يستكمل قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي مسلسل السيطرة على أراضي الدولة، تمهيدًا لتجزئتها وبيعها للمستثمرين، حيث قام بإصدار قرارات حاسمة لاسترداد كل الأراضي التي تم وضع يد المواطنين عليها، تمهيدًا لبيعها بالسعر الذي يتناسب مع ارتفاع أسعار الأراضي في هذه الآونة، وبيعها عن طريق المستثمرين، أو تقنين وضع المواطنين الذين وضعوا أيديهم عليها، مقابل سدد كامل ثمنها بالسعر الجديد إذا أرادوا. ويقوم المهندس إبراهيم محلب، مستشار عبد الفتاح السيسي والقائم على هذا ملف، بتقنين أراضى وضع اليد، وكذلك المبانى التى تم بناؤها على الأراضى الزراعية وأملاك الدولة، واسترداد كل الأراضى التي لم يتم تقنينها، بعد أن انتهى محلب من وضع معايير وضوابط للتقنين. واجتمع مصطفى مدبولى، رئيس حكومة الانقلاب، بالمحافظين نهاية الشهر الماضي، ونقل تعليمات مشددة من عبد الفتاح السيسي للمحافظين باستخدام كافة الصلاحيات والقوة، لاسترداد كافة الأراضي التي وضعتها اللجنة العليا لتقنين وضع اليد، وأضاف باللهجة الحاسمة ذاتها نقلا عن السيسي: «فين فلوس تقنين أراضى الدولة؟». مليارات بلا حساب ونقلت صحيفة “الأهرام” عن اللواء محمود شعراوى، وزير التنمية المحلية بحكومة الانقلاب، قوله في الرد على مدبولي: إن نسب نجاح تقنين الأراضى وصلت إلى 193 ألف فدان، وأن حجم الأموال من التقنين بلغ 6 مليارات جنيه ونصف المليون جنيه، وهو رقم قليل إذ تقدر هذه الأموال المتوقعة من هذا الملف بأضعاف هذا المبلغ، مضيفا أن المحافظات ستحصل على 25% من قيمة المبالغ التى يتم تحصيلها لتطوير الخدمات. وفي أسيوط، وجه محافظ الانقلاب واضعي اليد على الأراضي التي تم حصرها بسرعة سداد ثمن الأرض كما تم تسعيرها، من اللجنة التي يرأسها محلب، وإلا سيتم أخذ الأرض وبيعها عبر طرحها بالمزاد بالأسعار التي حددتها دولة الانقلاب، كما قامت المحافظة بسرعة البت فى الطلبات المقدمة من قبل المواطنين الذين أرادوا تقنين وضع أراضيهم، وشدد اللواء جمال نور الدين، محافظ أسيوط، على استكمال أعمال المعاينة والبت والتسعير للذين تقدموا بطلبات للتقنين، وقام بالإزالة الفورية لمن لم يتقدم بطلبات من واضعى اليد. واستنجد المواطنون لمنحهم فرصة لسداد ثمن الأرض على أقساط، نظرا للخسائر التي تعرضوا لها من بعض مشكلات الزراعة، وغلاء الأسمدة. مبالغات في التقدير وقال المهندس سامح حمدى عبد الحكيم، أحد أصحاب الأراضي: “لدينا العديد من المشاكل ونتمنى من الدولة والمحافظة مراعاة ظروفنا الاجتماعية الصعبة، فهناك مبالغات فى تقدير ثمن الأراضى، وكذلك نتمنى مد فترة التقسيط حتى يتمكن المزارع من الاستمرار بالزراعة، حيث إننا نتحمل تكاليف أخرى كبيرة مثل الكهرباء وتكاليف الزراعة والاستصلاح والعمالة، الأمر الذى يجعل العائد من هذه الأرض محدودًا جدًا، وليس لدى أولادنا بديل آخر وإلا سينضمون إلى طابور البطالة”. فيما رد محمد عبد الجليل، السكرتير العام لمحافظة أسيوط، بأن الطلبات تضم نحو 72 ألف فدان كأراض زراعية، ونحو 8 ملايين متر مربع كمبان، لافتا إلى أن السعر يتغير وفقا لطبيعة الأراضى التى يتم تقنينها والشروط التى تقوم اللجنة المختصة بتنفيذها على أرض الواقع، لافتا إلى أنه من الأوراق المطلوبة للتقنين الحصول على موافقة هيئة عمليات القوات المسلحة على الأراضى التى تقع خارج الزمام، ومعها 9 خرائط مساحية، بينما يتم الاكتفاء بخريطة واحدة للأراضى داخل الزمام بالتنسيق مع كافة الجهات المعنية. وقال المهندس نبيل الطيبى، السكرتير العام المساعد للمحافظة ومسئول ملف التقنين: إن الملفات تعدت 18 ألف طلب بالقرى والمراكز، وأنه يتم الفحص والمعاينة والبَت والتسعير طبقًا لقرار مجلس الوزراء رقم 18 لسنة 2017 والمنصوص عليها بالأحكام المنفذة للقانون رقم 144 لسنة 2017، وقد تم سداد قيمة رسوم الفحص لنحو 10 آلاف طلب حتى الآن. لافتا إلى المتابعة المستمرة لكل الوحدات المختصة بمنظومة تقنين الأراضى بجميع المراكز، مع التشديد على مراعاة الدقة والمعاينة على الطبيعة للملفات المقدمة. وفى المنيا، أعلن محافظ الانقلاب اللواء قاسم حسين، عن أن إجمالى عقود تقنين الأوضاع التى وقعتها المحافظة بلغ 157 عقدا، بعد استيفاء كافة المعايير والشروط والموافقات النهائية من كافة الجهات المعنية، بمساحة حوالى 8 آلاف فدان، بعد أن تم سداد مقدمات التقنين القانونية لها بنسبة 25% من ثمن الأرض، لتبلغ إجمالى تلك المقدمات 113 مليون جنيه. كما وجه المحافظ إدارة الأملاك باستمرار جهودها لإنجاز كافة أعمال اللجان الخاصة بالمعاينات، وأشاد بجهود لجنة استرداد أراضى أملاك الدولة فى تحقيق هذا الإنجاز. شكاوى موحدة وفى الشرقية تقوم اللجان المتخصصة بالمحافظة بفحص طلبات التقنين وإجراء المعاينات والتقييم؛ للعرض على اللجنة الرئيسية بديوان عام المحافظة للبت فيها. يقول الدكتور ممدوح غراب، محافظ الشرقية: إن إدارة الأملاك شهدت إقبالا متزايدا من جانب الراغبين فى التقنين والبالغ عددهم حوالى 27 ألف مواطن، منهم 13 ألفا و448 طلبا خاصا بالأراضى الزراعية على مساحة 66 ألف فدان و12 ألفا و685 طلب مبانٍ على مساحة 7 ملايين و448 ألف متر، وقد تم الانتهاء من فحص 21 ألف طلب تقدر قيمتها بحوالى 32 مليون جنيه. واشتكى الأهالي في الدقهلية من المغالاة فى التسعير من جانب اللجان، وتتصدر ميت غمر وبلقاس مراكز المحافظة فى معدل أراضى وضع اليد على أملاك الدولة، وطالب الأهالى بمراعاة ظروفهم الاجتماعية، وهى شكوى موحدة لدى أغلب المنتفعين، كما يشكو 110 مواطنين من نبروه من بطء الإجراءات الفنية رغم قيامهم بدفع رسوم المعاينة المقررة قبل الموعد النهائى لإغلاق الباب فى 27 سبتمبر الماضى، بسبب تأخير مسئولى هيئة المساحة فى مراجعة المساحات المراد تقنين أوضاعها. كما قالوا إن مشكلة أخرى في المنصورة والسنبلاوين بسبب الولاية على أراضيهم إلى هيئة الأوقاف، والتى تراجعت عن برنامج التقنين رغم موافقة وزير الأوقاف بتفويض محافظ الدقهلية، ثم أبلغت الأهالى أنها لا علاقة لها بتقنين المحافظة والوحدات المحلية. وفى الإسماعيلية يشكو الأهالى من بطء الإجراءات، فيقول السيد حسن، موظف، إنه تقدم بملف التقنين للجهات المسئولة منذ فترة طويلة، وحتى الآن لم يتم البت فيه، وأنه فى انتظار البدء فى إجراءات المعاينات وتقدير الأسعار بالرغم من قيامه بدفع 5 آلاف جنيه مقابل رسوم الفحص، وأيضا قام بدفع رسوم المعاينة للأرض. وطالب الأهالى بضرورة عدم المغالاة فى التسعير، وعدم فرض أسعار محددة لكل منطقة، ومراعاة دراسة كل حالة على حدة، وما إذا كانت قطعة الأرض داخل القرية أو المدينة، وما إذا كانت تقع على شارع رئيسى أو شارع داخلى، وكذلك ما إذا كانت هذه القطعة ناصية أو ذات واجهة، دون وضع جميع القطع والأراضى فى سلة واحدة. ويقول أبو شامة علي أبو شامة، مهندس زراعى: إنه يضع يده على 10 أفدنة شرق قناة السويس بسيناء، وتقدم بطلب للتقنين وقام بدفع رسوم الفحص البالغة ثلاثة آلاف جنيه ورسوم المعاينة وقدرها 1400 جنيه، وأخبروه أن المعاينة ستتم بعد 20 يوما ورغم مرور قرابة الشهرين لم تتم إجراءات المعاينة، وأضاف أن الأهالى حائرون بين محافظة الإسماعيلية والهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية فى ملف التقنين، فى الوقت الذى يسمعون عن تقديرات مبدئية للتقنين تبلغ 70 ألف جنيه للفدان، بمعنى أنه مطلوب منه دفع 700 ألف جنيه لتقنين وضعه على العشرة أفدنة، وهى مبالغ تفوق قدرات الأهالى. وفى سوهاج قال خالد محمد “مزارع” من قرية البلابيش مركز دار السلام، إنه تقدم بطلب لتقنين قطعة أرض مساحتها 70 فدانا يقوم بزراعتها منذ 20 عاما، وتم بالفعل إجراء المعاينة لها منذ شهرين، وحتى الآن لم يتم إبلاغه بنتائج التقييم أو التسعير حتى يتسنى له دفع ثمن الأرض، ويطالب المسئولين بالنظر بعين العطف على المزارعين فى عمليات التسعير وفترات السداد، مشيرا إلى أن إنتاجية الفدان مع المساحات الكبيرة لا تناسب سنوات السداد مع تكاليف الإنتاج. وفى بنى سويف، أكد أحمد عبد الرحمن «مزارع»، قائلا: “لى أرض أقوم بزراعتها بالظهير الصحراوى لمركز سمسطا منذ سنوات وأتقوت منها أنا وأبنائى، وهى تتبع أملاك الدولة، وكان حلمى تقنين الوضع، لكننا نخشى عدم القدرة على استكمال الملف خاصة فيما يخص سداد الأقساط”. وشهدت محافظة كفر الشيخ، خلال هذا العام، تقنين أوضاع مساحات كبيرة وتحصيل مبالغ مالية كبيرة كانت مهدرة على الدولة، حيث تعد المحافظة من أوائل المحافظات التى تمكنت من استرداد مساحات كبيرة من الأراضى التابعة لأملاك الدولة، بإجمالى 2550 فدانًا من أملاك الدولة والجهات الحكومية المختلفة مثل أراضى الأوقاف والسكة الحديد والزراعة والرى والطرق والأثار والإصلاح الزراعى وغيرها من جهات الولاية بإجمالى 2118 حالة تعد، منها 418 فدانا قطعة واحدة بأرض ملاحة منيسى بالبرلس، تم استردادها من المعتدين خلال الفترة الماضية. وقد بلغ عدد الطلبات التى تقدم بها المواطنون المعتدون على أملاك الدولة لتقنين أوضاعهم بالمحافظة 3224 طلبا، وتم تسجيل هذه الطلبات على منظومة استرداد أراضى الدولة، وتم استخراج 2098 إذن رسم فحص، بإجمالى مبلغ 5 ملايين و314 ألف جنيه، وقد تم الانتهاء من فحص 1679 طلبا. وفي الغربية، يقول عبد العظيم البحيرى من قرية طوخ مزيد التابعة لمركز السنطة: إنه تقدم بطلب تقنين وضع قطعة أرض ورثها عن والده منذ سبعينيات القرن الماضى، إلا أن لجان التسعير تبالغ فى تسعيرها، وتقدم بالعديد من الشكاوى لمحافظى الغربية خلال السنوات السابقة، وتمت إحالة الشكوى للمستشار القانونى بالمحافظة فلم أجد سبيلا سوى القضاء لينصفنى من التسعير المبالغ فيه.