لم يكن سرًّا أن يكشف سفاح سوريا "بشار الأسد" عن أن التواصل بين نظامه والانقلاب في مِصْر لم ينقطع، مؤكدًا حدوث تواصل مباشر بين الجانبين في الفترة الماضية على مستوى مسئولين أمنيين مهمين، في ضربة واضحة تحت الحزام للسعودية والخليج، ونسفًا لمقولة "فركة كعب" التي زعمها السيسي. التقارب بين نظامي السيسي والأسد كان ولا بد أن يكون على حساب الأمن في الخليج، وعلى العكس مما هو متوقع لم يخجل سفاح مصر من دعم جزار سوريا سرًّا عسكريًّا وأمنيًّا، وتباهى بشار الأسد بالتواصل والتعاون سرًّا مع نظام السيسي. ولأن قواسم مشتركة كثيرة تجمع بين النظامين العسكريين المهوسين بالقمع والانتهاكات، أهمها اعتقال وحرق الشعب كما حدث في رابعة والنهضة ودمشق وحلب، أرسل السيسي أسلحة إلى بشار على الرغم من التقارب السعودي مع الانقلاب، وفتح خزائن الرز مرة ثانية. وكان الأسد -أوضح في مقابلة أجراها مؤخرا مع قناة المنار، التابعة لحزب الله- أن كلا الطرفين السيسي وبشار، لديه تصور عن كيفية الاستفادة من الآخر فيما يتعلق بمكافحة الربيع العربي في بلديهما. عصابة الضباط من جانبه، وصف عضو المجلس الثوري المصري ياسر فتحي التحالف بين نظامي السيسي والأسد بأنه "تحالف الخسة والخزي والعار"، وأنه "تحالف عصابة الضباط التي نهبت الشعب المصري، وعصابة الضباط التي نهبت الشعب السوري". وتابع إن تحالف النظامين هو تحالف من قتل وحرق وشرد في مجازر رابعة والنهضة والحرس الجمهوري في مصر ومن أباد بالكيميائي والبراميل المتفجرة في دوما والغوطة وحلب وغيرها في سوريا. ويضيف ياسر فتحي: السيسي يحاول ابتزاز من صنعوا له المجد وأجلسوه على كرسي الرئاسة في مصر بعد الانقلاب على الرئيس المنتخب محمد مرسي، في إشارة إلى بعض دول الخليج التي ساندت السيسي. وأوضح أن السيسي يحاول ابتزاز الجميع، فهو مع التحالف العربي في اليمن وفي الوقت نفسه تتردد أنباء عن استقبال نظامه لوفد من الحوثيين، كما أنه متحالف مع الجنرال الليبي المتقاعد خليفة حفتر، والآن مع النظام السوري ضد شعبه، حسب قوله. واعتبر أن تقارير منظمات حقوق الإنسان تظهر التعامل المخزي للانقلاب بقيادة عبد الفتاح السيسي مع اللاجئين السوريين، في الوقت الذي يتعاون فيه مع من يقتلهم ويشردهم. وردًّا على تبرير بعض أنصار السيسي للتحالف بأنه من أجل مكافحة الإرهاب وتنظيم "الدولة الإسلامية"، تساءل فتحي "من الذي صنع تنظيم الدولة؟" وأجاب: صنعها القمع والقتل للمتظاهرين السلميين. محاولة إنقاذ يشير مراقبون إلى أن تحركات السيسي حاليًا تحظى بتزكية سعودية-خليجية حتى وإن كانت على مضض، فالخليجيون يدركون الآن أن لا حل عسكري في سوريا، بل حتى التقارب السعودي-الروسي يمكن قراءته، ضمن إطار منح مصر هامشًا للتحرك. ويعتبر محللون للشأن السوري، أن دول الخليج العربي باتت تدرك أن المنطقة في مرحلة "أكون أو لا أكون"، بدءًا من اليمن، مرورًا بالعراق وسوريا حتى ليبيا، الأمر الذي يجعل الجميع يرحب بأي تحرك أو مساع تفضي إلى التوصل إلى حل "سياسي توافقي"، شريطة أن يحظى بإجماع دولي-إقليمي يضمن له النجاح، على غرار "اتفاق الطائف" الذي أنهى الحرب الأهلية في لبنان عام 1990م. كما يشير خبراء إلى أن موقف السيسي من الأسد الساعي لتعويم نظامه له بعد "عقائدي سياسي"، إذ إن النظام المِصْري المعادي للربيع العربي يرى الثورة السورية امتدادًا له، كما أن كثيرين من صناع القرار السياسي في مِصْر يذهبون إلى أن بشار ونظامه رمز ل"النظام الجمهوري العربي"، بتركيبته التقليدية "الستينية"، ولذلك فحمايته وبقاؤه مطلب مهم وحيوي، لقطع الطريق على أي أفكار مستقبلية تستلهم نموذج الثورة السورية.