"تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن" على الأرجح ينطبق هذا القول على النظام السورى الذى حاول مؤخرا جذب القوى الغربية إلى جانبه ملوحا بورقة الإسلاميين، لكن استخدامه الأسلحة الكيماوية ضد شعبه جاء ليقطع عليه الطريق نحو هذا الدفء المرجو فى العلاقات. فمؤخرا نشرت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية مقالا افتتاحيا تحت عنوان "حذر الغرب تجاه سوريا هدام"، قالت فيه إنه منذ بدء الصراع فى سوريا، لجأ الرئيس السورى بشار الأسد إلى اللغة ذاتها التى استخدمها وسيستخدمها قادة آخرون فى المنطقة العربية، وهى نظرية المؤامرة الغربية، وخطر تنظيم القاعدة على استقرار البلاد. وأضافت الصحيفة أن الأسد استخدم هذه اللغة مجددا فى حديثه الأخير مع التلفزيون السورى منذ يومين، وقال إن الغرب دفع ثمن رعاية تنظيم القاعدة فى الماضى، واليوم يدفع الثمن مجددا لما حدث فى ليبيا ولا يزال يحدث فى سوريا. وطالبت الصحيفة الرئيس الأمريكى وحلفاءه بضرورة تعديل سياستهم تجاه سوريا، مضيفة أن باراك أوباما -الذى يرى نفسه قائدا- أنقذ بلاده من مستنقع العراق وأفغانستان، تدخل بعد إلحاح أوروبى لدعم العمليات العسكرية فى ليبيا لإسقاط القذافى، ولكن قرار أوباما بالتراجع عن التدخل فى سوريا متجاهلا آراء مستشاريه ترك المجال لدول عربية خليجية لتولى مسئولية إمداد المعارضة فى سوريا بالسلاح. ومع تأكيد الصحيفة أن تراجع الغرب عن دعم المعارضة هو أمر خطير؛ جاءت أنباء استخدام الحكومة السورية أسلحة كيماوية ضد المدنيين لتدفع الغرب للتعاطى بشكل أكثر إيجابية مع الملف. فمع وجود تقييمات استخباراتية أمريكية مبدئية عن استخدام الحكومة السورية أسلحة كيماوية ضد المدنيين، جدد الرئيس الأمريكى "باراك أوباما" الجمعة الماضية التأكيد على أن استخدام الحكومة السورية أسلحة كيماوية سوف "يغير قواعد اللعبة". وأضاف أوباما -فى تصريح عقب اجتماعه بالعاهل الأردنى الملك "عبد الله الثانى"-: "علينا إجراء تلك التقييمات بتعقل.. لكنى أعتقد أننا جميعا.. ندرك كيف أنه لا يسعنا الوقوف مكتوفى الأيدى والسماح بالاستخدام الممنهج لأسلحة مثل الأسلحة الكيماوية ضد السكان المدنيين". مضيفا أن الولايات ستواصل التحقيقات المكثفة وتعمل مع حلفائها فى الشرق الأوسط. وسبق أن حذر الرئيس الأمريكى النظام السورى مرارا من أن استخدام النظام السورى السلاح الكيماوى "خط أحمر" سيدفع إدارته لتغيير إستراتيجيتها الراهنة تجاه الأزمة السورية التى دخلت عامها الثالث. على صعيد متصل، يجرى الأمين العام للأمم المتحدة، بان كى مون اليوم الاثنين مشاورات مع "أوكا سالستروم" رئيس بعثة التحقيق فى احتمال استخدام أسلحة كيماوية فى سوريا؛ وهو الأمر الذى يظهر توجه الغرب نحو إستراتيجية جديدة للتعامل مع الملف السورى، كما يظهر خسارة الأسد لورقة تخويف الغرب من الإسلاميين.