90 يوما مرت على صحفيى جريدة "الحرية والعدالة" يعملون فيها تحت ضغط وترهيب أمني وبلطجي غير مسبوق؛ إذ تم تهديدهم أكثر من مرة من قبل البلطجية باقتحام المقر والاعتداء عليه؛ وبالفعل تم إلقاءه بزجاجات "المولوتوف" من قبل. وللأسف لم يقف الأمر عند هذا الحد؛ حيث أضافت قوات الانقلاب حلقة جديدة في مسلسلها القمعى ضد صحفيو الجريدة؛ وذلك بإغلاق مقر جريدتهم مساء أمس الثلاثاء وتشمعيه، فى حملة همجية دون أي سند قانوني أو مهني-خاصة وأن الجريدة مازالت تصدر بشكل يومي منتظم-، كما استولت قوات الانقلاب على محتويات المقر من أوراق وأرشيف الكترونى وأجهزة وأثاث ونقلها إلى مكان غير معلوم. وفى استطلاع رأى حول ما قامت به ميليشيات الانقلاب أكد العديد من خبراء الإعلام والمنظمات الحقوقية أن ما حدث يشكل جريمة ويدق ناقوس الخطر للعصف بحرية الصحافة، فالأمر لا يتنافى فقط مع حريات وحقوق الصحفيين، وإنما يتنافى كذلك مع كافة حقوق الإنسان مؤكدين أنها رسالة إرهاب لكل صحيفة تخالف هوى الانقلاب. ومن جانبهم توقع الخبراء استمرار قوات الانقلاب فى حملاتهم هذه ضد أى صوت إعلامى حر معارض لهم يسعي للكشف عن جرائمهم وأفعالهم البشعة. إنذار خطير بداية رأى أحمد سيف- رئيس مركز هشام مبارك لحقوق الإنسان- أن إغلاق مقر الجريدة بهذا الأسلوب الذى لا يستند إلى أى سند قانونى هو بمثابة ضرب لحرية الصحافة فى مقتل. واعتبر أن ما حدث يعد جريمة لم توجه فقط لصحفيو الحرية والعدالة وإنما إلى كل صحفيى مصر, لما تحمله من رسالة وإنذار خطير من شأنه أن يعصف بحرية الصحافة وحقوق الصحفيين, والتى هى مادة أساسية نصت عليها كل دساتير مصر المتعاقبة بدءاً من دستور (71 ) وانتهاءاً بدستور 2012 الذى عطله الإنقلاب. وأضاف – سيف- أنه بجانب تنافى هذه الجريمة مع مبادئ حرية الصحافة, فإنها تتنافى كذلك مع حقوق الإنسان مؤكداً أنه حتى فى حال مخالفة أى جريدة لآداب المهنة أو ارتكابها لبعض التجاوزات, فإن هناك إجراءات إدارية يتم تنفيذها بشكل قانونى دون إخلال بالثوابت المهنية والحقوقية. وتابع قائلا:"فعلى سبيل المثال فلو كان إدعاء من قاموا بإغلاق مقر الجريدة بأنها تنشر مواد مكذوبة تكدر الأمن والسلم العام كما يدعون, فكان لزاما أن يقوموا بإعدام هذه المواد المكتوبة وإنذار الجريدة فقط دون الاعتداء علي مقرها, ولكن إغلاق المقر بهذا الشكل المفاجئ دون أى إنذار يؤكد أن الأمر تحكمه الأهواء السياسية, فى ظل نظام لايعترف بحرية الرأى". وناشد –سيف- جميع العاملين فى الجريدة بضرورة التصعيد وعرض قضيتهم على جميع المنظمات الحقوقية محملاً نقابة الصحفيين الجزء الأكبر من المسئولية. أمر متوقع ومن جانبه رأى الدكتور أحمد سمير -الأستاذ بكلية الإعلام جامعة الأزهر- أن ما حدث من اعتداء غاشم على مقر الجريدة وإغلاقه لم يكن بالأمر المستغرب فى ظل هذا الانقلاب؛ الذى دأب منذ اليوم الأول على تكميم الأفواه التى تعارضه. واعتبر –سمير- أن إغلاق مقر الجريدة بهذا الشكل هو جريمة جديدة تضاف الى قائمة جرائم الإنقلابين, التى لا يجب الصمت عنها, متوقعاً أن تستمر حملتهم القامعة للحريات لتشمل كل الصحف والمواقع المناهضة والمنددة بجرائمهم. تضييق الحريات وبدورها قالت الدكتورة نرمين عبد السلام – أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة – أن ما حدث من تشميع لمقر جريدة -الحرية والعدالة- يعد بمثابة كبت وقهر لحرية الإعلام وتضييق للحريات بأقصى درجة ممكنة، مشيرة إلى أنه فى ظل غياب القانون لا توجد أية حريات، موضحة أن الانقلابيين يعتبرون هذه المرحلة استثنائية لذا فإن أى إجراء فيها مباح بالنسبة لهم. وأضافت:"ما حدث كان متوقعا، وأرى أن الفترة المقبلة ستشهد تضييقا على الحريات"، ولفتت إلى أن الأمر لن يقتصر على الأصوات الإعلامية التابعة لجماعة الإخوان المسلمين فقط بل سيطال بعد ذلك أى صوت معارض.