علمت "الحرية والعدالة" من مصادر برلمانية في مجلس نواب العسكر، أنَّ سلطات الانقلاب بقيادة عبد الفتاح السيسي، طلبت خلال الآونة الأخيرة بعد إعلان نجاحه بمسرحية انتخابات الرئاسة، تكوين ورشة عمل بعضوية عدد من القانونيين وخبراء الدستور ورموز قديمة في الحزب الوطني، للبدء فورًا في إعداد مذكرة أولية لتعديل مواد الفترة الرئاسية، في دستور 2014، وفتح مدد الرئاسة، والبدء في عمل ورشات موازية على كل المستويات سواءً كان إعلاميًا أو سياسيًا، أو خارجيًا، لإلقاء حجر في الماء الراكد، وإقناع الجمهور بضرورة هذه التعديلات ، وأنَّ السيسي رجل هذه المرحلة. ملامح الانقلاب على الدستور وأضافت المصادر أن النظام يقوم حاليًا باختيار بعض رموز الحزب الوطني وآخرين من القانونيين والخبراء الدستوريين وأساتذة العلوم السياسية، مثل الدكتور علي الدين هلال وزير الشباب في نظام المخلوع مبارك ، والدكتور مفيد شهاب وزير مجلسي الشعب والشورى الأسبق ، ومصطفى الفقي سكرتير مكتب حسني مبارك، لكتابة ورقة بحثية شاملة عن البدء في حملة موسعة على كافة المستويات تمهيدًا للإعلان عن التعديلات الدستورية الجديدة التي تسمح للسيسي بالبقاء في السلطة. وفي حوار مع جريدة الأهرام ، كشفت تصريحات علي الدين هلال العمل بشكل سريع على هذه التعديلات، وبعض ملامحها، حيث أكد في رده على السؤال المتعلق بتعديل الدستور، بعد أن أوجد المبرر لتعديل الدستور وبالأخص ما يتعلق بمدد الرئاسة، واقترح أن "يكون التعديل يخص الرئيس الحالي فقط ولا ينطبق على أي رئيس بعده"، ضاربًا صُفحًا من الخيال والوهم الدستوري في زمن عبد الفتاح السيسي، فهل تحمل المادة التي يريد النظام تعديلها "اسم رئيس الانقلاب السيسي ؟ " . واحتاجت وسائل الإعلام في نظام الانقلاب دقائق قليلة، بعد بدء صدور المؤشرات الأولية لمسرحية الانتخابات الرئاسية، من أجل الدعوة إلى تعديل الدستور، وفتح مدة الرئاسة وعدم قصرها على دورتين كما ينص الدستور الحالي. وسبقت أيام التصويت اتصالات ومحاولات مكثفة من أجهزة الدولة الرسمية لضمان حشد أكبر عدد من الناخبين، طوعاً أو إكراهاً، للعاملين في الوزارات والهيئات الحكومية، مع تهديدات رسمية للمممتنعين عن التصويت بإحالة أسمائهم إلى الأجهزة الأمنية، وهو ما زاد في عدد المشاركين في الانتخابات بشكل إجباري، وفقاً لمنشورات رسمية كثيرة منسوبة إلى عدد من الجهات الحكومية موجهة إلى موظفيها، تداولها المصريون على نطاق واسع عبر شبكات التواصل الاجتماعي. جاء ذلك نظرًا لحاجة نظام الانقلاب لحشد أكبر عدد من الناخبين بالقوة الجبرية، ليس لانتخاب نظام السيسي، ولكن تمهيدًا لإعطاء نظامه شرعية الانقلاب على الدستور، وتعديل فترة الرئاسة. وبحسب استقراء الوضع السياسي الحالي، فإنَّ رغبة النظام في حشد الناخبين تهدف إلى توظيفها والاستدلال بها على شعبية السيسي، ورغبتها في تمرير القرارات الاقتصادية المرتقبة برفع الدعم عن الطاقة، ورفع أسعار بعض الخدمات الحكومية، وتوظيفها سياسياً في تعديل الدستور وفتح مدد الرئاسة أمام السيسي، والإجهاز على ما تبقى من خصوم للسيسي في بعض أجهزة الدولة، كالاستخبارات العامة. الوقت المناسب ولم يجد عبد الفتاح السيسي وقتًا مناسبًا مثل هذا الوقت لتعديل الدستور وفتح مدته، خاصة مع نجاحه في التخلص من كل منافسيه في الجيش من الوصول للسلطة، والهيمنة على الداخلية والمخابرات العامة، ووضعهم تحت سطوة المخابرات الحربية التي يديرها هو ونجله بمساعدة عباس كامل، بعد أن أطاح السيسي، عقب 30 يونيو ب 3 رؤساء للاستخبارات العامة، محمد رأفت شحاتة، ومحمد فريد التهامي، وخالد فوزي، قبل أن يعين مدير مكتبه عباس كامل مديراً للاستخبارات العامة، في خطوة كانت مفاجئة للمتابعين في مصر. ووفقاً للمعطيات المتوفرة، فإن فترة ما بعد الانتخابات الرئاسية قد تشهد الإطاحة بوزير الداخلية مجدي عبدالغفار، وهي خطوة تعززت مؤخراً، خصوصاً بعد نقل تبعية جهاز الأمن الوطني، صاحب السطوة، من وزارة الداخلية إلى أحمد جمال الدين، مستشار السيسي للشؤون الأمنية فعلياً، مع الإبقاء عليه تابعاً للوزارة نظرياً. ويعد تحرش السيسي بالدستور ورغبته في تعديله عبَّر عنه مبكراً؛ في سبتمبر 2015 وبعد نحو عام ونصف على وصوله للحكم، وخلال لقائه مع مجموعة منتقاة من شباب الجامعات المصرية في جامعة قناة السويس، قال السيسي، إن "الدستور كتب بنوايا حسنة، والدول لا تبنى بالنوايا الحسنة فقط". وفي فبراير 2017، دعا نائب برلمان العسكر إسماعيل نصرالدين، إلى تعديل الدستور ومد فترة حكم الرئيس إلى ست سنوات بدلاً من أربع، وهي تصريحات أثارت جدلاً واسعاً بين المصريين، خصوصاً وأنها تطابقت مع تصريحات تالية لرئيس برلمان العسكر علي عبدالعال ب "أن هناك مواد في الدستور تحتاج لإعادة نظر لأنها غير منطقية (….) الدستور الذي يتم وضعه في حالة عدم استقرار، يحتاج إلى إعادة نظر بعد استقرار الدولة". فضلاً عن أن الإعلاميين الذين يقرأون أفكار السيسي على شاشات التلفاز، عادوا للتبشير بتعديل الدستور بعد مسرحية الانتخابات الرئاسية ، عبر تصريحات لعماد الدين أديب، ومصطفى الفقي، وهما معروفان بعلاقاتهما القوية بأروقة السلطة العليا في مصر منذ حكم المخلوع حسني مبارك؛ ويبدو أن حملة إعلامية ممنهجة تستهدف تمهيد الأرضية الشعبية لتعديل الدستور، قد انطلقت، مع التركيز على تعديل الدستور الصيني مؤخراً لرفع قيد الفترتين الرئاسيتين والسماح بتمديد فترات الرئاسة. وعلى الرغم من النص الصريح للمادة 226 من الدستور المصري، التي تنص على أنه "لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية، أو بمبادئ الحرية، أو المساواة، ما لم يكن التعديل متعلقاً بالمزيد من الضمانات" ، إلا أن محاولات تعديل الدستور تجري على قدم وساق. ولا يقتصر تعديل الدستور على فتح مدد الرئاسة فقط، بل وتكريس هيمنة حكم السيسي، ونقل صلاحيات البرلمان النظرية المنصوص عليها في الدستور إليه، وتجميع كافة خيوط العملية السياسية في يده، خصوصاً ما يتعلق بتعيين الوزراء وإقالتهم.