تواجه السوق العقارية فقاعة عقارية خلال الشهور المقبلة؛ بسبب سياسة العسكر وتدخل القوات المسلحة في المشروعات العقارية وبناء كم كبير من الوحدات السكنية في وقت قصير نسبيا، بجانب مشروعات الشركات العقارية التي اضطرت مؤخرًا لطرح الكثير من العروض، كان أبرزها تسهيلات الدفع على 10 سنوات بفائدة “صفر بالمائة”، ورغم ذلك تعرض الوحدات السكنية بأسعار مبالغٍ فيها، وهو ما دفع الخبراء إلى التحذير من أن ذلك له عواقب سلبية على القطاع ويهدد بفقاعة عقارية. وقالوا إن هذه الأزمة ستنعكس على الاقتصاد المصري وقد تتسبب في انهياره، مشيرين إلى أنَّ قطاع العقارات يعاني حالة من الركود نتيجة عدم إقبال المواطنين على الشراء؛ بسبب الارتفاع الكبير فى أسعار الوحدات السكنية. وكشف الخبراء عن بوادر كثيرة تؤكد اقتراب حدوث فقاعة عقارية في السوق المصرية، أهمها تراجع الطلب على العقارات في النصف الثاني من 2018 و 2019 بمقدار 25%، وتراجع وتيرة الزيادة في الأسعار إلى أقل من نصف ما كانت عليه في 2016. وقالوا إن هذا التراجع قد يؤدي- إذا استمر على المدى المتوسط أي خلال عامين أو ثلاثة- إلى زيادة المعروض واتجاه المالكين إلى طرح ما يمتلكونه من عقارات للبيع، مما يؤدي إلى انخفاض الأسعار بطريقة مفاجئة، وبالتالي تحدث أزمة في القطاع العقاري. كان البنك المركزي المصري قد أطلق مبادرة بزعم تنشيط القطاع العقاري، يستهدف من خلالها توفير التمويل لصالح الشركات العاملة في مجال التطوير والتنمية العقارية، وتقديم البنوك قروضا للعملاء. وحدد البنك المركزي مبلغ 50 مليار جنيه لتنفيذ ضوابط المبادرة، وعدم تجاوز هذا المبلغ من البنوك ككل. مرحلة الانهيار من جانبه حذر المركز المصري للدراسات الاقتصادية، في دراسة له، من حدوث مشكلة في السوق العقارية، نتيجة الزيادة الضخمة في المعروض من الوحدات وتراجع القدرة الشرائية وتباطؤ البيع في السوق الثانوية، حيث تقتصر عمليات البيع على السوق الأولية، بالإضافة إلى عدم استعلام الشركة أو المطور العقاري عن قدرة المشترى على السداد. وأوضحت الدراسة أنَّ مفهوم الفقاعة يعنى ارتفاع أسعار العقارات بأكبر من قيمتها الحقيقية فى السوق بشكل مستمر، وتعثر المتعاملين مما يؤدى إلى انكماش حاد، وصولًا إلى مرحلة السقوط أو الانهيار، وهو ما يؤثر سلبًا على القطاع والاقتصاد ككل. وتوقعت دخول القطاع العقارى في أزمة مشابهة لما حدث في الصين عام 2008، عندما تصورت الحكومة الصينية أن أفضل الطرق لزيادة الطلب المحلى وخلق الوظائف هو إعادة إحياء سوق الإسكان الحضاري، وضخت الدولة 4 تريليونات يوان مما زاد المعروض النقدي في السوق الصيني، وارتفعت أسعار العقارات بصورة كبيرة، ونتيجة ضعف جاذبية الصادرات ابتعد المستثمرون عن تلك الصناعة. وقالت الدراسة: نتيجة لهذه التوجهات ارتفعت الأسعار بشكل كبير نتيجة الزيادة غير المنطقية في بناء المنازل وتخطي معدل زيادة الطلب سواء بالنسبة للعقارات السكنية أو الإدارية، وهو ما خلق ما يسمى ب”مدن الأشباح”، فلا تزيد نسبة الإشغال في أكبر مركز تجارى في العالم وهو New South China Mall عن 2% فقط، وتحتاج مدينة “تيانجن” الصينية إلى 25 عاما من التنمية حتى يتم استخدام الأماكن الشاغرة فيها. وأوضحت أن هناك نحو 25% من العقارات المبنية في مصر شاغرة، معربة عن تخوفها من ارتفاع نسبة إسهام القطاع العقاري في الناتج المحلي الإجمالي إلى 16.2%، وهي نسبة اعتبرتها الدراسة كبيرة، مشيرة إلى أن معدل نمو قطاعي التشييد والبناء والأنشطة العقارية ارتفع بنسب بلغت 225%، و952% على التوالي خلال الفترة من العام المالي 2010-2011، وحتى 2016-2017. وشددت الدراسة على أن الاعتماد على القطاع العقاري في نمو النشاط الاقتصادي يدعو للقلق إذا حدثت أزمة في هذا القطاع؛ لأنه يؤثر بالسلب علي كل الأنشطة المتعلقة به. نصب وإفلاس وقال الدكتور هاني توفيق، الخبير الاقتصادي: إن إعلان شركات عقارية بيع وحدات سكنية بسعر 13.500 جنيه للمتر، والسداد على 14 سنة وبدون مقدم، يشير إلى أن ذلك إما إفلاس أو نصب من جانب هذه الشركات. وأضاف توفيق، في تصريحات صحفية، أنه بحسبة بسيطة لهذه العروض، نجد أن القيمة الحالية، وعلى أساس معامل تضخم 10٪ فقط سنويا، تكون فى حدود 3000 جنيه فقط، أى أقل بكثير من تكلفة الأرض والبناء وأرباح المطور، وهذا إما إفلاس أو نصب، متسائلا: هل هناك من جهة رقابية تتأكد من جودة وملاءمة هؤلاء المطورين العقاريين قبل أن تقع الفأس فى الرأس؟. وأوضح أن حجم القطاع العقاري بلغ حوالى 22٪ من الناتج المحلى الإجمالي طبقا لآخر البيانات المنشورة، ومن المتعارف عليه أنه إذا ارتفعت هذه النسبة عن نسبة 6% فى اقتصاد أى دولة، فإن ذلك يشير إلى اقتراب حدوث فقاعة عقارية، متسائلا: هل هناك من يعي هذه الحقيقة ويعمل على خفض هذه النسبة فى مصر؟. وطالب توفيق، حكومة الانقلاب بإعلان خطتها عن كيفية الاستعداد لإعادة تشغيل عمال البناء الذين يعملون فى شركات المقاولات بعد الانتهاء من المشروعات العقارية والطرق والمدن محل الإنشاء حاليا، مؤكدا أن البطالة قنبلة موقوتة، والتشغيل المستدام هو الحل. دولة العسكر وانتقد محمد عبد الغني، عضو لجنة الإسكان بمجلس نواب الدم، توقف مناقشات قانون التطوير العقاري، والذي يهدف لإحكام الرقابة علي النشاط العقاري وتدخل دولة العسكر كمنافس للمستثمرين، والقيام بدور مستثمر يشارك في عملية إنتاج وبيع الوحدات السكنية. وأكد أن تدخل دولة العسكر أدى إلى زيادة أسعار بيع العقارات، ضاربا المثل بارتفاع أسعار بيع المتر في التجمع مع بيع الدولة وحدات دار مصر، حيث ارتفع متوسط سعر المتر من 7 آلاف إلى نحو 9-11 ألف جنيه للمتر، كما ارتفع سعر بيع المتر في الفيلات في منطقة العلمين التي تنفذ من القطاع الخاص ما يتراوح بين 12-15 ألف جنيه إلى نحو 25-27 ألف جنيه للمتر، مع إعلان دولة العسكر عن أبراج العلمين، والتي يصل فيها سعر المتر إلى 40 ألف جنيه. حجم المعروض وحذر المهندس حسين صبور، رئيس مجلس إدارة شركة الأهلي للتنمية العقارية، من حدوث فقاعة عقارية نتيجة ارتفاع أسعار الوحدات بشكل “جنوني”، وكذلك دخول أفراد في مهنة التطوير العقاري ليس لهم دراية كاملة بالتطوير العقاري وكذلك التسويق، واصفا مهنة العقار بأنها “مهنة من لا مهنة له”. وقال “صبور” في تصريحات صحفية: إن الفقاعة العقارية آتية لا محالة، وعلى الشركات أن تنتبه لذلك جيدًا، مشيرًا إلى أن المؤشرات الدالة على ذلك واضحة في السوق، ومن أهمها حجم المعروض الكبير من العقارات ودخول مطورين كُثر في السوق. وأكد أن الأسعار العقارية ستزيد إلى مستويات كبيرة قد تصل إلى 20% زيادة عن الأسعار الحالية ولكن تدريجيا، مشيرا إلى أن ارتفاع أسعار العقارات ناجم عن ارتفاع أسعار الأراضي والارتفاع المتوقع لأسعار المواد الإنشائية، خاصة الأيدي العاملة.