بشرة سمراء داكنة، فى لون طين النوبة، وعيون لامعة تشع بالفرحة، وابتسامة صافية تدخل القلوب، وقبل كل هذا وبعده صوت ساحر نجح صاحبه عبر ما يقرب من 40 عاماً أن يكون صوتاً للمصريين، يشاركهم الحزن قبل الفرح، ينحاز إلى آلامهم ومعاناتهم بقدر احتفائه بأفراحهم، هو لوحة فنية اشترك فى رسم تفاصيلها وصياغة ملامحها كل من أحمد منيب، وعبدالرحيم منصور، وفؤاد حداد، وصلاح جاهين وأحمد فؤاد نجم، وبليغ حمدى، وعبدالرحمن الأبنودى، ويوسف شاهين، وكمال الطويل.. وغيرهم ممن شكلوا محطات فى مشوار محمد منير الفنى منذ أن جاء من جنوب مصر حتى آخر أعماله. ولهذا كله لم يكن من الغريب اختيار «الكينج» محمد منير لإحياء حفل ختام المؤتمر الاقتصادى بشرم الشيخ، بوقفته المميزة وحركات يده التلقائية والعفوية التى تصاحب غناءه، أطل «منير» على جمهوره العريض بعد غياب عدة أشهر منذ آخر حفلاته الغنائية، أشعل «منير» الاحتفال بأغنيات «علِّى صوتك بالغنا»، و«مصر قريبة» و«حدوته مصرية».. وغيرها، تفاعل معه جمهوره وتراقصوا بالفرحة على نغمات أغنياته لساعات ممتدة. يصعب أن تجد مناسبة وطنية أو أزمة ألمت بمصر دون أن تجد صوت «منير» حاضراً فيها، تستطيع أن تستدعى من الذاكرة عشرات الأغنيات التى حملت عشقاً لمصر وترابها، سواء فى ألبوماته، أو حتى فى أعماله الغنائية بالدراما التليفزيونية والسينما، كلها شكلت حالة فريدة من الغناء سيتوقف أمامها التاريخ طويلاً ليدلل على أن صاحبها ليس أسطورة فقط كما يصفه معجبوه، وإنما هو «حدوتة مصرية» بكل المعانى. محمد منير أبا زيد جبريل متولى، من مواليد قرية منشية النوبة بأسوان، قضى فترة الصبا فى أسوان قبل أن يهاجر مع أسرته للعاصمة بعد غرق قرى النوبة تحت مياه بحيرة ناصر التى خلفها السد العالى، أحب الغناء صغيراً وتعامل معه كهاوٍ فى البداية، حتى إنه كان يغنى لرفاقه فى الجيش، تخرج فى قسم الفوتوغرافيا والسينما والتليفزيون من كلية الفنون التطبيقية جامعة حلوان، واستمع إليه الأديب والشاعر النوبى زكى مراد فأوصى عبدالرحيم منصور، الشاعر المعروف آنذاك، بالاستماع إليه، وكبرت الدائرة لتشمل أحمد منيب، فأخذ فى تدريب «منير» على أداء ألحانه النوبية، ثم بدأ «منير» فى غناء كلماتهما بعد ذلك. أكثر من ثلاثين ألبوماً غنائياً وموسيقياً وعشرة أفلام وثلاثة مسلسلات وثلاث مسرحيات وعشرات الكليبات، هى رصيد «منير» فى رحلته مع الاحتراف، التى بدأها عام 1978 بألبوم «بنتولد»، حفر بها اسمه بحروف من ذهب فى تاريخ الأغنية العربية، وارتفعت أصداء صوته الصافى كنيل النوبة فى آفاق عالمية، وبات له مريدون ومعجبون فى أنحاء العالم كله.