتزيده المحن قوة وصلابه, ولكن ما يحدث اليوم على أرض مصر من إنتهاكات للحريات, وعودة قوية للدولة البوليسية يورث فى قلب كل وطنى شريف الحزن والأسى الشديد وهو ما أقرأه بوضوح فى وجه إبنى, على الرغم من محاولاته إخفاء ذلك, وأكثر ما يحزنه أنه لا يستطيع متابعة ما يحدث على الساحة السياسية وما يطرأ عليها من مستجدات وأحداث حيث يُحرم من قراءة الجرائد * وماذ عن أبناءه الصغار خاصة في عيد الأضحى ؟ شريف لديه 3 أطفال أكبرهم سما فى الصف الأول الإعدادى وهى الأكثر إدراكاً للمحنة التى يتعرض لها والدها وجميع المصريين بعد الانقلاب العسكرى, وأشعر أن إعتقال والدها خلق بداخلها شخصية ثورية لم نكن نعهدها عليها من قبل, فدائماً ما تتحدث بكل غضب ورفض للواقع الجديد الذى يريد ان يفرضه العسكر، وتتساءل بحدة ما الجريمة التى إرتكبها والدى ليحبسوه ويحرموننا منه ويحرمونه منا؟ كما أنها دائما تطالبنا بالذهاب الى القاهرة للمشاركة فى المليونيات التى يدعو إليها التحالف الوطنى لدعم الشرعية, كما تشارك فى بعض الأحيان فى المسيرات التى تتم داخل محافظة الشرقية, ولكن فى كل الأحوال فإن حالة الأبناء سيئة رغم محاولات الجميع لإسعادهم إلا أن غياب والدهم لا يستطيع أن يعوضه أحد خاصة مع حلول عيد الأضحى المبارك وهو أول عيد يأتى ووالدهم ليس بينهم ولكن رغم المعاناة النفسية التى يعيشها الجميع فكلنا على يقين بأن الله (عز وجل) سيكشف عن قريب هذا الكرب عن شريف وأبنائه وعن الأمة كلها.