* شهيد الحقيقة.. سجل يا تاريخ * بحث عن الحور العين فوجدها عبر "رصاصة قناص" * كل جريمته كاميرا وصورة .. والنتيجة رصاصة ملعونة كتب: آيات سليمان وهبة مصطفى لم يكن قرار الكتابة عن الشهيد أحمد عاصم سهلاً، فكيف نكتب عمن كان يضحكنا يوميًا تارة بابتسامة تملأ وجهه الطفولي المشرق، وتارة ب"لقطة" لصورة رائعة بحث عنها بعينيه حتى عثر عليها؟، كيف نقول للقارئ إن زميلنا دفع حياته مقابل أن يوضح للعالم حقيقة تلك المجزرة "الحرس الجمهوري"، وأن هناك قناصا غادرا أطلق رصاصة من بندقيته ليحجب عنك الحقيقة ولكنه فشل لأن زميلنا كان حريصًا على توثيق الحقيقة التي اهتمت بها وكالات الأنباء العالمية وغضت الطرف عنها وسائل الإعلام المصرية، وكأن أحمد ليس من أبناء مهنتهم! هذا هو المشهد، أحمد دفع حياته ثمنًا للحقيقة، ولقي حتفه على يد قناص غادر حرم أسرة كاملة من ابنها، وحفر خطوط حزن عميقة على وجوه وقلوب زملاء أحمد داخل جريدة "الحرية والعدالة" وخارجها. حسنًا عزيزي القارئ، نعلم أن تلك الكلمات أصابت قلبك بكلمات موجعة وربما ذرفت عيناك بدموع مواساة وربما أيضًا رددت "الله يرحمه".. ولكن قبل أن نعرض لك مشاهد من حياة الشهيد نريد أن نؤكد حقيقة لمسناها خلال جمع هذا الملف "أن الشهادة إعداد"، ونحن على ثقة أنك ستصل للنتيجة ذاتها بعد انتهائك من قراءة الملف كاملاً. لتصبح عزيزي القارئ في المشهد أكثر قمنا بعمل "زووم" على اللحظات الأخيرة قبل استشهاده؛ فيقول كريم خالد كنت ملازمًا ل (أحمد) وطوال الليل ظل أحمد يعرض عليّ الصور لنختار معًا الصور التي سيرسلها إلى الجريدة والوكالات الأجنبية، وكان في هذا اليوم مرهقا جدًا وقرر أخذ قسط من النوم، ومع آذان الفجر بدأت أسمع دوي طلقات الرصاص وحين استيقظ كان أول شيء قاله لي "ليه مصحتنيش أصلي جماعة الفجر"، فالشهيد يعشق صلاة الجماعة، قرر الاقتراب لمعرفة سبب إطلاق النار وأخذ معه كاميرته "سلاحه" ومع تصاعد وتيرة الأحداث افترقنا بعدما شق أحمد صفوف المعتصمين ليكون في المقدمة ليصبح في أقرب نقطة للحصول على صورة مميزة، أحمد لم يكن يعرف الخوف. في حين انشغلت أنا بنقل المصابين، في حوالي الساعة السابعة اتصلت على هاتفه فإذا باحد يرد عليّ ويخبرني أن صاحب هذا الهاتف استشهد، توجهت مسرعًا إلى المستشفى الميداني فأخبروني بأنه نقل إلى مستشفى التأمين الصحي، ولم أكن أجد اسمه في البداية ثم وجدته وتوجهت إلى المشرحة، وكان هناك حالة من عدم التنظيم وفضلت أن أتوجه لمنزل والدته بنفسي وألا أخبرها عبر الهاتف، إلا أنني حين ذهبت وجدت نبأ استشهاده سبقني وكانت في حالة يرثى لها. ويقول كريم: جمعتنى علاقة بأحمد منذ سنة تقريبًا فأنا مهندس وكان يلتقط صورًا كثيرة لنا، كما كنا نلتقي في الدروس الدينية، وكان يتميز بالذكاء والنشاط والإتقان والحب لعمله.