في ظل غموض واسع وتجاهل من معظم وسائل الإعلام الموالية لنظام العسكر، أعلنت السفارة الأمريكيةبالقاهرة، أمس الجمعة 11 يناير 2019م، عن توقيع اتفاقية تعاون ثنائى عسكرى مع مصر أثناء زيارة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، للقاهرة ضمن جولة في المنطقة تتضمن دول الخليج ومصر والأردن والعراق. وبينما أحجمت حكومة الانقلاب عن الكشف عن هذه الاتفاقية الغامضة جاء الإعلان من جانب السفارة الأمريكية عبر موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” وقالت السفارة إنه “في الفترة التي سبقت الاجتماعات الناجحة التي عقدها وزير الخارجية الأمريكي بومبيو في القاهرة، انتهينا من إبرام اتفاقية ثنائية للتعاون العسكري المتقدم بين الولاياتالمتحدة ومصر”. تحالف دولي وقال مساعد وزير الدفاع بحكومة الانقلاب، اللواء محمد الكشكي: إن “الاتفاقية تفتح فصلاً جديدا للتعاون، وتؤكد على أهمية المساعدة الأمريكية لدور مصر في أمن واستقرار المنطقة”. ومن جانبه، أكد القائم بالأعمال، توماس جولدبرجر، أنه “مع هذا الاتفاق، ستعزز الولاياتالمتحدة ومصر جهودهما من أجل هزيمة الإرهاب والحفاظ على السلام والأمن لشعوبنا”. ويأتي توقيع هذه الاتفاقية الغامضة في ظل مساعي الإدارة الأمريكية نحو تشكيل تحالف دولي موسع لمواجهة إيران؛ وكان وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، أعلن أنه بحث مع نظيره، سامح شكري، التطورات السياسية الإقليمية والتصدي للنظام الإيراني، بالإضافة إلى حقوق الإنسان. وقال بومبيو، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع سامح شكري وزير خارجية الانقلاب في القاهرة، أول أمس الخميس: “ناقشت مع الجانب المصري التطورات السياسية في ليبيا والتصدي للنظام الإيراني”، وأضاف: “بحثنا مع الجانب المصري جميع مستويات حقوق الإنسان”. وأكد أن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالانسحاب من سوريا سينفذ، نافيًا وجود تناقضات حول هذا الشأن. وتابع الوزير بومبيو: “حربنا ضد داعش ستستمر ومصر والولاياتالمتحدة سيعملان معا لتسوية القضايا الإقليمية في الشرق الأوسط”. على خطى “CISMOA” ومنذ اغتصابه للحكم في مصر عبر انقلاب عسكري دموي، فرَّط الجنرال عبدالفتاح السيسي في حقوق مصر المائية عبر التوقيع على اتفاق المبادئ في الخرطوم مارس 2015 والذي شرعن إنشاء سد النهضة المخالف للقانون والمواثيق الدولية، كما فرط في التراب الوطني بالتنازل عن جزيرتي “تيران وصنافير”. وفي يناير الماضي 2018م، وافق نظام العسكر على اتفاقية “CISMOA” مع الإدارة الأمريكية والتي تجعل القوات المسلحة المصرية جزءا من منظومة الجيش الأمريكي وتجعل من مصر مركزا لقيادة العمليات العسكرية في المنطقة وقت الحروب، وهي الاتفاقية التي تأتي امتدادا لاتفاقية “كامب ديفيد” والتي نجحت من خلال واشنطن وتل ابيب من تحقيق اختراقات واسعة في قيادة الجيش المصري ومنظومة الحكم بالتالي على أساس أن القرار السياسي في مصر مرهون بالمؤسسة العسكرية التي تحتكر كل شيء سياسيا واقتصاديا عسكريا. وقال قائد القيادة المركزية الأمريكية وقتها الجنرال Votel: “في يناير 2018 ، احتفلنا بالتوقيع الناجح على الاتفاقية الثنائية للتواصل المتبادل والقابلية للتشغيل البيني والأمن مذكرة (CIS MOA) ، والتي توجت أكثر من ثلاثين عاما من الجهود لتعزيز الأمن والتعاون في مكافحة الإرهاب”. و”في “21” يناير 2018، أعلنت السفارة المصرية بواشنطن عن توقيع الاتفاقية، والمثير في الأمر هو أن توقيع الاتفاقية تم في يناير الماضي، ولم تعلن عنه رئاسة الانقلاب ولا القوات المسلحة، كما أن توقيع “CISMOA” جاء بعدما رفضتها لأكثر من 30 سنة الأنظمة المصرية المتتابعة، بينها نظام حسني مبارك والمجلس العسكري إبان ثورة يناير 2011″. موافقة واشنطن التوقيع يلزم القاهرة كمستخدم للسلاح الأمريكي بعدم استخدامه دون موافقة واشنطن، مع السماح للقوات الأمريكية بالمرور واستخدام مجال مصر الجوي والعسكري والبحري، والارتكاز بأراضيها وقت العمليات العسكرية، حسب محللين ومتابعين. ورفض الهنود تماما التوقيع على هذه الاتفاقية التى منعت عنهم أنظمة عالية الدقة تعمل بالأقمار الصناعية ومعدات أخرى حساسة على متن طائراتها سوبر هيكوليز C-130J Super Hercules وفضلوا الحصول على أنظمة بديلة من مصادر أخرى لطائراتهم. وقال الكاتب الأمريكي Matthew Axelrod المسؤول السابق عن مكتب الشئون الأمنية لمصر ودول شمال إفريقيا في الفترة بين عام 2005 و2007، والذي أخرج بحثا كاملا عن العلاقات الإستراتيجية الأمريكية فى 2008: “رفض المسئولون العسكريون المصريون على مدار عقود التوقيع على الاتفاقية لما فيها من انتهاك كامل للسيادة المصرية على الرغم من ذلك لم يمنع ذلك دول مجلس التعاون الخليجي من التوقيع على هذه الإتفاقية والذي يكشف الغطاء عن أسباب أخرى خاصة بقرار الرفض المصري”. ما هي اتفاقية CISMOA؟ هي اتفاقية خاصة بتوافق أنظمة الاتصالات العسكرية الأمريكية مع الدولة الموقعة على الاتفاقية ومذكرة أمنية. كما أن اتفاقية CISMOA تنص على أن يتم توليف أنظمة الاتصالات العسكرية بين القوات الأمريكية والدولة الموقعة والسماح للقوات الأمريكية بالحصول على أقصى مساعدة مُمكنة من الدولة المُوقِّعة من قواعد عسكرية ومطارات وموانىء وأيضا الإطّلاع والتفتيش على المعدات العسكرية لضمان عدم قيام الدولة بنقل التكنولوجيا الأمريكية لطرف ثالث. كما «تسمح الاتفاقية بربط أنظمة الاتصالات بين القاهرةوواشنطن والدفاع عن الأراضي المصرية عسكريا لو حصل اعتداء عسكري عليها. وفي حالة الحرب تطلب أمريكا من مصر الدعم العسكري والإمداد واستخدام القواعد العسكرية المصرية تمركزا لعملياتها، وتكون قوات مصر العسكرية تابعة للقيادة المركزية الأمريكية “CENTCOM”». بهذه الاتفاقية فإن الشائعات التي كانت تترد في التسعينات حول سيطرة القوات الأمريكية على أكواد الطيران والدفاع الجوي المصرية إضافة إلى الشيفرات الخاصة بها باتت صحيحة اليوم، الأمر الذي يمكن الأمريكان من تحويل الطيران المصري ودفاعاتنا الجوية إلى قطع من الخردة لو أرادت، كما يجعلها تتحكم في طائراتنا سواء كانت رابضة في مطاراتها أو محلقة في السماء؛ الأمر الذي يمثل خطورة جسيمة على الأمن القومي للبلاد؛ يستوجب محاكمة من وقعوا على هذه الاتفاقية. خطورة شديدة بموجب الاتفاقية التي تمثل خطورة شديدة على الأمن القومي لمصر، وتمثل تفريطا جديدا في سيادتها لصالح الأمريكان، فإن مصر تحولت من حليف أمريكي، ولو نظريا، إلى مركز إقليمي للأمن القومي الأمريكي، والاندماج في الاستراتيجية الأمريكية؛ تمهيدا لما يسمى (صفقة القرن)” وتشكيل تحالف أمريكي عسكري موسع لموجهة القوى الرافضة للكيان الصهيوني وكذلك تطلعات الشعوب نحو الحرية والاستقلال. كان وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي السابق آفي ديختر ، قد كشف في محاضرته الشهيرة التي ألقاها في معهد أبحاث الأمن القومي بتاريخ 4 اغسطس 2008 أن «الولاياتالمتحدة وإسرائيل تقومان بتدعيم الركائز الأساسية التي يستند إليها نظام الرئيس مبارك في مصر، ومن بين هذه الركائز نشر نظام للرقابة والرصد والإنذار قادر على تحليل الحيثيات التي يجري جمعها وتقييمها ووضعها تحت تصرف القيادات في واشنطن والقدس والقاهرة». ومن الركائز أيضا الاحتفاظ بقوة تدخل سريع من المارينز في النقاط الحساسة بالعاصمة، ومرابطة قطع بحرية وطائرات أميركية في قواعد داخل مصر وبجوارها. في الغردقة والسويس ورأس بيناس”.