من روائع الشعب المصري هو محاولته المستمرة لأن يرتقي بنفسه، وذلك بطريقة لا إرادية نابعة من عزة النفس، والشموخ، ولكن في نفس الوقت هناك بعض الطرائف في هذا الفعل الرائع وهي المحاولات نفسها، وبالأخص أثناء استخدام الإمكانيات البسيطة لإظهار هذه الرغبة. أطرفها على الإطلاق هو استخدام الكلمات الأجنبية وإدخالها في تكوين الجمل العربية، بل واستخدام القواعد اللغوية العربية لتصريف هذه الكلمات، وقد قمت بمتابعة كثيرون منهم أنا شخصيًا وتساءلت من أين هو منبع هذه الفكرة أو الطريقة بل والهدف منها، فتوصلت بأن الغرض إلى حد كبير وليس دائمًا قطعًا يكون التباهي أو محاولة إعلاء الشأن من خلال استخدام هذه الطرق. ومن هذه الجمل الطريفة وعلى سبيل المثال، وليس الحصر: 1- أنا روحت اشتري تليفون جديد، بس للأسف لقيت كل اللي موجود "كوبي". لا أعرف لماذا لا نستخدم كلمة "تقليد" التي تحمل المعنى اللغوي الصحيح. 2- أبويا نزل يشتري حاجات مع إني قولت له إن "شور" المحل هيكون قافل. لا أعرف لماذا لا نستخدم كلمة "أكيد" التي تحمل المعنى اللغوي الصحيح. 3- والنبي يا عم اديني واحده "كانز". ولا أعرف لماذا لا نستخدم كلمة "علبة" التي تحمل المعنى اللغوي الصحيح، بل والأطرف هو استخدامها في صيغة الجمع لتصبح "كانزات" ومفردها "كانزايه". الغريب في الأمر أن الجملة تحتوي على كلمات عربية، ولكن لازم في النص نحط كلمة انجليزي (علشان المنظره غالبا)، ومع إن الموضوع طريف وخفيف، ولكن من وجهة نظري هناك أبعاد أخرى سلبية حول هذا الإسلوب. وأحد هذه السلبيات هو الاعتقاد بأن هذا الإسلوب سوف يزيد من شأن قائله، دون الانتباه بأن السلوك واختيار الألفاظ هو أساس التقييم من قبل الآخر، وإن كان كثيرون يعتدون في التقييم بهذه الطريقة في التحدث، والتساؤل هنا لماذا أصبحنا لا نفتخر باستخدام الكلمات العربية الصحيحة؟، ولماذا لا نحاول إتقانها؟، ونجعل إتقانها هو الذي نعتد به في تقييم الشخص من حيث الثقافة أو المستوى الفكري. أتمنى أن يصل وينال هذا الأمر بعض الاهتمام من قبل المختصين، والقائمين على هذا الأمر؛ لتوضيح الطريقة الصحيحة التي يجب أن تتبع لتقييم الشخص داخل المجتمع. بل والأهم بصفة عامة، هو الاهتمام بتوضيح أن التقييم الصحيح للفرد داخل المجتمع يكون قائم من خلال السلوك، وليس المؤهل التعليمي أو المستوى المادي أو الاستخدام اللفظي للكلمات الإنجليزية وغيرها. أصبحنا في حاجة ماسة لتصحيح السلوكيات داخل المجتمع، حيث أن هذه السلوكيات أو ثقافة السلوكيات في طريقها للاندثار، فقد أصبحنا الآن نمتلك الحضارة، ولكن نفتقد التحضر.