بعد مجزرة رابعة الإرهابية اللي قام بيها السفيه قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، أمر الجنرال القاتل محكمة جنايات القاهرة أن تحيل أوراق 75 معتقلا منهم مرشد جماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد بديع والنائب عصام العريان والدكتور صفوت حجازي والقيادي بالجماعة الدكتور محمد البلتاجي والدكتور عبد الرحمن البر.. وآخرين للمفتي، تمهيدًا للحكم بإعدامهم يوم 8 سبتمبر القادم في هزلية فض اعتصام رابعة المعتقل فيها 739 شخصًا، فهل يريد القاتل ان يعدم من نجا من المجزرة واعتقلهم؟ تعود الهزلية إلى عام 2013، عندما اعتصم الآلاف من أنصار الشرعية ورافضو الانقلاب تتقدمهم جماعة الإخوان المسلمين في ميدان رابعة العدوية، بمدينة نصر بالقاهرة، في أعقاب انقلاب السفيه عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع آنذاك على الرئيس محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب في تاريخ البلاد. ويعد الحكم أولياً قابلاً للطعن أمام محكمة النقض خلال 60 يوماً من صدور حيثيات الحكم، وكانت نيابة الانقلاب قد وجهت للمعتقلين تهماً أبرزها "اقتحام مركز شرطي، وحرق معدات شرطية، والشروع في قتل شرطيين"، وهي التهم التي ينفيها المتهمون بشدة، يقول الناشط الحقوقي هيثم أبو خليل :" عنوان الحكم في قضية فض رابعة هو إعدام الضحية …! والإعلان للمرة الألف أن القضاء لم يكن شريكا للعسكر وفقط…بل هو فاعل في كل الجرائم رأسا" برأس مع العسكر..!". القاتل والقتيل في رابعة وقف مصري يقتل أخاه المصري دون أدنى ذرة من تأنيب الضمير، المقتول إنسان مدني اعزل رافض للانقلاب العسكري، التحف غطاءه كفنا واتخذ من الحجارة سلاحا في وجه من اتخذ الواقيات والكلاشينكوفات لحافا يلتحف بها في وجه أحجار لا تؤذي عصفورا حتى تؤذي دينصورا فرعونيا. حصيلة الشهداء في ذلك اليوم تباينت أعدادها، ولكن من المؤكد أنها أبشع جريمة في تاريخ مصر الحديث، حيث قال تحالف دعم الشرعية في بيان له إن "إجمالي الوفيات في فض رابعة العدوية وحدها بلغ 2600 شخص، ليرتفع الرقم بعد ذلك إلى 3000 قتيل"، تضاربت الأرقام نعم ولكنها تبقى جريمة بشعة كتب فصولها السفيه السيسي مستعينا بجيش عرمرم وقوات من الشرطة العاشقة للدماء التي ما شبعت من اهراقها في ثورة ال25 من يناير 2011. وقبل تحويل أوراق المعتقلين في هزلية فض اعتصام رابعة إلى مفتي الانقلاب، وافق برلمان الدم على قانون تحصين جنرالات الانقلاب، ومنع تحريك أي بلاغات أو قرارات اتهام أو تحقيقات، في المستقبل، ضد جميع قادة الجيش الذين تورطوا في المجازر الدامية التي أعقبت انقلاب الثالث من يوليو 2013، ضد الرئيس محمد مرسي وحتى تشكيل برلمان الدم الحالي، وعلى رأسها مذبحة فض اعتصامي رابعة والنهضة، علماً بأن هذا القانون صالح للتطبيق أيضاً على السفيه السيسي. كما يكفل قانون التحصين منع توجيه اتهام دولي من أي هيئة قضائية أجنبية أو دولية ضد كبار جنرالات الجيش السابقين، والمتهمين بالضلوع في بعض الوقائع الدامية المذكورة، إذ سيتمتع هؤلاء بحصانة دبلوماسية أثناء تواجدهم خارج مصر، وبالتالي يمنع ضبطهم أو اتخاذ أي إجراء قانوني بحقهم. إرهاب الشعب قبل أيام من إعلان الانقلاب على الرئيس محمد مرسي، ظهر الحقوقي، ناصر أمين، في صورة نشرها على حسابه في "فيسبوك"، معتلياً أحد أسوار القصر الرئاسي خلال مشاركته في التظاهرات ضد الرئيس مرسي، والتي عُرفت إعلامياً باسم "أحداث الاتحادية"، وعقب فض اعتصام رابعة العدوية، كان أمين رئيساً للجنة الشكاوى في المجلس الحكومي لحقوق الإنسان، وتم اختياره رئيساً لما سمّي وقتها ب"لجنة تقصّي الحقائق" لتحديد المسؤوليات في سقوط عدد كبير من الشهداء في فض الاعتصام، رغم أنه كان مؤيداً للفض، ومعادياً، على العلن، للاعتصام والمعتصمين. في الخامس من مارس 2014، أعلن ناصر أمين التقرير النهائي للجنة تقصي الحقائق، والذي جاء فيه أن فضّ الاعتصام كان محتّماً لأسباب عديدة؛ منها أن المعتصمين كانوا يحملون السلاح، وأنهم يستخدمون الأطفال في الصراعات السياسية، وأنهم قاموا بعمليات احتجاز قسري واعتقال غير قانوني، محمّلاً المعتصمين كل الأخطاء، دون أي إشارة إلى أنهم اعتصموا رفضاً لانقلاب عسكري على السلطة والثورة. وبعد نحو عام ونصف العام من صدور التقرير زارت لجنة من المجلس الحكومي لحقوق الإنسان عدداً من السجون سيئة السمعة في مصر، والتي تتداول منظمات محلية ودولية وقائع تعذيب وقتل وتنكيل فيها، وخرجت بتقرير يؤكد أنها أقرب إلى "فنادق الخمس نجوم"، ولم يمضِ وقت طويل حتى دفع أمين ثمن تأييد القاتل، حيث تم منعه من السفر بقرار من نائب عام الانقلاب، وتم اتهامه في قضية "التمويل الأجنبي للمنظمات"، وهي القضيّة ذاتها التي منعت السلطات بسببها زوجته، هدى عبد الوهاب، من السفر إلى موسكو. الثورة قادمة ويرى مراقبون أن قيام السفيه السيسي بإعدام الناجيين من مجزرة رابعة بالإعدام، محاولة منه لإرهاب الشعب والتخويف من قيام ثورة ضده، ويعزو بعضهم تأخر هذه الثورة إلى الخوف من تكرار سيناريو رابعة والنهضة، وآخرون يعزونه إلى خوف الناس من انحدار مصر إلى مستنقع الفوضى والاقتتال الأهلي، في حين يعزوه آخرون إلى آلة الإعلام الموالية للسفيه السيسي التي تضع كل مظاهر الغضب في كفة الإرهاب، مسوغة قمعها بذريعة مكافحة الإرهاب. كما أن القضاء المسيس، والقمع الأمني غير المسبوق، والقتل خارج نطاق القانون، والاختفاء القسري، واتساع السجون لكل من يرفع صوته، كلها أمور تجعل الثورة على السفيه السيسي محل تفكير ولا شك، لكن الأكيد والأهم، وفق كثيرين، أن خوف المصريين من موقف القوات المسلحة هو الذي يؤجل هذه الثورة أو يعجل بها؛ فالجيش كان دائماً صاحب القول الفصل منذ ثورة يناير 2011 وحتى انقلاب يوليو 2013. وبعد الانقلاب أبدى الجيش انحيازاً للسفيه السيسي في كثير من المواقف؛ فقد وقف صامتاً عندما وقع السفيه السيسي على وثيقة مبادئ سد النهضة التي يقول خبراء إنها أضاعت حق مصر التاريخي في مياه النيل، ثم حضرت قواته بكثافة في الشوارع للحيلولة دون تصاعد تظاهرات جمعة "الأرض هي العرض"، اعتراضاً على اتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية، وهو ما يعكس تأييدها له. وفي حين تسمح مدرعات الجيش ومصفحاته المنتشرة بمحيط ميدان التحرير لمؤيدي الانقلاب بدخول الميدان في أي وقت لرفع صورة السفيه السيسي وإعلان تأييده، فإنها تحول دون اقتراب معارضي الانقلاب من محيط هذا المكان الذي كان وما زال يعني الكثير بالنسبة للمصريين وللعالم.