البيان الأخير الذى أصدرته القوات المسلحة بشأن الموقف من الأحداث الأخيرة حمل عددا من الدلالات الواضحة والمهمة التى يتوجب الوقوف عندها وتأكيدها والتعامل معها بصورة جادة. أولىهذه الدلالات أن القوات المسلحة انتقلت بعد انتخاب أول رئيس شرعى للبلاد وبغض النظر عن توجهاته أو انتماءاته إلى مربع جديد ينأى بالمؤسسة الكبيرة عن الدخول فى أى معترك سياسى أو الانحياز إلى فئة دون فئة. وثانية هذه الدلالات أن القوات المسلحة ملك للشعب المصرى كله ولا ينبغى بحال من الأحوال أن يسعى البعض إلى جرّها من جديد إلى المعترك السياسى أو الدخول فيه طرفا فى تنافس سياسى ليس من المفيد أن تدخل فيه. ثالثةهذه الدلالات أن البيان جاء متوازنا؛ حيث وقف بالمؤسسة العسكرية التى تحظى باحترام الشعب المصرى وتقديره عند مهمة حماية الوطن وسلامة أراضيه مع ضمان استقراره والحفاظ على المكتسبات الديمقراطية التى انتزعها الشعب وحصل عليها من خلال ثورته. رابعةهذه الدلالات تأكيد البيان على دعم الحوار والتواصل بين كافة القوى والتيارات السياسية باعتبارهما الطريق الوحيد لحل أى خلافات سياسية بين المتنافسين. خامسةهذه الدلالات هى دعم الشرعية التى ارتضاها الشعب والتى جاءت عبر صناديق الانتخابات، والتعهد بالانحياز للتجربة الديمقراطية الوليدة التى بدأت خطواتها الأولى عقب ثورة يناير. سادسةهذه الدلالات هى أن المطالبة بالحوار على أساس أنه الوسيلة الوحيدة لحل المشاكل والانحياز للشرعية لا يعنى بحال من الأحوال انحياز القوات المسلحة إلى فصيل سياسى بقدر ما هو انحياز للمبادئ والثوابت بغض النظر عن الفائز فى الانتخابات وبصرف النظر عن التيار المعارض أو التيار المؤيد. سابعةهذه الدلالات أن البيان الأخير قطع الطريق على أى طرف سياسى يسعى إلى جذب الجيش نحوه أو التصور بانحيازه معه ضد فصيل آخر، حيث أكد البيان أن القوات المسلحة ملك للشعب كل الشعب ولن تسمح بانجرار البلاد إلى دوامة عنف أو الاستقواء بمؤسسة وطنية أعلنت بشكل واضح وحاسم تفرغها لمهامها الكبيرة والثقيلة بعيدا عن معترك العمل السياسى وخلافاته.