من بين الهواتف الذكية، والحاسب الآلي، وأجهزة التليفزيون، وغيرها من الأجهزة الإلكترونية، يقضي الجميع يومه في التنقل بينها، للعمل والدراسة، والاستمتاع والترفيه، ما جعلها متغلغلة وجزءً لا يتجزأ عن الحياة، وما إن تنتهي صلاحيتها ويحسم القرار بالاستغناء عنها، تتحول لكونها "مخلفات إلكترونية"، لتنضم بذلك إلى قائمة المخلفات التي تعاني منها البلدان، بخاصة العربية. "المخلفات الإلكترونية" هي معدات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي انتهى عمرها، لكنها من الممكن أن تكون ما زالت في حالة تمكنها من العمل، وتمثل في الوقت الحاضر مشكلة تؤرق العالم بسبب المخاطر البيئية والصحية التي تحدثها نتيجة لتراكمها وتقادمها وصعوبة التخلص منها، أو إعادة تدوير بعض موادها، لذلك تعتبر تحديًا جسيمًا أمام الدول المتقدمة، وإن كانت الدول النامية أشد ضررًا وبالأخص في حالة تصدير الأجهزة الإلكترونية الأقل جودة للتجارة، وهو ما يؤثر بدوره على الاستنزاف المستمر لاقتصادياتها وتدمير البيئة بجبال نفاياتها، أو بسبب عجز تلك الدول عن تجميعها واستحالة قدرتها على تدويرها. وحالها كحال باقي المخلفات، تحتوي الإلكترونية على معادن ثقيلة سامة بدرجة عالية، من بينها الكادميوم والزئبق والثاليوم، فيما تشمل أخرى على كميات كبيرة من الرصاص والقصدير والنحاس والسليكون والبريليوم والكربون والحديد والألومنيوم، لذلك تعتبر فرصة التخلص من هذه المواد بثمن بخس الحافز الاقتصادي وراء تصدير المخلفات الإلكترونية إلى دول مثل الصين والهند وبعض الدول الإفريقية التي لا تطبق مراقبة بيئية أو تطبقها بقلة. شكلت تلك الصادرات ظاهرة عالمية تعرف ب"قرية المخلفات الإلكترونية" بين دول العالم الثالث، التي أخذت المخلفات السامة من دول العالم الأول إلى أراضيها الزراعية، كما أن البلدان المتقدمة تواجه العديد من المخاطر الكبيرة، بخاصة للعمال في إعادة تدوير النفايات الإلكترونية، لذلك جاءت الدعوة لتوقيع اتفاقية "بازل" في عام 1992، بشأن التحكم في نقل النفايات الخطرة والتخلص منها عبر الحدود، إلا أن كثيرًا من البلدان النامية لم تتمكن من تنفيذها. لم تسلم مصر من تلك المشكلة التي تواجه الكثير من البلدان، لذلك يقوم جهاز البيئة بالمشاركة مع حملة وزارة الاتصالات بالتعاون مع القرية الذكية، بحملة لجمع المخلفات الإلكترونية والتخلص الآمن منها بالتنسيق مع إحدى الشركات الصناعية المالكة للمصنع الوحيد لتدوير تلك النفايات.