أكد خبراء قانونيون وسياسيون أن اقتحام وتشميع مقر جريدة "الحرية والعدالة" هو جريمة مكتملة الأركان لتكميم الأفواه والمنابر الصحفية الحرة, وكبت للحريات وتجاوز صريح للقواعد القانونية الثابته ، وتأسيس لإستمرار عملية الإقصاء السياسي والفكري للمعارضة. وأوضح الخبراء أن حزب "الحرية والعدالة" له صفة قانونية مستقلة وهو قائم إلي الأن ولم يُحل ولا يجوز التعرض له أو لجريدته أو مقرها بسوء، محذرين سلطات الانقلاب من هذه الإجراءات القمعية التي تجر البلاد إلي الهاوية لأن الحلول الأمنية وعمليات الإقصاء السياسي والفكري تتعارض مع ما يجب أن تكون عليه الأمور والأحداث للعودة بالبلاد إلي المسار الديمقراطي القانوني والشرعي للبلاد , لأن ما حدث مساء الثلاثاء الماضي من إغلاق لمقر الجريدة وتشمعيه،يُعد حملة ممنهجة ومدبرة من سلطات الإنقلاب دون أي سند قانوني – والذي يعده الخبراء حلقة جديدة في مسلسلها القمعى ضد أصحاب الكلمة الحرة التي تأبي تكميم الأفواه مرة أخري بعدما مُنحت حريتها من ثورة العزة والكرامة في 25 يناير المجيدة . تأسيس لإستمرار عملية الإقصاء السياسي والفكري أكد أيمن مصطفي الخبير القانوني وعضو لجنة الحريات بنقابة المحامين أن اقتحام مقر" جريدة الحرية" هو إجراء –أمني – إستثنائي ليس له أي سند من القانون ,ويعد مخالفة قانونية واضحة لا يحق معها لسلطات الإنقلاب " غلق وتشميع " الجريدة لأن هذا العمل يؤسس لاستمرار عملية الإقصاء السياسي والفكري والتي ليست في صالح العودة إلي المسار الديمقراطي الذي ننشده بعودة الشرعية لحكم البلاد، وأضاف " مصطفي " طالما أن ما حدث للجريدة لا يستند إلي أي حكم قانوني فإن هذا الإجراء يعتبر في القانون " قيود أمني " إستثنائية تخضع للأهواء الشخصية – بمعني أوضح هل هذا الإجراء تم لكون الجريدة تنتمي لحزب معارض – أم أنه قانون يطبق علي الجميع بلا تفرقة سياسية أو فكرية , لأنني عندما أعرض قضيتي لا أتخيل مطلقاً أن تخضع للأهواء بعيداً عن القانون , وفي هذه الحالة أنتظر إنشاء نص قانوني – يطبق علي المعارض للحكم والفكر والرأي – ونص أخر يطبق علي المؤيد للحكم – وهذا يعتبر إنتهاكاً للقوانين والمواثيق الدولية ,لأن المفروض أن تتوفر في هذه القواعد القانونية " الشفافية والتجرد " بعيداً عن أي خصومة سياسية أو فكرية , وشدد " مصطفي " علي وقف مثل هذه الممارسات لأن عملية الإقصاء تتعارض مع أي توجه ديمقراطي، وتُفقد الثقة في جدية المسار الذي تحاول السلطة القائمة إظهاره أمام المجتمع الدولي. الإنقلابيون يجرون البلاد إلي الهاوية. ومن جانبه أكد الدكتور نصر عبد السلام رئيس حزب البناء والتنمية السابق وعضو الهيئة العليا للحزب بأن ما حدث من قيام سلطات الإنقلاب الدموي الغاشم من " غلق وتشميع لمقر جريدة "الحرية والعدالة" لهو جريمة جديدة تُضاف إلي جرائم الإنقلابيين , ووصف ما حدث بأنه " بلطجة إنقلابية " وليس عمل قانوني وهذا أمر غير مستغرب علي سلطات الإنقلاب ,لأن كل أفعالها لا تستند إلي أي قانون أو شرعية , محكمة غير مختصة. وأضاف " عبد االسلام " إن اللجنة القانونية بالحزب قد إجتمعت بناء علي طلب الهيئة العليا لمناقشة تداعيات هذا الأمر فور علمها بما حدث من الإنقلابيون الذين يجرون البلاد بأفعالهم هذه إلي الهاوية ,وقد خلُصت اللجنة بعد دراسة الموقف إلي أن الحكم القضائى الصادر من محكمة الأمور المستعجلة والذى قضى بحل جماعة الإخوان المسلمين وحظر نشاطها ومصادرة ممتلكاتها ,قد صدر من محكمة غير مختصة من حيث الأصل وذلك طبقا لقانون الجمعيات الأهلية حيث تختص محكمة القضاء الإدارى بالنظر فى الوضعية القانونية للجمعيات الأهلية والتى تنظر حاليا دعوى مماثلة لحل جمعية الإخوان المسلمين - وقد تقع إشكالية قانونية كبرى فى حال أصدرت هذه المحكمة حكما بقانونية جمعية الإخوان المسلمين , ثانيا:إن هذا الحكم هو حكم إقصائى انتقامى بالدرجة الأولى موجها فى حقيقته لإقصاء التيار الإسلامى الذى يدعم الشرعية ويدعو لعودتها , ثالثا:إن هذا الحكم مُسيس وغير مبرر ويتصادم مع المنطق القانونى ومع قواعد العدالة والحريات العامة ولا علاقة له بالقانون أو الدستور, رابعا:إن هذا الحكم تغولى حيث توسع دون وجه حق فى انتهاك الحريات التى يكفلها القانون حيث ينص على حظر أنشطة الإخوان المسلمين وأى مؤسسة متفرعة منها أو تابعة لها وأى منشأة تم تأسيسها بأموالها أو أية جمعية تتلقى التبرعات إذا كان من أعضائها أحد المنتمين للجماعة أو الجمعية وعلى مصادرة الأموال المملوكة للأشخاص المنتمين لإدارتها ,خامسا:إن هذا الحكم تعسفى حيث أثبت إتهامات دون سند من دليل فى قضايا مازالت منظورة أمام النيابة العامة حيث نص الحكم على أن جمعية الإخوان المسلمين قهرت المواطنين واتخذت العنف منهجا وأضرت بالأمن القومى وهذا مجافي للحقيقة جملة وتفصيلاً. تكميم للأفواه والمنابر الصحفية الحرة. واختتم " عبد السلام " بقوله إن ما حدث من الإنقلابيون هو تكميم واضح وصريح لكل الأفواه والمنابر الصحفية الحرة المؤيدة للشرعية – لأن غلق جريدة " الحرية والعدالة " مخالف لكل المواثيق الدولية فهي تابعة لحزب كبير قائم حتى هذه اللحظة ولم يتم حله، ومرخص من لجنة شئون الأحزاب, ولا علاقة له بالجمعية لأن الحزب كيان قانوني مستقل، و "جمعية الإخوان " نفسها لم تُحل حتي الأن وكذلك الحكم الصادر بشأن حلها قد صدر من محكمة غير مختصة, وبالتالي لا يمكن التعرض للحزب ولا للصحيفة ولا مقرها بأي غلق أو تشميع لعدم وجود حكم صحيح له سند من القانون ،وما حدث خلاف ذلك هي تصرفات غير قانونية واستبدادية لا علاقة لها بالقوانين والأعراف الدولية ,وبهذه الأفعال الإجرامية من الإنقلابيين فإن مثل هذه الأفعال لاتُنهى أزمة بل تزيدها وتعمقها وتُذيد من حالة الإستقطاب والإنقسام داخل المجتمع . جريمة مكتملة الأركان وفي السياق نفسه أكد الدكتور حامد صديق – الخبير القانوني وعضو لجنة الحريات أن ما حدث يُعد جريمة مكتملة الأركان تهدف بالمقام الأول إلي العصف بحرية الصحافة، فما حدث من – تشميع وغلق - للصحيفة لا يتنافى فقط مع حريات وحقوق الصحفيين، وإنما يتنافى كذلك مع كافة حقوق الإنسان مؤكداً أنها رسالة إرهاب لكل صحيفة تؤيد الشرعية وتندد بأفعال وأراء الانقلابيون ,وخير دليل علي ذلك هو ما حدث من اعتداء غاشم على مقر الجريدة وإغلاقه , والذي لم يكن بالأمر المستغرب فى ظل إغتصاب واضح " للشرعية والحكم " الذى دأب علي فعله الإنقلابيون من تكميم الأفواه التى تعارضهم منذ اليوم الأول . وأضاف "صديق "أنه حتى فى حال مخالفة أى جريدة لمواثيق الشرف الصحفي وأدآب المهنة أو إرتكابها لبعض التجاوزات, فإن هناك إجراءات إدارية يتم إتخاذها بشكل قانونى دون إخلال بالثوابت المهنية والحقوقية, وأن إغلاق مقر الجريدة بهذا الأسلوب الذى لا يستند إلى أى سند قانونى هو تكميم لحرية الصحافة في مصر و جريمة ليس فقط في حق صحفيو جريدة "الحرية والعدالة" وإنما لكل صحفيى شريف في مصر يؤيد الشرعية ويرفض ويندد بمجازر الإنقلاب, وأيضاً لما تحمله من رسالة وإنذار خطير وشديد اللهجة من شأنه أن يعصف بحرية الصحافة وحقوق الصحفيين,لأن أي تضييق علي الصحف والصحفيين إن لم يكن خاضعاً لسند ونص قانوني فيعتبر هذا قمعُ للحريات، وما نشهده الآن من تشميع لمقر"جريدة الحرية والعدالة" هو خيرُ دليل علي ما نقول لأنه غير خاضع لأي سند قانوني أو حكم قضائي من محكمة مختصة ذات صفة لنظر مثل هذه الدعاوي القضائية.