في ظل غياب العقل الجمعي للحكم العسكري الباطش في مصر، وعلى الرغم من ارتفاع تكاليف الزراعة والإنتاج، وسط تطنيش الحكومة لأوجاع الفلاح المصري، والتعلل بأننا في مصر في سوق مفتوحة، لا تؤمن بالتسعير الإجباري أو تحكم حكومي بأسعار الوقود أو التقاوي أو الآلات الزراعية أو الأسمدة، التي تتسبب في أزمات متفاقمة على رأس الفلاح المصري، إلا أن الازدواجية والعجز الحكومي عن التعاطي الاقتصادي الفعلي، تصر الحكومة الفاشلة على معاداة كل فئات المجتمع وتحويلهم لأعداء للوطن ومشاريع سجناء ، إذ تصر الحكومة على التوريد الإجباري من قبل الفلاحين لمحصول الأرز. حيث طالبت وزارة التموين جميع الفلاحين وأصحاب الحيازات الزراعية، المزروعة بالأرز الشعير لموسم 2022 بضرورة الالتزام التام بنص ما ورد في القرار الوزاري رقم 109 لسنة 2022 بشأن تنظيم عملية التداول والتعامل على الأرز الشعير المحلي لهذا الموسم، الذي ألزم في بنوده المزارعين بتوريد طن أرز شعير عن كل فدان مزروع. وقالت وزارة التموين بحكومة الانقلاب، في بيان، الأربعاء، إن "إنتاجية الفدان تراوح ما بين 3.5 و4 أطنان من الأرز الشعير، وبالتالي تستهدف الوزارة الحصول على 25% من الكميات التي حُصدت لتحقيق الوفرة والإتاحة المطلوبة، وزيادة المعروض من هذه السلعة الاستراتيجية بكميات وأسعار عادلة ضمن المنظومة التموينية، وللأسواق الحرة على مدار العام، متناسية أن الأسواق الحرة ليس فيها جبر، إنما يتحكم العرض والطلب في الأسعار". وأضافت أنه في حالة الامتناع عن التسليم "سيعاقب المزارع بعدم السماح له بزراعة الأرز في العام التالي، إضافة إلى عدم صرف الأسمدة والمبيدات الزراعية المدعمة لمدة عام لأنواع الزراعات كافة"، متابعة بقولها إن "عدم تسليم هذه الكمية سيمثل مخالفة تموينية، مع حساب قيمة الأرز الشعير غير المسلم بمبلغ عشرة آلاف جنيه لكل طن، وإلزام كل من يمتنع عن تسليم الكميات المحددة بسدادها". وشددت الوزارة على جميع المتعاملين في منظومة توريد الأرز الشعير والأبيض، أهمية تطبيق القرارات والتوجيهات الصادرة عن رئاسة مجلس الوزراء، ووزارة التموين، والمنظمة لقواعد عمل منظومة التوريد لموسم 2022، محذرة من مواجهتها جميع المخالفات بإجراءات رادعة. واستطردت في بيانها "طبقا للقرار الوزاري رقم 166 لسنة 2022، الخاص بضوابط وإجراءات التعامل مع سلعة الأرز باعتباره من المنتجات الاستراتيجية، فإنه حددت مهلة لمدة أسبوع، تنتهي في 27 نوفمبر الجاري لجميع الحائزين للأرز الشعير، وسلعة الأرز الأبيض، سواء من مزارعين أو تجار أو مضارب أو غيرهم لتوفيق الأوضاع، وإخطار مديريات التموين المختصة في المحافظات ببيانات الأرز المخزنة لديهم، وفق النموذج المعد لذلك". وختمت الوزارة بأن القرار الوزاري حظر حبس الأرز عن التداول، سواء من خلال إخفائه أو عدم طرحه للبيع أو الامتناع عن بيعه بأي صورة من الصور، عدا الاستعمال الشخصي، وأن الكميات التي تُضبط بعد انتهاء المهلة المحددة تنطبق عليها أحكام قانون حماية المستهلك، وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 4148 لعام 2022، التي توجب لدى ثبوت المخالفة بالحبس مدة لا تقل عن عام، وتوقيع غرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه، ولا تتجاوز مليوني جنيه، أو ما يعادل قيمة الأرز محل الجريمة أيهما أكبر. وقفزت أسعار الأرز الأبيض في الأسواق إلى 25 جنيها للكيلو بسبب نقص المعروض، وامتناع شركات شهيرة عن طرح منتجاتها اعتراضا على أسعار بيعه المحددة من الحكومة، علما بأن مجلس الوزراء أصدر قرارا قبل نحو أسبوع، يقضي بتحريك سعر البيع الإجباري للمستهلك الذي حدده للأرز، بموجب قراره الصادر برقم 66 لسنة 2022، من 15 جنيها إلى 18 جنيها للكيلو من الأرز الفاخر العريض. واستعانت حكومة الانقلاب بقوات الأمن ومفتشي التموين، لملاحقة بائعي الأرز خارج التسعيرة الرسمية، وهو ما أدى إلى ضبط شرطة التموين 1429 قضية بتهمة حجب السلع الاستراتيجية عن الجمهور، الشهر الماضي، ومن بينها الأرز. من جهتها، سجلت شعبة الأرز في "اتحاد الصناعات المصرية" رفضها قرار وزارة التموين بيع طن الأرز الشعير المورد من المزارعين بسعر 6850 جنيها فقط لأربع شركات خاصة، هي "الضحى" و"الوليلي" و"الساعة" و"الزمردة" على أساس 7100 جنيه، لإعادة بيعه أرزا أبيض حرا بسعر يرواح ما بين 16 ألفا و18 ألفا، بأرباح تصل إلى 4 آلاف جنيه للطن، بعد إضافة تكاليف التشغيل والنقل. ويطالب المزارعون بتحريك سعر استلام الأرز إلى 10 آلاف جنيه، وهو سعر يرونه عادلا يكافئ المجهود المبذول طوال العام، ويحقق الحد الأدنى لتكلفة الإنتاج التي ارتفعت مع تحرك كافة الأسعار في الفترة الأخيرة.. ويبقى التعاطي الأمني كفرض قرارات فوقية بالمجتمع المصري، طريقا لتدمير المجتمع المصري ، وخاصة الفقراء والمهمشين من الفلاحين والمزارعين الذين يلقون الرعاية والتكريم في كل دول العالم، إلا في مصر العسكر.