رفض سلفيون مغاربة تطاول الشيخ السعودي المثير للجدل "ربيع بن هادي المدخلي" على جماعة الإخوان المسلمين عموما، وفي بلاد المغرب خصوصا، مؤكدين أن المدخلي خرج حتى عن الإطار الذي رسمه لنفسه، وتحول من التطرف في موالاة الحكام حتى وإن كانوا ظالمين، إلى موالاة عصابات مسلحة مثل حفتر وأمثاله. وردت رابطة علماء المغرب العربي- التي يرأسها الشيخ المغربي "محمد زحل"، وتضم في أمانتها العامة نشطاء سلفيين مغاربة- على رسالة المدخلي، واعتبروها «دعوةً للفتنة بين المسلمين، وزرعًا للحقد والعداوة بين أهل السنة والجماعة»، خاصة وأن المدخلي دعا السلفيين إلى ما وصفه «صد عدوان الإخوان المفلسين» على بنغازي الليبية. وحذرت الرابطة من «دعاة الفتنة والتفرقة ومن فتاوى التكفير بغير مكفر، أو التفسيق بغير بينة ولا برهان»، واعتبرت دعوة السلفيين إلى التصدي ل"عدوان الإخوان المسلمين على مدينة بنغازي"، بأنه "منكر وزُور وتحامل على من يختلف معه من علماء أهل السنة المشهود لهم بالفضل وسلامة المعتقد". أما الشيخ حسن الكتاني، أحد أبرز الوجوه السلفية في المغرب، فوصف المدخلي ب«شيخ الفئة الضالة»، وقال: «كنا نظن المداخلة (نسبة لأتباع ربيع المدخلي) من غلاة أهل السنة في طاعة الحاكم وأنهم يهربون من سفك الدماء هروبا، حتى رأيناهم يصطفون مع السيسي ضد مرسي، ويوافقونه على سفك دماء الأبرياء بالآلاف». وأضاف الشيخ حسن الكتاني «كنا نظنهم يعظمون العلماء الرسميين لكثرة تثريبهم على الشباب الذين يستنقصون منهم، حتى رأيناهم في ليبيا يناصرون الخرجي المارق حفتر ضد الحكومة، وضد دار الإفتاء، وعلى رأسها الإمام الغرياني». انتقادات سعودية الكاتب السعودي سلطان الجميري، في تصريحات صحفية، لم يستنكر موقف المدخلي، ورأى أنه يتسق تماما مع مسيرته ومواقفه السابقة، فهو "يقف مع الحاكم على طول الخط"، لافتا إلى أنه وقف مع القذافي من قبل، والآن يقف مع حفتر المتزعم للثورة المضادة في ليبيا. الجمبري يفسر مواقف المدخلي المثيرة للجدل، مؤكدا أن الإخوان المسلمين يحتلون المرتبة الأولى في قائمة الأعداء لديه، وربما قبل الشيطان، فعداوته لهم معروفة ومشهورة، وله أقوال قاسية، وكتابات شديدة في مهاجمتهم والطعن بهم. ولفت الجميري إلى أن المدخلي- الذي وصفه ب"زعيم الجامية" في السعودية- ليس له حضور في بلده، لكن أتباع بعض الاتجاهات السلفية في ليبيا يحبونه، ويعتقدون أن له وزنا وحضورا في السعودية، وهو ليس كذلك. موقف السلفيين في ليبيا أما الداعية الليبي سالم الشيخي، فيشير إلى أن الاتجاهات السلفية في ليبيا ليست على خط واحد، فهناك السلفية العلمية التي يشتغل أصحابها بنشر العلم الشرعي، والدعوة إلى السنة النبوية، ولهم تعاون ملحوظ مع مؤسسات المجتمع المدني، والمؤسسات الدعوية والإصلاحية المختلفة، ولا صلة لهم بما كتبه المدخلي في نصائحه. ويضيف "الشيخى"- في تصريحات صحفية- أن "المدخلي وجه كلامه ونصائحه لمجموعة سلفية تعتبره الإمام الأكبر، فقوله عندهم معظم ولا يُرد، وفتاواه تعتبر في أوساطهم موجهات دينية وسياسية وعسكرية صارمة، وهم يقاتلون حاليا إلى جانب قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، قائد انقلاب (الكرامة)، وزعيم الثورة المضادة". ويرى الشيخي أن تدخل المدخلي في الشأن الليبي ليس موقفا صحيحا من الناحية الدينية، لأن واجبه الديني يحتم عليه أن ينصح جميع الليبيين بوحدة الكلمة والاجتماع على ما فيه خير ليبيا، وحقن دماء الليبيين، لكنه اختار أن يوجه خطابه لتلك المجموعة من السلفيين، وكأنهم أمة وطائفة من دون الناس، وفي الوقت نفسه أعطى شرعية دينية للقتال إلى جانب قوات حفتر. أما من الناحية السياسية، بحسب الشيخي، فهو تدخل في شأن ليبي داخلي مرفوض وغير مقبول أبدا، ومن الناحية الواقعية أثبت المدخلي أنه يتكلم في ما لا يدرك حقائقه كما هي على الأرض، ولا يعرف تفاصيل ما يجري في ليبيا. وحول ما قرأه في خطاب المدخلي الموجه إلى تلك المجموعة من سلفيي ليبيا، لفت الشيخي إلى أن هذا الخطاب بمثابة التحريض الأخير والتعبئة المعنوية لمجموعة "المداخلة" الذين يقاتلون إلى جانب حفتر، للالتفاف من جديد حول قيادته ومشروعه، الذي يمر بمرحلة صعبة ربما يلفظ فيها أنفاسه الأخيرة في وقت قريب، على حد قوله. هيئة علماء ليبيا أصدرت بيانا ردت فيه على ما قاله المدخلي، ودعت الليبيين إلى "عدم اتباع ما ورد في رسالته؛ لما فيه من التحريض المباشر وغير المباشر، ولمخالفته لشرع الله وواقع البلد". يشار إلى أن ربيع بن هادي المدخلي هو أحد قيادات تيار الجامية بالمملكة العربية السعودية، وهو التيار الذي يتطرف في موالاة الحكام والدعوة إلى طاعتهم على طول الخط، وعدم الخروج عليهم حتى وإن كانوا ظالمين.. وهو التيار الذي أنشأه شيخ إريتري درس بالمملكة العربية السعودية يدعى الدكتور أمان الله الجامي، الذي هاجر من بلده إلى السعودية في خمسينات القرن الماضي، لتلقي العلم الشرعي على أيدي علمائها الكبار.