انقطاع المياه بمدينة طما في سوهاج للقيام بأعمال الصيانة | اليوم    المقاومة الإسلامية في العراق تستهدف مناطق حيوية في تل أبيب وبئر السبع بإسرائيل | فيديو    جناح ضيف الشرف يناقش إسهام الأصوات النسائية المصرية في الرواية العربية بمعرض أبو ظبي    محمد مختار يكتب عن البرادعي .. حامل الحقيبة الذي خدعنا وخدعهم وخدع نفسه !    عيار 21 بعد الانخفاض.. سعر الذهب بالمصنعية اليوم الجمعة في الصاغة    أسعار اللحوم اليوم 3-5-2024 للمستهلكين في المنافذ ومحلات الجزارة    "عيدنا عيدكم".. مبادرة شبابية لتوزيع اللحوم مجاناً على الأقباط بأسيوط    إسرائيل: تغييرات في قيادات الجيش.. ورئيس جديد للاستخبارات العسكرية    طائرات الاحتلال تستهدف محيط مسجد "أبو شمالة" في تل السلطان غرب رفح الفلسطينية    ملف يلا كورة.. قرعة كأس مصر.. موعد مباراتي المنتخب.. فوز الزمالك.. وطلب الأهلي    جمال علام: أناشد جماهير الأندية بدعم منتخب مصر.. والاتحاد نجح في حل 70% من المشكلات    خالد الغندور: محمد صلاح «مش فوق النقد» ويؤدي مع ليفربول أفضل من منتخب مصر    إبراهيم سعيد: مصطفى شوبير لا بد أن يكون أساسي فى تشكيل الأهلي علي حساب الشناوي وإذا حدث عكس ذلك سيكون " ظلم "    أحمد الكأس: سعيد بالتتويج ببطولة شمال إفريقيا.. وأتمنى احتراف لاعبي منتخب 2008    «تغير مفاجئ في الحرارة».. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم في مصر والظواهر الجوية المتوقعة    خبيرة أسرية: ارتداء المرأة للملابس الفضفاضة لا يحميها من التحرش    «دفاع الشيوخ»: اتحاد القبائل العربية توحيد للصف خلف الرئيس السيسي    «زي النهارده».. اليوم العالمي لحرية الصحافة 3 مايو 1991    جامعة فرنسية تغلق فرعها الرئيسي في باريس تضامناً مع فلسطين    ليفركوزن يتفوق على روما ويضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي    طبيب الزمالك: شلبي والزناري لن يلحقا بذهاب نهائي الكونفدرالية    اليوم.. الأوقاف تفتتح 19 مسجداً بالمحافظات    قفزة كبيرة في الاستثمارات الكويتية بمصر.. 15 مليار دولار تعكس قوة العلاقات الثنائية    موعد جنازة «عروس كفر الشيخ» ضحية انقلاب سيارة زفافها في البحيرة    تحذير شديد اللهجة حول علامات اختراق الواتساب    ميزة جديدة تقدمها شركة سامسونج لسلسلة Galaxy S24 فما هي ؟    مجلس الوزراء: الأيام القادمة ستشهد مزيد من الانخفاض في الأسعار    سفير الكويت: مصر شهدت قفزة كبيرة في الإصلاحات والقوانين الاقتصادية والبنية التحتية    رسائل تهنئة شم النسيم 2024    الحمار «جاك» يفوز بمسابقة الحمير بإحدى قرى الفيوم    أول ظهور ل مصطفى شعبان بعد أنباء زواجه من هدى الناظر    ماما دهب ل ياسمين الخطيب: قولي لي ماما.. انتِ محتاجة تقوليها أكتر ما أنا محتاجة أسمعها    شايفنى طيار ..محمد أحمد ماهر: أبويا كان شبه هيقاطعنى عشان الفن    حسام موافي يكشف سبب الهجوم عليه: أنا حزين    بسعر 829 جنيها، فاكسيرا توفر تطعيم مرض الجديري المائي    بعد تصدره التريند.. حسام موافي يعلن اسم الشخص الذي يقبل يده دائما    سفير الكويت بالقاهرة: رؤانا متطابقة مع مصر تجاه الأزمات والأحداث الإقليمية والدولية    فلسطين.. قوات الاحتلال تطلق قنابل الإنارة جنوب مدينة غزة    مباراة مثيرة|رد فعل خالد الغندور بعد خسارة الأهلى كأس مصر لكرة السلة    أمين «حماة الوطن»: تدشين اتحاد القبائل يعكس حجم الدعم الشعبي للرئيس السيسي    تعرف على طقس «غسل الأرجل» بالهند    البطريرك يوسف العبسي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يحتفل برتبة غسل الأرجل    خطوات الاستعلام عن معاشات شهر مايو بالزيادة الجديدة    برج السرطان.. حظك اليوم الجمعة 3 مايو 2024: نظام صحي جديد    د.حماد عبدالله يكتب: حلمنا... قانون عادل للاستشارات الهندسية    جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات    بسبب ماس كهربائي.. إخماد حريق في سيارة ميكروباص ب بني سويف (صور)    بطريقة سهلة.. طريقة تحضير شوربة الشوفان    «يا خفي اللطف ادركني بلطفك الخفي».. دعاء يوم الجمعة لفك الكرب وتيسير الأمور    مدير مشروعات ب"ابدأ": الإصدار الأول لصندوق الاستثمار الصناعى 2.5 مليار جنيه    محافظ الجيزة يزور الكنيسة الكاثوليكية لتقديم التهنئة بمناسبة عيد القيامة    تركيا تفرض حظرًا تجاريًا على إسرائيل وتعلن وقف حركة الصادرات والواردات    القصة الكاملة لتغريم مرتضى منصور 400 ألف جنيه لصالح محامي الأهلي    صحة الإسماعيلية تختتم دورة تدريبية ل 75 صيدليا بالمستشفيات (صور)    أستاذ بالأزهر يعلق على صورة الدكتور حسام موافي: تصرف غريب وهذه هي الحقيقة    بالفيديو.. خالد الجندي يهنئ عمال مصر: "العمل شرط لدخول الجنة"    محافظ جنوب سيناء ووزير الأوقاف يبحثان خطة إحلال وتجديد مسجد المنشية بطور سيناء    أمين الفتوى ب«الإفتاء»: من أسس الحياء بين الزوجين الحفاظ على أسرار البيت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفهم الخاطئ ل«خواتيم الأعمال»

يطيب للكثير من الدعاة أن يُعلقوا مصير العباد من جنة أو نار على ما أسموه ختام الأعمال، فهم دوما يُحذِّرون الناس من أن يُختم لهم بسوء، ويؤكدون أن من يُختم له فيعمل سوءًا فقد حبط عمله ويدخل النار، وتراهم يضربون لذلك الأمثلة والحكايات، فهم يبثون فى آذان الناس فقها باليا متصلبا عن شابين كان أحدهما يعبد الله، والآخر يعصى الله، وفى يوم قال العابد فى نفسه إن أخى يستمتع وأنا مُنْكَبٌّ على العبادة فهمَّ لينزل ليمرح مثل لهو أخيه، وفى ذات الوقت، قال الآخر (العاصي) إن أخى يعبد الله وأنا مُنْكَبٌّ فى المعاصى فلأذهب لأعبد الله مثله، فكان أن تُوفى الاثنان فى وقت واحد، فدخل العاصى الجنة بنيته التوبة، ودخل الطائع النار بنيته المعصية.

تلك الأقوال تحاول بلا فهم ولا قصد تُحطيم حقيقة عدل الله ورحمانيته، فهم بمثل تلك الدعوات يُقدِّمُون الله على أنه لا هو رحمن ولا رحيم ولا عدل، ويكون قوله تعالى: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ }الزلزلة 78؛ فى مهب ريح المفاهيم البالية عن مغلوط من لم يفهموا السُّنة النبوية.

وما قول دعاة الغلظة فى الميزان الذى يقول تعالى عنه: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ}الأنبياء47؛ فهل توضع الحسنات والسيئات ويتم الوزن الحق، أم ينتظر الله للناس سقطة لإسقاط حسناتهم وتعذيبهم على تلك السقطة؟!، ويمحو بها كل عمل صالح قام به العبد فى حياته، فهل هذا نهج من هو رحمن رحيم ودود غفور، فمال هؤلاء القوم يعتدون على حقائق أسماء الله وصفاته؟

ومثل تلك الأقوال عن النظرية الفاسدة لختام الأعمال، تُخالف قوله تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً}النساء40؛ فهل من يضاعف أجر الحسنات (أى حسنة) يتأبط بالناس شرا، وينتظر سقطة واحدة ليعذبهم بها؟!.

وهؤلاء الدعاة أسرى لما رواه البخارى بلا مفهوم منهم لمعنى الحديث، حيث ورد فيما ورد به بباب (الأعمال بالخواتيم وما يخاف منها) بالحديث رقم [6128] عن سهل بن سعد الساعدى قال: [نظر النبى صلى الله عليه وسلم إلى رجل يقاتل المشركين وكان من أعظم المسلمين غناء عنهم فقال من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إلى هذا فتبعه رجل فلم يزل على ذلك حتى جرح فاستعجل الموت فقال بذبابة سيفه فوضعه بين ثدييه فتحامل عليه حتى خرج من بين كتفيه فقال النبى صلى الله عليه وسلم إن العبد ليعمل فيما يرى الناس عمل أهل الجنة وإنه لمن أهل النار ويعمل فيما يرى الناس عمل أهل النار وهو من أهل الجنة وإنما الأعمال بخواتيمها]. ولعلى أجد أن تسمية الباب هى التى فتنت الدعاة أن يقولوا ما يقولون.

إن النبى يتكلم عن رجل منافق يعمل بعمل أهل الجنة (فيما يرى الناس) فتلك الكلمة (فيما يرى الناس)، هى محور الأمر فى ختام حياة منافق كان يُظهر الإسلام ويُبطن الكفر طوال حياته، فحين يكون ختام حياته أن يقتل نفسه فذلك ليس بالشيء المستغرب، لكن العيب كل العيب أن نعزو ذلك لما أسموه ختام الأعمال.

أرأيت ما تُقدمه المفاهيم المزيفة البعيدة عن السُّنة بينما هى تتصور أنها على السُّنة، أينتهى كفاح المسلمين وجهادهم فى طرفة عين لأن دعاتنا لا تُفَرِّق بين من هو مسلم ومن هو منافق؟، ألا يجعل ذلك المنهج الحياة ضربة حظ والجنة ضربة حظ والنار سوء بخت، وأين قول الله: [وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِى كَانُوا يَعْمَلُونَ{7}] العنكبوت.

إن مسألة أن يحبط العمل لمجرد أن يكون ختام حياة الإنسان بمعصية حددها القرآن لأناس بعينهم، وهم الذين ارتدوا عن الإسلام، وماتوا وهم مرتدين، وفى ذلك يقول تعالى: {... وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}البقرة217.

إن فقدان الدُّعاة لمفهوم السُّنة النبوية أساء إليها، وألقى على السُّنة ثوب العداء من بعض الناس، ألم يكفنا المدسوسات على السُّنة النبوية حتى يظهر هؤلاء الدعاة بفقههم الكئود الذى يُفقد الناس الأمل فى رحمة الله، ولو كان أحدهم كلف خاطره فقرأ مسند أبى يعلي، وقرأ فهرس بن حبان عن ذات الأمر، لقرأ قول النبى فى الحديث رقم [ 7362 ] أبى يعلي، وبرقم [339] بن حبان: [حدثنا أبو همام حدثنا الوليد بن مسلم عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال سمعت أبا عبد رب يقول سمعت معاوية قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بخواتيمها كالوعاء إذا طاب أعلاه طاب أسفله وإذا خبث أعلاه خبث أسفلهٍ].

فالحديث الأخير يُمثل حقيقة أمر الحديث الأول، لأن النبى يستحث الناس فى الحديث الثانى أن تكون أعمالهم كلها فى رضوان الله، ويحذرهم من كثرة اقتراف المعاصى فلربما لا يستطيع محترف المعاصى التوبة فيموت فيُختم له وفقا لسوء عمله الذى كان يلازمه طوال حياته، وهذا يتناغم مع قوله تعالى: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ }المطففين14.

لكن أن نرى ونسمع دُعاة كل همهم إخافة الناس من غدر الله بهم، حيث يروون عن الصحابى الجليل أبا بكر الصديق حديثا مزيفا عليه من أنه كان يقول: [لا آمن مكر الله ولو إحدى قدماى فى الجنة]، فذلكم هو عين سوء الظن بالله، ويستحيل أن ينطق أبا بكر بهذا الهُراء، وترى التدين الشعبى وقد اتخذ من تلك المقولة الحمقاء زيفا يطعن به فى الله ورحمانيته وعدله، لكن دون دراية اللهم إلا نشر ثقافة إبليس باسم ما يتصورونه دينا.

كيف لا يُدرك هؤلاء الدُّعاة بأن الله حذَّر من سوء ظن الناس بعضهم ببعض فقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ}الحجرات12؛ أيحذرنا الله من إثم سوء الظن بالعباد ونمارس نحن سوء الظن به سبحانه وتعالى!؟، متى يعرف أمثال هؤلاء الدعاة وأتباعهم الحلال من الحرام؟

هل أصبح الدين تجارة الأفاعي، فما من داعية إلا من رحم الله إلا وينظر للناس من خلال ثقب الفقه القديم، فاعتدوا بذلك الفقه وذلك النقل بلا عقل على حقائق أسماء الله وصفاته، وأفسدوا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، وضل سعيهم فى فهم دين الله بآليات وإدراك عقول العصر الحديث التى هى تسبق بكثير عقول رجال عصر التدوين.

ولقد انتشر مفهوم ختام الأعمال فى أذهان الناس كالنار فى الهشيم، فتراهم وقد حملتهم تلك الوبائيات الفقهية على تلقين الناس الذين أشرفوا على الموت شهادة ألا إله إلا الله، ولست أدرى ما يفيد فاسق أن يتم تلقينه ليردد الشهادتين، اللهم إلا إن كان تصور ساذج يداعب مخيلة أولئك الناس عن خواتيم الأعمال واعتقادهم أنها تجبر الفسق، أو تدمر الحسنات، وتراهم يحبذون من مات وهو ساجد عن من مات بمكتبه أو حانوته، وما ذلك إلا لفقدان العمل لقيمته فى ديار أهل الإسلام حتى تخلفت بهم ديارهم ودولهم، وهكذا.

وقد يكون من أسباب اعتناق الناس هذا الفكر ما أورده مسلم فى صحيحه باب تلقين الموتى لا إله إلا الله بالحديث رقم [ 916 ] حيث أورد: حدثنا يحيى بن عمارة قال سمعت أبا سعيد الخدرى يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقنوا موتاكم لا إله إلا الله. ولم يفهم الدعاة مقصد النبى من الحديث فراحوا يتأولونه على أنه من ضرورة حُسن ختام الأعمال بالمعنى الذى درجوا عليه.

والحديث السابق لم يورده البخارى فى صحيحه، وليس معنى أن يأمر رسول الله الناس أن يُلقنوا موتاهم لا إله إلا الله أن يكون لذلك أدنى علاقة بخواتيم الأعمال بالمعنى الذى يتبناه دعاتنا، إذ الغرض من ذلك التلقين هو التذكير بالله، لأن الشياطين قد تحضر للمحتضر ساعة خروج نَفْسه منه، فيحاولون محاولة الفرصة الأخيرة ليلفتوا المسلم وهو فى كرب الاحتضار أن يخرجوه من الملَّّة والعياذ بالله فيكون دور الملقن هو تثبيت الميت فى مواجهة الشياطين، وليس لغرض آخر، وليس للأمر علاقة بتحسين صورة الميت أمام الله، ولا علاقة له بحسن الختام أبدا.

وعن حضور الشياطين لبعض الناس حال الاحضار يقول تعالى فى سورة المؤمنون: [وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ{97} وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ{98}].

وحساب الناس له أسس أوردها الله فى كتابه، وهى أن الحسنات يذهبن السيئات، وليس كما يزعم دعاة الغفلة بأن السيئة الأخيرة تمحو كل الحسنات، حيث قال سبحانه: {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} هود114؛ فمنطق أصحاب نظرية ختام الأعمال يكذِّب ما انتهت إليه تلك الآية المحكمة.

يعنى ذلك أنه إما جنة أبدا أو نار أبدا، فستوزن أعمالك فإن ثقلت موازينك فأنت فى عيشة راضية حتما وإلى الأبد، وإن خفت موازينك فستسقط فى النار حتما وإلى الأبد ولا خروج من الجنة ولا من النار، ولا وزن لختام الأعمال إلا لمن يسلم قبل الموت وتكون له فرصة من حياة ليعمل ولو عملا صالحا مرة واحدة فذلكم هو الذى يفيده ختام عمله، أو ذلك الذى يكفر بالله فى آخر أيامه ويظل على كفره إلى أن يموت فذلك هو الذى ختم له بسوء، لكن الأمر لا يخص بحال الحسنات والسيئات للمؤمنين.

ونبينا صلى الله عليه وسلم يستحثنا على كثرة الاستغفار، وعلى التوبة، وعلى التعوذ من الشيطان الرجيم، وما ذلك إلا لأننا من الخطائين، لكن الأمل فى رحمة الله أن يضاعف رصيد حسناتنا، وأن يحتسب أجرنا على مستوى أحسن حسنة فى حياتنا ولن يحاسبنا على آخر غلطة فى عمرنا كما يزعمون فبذلك يثقل ميزاننا يوم نلقاه، ومن لم يدركه ذلك تدركه رحمة الله بالعفو والمغفرة لمن تاب واستغفر، ومن لم يدركه ذلك كله، يدركه انتماؤه لدين سماوى ارتضاه الله لنا جميعا وإن قصرت أعمالنا عن تكاليفه، لأنه سبحانه هو الرحمن الرحيم الودود التواب، وأسأله سبحانه وتعالى أن يجمعنا على طاعته وأن يتجاوز عن زلاتنا...آمين.

ولابد أن يفهم المسلم بأنه ليحصل على حكم شرعى لا يكفيه حديث شارد فى كتب الصحاح، فكل ما بكتب الصحاح ظنى الثبوت وظنى الدلالة، فهل نقيم عقائدنا وتوجهاتنا فى ديننا على أسس ظنية؟، إنه كى تحصل على حكم شرعى صحيح فلابد أن تضع كل ما جاء بكتاب الله عن ذات الأمر لتستخرج الحكم الشرعى الذى يجب أن تنتمى إليه، ولا يغرنك عمامة ولا مشيخة فأنت معلق من رقبتك أنت ولن تتعلق برقبة العالم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.