شرعت الحكومة التركية فى تنفيذ مشروع فى ميدان تقسيم بإسطنبول يتضمن إزالة منتزه عام، يُعرف بمنتزه جيزى، لتؤسس مكانه ثكنات عسكرية عثمانية (كانت قد بُنيت عام 1780، ثم هدمها مصطفى كمال عام 1940)، وافتتاح مركز تسوق داخلها، فى إطار تطوير شامل لساحة تقسيم، يحقق لأهالى المنطقة عائدًا اقتصاديًّا عاليًا.. ببساطة الأمر يتعلق بتنفيذ مشروع اقتصادى انطلقت المظاهرات والاحتجاجات ضد المشروع من قبل أنصار البيئة.. ثم اتسعت لتشمل مناطق واسعة من تركيا.. استغل هذه التظاهرات كما قيل مجموعات لها أهداف مختلفة سياسية واقتصادية داخلية وخارجية؛ منها دعوة الجيش للعودة مرة أخرى، وعرقلة الانتخابات القادمة، وعرقلة الصلح مع الأكراد، ودور تركيا فى الأزمة السورية، ومجموعة طفيلية من رجال الأعمال وأصحاب البنوك. ونقلت لنا الفضائيات اعتصام الأولاد والبنات فى الميدان مستمتعين بالرقص والقبلات الحارة.. تواصلت الاحتجاجات وشهدت بعض المدن كأنقرة وأزمير مواجهات بين الشرطة والمحتجين. حاولت الشرطة فرض النظام وإنهاء الاحتجاجات.. وتبادل الطرفان العنف والاتهامات. اعترف أردوغان بتدخل الشرطة "المبالغ فيه"، ووعد بتحقيق، مؤكدًا فى الوقت ذاته عزمه على تنفيذ المشروع، الذى وضعه فى إطار تطوير شامل لساحة تقسيم.. منكرًا فى الوقت نفسه تهمة الاستبداد قائلًا: "إذا كانوا يسمون الذى يخدم الشعب دكتاتورًا، فليس بوسعى قول شىء". سارعت بعض الصحف ووسائل الإعلام خاصة فى مصر ودول الربيع العربى إلى وصف هذه الاحتجاجات بأنها "الربيع التركى". رد عليهم أردوغان، قائلًا: "إن أولئك الذين يصنعون الأخبار ويُسَمّون هذه الأحداث ربيعًا تركيًّا لا يفهمون تركيا، نحن لدينا ربيع فى تركيا، لكن ثمة من يريد أن يحيل هذا الربيع إلى شتاء". ومع استمرار الاحتجاجات.. طلب أردوغان من المحتجين اختيار عشرين شخصية منهم علاوة على ممثلين وفنانين أتراك والتقى بهم مساء الأربعاء 12 يونيو فى أنقرة، وانتهى الاجتماع بالاحتكام فى تنفيذ المشروع للشعب بإجراء استفتاء!! ما هذا؟ استفتاء من أجل تنفيذ مشروع اقتصادى؟! يااااا مثبت العقول!!! هذا مما يجب التوقف أمامه كثيرًا. لم يقل لهم أردوغان إن دخل الفرد ارتفع من 2700 دولار سنويًّا عندما تولى الحكم فى 2002 إلى 12 ألف دولار عام 2013، وقفز الاحتياطى إلى 135 بليون دولار، بينما ارتفعت الصادرات من 32 بليون دولار عام 2002 إلى 154 بليون، وانخفضت البطالة إلى أقل من 9 فى المئة. ولم يقل إنه استطاع تحويل تركيا إلى الاقتصاد رقم 17 فى قائمة أكبر اقتصادات الكون، بعدما كانت بلاده ترزح تحت وطأة ديون بلغت 26 بليون دولار، سددتها الحكومة، بل وقامت بإقراض صندوق النقد الدولى، 5 بلايين دولار. لم يقل لهم أردوغان.. إن حزبى فاز ثلاث مرات فى الانتخابات بإرادة شعبية.. فمن أنتم؟ ومن تمثلون؟ أنتم شرذمة قليلة لها أجندات خارجية "رغم وجود دلائل تدل على ذلك". لم يقل لهم أردوغان إن عدد الجامعات فى تركيا بلغ 170 جامعة، بعد أن كانت 70 فقط عام 2002م. لم يقل هذا ولا ذاك، بل قال لممثلى الاحتجاجات: نحتكم إلى الشعب!!! ما هذا؟ استفتاء من أجل تنفيذ مشروع اقتصادى محلى لخدمة أبناء مدينة اسطنبول.. لن يؤثر إطلاقًا على الأمن القومى التركى!!! ولن يجر البلاد إلى حرب أهلية!! ولن يؤثر على الأحوال المعيشية للأمة التركية.. إنها مدرسة أردوغان فى القيادة واحترام إرادة الأمة! فقلتُ مِن التعجُبِ ليتَ شِعرى *** أأيقاظٌ أهل مصر أم نيامُ؟ وحينما تذكرت أنى الآن فى إجازتى الصيفية.. وبلاش عكننة.. قلت: تركيا دولة مستقرة ومؤسسات الدولة تعمل بمهنية.. واحنا فى مصر فى سنة أولى ديمقراطية. مصر ليست تركيا.. حفظ الله مصر وشعبها وألهم قادتها الرشد والصواب.