عاد ليكرر حديثه مرة أخرى عن استقالته من منصبه، لكن هذه المرة ليس بسبب حصار المحاكم والاعتداء عليها، ولكن حتى لا يكون شاهداً على مذبحة جديدة للقضاة من خلال تخفيض سن تقاعد القضاة من 70 عاماً إلى 60 عاماً والإطاحة بما يزيد على 3 آلاف قاضٍ. جدد المستشار أحمد مكى، وزير العدل، تهديده بتقديم استقالته من الحكومة، بعد أن سبق وأعلنها داخل مجلس الوزراء، عدل عن استقالته الأولى بعد أن استجاب له الدكتور هشام قنديل بإنشاء شرطة قضائية متخصصة لحماية المحاكم ودور العدالة، ولكن هذه المرة لا يملك «قنديل» وقف المذبحة القضائية التى يتم الإعداد لها من قِبل جماعة الإخوان المسلمين ومجلسها المطعون فى شرعيته «مجلس الشورى» تحت ستار قانون للسلطة القضائية مقدم من حزب الوسط للمجلس. «مكى» الذى رفض رفع السن فى عهد الرئيس السابق حسنى مبارك، يرفض الآن أن يكون شاهداً على مذبحة للقضاة فى عهده بخفض السن.. يبرر ذلك بأن رفع السن تم لأغراض سياسية.. وخفضه الآن أيضاً لأغراض سياسية.. يؤكد فى أحاديث أنه لن يكون محمد نصير الثانى «محمد نصير وزير العدل الأسبق الذى تمت فى عهده مذبحة القضاة الأولى فى 1969 أثناء فترة حكم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر». عاد «مكى» الوزير إلى رشد القاضى.. وقف مع القضاة فى خندقهم للمرة الأولى منذ توليه مقاليد الوزارة.. أدرك أن تاريخه سيهدم إذا ما تم تمرير المذبحة فى عهده، لذا كان التهديد بالاستقالة. رغم مواقف الوزير المهادنة للسلطة، ومشروعات القوانين التى يعكف على إعدادها ل«أخونة الدولة» -حسب ما يراه قضاة- وهى التهم التى دائماً ما ينفيها عن نفسه، فإنه يقف الآن فى خندق واحد مع القضاة حفاظاً على ما تبقى له من سمعة بينهم. يريد تبييض وجهه قبل أن يغادر منصبه، الذى ما إن تولاه حتى بدأ فى وضع مبادئه التى يؤمن بها جانباً، وتبرير كل أفعال السلطة ورئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسى، إيماناً منه بمقولة «الضرورات تبيح المحظورات»، رفض قانون الطوارئ وحارب من أجل إلغائه وقت أن كان قاضياً، وما لبث أن أصبح فى حضن النظام حتى أعد مشروع قانون للطوارئ ألبسه عنواناً جديداً «مواجهة الظروف الاستثنائية» بالأمس خرجت مظاهرات الإخوان لتطالب بتطهير القضاء، ولأول مرة يرفع الإخوان شعارات تطالب بإقالة «مكى» وترك منصبه.. انقلب السحر على الساحر، فمن كان صديقاً بالأمس أصبح عدواً اليوم.. لم يشفع لوزير العدل دفاعه عن «الجماعة»، انقلبت عليه، لأنها تؤمن بتحقيق مصالحها فقط، صاح ضمير القاضى فى «مكى» رافضاً خفض السن وإجراء مذبحة للقضاء، وهاجم مرشدهم السابق مهدى عاكف وبدأ فى تقديم بلاغات ضد عصام سلطان، القيادى بحزب الوسط، فكانت المطالبة برحيله أمراً مُلحاً داخل «الجماعة».