ب حملة توقيعات.. «الصحفيين»: 5 توصيات ل تعديل المادة 12 من «تنظيم الصحافة والإعلام» (تفاصيل)    «الأعلى للجامعات» يعتمد قواعد تنسيق القبول    مليون جنيه سعر أول سيارة كهربائية بشركة النصر للسيارات وهذا موعد الطرح    8.8 مليار جنيه قيمة الكميات الموردة من القمح بالبنك الزراعي المصري    استعدادًا لعيد الأضحى| تفتيش نقاط الذبيح ومحال الجزارة بالإسماعيلية    وزارة الزراعة تنفي ما تردد عن بيع المبنى القديم لمستثمر خليجي.. في بيان رسمى    محافظ الجيزة: حريصون على استمرار تجربة أسواق اليوم الواحد    السعودية وقطر تقدمان دعما ماليا للعاملين في القطاع العام بسوريا لمدة 3 أشهر    القاهرة الإخبارية: القوات الروسية تمكنت من تحقيق اختراقات في المواقع الدفاعية الأوكرانية    الأهلي يهنئ وادي دجلة وكهرباء الإسماعيلية بالتأهل للممتاز    عمرو السولية يودع الأهلي بعد 9 سنوات ونصف: فخور بالرحلة... وانتهت مغامرة الرقم 17    محافظ القاهرة يتفقد امتحانات نهاية العام للشهادة الإعدادية :ضبط ملاحظ وطالب لتصويرهما امتحان الجبر بالمنوفية والسويس    قواعد تنسيق العام الجديد.. اعرف تفاصيل اختبارات القدرات    "سيبتك" أولى مفاجآت ألبوم حسام حبيب لصيف 2025    وزير الحكم المحلي الفلسطيني: مصر تلعب دورا محوريا للتوصل إلى وقف إطلاق النار    وزير الثقافة وخالد جلال وحماده الموجي أول الحاضرين فى عزاء والد رئيس دار الأوبرا    تكريم محمد صبحي بجائزة إنجاز العمر في احتفالية القومي لحقوق الإنسان    حكم صيام يوم عرفة وعلى من يجوز    ما حكم بيع جزء من الأضحية؟    طبيب «جلدية» يحذر من الأمراض المنقولة بالميكروبات في عيد الأضحى    بعد تداول فيديو ضربها.. القومي للطفولة والأمومة يودع ضحية عنف والدها في المهندسين دار رعاية    محافظ أسيوط ووزير الموارد المائية والري يتفقدان قناطر أسيوط الجديدة ومحطتها الكهرومائية    «بقالي 20 سنة بغني ولسه بيداري».. موقف طريف بين روبي وجمهورها في الأردن (فيديو)    تكشف خطورتها.. «الصحة العالمية» تدعو الحكومات إلى حظر جميع نكهات منتجات التبغ    مصرع وإصابة 3 أشخاص بطلقات نارية إثر مشاجرة مسلحة في قنا    رئيس الطائفة الإنجيلية يشهد رسامة شيوخ وشمامسة جدد بكنيسة في المنيا    السعودية وروسيا ودول في "أوبك بلس" تعلن عن زيادة كبيرة في إنتاج النفط اعتبارًا من يوليو    وزير الخارجية يبحث مع عضو لجنة الخدمات العسكرية ب"الشيوخ الأمريكي" سبل دعم الشراكة الاستراتيجية    شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية: سياسة التجويع الإسرائيلية مستمرة منذ 20 عاما    محافظ كفر الشيخ يتابع أعمال رصف شارع الجيش بدسوق    حظك اليوم السبت 31 مايو 2025 وتوقعات الأبراج    مصادرة 37 مكبر صوت من التكاتك المخالفة بحملة بشوارع السنبلاوين في الدقهلية    إنتر ميلان يطارد النجمة الرابعة في نهائي دوري أبطال أوروبا 2025    تفاصيل ما حدث في أول أيام امتحانات الشهادة الإعدادية بالمنوفية    وزارة الصحة تعلن خطة التأمين الطبي لعيد الأضحى المبارك وموسم الاجازات الصيفية بجميع المحافظات    أيمن أبو عمر يوضح أعظم العبادات والطاعات في عشر ذي الحجة    "حياة كريمة" تبدأ تنفيذ المسح الميداني في المناطق المتضررة بالإسكندرية    وزير الخارجية ل"صوت الأمة": السياسة الخارجية المصرية تستند لمبدأ "الاتزان الاستراتيجي"    استخراج حجر بطارية ألعاب من مريء طفل ابتلعه أثناء اللعب.. صور    سقوط طالبة من سلم الدور الأول بكلية البنات عين شمس والجامعة تنقلها لمستشفي الطوارئ    محمد الريفي عن طليقته: ربنا يكرمها ويكرمني.. ومستحيل أتكلم عن الماضي    أفضل الأدعية المستجابة عند العواصف والرعد والأمطار    ماذا قالت وكالة الطاقة الذرية في تقريرها عن أنشطة إيران؟    مصدر كردي: وفد من الإدارة الذاتية الكردية يتجه لدمشق لبحث تطبيق اتفاق وقّعته الإدارة الذاتية مع الحكومة السورية قبل نحو 3 أشهر    "نفرح بأولادك"..إلهام شاهين توجه رسالة ل أمينة خليل بعد حفل زفافها (صور)    وزيرة التنمية المحلية تطمئن على جاهزية محافظة الإسكندرية لمواجهة الطقس السيئ    برأة راندا البحيري من تهمة سب وقذف طليقها    250 مليون نحلة طليقة في الهواء بعد انقلاب شاحنة.. ماذا حدث في واشنطن؟    قبل وقفة عرفة.. «اليوم السابع» يرصد تجهيزات مشعر عرفات "فيديو"    الزمالك وفاركو.. استعداد أمني مشدد لتأمين مباراة الجولة الأخيرة من بطولة الدوري    سحب 700 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكتروني خلال 24 ساعة    لمكافحة التلاعب بأسعار الخبز.. ضبط 4 طن دقيق مدعم بالمحافظات    رسوم ترامب والسباق الانتخابي الكوري الجنوبي: من يحسم المواجهة؟    القنوات الناقلة ل مباراة الأهلي والاتحاد مباشر في دوري سوبر السلة والموعد    الإفتاء تكشف كفارات الحج التي وضعها الشرع    «كنت سندي في مواقف كتير».. نجم الأهلي يودع معلول برسائل مؤثرة    سويلم: الأهلي تسلم الدرع في الملعب وحسم اللقب انتهى    جراديشار: شاركت في مباراة بيراميدز ولم أكن أعرف أسماء لاعبي الأهلي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هيا بنا نضحك
نشر في الوطن يوم 04 - 01 - 2015

أريد أن أبدأ معكم العام الجديد بالابتسام، فأنا من الذين يحبون الروح المصرية الساخرة، ونظراً لأن الحياة من حولنا أصبحت مصبوغة بالدم، فلماذا لا نصبغها نحن بخفة الدم؟! ولك أن تعلم يا صديقى أن خفة دم المصريين وروح الدعابة عندهم كانت هى الغلاف الواقى لنا من نكبات مرّت بنا على مدار السنوات الفائتة، تستطيع بكل سهولة أن تجد الفكاهة وروح الدعابة فى المقاهى والأحياء الشعبية، وتستطيع كذلك أن تغرق فى كم هائل من القفشات الساخرة كلما جلست مع مجموعة من الأصدقاء، وكأن الله منحنا تلك الروح لكى نقاوم بها أطنان المآسى التى اجتاحت حياتنا، ولا أخفيك سراً يا صديقى أننى افتقدت الكتابات الساخرة التى كان يتميز بها نخبة من الكتّاب المصريين، أنظر حولى فلا أجد شبيهاً لأحمد رجب، ولا وريثاً لكامل الشناوى، ولا قريباً من محمود السعدنى، ولا مبدعاً كمحمد عفيفى.
أفتقد نوادر الشيخ عبدالعزيز البشرى، ومقالب محمد البابلى، ودعابات عبدالحميد الديب، وسرعة بديهة حافظ إبراهيم، وليس من حولنا من الساخرين إلا بعض أشخاص عاشوا على الاقتباس من إبداعات الأولين، فإذا عنَّ لأحدهم أن يكتب من قريحته، جادت قريحته بسخافات ثقيلة الظل، وتظل سخريات الأولين هى الأعلى قيمة والأخف ظلاً، فهذا هو محمد عفيفى صاحب التعليقات الساخرة الذى قضى نحبه عام 1981، قبل أن يصل إلى الستين، ومعظم الساخرين الذين جاءوا بعده اقتبسوا منه قفشاته واشتهروا على حسه، ومن قفشاته المسروقة:
■ الفرق بين الحب الفاشل والحب الناجح.. أن الأول يؤلمك شهراً، فى حين أن الثانى يؤلمك مدى الحياة.
■ إذا زُرت حديقة الحيوان، فليكن ذلك فى يوم الجمعة، لكى تضمن الفرجة على نماذج أكثر..
■ يُحكى أن آنسة ركبت الأوتوبيس ولم تنزل منه كذلك.
■ أعتقد أننى نجحت فى تربية أبنائى، فأنا لم أضبط أياً منهم يقلدنى.
■ لو أننى عملت بنصيحة الشاعر، وامتنعت عن إجابة السفيه إذا نطق، فمعنى ذلك أننى سأقضى معظم حياتى ساكتاً.
■ فى حديقة الحيوان، أشعر بأمان أكبر بكثير من ذلك الذى أشعر به وأنا فى الشارع، فحيوانات الحديقة، كما تعلم محبوسة.
أما عن كامل الشناوى، فهو الكاتب والشاعر الموسوعى، وقد أوتى من كل علم سبباً، ولعلك يا صديقى لا تعرف أنه كان يُخرج السخرية من بطن الألم، هو المحب الذى أحب حتى أفناه حبه، هو الشيخ الأزهرى الذى خلع العمامة وأصبح أفندياً ومارس الصحافة فبلغ قمتها، هو الشاعر الذى لا مثيل له، هو من غنّى له عبدالحليم حافظ وعبدالوهاب وفريد الأطرش، هو الكاتب الكبير الذى عاش عزباً، فلم يتزوج أبداً، وظل يهيم على وجهه كل حين، فيقع فى غرام الفاتنات ويكتب عنهن، فيهجرنه، هو ذلك الساخر الذى كان يخاف من الليل، فيظل ساهراً حتى الصباح مع رفاقه، ثم سخر الليل منه، فمات فى رابعة النهار عند العصر والشمس تنير الدنيا! كتب مرة عن المذيعة الرقيقة سلوى حجازى: من شدة أدبها ورقتها إذ فتحت درج مكتبها.. دقت عليه قبل أن تفتحه، منتهى الأدب.
وكتب عن الموسيقار محمد عبدالوهاب إنه: لا يكذب ولا يقول الحق!
وكان «كامل» مدعواً ذات ليلة إلى حفلة زفاف، فأخذ المطرب يعزف على القانون عزفاً مزعجاً، فنادى صاحب الحفلة، وقال له: إيه الحكاية؟ انت جايبنا هنا علشان نسمع عزف على قانون العقوبات.
وقصد كامل الشناوى مرة قصر القبة، فأمر الملك فؤاد بأن يتناول «الشناوى» الطعام على المائدة الخاصة فى القصر، وكان الأكل شعبياً جداً وقليلاً، فلما فرغ سأله الملك ملاطفاً: لعلك انبسطت يا «كامل»؟، فرد عليه بسرعة، قائلاً: تمام يا جلالتك كأنى والله فى بيتنا.
وكتب مرة عن سوء حظ شاعر البؤس عبدالحميد الديب أنه من شدة سوء حظه اصطاد أبوقردان فوجده أبوقرد واحد!
وكان أحد كبار أهل أسيوط من عائلة «خشبة»، وهى عائلة عريقة ينتمى معظم أعيانها إلى حزب الوفد، وكان كامل الشناوى معارضاً لحزب الوفد، إذ إنه انتمى إلى الحزب الوطنى القديم، وفى أحد الأيام تقابل مع «خشبة» باشا برفقة بعض السياسيين، فقدّموه ل«الشناوى»، فقال لهم أنا عارفه وعارف أنه يتيم الأم والأب، فقالوا له: وكيف عرفت؟! قال: أصله مقطوع من شجرة!
وكان أحد الباشوات الكبار وكامل الشناوى فى ضيافة محمد التابعى، وروى الباشا حلماً رآه فى النوم بقوله: رأيتنى راكباً جملاً كبيراً.. ومن خلفى عدد كبير من الحمير، ثم جاءنى رجل ومعه رسالة من الملك، فسلمنى إياها، فنظر «التابعى» إلى كامل الشناوى وقال له: فسّر يا كامل الحلم للباشا، فقال «كامل»: أما الجمل.. فهو كرسى النيابة، حيث ستكون نائباً عن الشعب فى البرلمان، وأما الرسالة فهى تكليف من أولى الأمر للباشا لكى يكون وزيراً للحقانية، فقال الباشا: ومن هم الحمير يا كامل بك؟ فقال «كامل» الحمير هم أولئك الذين انتخبوك نائباً!
ولك أن تطلق العنان لخيالك، كى تعرف مدى سرعة بديهة الشيخ عبدالعزيز البشرى، أحد كبار ظرفاء مصر، فحينما كان قاضياً شرعياً جلس فى أحد الأيام مع الفريق إبراهيم فتحى وزير الحربية، فأراد الفريق أن يمزح مع الشيخ القاضى، فقال له: هل فى الحديث الشريف: «قاضٍ فى الجنة وقاضيان فى النار»؟ فأجاب الشيخ عبدالعزيز: نعم، وفى القرآن الكريم أيضاً: «فريق فى الجنة وفريق فى السعير».
ولا أظنك يا صديقى قد سمعت عن محمد البابلى الذى كان أحد أكبر ظرفاء مصر فى العصر الجميل، وقد وُلد هذا الرجل لأسرة ثرية، ولكنه عاش فقيراً ومات كذلك، وكان من زعماء الأدب الشفهى، ومن طرائفه أنه كان يلعب الطاولة مع أحد الباشوات الكبار، فلعب «البابلى» لعبة لم تعجب الباشا، فقال له متهكماً: دى لعبة تلعبها يا بابلى؟ بالذمة إيه الفرق بينك وبين الحمار؟ فقال البابلى: الترابيزة اللى بينى وبينك!
ويُروى أن أحد أصدقائه الثقلاء اللحوحين جلس معه فى المقهى، ورأى هذا الصديق ثقيل الظل عصا أنيقة يحملها «البابلى»، فقال له: عصاتك فى غاية الجمال يا محمد بك.. ماذا يضيرك أن تهديها إلىّ؟ فرد «البابلى» فى غير تريُّث: مش بتاعتى، فقال الثقيل: كيف تقول هذا وعليها حروف اسمك الأولى «م. ب»، فرد «البابلى» فى بديهية رائعة: «م. ب» يعنى مش بتاعتى.
هذه شذرات من كنوز ظرفاء مصر، نبدأ بها العام الجديد لعل أيامنا المقبلة كلها تكون مصبوغة بالسعادة والفرحة إن شاء الله سبحانه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.