بعد فشل جولتي محادثات سابقتين، تستعد أثينا ومنطقة اليورو بقيادة ألمانيا اليوم، لمباحثات جديدة سعيًا لانتزاع تسوية حول تمديد تمويل اليونان تُجنّب أوروبا الدخول في أزمة لا تعرف نتائجها. وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق فإن اليونان قد تجد نفسها بدون سيولة وتضطر إلى الخروج من اليورو، وهو احتمال يثير مخاوف كبرى. وارجئ اجتماع حاسم لمجموعة اليورو اليوم ساعة ونصف بعد موعده الذي كان مقررًا في الساعة الثالثة مساءً، على ما أعلن رئيس منطقة اليورو يورون ديسلبلوم على حسابه على "تويتر". وسيسعى وزراء مالية منطقة اليورو خلال اجتماعهم الثالث في أقل من عشرة أيام للتوصل إلى اتفاق يسمح بتمديد برنامج المساعدة لليونان مع انتهاء مهلته في 28 فبراير. وبات الوقت يضغط إذ يترتب قبل البدء بتنفيذ أي اتفاق يتم التوصل إليه إن توافق عليها البرلمانات الوطنية. وصرح نيكوس باباس، وزير الدولة والمساعد المقرب لرئيس الوزراء اليوناني اليكسيس تسيبراس، "بأن لم نتوصل إلى اتفاق فاعتقد أنه يمكن حل المشكلة بفضل تدخلات سياسية على أعلى المستويات. وأعني بذلك قمة أوروبية". وأكد المتحدث باسم المفوضية الأوروبية مارجاريتيس شيناس: "نحن واثقون من التوصل إلى اتفاق في مستقبل قريب في حال تحلى الجميع بالتعقل" موضحًا أنه "تم إحراز تقدم بناء...لكن ما زال هناك الكثير من العمل". واليونان عازمة على طي صفحة التقشف فيما تتمسك ألمانيا بخطها المتشدد بزعامة وزير ماليتها المحافظ فولفجانج شويبله، مطالبة أثينا بمواصلة تصحيح ماليتها العامة وإصلاحاتها البنيوية التي وافقت عليها لقاء برنامج دعم بقيمة 240 مليار يورو. وبعد رفض الحكومة الألمانية بنبرة جافة طلب التمديد الذي قدمته اليونان أمس، عادت وحاولت تليين موقفها. وصرح متحدث باسم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل اليوم، بأن الطلب "ليس كافيًا حتى الآن" لكن ينبغي اعتباره "نقطة انطلاق لمحادثات أخرى". غير أن برلين ليست الوحيدة المتمسكة بسياسة التقشف والتشدد المالي إذ تؤيدها في ذلك فنلندا ودول البلطيق شمالًا، وإسبانيا والبرتغال وسلوفاكيا جنوبًا. وشددت وزيرة المالية البرتغالية ماريا لويس البوكوركي اليوم، في تصريحات للصحافة الألمانية على أن هناك "إطار"، هو "البرنامج الحالي الذي يترتب تمديده". وقال رئيس الوزراء السلوفاكي، روبرت فيكو، إنه سيكون "من المستحيل" عليه أن "يشرح للمواطنين (في بلاده) أنه ينبغي منح أموال لدفع رواتب اليونانيين ومعاشاتهم التقاعدية". و"شويبله" مدعوم في موقفه من القسم الأكبر من الرأي العام الألماني، وأشادت صحيفة "بيلد" بموقفه المتصلب وكتبت "ألمانيا تقول شكرًا لفولفجانج شويبله!"، فيما كشف استطلاع للرأي أجري مساء أمس أن 52% من الألمان يجدون فاروفاكيس ورئيس الوزراء اليوناني تسيبراس "وقحين". وخطت أثينا أمس، خطوة كبيرة نحو تسوية فطلبت "تمديد" اتفاق المساعدة المالية الذي كانت منطقة اليورو تطالبها بالموافقة عليه قبل نهاية الأسبوع. كما أعربت عن استعدادها للقبول ب"إشراف" الجهات الدائنة (الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي) وتعهدت بالامتناع عن "أي عمل أحادي يقوض الأهداف المالية والنهوض الاقتصادي والاستقرار المالي". في المقابل طلبت أثينا "مرونة" تسمح بالعودة عن تدابير التقشف الأكثر تشددًا. لكن يخشى البعض أن تستخدمها اليونان للتهرب من الوفاء بالتزاماتها. لكن الحكومة اليونانية نفت أن تكون "أجرت انقلابًا من 180 درجة"، حيث أكد المتحدث باسمها جبريال ساكيلاريديس "لم نعد عن خطوطنا الحمراء". وسربت أثينا خلال اجتماع لكبار الموظفين الخميس الموقف الألماني الذي يصور ريبة برلين حيال الحكومة اليونانية الجديدة وقد شبهت ألمانيا طلب التمديد ب"حصان طروادة" يهدف إلى الحصول على "تمويل مرحلي" لعدة أشهر و"وضع حد للبرنامج الحالي". وفي محاولة أخيرة لإقناع برلين أجرى تسيبراس مساء أمس، محادثات مع المستشارة أنجيلا ميركل كما اتصل بالرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند، بحسب ما أفاد مصدر حكومي يوناني. لكن القلق يتجاوز الحدود الأوروبية. فقد حذر مسؤول كبير في الخزانة الأمريكية من احتمال "عودة الغموض" في أوروبا والاقتصاد العالمي في حال الفشل، مطالبًا الطرفين بجهود "ناشطة للتوصل إلى تسوية".