يرسخ في أذهان الكثيرين من المسلمين بأن رمضان من الطبيعي أن يكون خاليا من المعاصي لأن الرسول صلي الله عليه وسلم بشرنا بأنه عندما يأتي رمضان تصفد الشياطين، لكن نشاهد في الواقع العملي معاصي يرتكبها الناس في رمضان يقولون إنها من الشيطان، ويتردد دائما سؤال : ما سبب هذه المعاصي ؟ ومن أين تأتي ؟ بداية يقول د. محمد زكي عثمان أستاذ الدعوة والثقافة الإسلامية بكلية الدعوة الإسلامية: رمضان هو شهر المغفرة والعتق من النار، فيه تتهذب النفوس ويكف الناس أنفسهم عن الأذي ولكن ترتكب فيه معاصٍ تخل بالنفس وبالآداب وبشخصية الصائم كالغيبة والنميمة والجهر بالإفطار وخروج الفتيات سافرات كاسيات عاريات، وهناك سؤال واحد يتردد في أذهان المسلمين عن مصدر الحس علي ارتكاب المعاصي إذا ما كانت الشياطين مغلولة كما نعرف من حديث الرسول صلي الله عليه وسلم "إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وأغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين " وتفسير هذا أن الشياطين التي تحبس وتسلسل هي مردة الشياطين أي الكبار منهما أو بالتعبير الدارج "الأسطوات"أو" المعلمين " أما صغارهم " الصبيان منهم" فهم من يقومون بالحث علي إرتكاب الفواحش وفعل المنكرات فيحملون راية نيابة عن سادتهم. ويضيف أنه علي المسلم أن يقي نفسه باجتناب المعاصي وأن يتخذ من رمضان سياجاً منيعاً طالباً العون من الله عز وجل وأن يصوم صوماً صحيحاً كما قال النبي صلي الله عليه وسلم " إن الشيطان يجري من ابن آدم مجري الدم فضيقوا مجاريه بالجوع والعطش"فإذا أردت أن تهزم عدوك الخفي فتسلح له بذكر الله. وتقول د. ليلي زكي قطب أستاذ ورئيس قسم العقيدة بكلية الدراسات الإسلامية إنه ورد ذكر نوع من الشياطين هو أكثر فسادا في الأرض من مردة الشياطين التي تصفد في رمضان وقد ورد ذكرها في سورة الناس "قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس " ففي شهر رومضان تغل شياطين الجن، أما شياطين الإنس فهم مطلقو السراح وكأنهم قد تطوعوا للقيام بأعمال الشياطين المصفدة وهم مردة الشياطين أما الشياطين الملازمين للإنسان منذ لحظة الميلاد فهم يمارسون مهامهم في رمضان وغيره، فالشيطان يجري من ابن آدم مجري الدم كما في حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم، وعلي ذلك يمكننا القول إن معاصي رمضان هي نتاج تعاون مشترك بين شياطين الجن والإنس لا يمكن لأحدهما ان يتنصل من الذنب. ويري د. محمد إبراهيم أستاذ علوم وتفسير القرآن ان هناك اتجاهين في تفسير "صفدت الشياطين" اتجاه يري أن الله يقيد مردة الشياطين وبالتالي فهناك شياطين أصغر توكل لهم أعمال إغواء البشر أما الاتجاه الثاني فيقول إن الشياطين موجودة معنا وتقيدها أعمال المؤمن الصالحة وتقواه فهو بصيامه يكون قد أتم الفريضة الرابعة بعد الشهادة وإقامة الصلاة وزاد الإيمان بإيتاء الزكاة ثم يأتي الصيام علامة علي قوة الإيمان وهو للمسلم كالسد المنيع أو المانع النفسي لارتكاب المعاصي ومن ثم يقيد الشيطان عن ممارسة مهامه تلقائيا والدليل علي ذلك قول الرسول صلي الله عليه وسلم لدفع كل مايمكن أن يفسد علي المسلم صيامه " اللهم إني صائم" وهنا يستحضر المؤمن قوة إيمانه لتمنعه من ارتكاب الخطأ فيغل عمل الشيطان فالتقوي هي ثمرة الصيام وحصن المسلم ذكر الله فيقول تعالي" إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون"