أسباب كثيرة اجتمعت لتجعل بطولة كأس العالم عام 1950 مختلفة عن أي بطولة سابقة لكأس العالم ، بل إنها ستظل إحدى العلامات الفارقة في تاريخ أكبر بطولة كروية في العالم. أهم تلك الأسباب ، بطبيعة الحال ، كان عودة كأس العالم للحياة عقب 12 عاما متصلة من السبات العميق منذ آخر بطولة التي أقيمت في فرنسا عام 1938 بسبب الحرب العالمية الثانية التي وضعت أوزارها عام 1945 مخلفة دمارا يفوق الوصف في جميع أرجاء القارة الأوروبية. ولعل هذا التدمير الذي شهدته الغالبية العظمى من الدول الأوروبية كان المحرك الأول لصناع القرار في الفيفا ، الذين اجتمعوا للمرة الأولى بعد نهاية الحرب العالمية في لوكسمبورج في شهر يوليو من عام 1946 ، ليسندوا تنظيم البطولة الأولى بعد الحرب إلى البرازيل. عامل آخر من العوامل التي شجعت الفيفا على إسناد تنظيم بطولة عام 1950 إلى البرازيل هو الاهتمام المتصاعد بكرة القدم في أكبر دولة في أمريكا الجنوبية ، فالبرازيل كانت بطلة القارة ، بالإضافة إلى أنها قدمت مردودا جيدا في بطولة عام 1938 في فرنسا ، مما جعلها أنسب دولة لاستضافة البطولة. حدث آخر تاريخي شهده اجتماع الفيفا عام 1946 ، فقد تقرر تسمية بطولة كأس العالم ب"كأس جول ريميه" اعتبارا من بطولة عام 1950 تقديرا للدور الكبير الذي لعبه الفرنسي ريميه رئيس الفيفا آنذاك في الحفاظ على روح كرة القدم وشعبيتها خلال سنوات الحرب العالمية الثانية المريرة ، كما لا يمكن إغفال دور نائبه الإيطالي أوتورينو باراسي في الحفاظ على كأس البطولة من الضياع في خضم أحداث الحرب العالمية الثانية بعدما خبأه في صندوق للأحذية وضعه أسفل السرير الخاص به في بيته. وشهدت بطولة عام 1950 عودة الكرة البريطانية إلى الحظيرة الدولية بعد غياب دام 21 عاما منذ عام 1929 بسبب مشاكل مع الفيفا ، وصار منتخب بريطانيا العظمى أحد أبرز المرشحين للفوز بكأس العالم بعد فوزه في مباراة ودية على منتخب نجوم أوروبا 6-1 عام 1947. 13 فريقا فقط موقف غريب وضعت فيه اللجنة المنظمة لبطولة عام 1950 ، فقد أعلنت بعض الفرق التي تأهلت إلى النهائيات انسحابها بعد إجراء القرعة ، مما جعل عدد الفرق في المجموعات الأربع غير متساو ، فضمت المجموعتين الأولى والثانية أربعة فرق ، وضمت الثالثة ثلاثة فرق ، والرابعة فريقين فقط ، ليصبح العدد الإجمالي 13 فريقا فقط بدلا من 16.
وكان انسحاب منتخب الهند هو الحدث الأغرب ، بعدما رفض الفيفا طلبا بأن يلعب لاعبي المنتخب الهندي المباريات وهم حفاة الأقدام! أكبر استاد في الكرة الأرضية وفي ظل الاهتمام المتزايد بكرة القدم في البرازيل في الثلاثينات والأربعينات ، فطن المسئولون في أكبر دول أمريكا الجنوبية إلى حتمية بناء استاد كرة قدم جديد ، وبالفعل بدأ العمل يوم 2 أغسطس عام 1948 في تشييد استاد ماريو فيليو الذي اشتهر بعد ذلك باسم استاد ماراكانا في إحدى ضواحي ريو دي جانيرو بسعة 220 ألف متفرج. اشترك في عملية البناء ، التي استغرقت نحو عامين ، عشرة آلاف عامل ، حتى صار الاستاد لائقا لاستقبال ال13 فريقا الذين شاركوا في كأس العالم عام 1950 ، وشهدت المباراة الافتتاحية بين البرازيل والمكسيك حضورا جماهيريا بلغ نحو 82 ألف متفرج. الدور الأول كان منتخب أوروجواي هو الأوفر حظا خلال الدور الأول بعدما أوقعته القرعة في مجموعة تضم منتخب بوليفيا فقط بجانبه ، وحقق عليه فوزا سهلا بثمانية أهداف نظيفة ، أحرز منهم النجم خوان تشيافينو أربعة أهداف ، قبل أن يقوم اللاعب نفسه بدور البطولة في فوز أوروجواي بالكأس بعد أيام قليلة. البرازيليون بدأوا البطولة بفوز كبير على المكسيك برباعية بيضاء ، تبعه تعادل مفاجئ مع سويسرا 2-2 ، قبل أن يلتقي منتخب "السامبا" مع منتخب يوجوسلافيا - الذي حقق الفوز في مباراتين على المكسيك وسويسرا - في آخر مباريات الدور الأول ، وكان الفريق اليوجوسلافي بحاجة إلى نقطة واحدة من مباراته أمام "راقصو السامبا" ، لكن أمام نحو 150 ألف مشجع برازيلي في استاد ماراكانا الأسطوري ، نجح البرازيليون في الفوز بهدفين نظيفين وتصدر المجموعة والتأهل إلى الدور التالي. وشهدت المجموعة الثانية مفاجأة كبيرة ، إذ فشلت انجلترا - أحد المرشحين للقب - في تخطي الدور الأول واحتلت المركز الثاني بفوز واحد على تشيلي وخسارتين أمام اسبانيا والولايات المتحدةالأمريكية ، وكانت الهزيمة أمام الأخيرة لها وقع مدوي على جماهير كرة القدم للفارق الكبير في المستوى بين الفريقين. مفاجأة مماثلة شهدتها المجموعة الثالثة بعدما فشلت ايطاليا حاملة اللقب ه