منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية يعاني المصريون من موجة غلاء غير مسبوقة جعلت بعض المراقبين يتساءلون، ما الذي سيفعله نظام الانقلاب لو كانت الحرب على أرض مصر؟ هل سيجوع الشعب المصري أكثر من ذلك؟ كانت تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية قد امتدت نيرانها إلى أسعار مختلف السلع محليا، وضربت عددا غير محدود من السلع ، كما استغل بعض التجار وعصابة العسكر اندلاع الحرب ورفعوا أسعار العديد من السلع حتى التي لا يتم استيرادها من روسيا أو أوكرانيا ، حيث شهدت أسعار معظم السلع سواء الغذائية الإستراتيجية أو السلع الاستهلاكية زيادات كبيرة بنسبة تتراوح بين 20 و50%. وتعد اللحوم والدواجن من أكثر السلع التي ارتفعت أسعارها ، حيث ارتفع كيلو اللحوم من 150 جنيها إلى 170 جنيها وتجاوز ال 200 جنيه في بعض المناطق ، كما ارتفعت أسعار الدواجن ليقترب كيلو الفراخ البيضاء من 50 جنيها .
الاستيراد حول أسباب ارتفاع أسعار اللحوم قال محمد وهبة، رئيس شعبة القصابين بالغرفة التجارية في القاهرة إن "مصر تستورد أكثر من 50% من استهلاك اللحوم من الخارج بسبب عدم تغطية المنتج المحلي للسوق، موضحا أن مصر تستورد العجول من دول عديدة مثل أوكرانيا والبرازيل والسودان". وأضاف وهبة في تصريحات صحفية، أن ارتفاع الأسعار الذي شهده السوق مؤخرا بعضه حقيقي والبعض الأخر يرجع إلى جشع التجار وتخزينهم للبضائع بشكل عشوائي لزيادة الربح. وشدد على ضرورة أن تكون هناك خطة من قبل المسؤولين وحكومة الانقلاب لضبط الأسعار ومعاقبة أي تاجر يقوم برفع السعر دون وجه حق. كما طالب وهبة بضرورة أن يكون هناك خطة محكمة لتطوير الثروة الحيوانية وزيادتها لتقليل فاتورة الاستيراد ، وبالتالي عدم ارتفاع الأسعار بهذه الصورة .
ارتفاع كبير وأكد هيثم عبدالباسط عضو شعبة القصابين بالغرفة التجارية في القاهرة، أن الفترة الأخيرة شهدت ارتفاعا كبيرا في أسعار اللحوم المستوردة سواء اللحمة البرازيلي أو غيرها من اللحوم المستوردة ، مشيرا إلى أن أسعارها زادت لأكثر من 50 جنيها في الكيلو الواحد . وأرجع عبدالباسط في تصريحات صحفية سبب الزيادة إلى الحرب الروسية الأوكرانية. وأشار إلى أن زيادة الأسعار لم تقتصر علي اللحوم المستوردة فقط ، ولكن شملت أيضا اللحم البلدي ، مؤكدا أن كيلو اللحم البلدي زاد بنسبة 10%، أما كيلو اللحم السوداني فزاد 30 جنيها ، حيث ارتفع الكيلو من 90 جنيها إلى 120 جنيها .
توقفوا عن الشراء وطالب يوسف البسومي، نقيب الجزارين، المصريين بالتوقف عن شراء اللحوم لمدة أسبوعين أو ثلاثة حتى تهدأ الأسواق في ظل الارتفاع الذي وصل إلى 25% دون أي سبب أو مبرر لهذا الغلاء الفاحش . وقال "البسومي" في تصريحات صحفية "الارتفاع سيكون مبررا لو كان 10 جنيه في الكيلو ، ولكن الارتفاع وصل إلى 30 جنيها في الكيلو وهذا بفعل فاعل" . وأضاف، فيه جشع وناس محتكرة وفيه ناس قاصدة توصلنا إلى هذه الحالة لأغراض معينة، محذرا من مخاطر رفع أسعار السلع الغذائية حتى لا ينفجر الشعب وتكون ردة الفعل عنيفة جدا . وتابع، أقول للمصريين "أوقفوا استهلاك اللحمة ،وأنا كنقيب الجزارين لازم أقف مع الشعب لأن التجار اللي عندها مزارع كبيرة هم اللي مغليين الأسعار، وإحنا لما منخدش منهم ونوقف أسبوعين أو ثلاثة السوق سيهدأ" .
صدمة خارجية وأرجع الدكتور صلاح فهمي خبير اقتصادي، ارتفاع الأسعار في مصر إلى حدوث صدمة خارجية نتيجة تطورات الحرب الروسية الأوكرانية والتي أثرت بشكل كبير على أسعار مختلف السلع فيما يسمى بالتضخم المستورد، بخلاف الضغوط الداخلية الناجمة عن ارتفاع الطلب على السلع مع قرب حلول موسم رمضان. وقال فهمي في تصريحات صحفية، إن "تصريحات مسئولين دوليين حول احتمالية استمرار الحرب الدائرة بين روسياوأوكرانيا لأمد أطول من المتوقع وضبابية المشهد دفع بعض التجار لإخفاء المخزون من السلع ونقص المعروض ، وبالتالي ارتفاع أسعارها". وتابع، الأزمة الحالية يجب أن تعطي درسا للمصريين بحتمية التوسع في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء كأولوية قصوى، خاصة فيما يتعلق بالسلع الإستراتيجية مثل القمح والزيوت واللحوم، إلى جانب أهمية تنويع مصادر العملة الصعبة بخلاف السياحة والتي ستتأثر بشدة بتوقف حركة الطيران بدول الحرب. وشدد فهمي على أن أي مطالب بفرض تسعيرة جبرية أمر غير منطقي ويخالف ضوابط السوق الحر ، مطالبا المواطنين بترشيد وضبط الاستهلاك بقدر الإمكان والتوقف عن شراء السلع المبالغ في أسعارها لمواجهة استغلال التجار. كما شدد على أهمية مراجعة حكومة الانقلاب خطتها لهيكلة ورفع الدعم عن باقي الخدمات كالكهرباء والمياه والغاز ليتم إرجاؤها لحين اتضاح الصورة واستقرار الأوضاع.