رئيسة المجلس القومي للمرأة تلتقي الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر    بعد قليل.. نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد الشهيد بالقليوبية    أسعار العملات العربية في بداية تعاملات اليوم 30 مايو 2025    الإسكان: بدء إرسال رسائل نصية للمتقدمين في «سكن لكل المصريين 5»    أسعار اللحوم الحمراء اليوم الجمعة 30 مايو 2025    وزير النقل يشارك في الاجتماع الدوري لشركة الجسر العربي بالأردن    بن غفير: حان الوقت للتدخل في قطاع غزة بكل قوتنا    ماسك يكشف عن خلاف مع إدارة ترامب    أمريكا: مجهول ينتحل شخصية كبيرة موظفي البيت الأبيض    ماكرون: الاعتراف بدولة فلسطينية واجب أخلاقي ومطلب سياسي    غارات إسرائيلية تستهدف بلدة شمسطار في البقاع شرقي لبنان    الخارجية الروسية: موسكو تأمل أن تتعامل كييف بجدية مع محادثات إسطنبول    مصر ضد البلد المضيف.. قرعة كأس العالم للشباب    موعد مباراة الاتحاد والقادسية في نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين    مرتديا نظارة.. محمد صلاح ينشر صور احتفالاته بالدوري الإنجليزي    إمام عاشور يحسم الجدل: باقٍ مع الأهلي ولا أفكر في الرحيل    طقس الساعات المقبلة ودرجات الحرارة - أمطار بهذه المناطق    الصحة: البعثة الطبية للحج تنسق مع الجهات المعنية لضمان سلامة الحجاج المصريين    تعليم العاصمة: 212134 طالبا وطالبة بالشهادة الإعدادية يؤدون امتحاناتهم غداً    مديريات التعليم تحدد مهام الملاحظ داخل اللجان قبل بدء امتحانات الشهادة الإعدادية    ضبط 14 شيكارة دقيق وتحرير 22 مخالفة تموينية في البحيرة    تعرف على تفاصيل الحالة المرورية بشوارع وميادين القاهرة الكبرى    ريا أبي راشد: أجريت مقابلة تلفزيونية مع مات ديمون بعد ولادة ابنتي بيومين فقط    ذكرى رحيل "سمراء النيل" مديحة يسري.. وجه السينما المبتسم الذي لا يُنسى    في ذكرى رحيله.. "جوكر الكوميديا" حسن حسني بوصلة نجاح الشباب    ملاكي دخلت في موتوسيكل.. كواليس مصرع شخص وإصابة 3 آخرين بحادث تصادم بالحوامدية    وزير الإسكان:الأحد المقبل..بدء تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع سكن مصر بمنطقتين بالقاهرة الجديدة    وزيرا الاتصالات والتنمية المحلية يشهدان توقيع اتفاق لتوفير الأجهزة التكنولوجية لمجمعات حياة كريمة    إمام عاشور: زيزو هناني بعد التتويج بالدوري.. وإحنا جايين يا ميسي    رويترز: خطة أمريكا لوقف إطلال النار تتضمن الإفراج عن 125 سجينا فلسطينيا    زلزال بقوة 4.8 ريختر درجة يضرب إقليم ألباي في الفلبين    أسعار طبق البيض اليوم الجمعة 30-5-2025 في قنا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 30-5-2025 في محافظة قنا    انخفاض أسعار الذهب الفورية اليوم الجمعة    مصرع وإصابة 4 أشخاص في حادث تصادم بطريق مصر السويس الصحراوي    «عانت بشدة لمدة سنة».. سبب وفاة الفنانة سارة الغامدي    الإفتاء: الأضحية المعيبة لا تُجزئُ عن المضحي    اليوم.. الأوقاف تفتتح 20 مسجداً جديداً بالمحافظات    «مكتب شكاوى المرأة».. مأساة «سمر» تتحول لقصة فيلم مُلهم لضحايا العنف    «تعامل بتشدد».. تعليق ناري من طاهر أبو زيد على انسحاب الأهلي من القمة    «الجينوم الرياضي».. أولى الخطوات العلمية والعملية نحو مربع الدول العظمى    فوائد الزنجبيل، لتقوية المناعة وصحة الدماغ وجمال البشرة    «مالوش طلبات مالية».. إبراهيم عبد الجواد يكشف اقتراب الزمالك من ضم صفقة سوبر    مدحت العدل يصدر بيانا شديد اللهجة بشأن شكوى جمعية المؤلفين.. ما علاقة حسين الجسمي؟    البرلمان يوافق نهائيًا على تعديلات قوانين الانتخابات    مفاجأة، ريا أبي راشد تعلن خوض تجربة التمثيل لأول مرة (فيديو)    مجموعة الموت.. المغرب تصطدم ب«إسبانيا والبرازيل» في كأس العالم الشباب 2025    هل يجوز الجمع بين نية صيام العشر من ذي الحجة وأيام قضاء رمضان؟    "الإفتاء توضح" بعد الجدل الدائر.. حكم صلاة الجمعة إذا وافقت يوم عيد؟    موعد أذان الفجر اليوم الجمعة ثالث أيام ذي الحجة 1446 هجريًا    حزب "الجبهة الوطنية" يطلق مؤتمرًا موسعًا لريادة الأعمال في بورسعيد    الإمساك.. الأسباب الشائعة وطرق العلاج بوصفات طبيعية    تجاهل تنظيف منطقة في الأذن قد يعرض حياتك للخطر.. تحذير خاص لأصحاب «النظّارات»    متحدث الأوقاف: صكوك الأضاحى بدأ فى 2015 ووصلنا إلى 10 ملايين أسرة    وكيل أوقاف الفيوم يشهد فعاليات كتاب مسجد على مفتاح.. صور    وزير الأشغال العامة الفلسطينى: نشكر مصر على دعمها للقضية الفلسطينية    «الإسعاف»| 123 سنة إنقاذ.. 3200 سيارة حديثة و186 مقعدا لاستقبال البلاغات يوميًا    بالصور- وقفة احتجاجية لمحامين البحيرة اعتراضًا على زيادة الرسوم القضائية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يا دين النبى!
نشر في الوطن يوم 18 - 11 - 2014

اسمع معى يا صديقى، المسألة جد لا هزل فيها، وكفانا سكوتاً وصبراً على ذلك الدين المزيف، الذى يقدمونه للعالم على أنه الإسلام وما هو هو، هو فقط الدين الرابع الذى يقدمونه للأمة منذ قرون ويقومون بدراسته وتدريسه وصناعة حواريين له وأصنام بشرية بديلة للات والعُزَّى وهُبل ومناة، تقربهم إلى الله زلفى! إذا كان فى إمكانك يا صديقى أن تصمت، فأنا لا طاقة لى بذلك، لذلك سأظل أكتب مدافعاً عن دين النبى، ليعرف الناس أنه أبعد ما يكون عن دين التراث، وليكن ما يكون.
يقول التراثيون يا صديقى منذ قرون طويلة ومن خلال المنابر والدروس والمجلدات وكتب السيرة وكتب الحديث إن أبا الرسول، صلى الله عليه وسلم، فى النار! وإن أمه التى حملته ورأت قبل أن تلده أن نوراً خرج منها أضاء العالم، ثم ماتت أمامه فى رحلة عودتها من زيارة لأهلها فى يثرب وهو بعد طفل صغير، فرآها تلفظ أنفاسها الأخيرة، فبكى عليها وانفطر قلبه حزناً على فقده أحن قلب عليه فى الوجود، وبفقدها وفقد والده الذى لم يره أبداً أصبح يتيماً ضعيفاً فقيراً يعيش فى كنف جده، ثم عمه من بعد ذلك، هذا الأب الذى كان أرق وأجمل وأطيب أبناء عبدالمطلب ألقاه التراثيون فى النار! لماذا؟ لأنه لم يكن مسلماً!! ولكن الإسلام لم يكن قد جاء بعد، وأهل الجزيرة العربية كلها لم يكن الله قد أرسل لهم رسولاً مصداقاً لقوله: «لتنذر قوماً ما أنذر آباؤهم»، فيقول التراثيون: ولو، سندخله النار وبئس المصير، فإذا قلت لهم: إذن، هل من الممكن أن نستثنى أم الرسول، صلى الله عليه وسلم، السيدة آمنة بنت وهب، سيقولون لك هى أيضاً فى النار، وسيقولون لك ذلك وعلامات السعادة الشديدة تبدو عليهم لأنهم استطاعوا بسهولة إدخال والدى المصطفى، صلى الله عليه وسلم، إلى النار! وعذراً يا رب العزة سننحى جانباً ما قلته فى القرآن من أنه «وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا»، لأن أتباع دين التراث قد راودتهم أنفسهم على إدخال والدى الرسول اللذين لم تصل لهما رسالة إلى النار، ومن أجل ذلك سنتغاضى قليلاً يا الله عن قولك «لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ»، لن نفهم يا رب أن والدى الرسول، صلى الله عليه وسلم، هما من ضمن «مَّا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ»، إذ المهم أن ندخلهما النار حتى يرضى أتباع «صحيح مسلم» الذى زعم أن رجلاً قال: يا رسول الله أين أبى؟ قال فى النار، قال فلما قَفَّا دعاه فقال إن أبى وأباك فى النار»، ومن أجل التوفيق بين هذا الذى زعموا أنه حديث وبين آيات القرآن التى تنفى العذاب حتى يبعث الله رسولاً لا مانع أن يقول الحافظ بن كثير «إنه يمكن الجمع بين هذه الأدلة وبين الحديث، بأن يكون الله تعالى أعلم نبيه، صلى الله عليه وسلم، أنهما لا يؤمنان إذا امتحنا يوم القيامة وبهذا يستوجبان النار»، فالحافظ بن كثير هنا يستنتج أمراً ظنياً، ليؤكد به ما يخالف القرآن! ويزعم أن الله سيجرى «امتحانات ملحق» فى الآخرة لمن لم تصل لهم الرسالة!! وهذا من أعجب ما قاله أحد، وهو يفتقر لأدنى درجات المنطق والفهم الصحيح!.
ولنا الآن يا صديقى أن ننسى من أجل عيون أهل التراث أن العقل مناط التكليف، وأنه لا يكلف الله نفساً إلا ما أتاها فى استعدادها الأزلى، فهو خالقها، وهو الذى يعلم بواطنها وخوافيها، فلا تكليف على من عجز عقله عن الوصول إليه، فإذا كان ذلك كذلك، فليعلم أتباع دين التراث أن من قال إن عبدالله بن عبدالمطلب والد الرسول فى النار، فقد أخطأ وضل وذل، فوالد الرسول من أهل الفترة، إذ قال الله سبحانه فى سورة المائدة «قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ»، والرسول ليس هو صاحب الرسالة فقط، ولكن الرسول أيضاً هو الدليل، فكل نبى أرسله الله كان يأتى قومه بآية أو علامة، فيعرفون أنه مرسل من قبل الله.
وكون أن أبا الرسول ليس فى النار هو من تمام عدل الله، فالله سبحانه، قال: «وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا»، فهو بعدله الذى منع التعذيب قبل إرسال الرسل، ولكن لكى يتقن التراثيون «حبك» إدخال من يريدون إلى النار، لذلك زعموا أن الله سيمتحن أهل الفترة، وسيكون هذا الامتحان الملحق يوم القيامة! فيسندون للرسول، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «يؤتى بأربعة يوم القيامة بالمولود وبالمعتوه وبمن مات فى الفترة وبالشيخ الفانى كلهم يتكلم بحجته، فيأخذ الله مواثيقهم ليطعنه، فيرسل إليهم رسولاً أن ادخلوا النار، قال: فمن دخلها كانت عليه برداً وسلاماً، ومن لم يدخلها يسحب إليها».
روى التراثيون هذا الحديث اللامنطقى ليضيقوا رحمة الله الواسعة، فقد شق عليهم أن يفلت منهم أحدٌ فيدخل الجنة، فنسبوا إلى الرسول، صلى الله عليه وسلم، أن المجنون الذى ليس له عقل، والطفل الذى مات ولو كان ابن ساعة أو أقل، والرجل الذى ولد أصم فلم يسمع عن دين، وغيرهم ممن يقال عنهم «أهل الفترة» سيأتى الله بهم يوم القيامة، ويبدو أن الله سيحكم عليهم بدخول النار! فيجادلون الله: كيف ندخل النار ونحن كذا أو كذا، أى لم نعلم شيئاً عن الدين من الأصل! فيرسل الله لهم رسولاً يقول لهم أنا رسول الله لكم وأقول لكم ادخلوا النار، فمن دخلها كان آمناً ثم يخرج منها معززاً مكرماً ليدخل إلى الجنة، ومن رفض فسيسحب إلى النار لتكون مثواه!.
هذا الذى زعموه حينما نسبوه إلى الرسول، صلى الله عليه وسلم، تغاضوا فيه أن الدنيا وحدها هى دار اختبار وابتلاء مصداقاً لقوله تعالى: «تَبَارَكَ الَّذِى بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، الَّذِى خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ» الله يقول لنا إنه خلق الموت والحياة فى الحياة الدنيا للاختبار، ثم اسمعوا قوله «إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا»، هل نسوا أن الدنيا هى دار العمل، أما الآخرة فهى دار حساب وجزاء ومسئولية وليست دار امتحان مصداقاً لقوله «فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ»، والإنسان سيسأل عن عمله، سواء كان مؤمناً أو جاهلاً غافلاً، فالله قال: «فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ»، وقال: «مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ» وهذا من تمام عدل الله.
ثم يا سادة يا أهل التراث يا من تقسمون جميعكم بصحة حديث الامتحان هذا، أو بصحة حديث والدى الرسول فى النار، ألم تعرفوا شيئاً عن منهج الله فى تكليف الناس؟! الله عدل، وطلب منا أن نعبده بالعدل، وإذا كان الامتحان التكميلى الملحق هذا صحيحاً فكان من الواجب أن يكون الامتحان متفقاً مع النوازع التى خلقها الله فى النفس البشرية، والفطرة التى فطره عليها، وأن يكون هذا التكليف من التكاليف المستطاعة لا المستحيلة، إذ «لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا»، ثم يجب أن يكون تكليف دخول هؤلاء فى الآخرة النار للامتحان مساوياً لتكليف الله للناس فى الحياة الدنيا، فقد يقول الواحد منهم يا رب هذا ليس عدلاً، أعدنى إلى الحياة الدنيا وهب لى عقلاً أفهم به وأرسل لى رسولاً، ثم حاسبنى كما حاسبت من وهبت لهم عقلاً، أو يقول آخر يا رب هات كل البشر الآن وأرسل لهم رسولاً يطلب منهم دخول النار! ولكن ماذا قال الله فى الرد على التراثيين من أصحاب الامتحان التكميلى؟ قال لهم «يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ»، أى أن الناس، كل الناس، المسلم وغير المسلم، سيخرج من قبره يوم القيامة ليرى عمله، ليرى عمله يا أهل التراث، والله العادل الرحمن الرحيم قال إن الذى يعمل مثقال ذرة خيراً من كل الناس سيأخذ خيراً، وإن الذى يعمل مثقال ذرة شراً من كل الناس سيأخذ شراً، أى أنه لا يوجد امتحان ولا ملحق ولا غيره، ولله الأمر من قبل ومن بعد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.