قبل نهاية العام الحالى تستعد فرنسا لإصدار قانون يمنع ارتداء النقاب فى البلاد بعد تدخل البرلمان الفرنسى حيث ثبت أن ارتداء النقاب يتعارض مع المبادئ الجمهورية لفرنسا إثر نقاش حقيقى فى هذا الشأن بعدما اقترح بعض النواب تشكيل لجنة تحقيق من أجل توضيح الرؤية حول مستقبل ارتداء النقاب فى فرنسا، واتخاذ القرار المناسب.. ففى 8 يونيو الماضى تقدم 60 نائبا من مختلف التيارات السياسية بمشروع قرار لتكوين لجنة تحقيق برلمانية لمناقشة قضية ارتداء بعض النساء المسلمات للنقاب فى فرنسا. وفى الثامن من يوليو الماضى اجتمعت لجنة المعلومات البرلمانية حول ارتداء "الحجاب الكامل" للمرة الأولى، ولم تستبعد اللجوء إلى قانون، ومنذ ذلك التاريخ وحتى العاشر من ديسمبر القادم فإن محافظى البلدات ومختصين بالإسلام وعلماء اجتماع وجمعيات حقوق المرأة سيجتمعون ويدلون برأيهم فى هذه المسألة الحساسة. فى فرنسا حوالى 367 امرأة فقط يرتدين النقاب وذلك على الرغم من أن فرنسا بها أكبر عدد من المسلمين فى دولة أوروبية منفردة، ويقدر عددهم بخمسة ملايين نسمة. ومن خلال هذا الرقم التقت مجلة فى اس دى الفرنسية مع واحدة منهن وهى السيدة المغربية نجاة لمعرفة رأيها فى مشروع القانون المتوقع وكذلك لمعرفة لماذا تتمسك بالنقاب بالرغم من أنها ترتدى تحته مينى جيب وتضع الماكياج وأشهر العطور الفرنسية وحتى الموبايل الخاص بها لونه أحمر وليس أسود مثل نقابها. أحمر شفايف ومينى جيب نجاة بنت عبدالله ولدت فى فرنسا، عمرها 37 عاما من عائلة مغربية، مطلقة بسبب غيرة زوجها الشديدة عليها تعيش مع ابنتها الوحيدة 17 عاما من خلال مصدر رزق واحد وهو معونة المعوقين التى تحصل عليها ابنتها من الحكومة الفرنسية نظرا لإعاقتها، وتقول المجلة الفرنسية إن منزل نجاة رقيق مثلها وغرفتها بها كل شىء عادى ممكن أن تستخدمه أى امرأة بل والمرأة الجميلة لدرجة أنها وضعت الشموع الوردية فى كل مكان بالمنزل. تقول نجاة التى بدا فى كلامها تعصب عكس مظهرها "إن الموسيقى حرام مثلها مثل خلع النقاب أو عدم ارتدائه، ولكن فى منزلى أرتدى ما أريد من مينى جيب وقمصان نوم وردية وملابس على آخر صيحات الموضة، ولكن لدى خروجى من المنزل فأنا أرتدى النقاب والخمار الأسود الطويل وأرتدى تحته ملابس عادية على الموضة وأضع الماكياج أيضا، ولكن كل ما يسبب لى القلق هو تيارات الهواء الشديدة التى تبدأ ونحن على أبواب الشتاء". تضيف نجاة إلى محررة المجلة الفرنسية "لابد أن تقولى لكل الأمهات وكل الفتيات والنساء اللاتى تعرفينهن أن يرتدين الملابس الطويلة فهى سترة لهن وقالت لهن الآية القرآنية "ياأيها النبى قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما"، وبالرغم من ذلك تقول نجاة إن النقاب والخمار ليسا فرضا على النساء، ولكن كما كانت نساء الرسول يخفين وجوههن فأنا أقوم بذلك وأخفى وجهى وأتقلد بصفاتهن لكى أشعر بالقيمة المعنوية لذلك. وعن توقيت ارتدائها للنقاب تقول لقد بدأت الاهتمام به منذ عشر سنوات وارتديت أولا الحجاب ثم ارتديت بعد ذلك النقاب فعليا وقد قرأت كثيرا قبل أن ارتديه وآخذ هذا القرار وأشعر وأنا أرتديه أننى أقوم بحماية نفسى من الآخرين وتضيف إن الإسلام دين جميل ومحب للحياة وهو يعلم الإنسان كل شىء يمكن أن يقتدى به فى حياته اليومية. وتتذكر نجاة عندما كانت أصغر قليلا من اليوم قائلة: عندما كنت شابة كنت متمردة على كل شىء وعنيفة وحزينة دائما وعندما اتجهت إلى الدين بدأت حالة من الهدوء تسيطر على ثم بدأت أتعلم من جديد كل شىء، أما فيما يخص احتمال طرح قانون يمنع ارتداء النقاب فى فرنسا فتقول بحدة شديدة "لا يوجد إنسان على وجه الأرض يجبرنى أن ألبس بطريقة لا أريدها وواجبى هو ألا أطيع غير الله.. وتعترض على من يقولون على الرسول بالفرنسية (محمت) بالتاء وتقول إنه (محمد) بالدال وتقول إنها لا تسامح من يقولون ذلك، ولم تفكر نجاة أن نطق العربية يختلف عندما يحاول غير الناطقين بها قول نفس الحروف. نجاة هى واحدة من 367 امرأة منقبة فى فرنسا، وفى بعض الأحيان مطاردة من الشرطة ولا تتاح فى فرنسا عادة إحصاءات بشأن عدد مرتديات النقاب إذ تشعر بالقلق بخصوص عمليات المسح الميدانى لممارسات الناس الدينية بسبب رغبتها فى الحفاظ على مبدأ المساواة. ونتيجة لهذا نوقشت قضية الحجاب حتى الآن بكثير من الانفعال، وقليل من الأدلة المحددة. وتقول لوموند الفرنسية إن هناك تقريرين للمخابرات الفرنسية اطلعت عليهما رفعا إلى الحكومة وسيمثلان جزءا من المناقشة البرلمانية لقضية النقاب، ويقول منتقدو الحظر ل"لوموند" إن من شأنه وصم الإسلام ووضع المسلمين المعتدلين فى موقف دفاعى يضطرهم للدفاع عن النقاب كرمز لدينهم برغم أنهم قد لا يفضلون هم أنفسهم وضعه.. كما يوحى تقريرا المخابرات اللذان استشهدت بهما لوموند بأن واقع النساء اللاتى يغطين وجوههن فى فرنسا وأسبابهن لذلك أمر يختلف كثيرا عما يصفه الساسة، وقالت الصحيفة نقلا عن التقريرين أن معتنقات الإسلام من الفرنسيات يمثلن قرابة ربع مرتديات النقاب. وأن الأغلبية العظمى من المسلمين فى فرنسا يرفضون النقاب ويعتبرون من يدافعون عنه أصوليين. ويعيد النقاش بشأن النقاب إلى الأذهان الجدال الذى استمر حوالى عقد فى فرنسا بشأن ارتداء الحجاب فى المدارس، وفى النهاية صدر قانون فى عام 2004 يحظر وضع الرموز الدينية فى المدارس العامة. ومازال هذا القانون مبعث جدال حيث يقول منتقدوه إنه وصم المسلمات فى وقت ينبغى فيه للبلاد أن تحارب التمييز فى سوقى العمل والإسكان الذى سبب صداعا بين المجتمع عموما وبعض الشبان المنتمين إلى أصول مهاجرة خاصة.