اقتصاديًا، شهد عام 2025 تراجعًا ملحوظًا فى معدلات التضخم، وهو ما انعكس تدريجيًا على كبح جماح التضخم، وخفض مستويات جنون الأسعار.. صحيح أن المعاناة لم تنتهِ، ولكن مؤشرات الاستقرار بدأت تظهر، وشهدت الأسواق قدرًا من الانضباط، مع سياسات أكثر واقعية تهدف إلى حماية الفئات الأكثر احتياجا، وهذا التراجع منح الناس متنفسا وأعاد شيئًا من الثقة فى المستقبل. سياسيًا، جاءت الانتخابات البرلمانية كخطوة مهمة فى إطار تعزيز المشاركة السياسية، ورغم اختلاف الآراء حولها، فإنها مثّلت محاولة لإعادة الحيوية للمشهد النيابي، وفتح المجال أمام أصوات جديدة، مع تأكيد أهمية المؤسسات المُنتخبة فى دعم الاستقرار وبناء دولة القانون. وعلى الصعيد الإقليمى والدولي، برز مؤتمر السلام فى شرم الشيخ كدليل على استمرار الدور المصرى المحورى فى المنطقة، واستضافت مصر المؤتمر فى توقيت حساس، مؤكدة أنها ما زالت صوت العقل والحكمة، وأن السلام خيار استراتيجى لا بديل عنه، وأعاد المؤتمر لمصر ثقلها الدبلوماسى ورسّخ صورتها كدولة تسعى إلى الاستقرار لا التصعيد. ثقافيا، كان افتتاح المتحف المصرى الكبير رسالة إلى العالم، بأن حضارة مصر روح متجددة قادرة على الإلهام وصناعة المستقبل، وهدية للإنسانية تجسد دورها الضارب فى جذور التاريخ، ومنبع الفكر ومهبط الفنون وملتقى تعايش الثقافات، وفى قاعاته تُسمَع أصداء آلاف السنين، ومن حضارة الفراعنة وتعايش الإسلام مع المسيحية فى وئام فريد، تحت سقف من التسامح والمودة. وثقافيًا أيضا، شهدت نهاية العام انتفاضة جماهيرية واسعة دفاعًا عن كوكب الشرق أم كلثوم، بعد الجدل الذى أثاره فيلم «الست» وما اعتبره كثيرون إساءة لتاريخها ورمزيتها، وعبّر المصريون عن رفضهم المساس برموزهم الثقافية، فى مشهد أكد أن الذاكرة الوطنية ما زالت حية، وأن الفن جزء من الهوية الوطنية. و كان 2025 عام التوحش الرقمي، وتهاوت عروش صنّاع المحتوى الضار الواحد تلو الآخر ليقفوا أمام منصات القضاء، وإزاحة الستار عن دهاليز عالم رقمى جديد، يتغول بعيداً عن عالمنا الواقعي، ويضعنا وجهاً لوجه أمام حقيقة الفجوة المرعبة بين ما يظهر على الشاشات وما يحدث فى الخفاء. كان دور الشرطة لافتا فى تعقب جرائم السوشيال ميديا، خاصة المتعلقة بالابتزاز ونشر الشائعات والإساءة للأفراد والبلطجة، مما أعاد التأكيد على أن الفضاء الرقمى ليس خارج نطاق القانون، وأن حماية المجتمع تمتد إلى العالم الافتراضى كما تمتد إلى الشارع. فى النهاية، لم يكن عام 2025 صاخبًا لكنه كان عامًا عاقلًا، ومقارنة بما سبقه كان عام التقاط الأنفاس، والشعور بالهدوء النسبى بعد تحديات وأزمات كثيرة.. لم يكن عامًا خاليًا من الأحداث، لكنه كان أكثر توازنا، واتسم بالتفاهم أكثر من الصدام، والحكمة أكثر من الانفعال، عام مختلف فى إيقاعه، ويجعلنا نستقبل العام الجديد بآمال مُنتظرة.