البحوث الإسلامية يصدر عدد (ذي القعدة) من مجلة الأزهر مع ملف خاص عن الأشهر الحرم والحج    مراحل تضاعف المساحات الزراعية في مصر| انفوجراف    محافظ قنا يناقش فرص إنشاء مصنع سماد كيمياوي على مساحة 30 ألف متر مربع    محافظ القليوبية يتابع انتظام منظومة النظافة بالخصوص وشرق شبرا الخيمة    نائب وزيرة التخطيط يبحث مع وفد الاتحاد الأوروبي سبل التعاون الاقتصادي    تقلص العجز التجاري في بلغاريا خلال مارس الماضي    رئيس جهاز مدينة بدر يشدد على سرعة البدء في تشغيل المركز الطبي بالحي السابع    الرئيس الأوكراني: استمرار معارك الدفاع عن منطقة خاركيف    وزير المالية السعودي يشارك في اجتماع المجلس الاقتصادي التحضيري للقمة العربية    برشلونة يواجه ريال سوسييداد بالدوري الاسباني    رئيس فيوتشر يكشف حقيقة الخلاف مع تامر مصطفى.. وسبب تعيين طلعت يوسف    تكثيف أمني لكشف غموض العثور على جثة شاب ملقاة أمام نقطة إسعاف بقنا    جدول مواعيد تشغيل القطارات الإضافية بمناسبة عيد الأضحى 2024    شيخ الأزهر يزور مسجد السيدة زينب بعد الانتهاء من عمليات التجديد    أبرز تصريحات سيرين خاص بطلة مسلسل «مليحة» ف«واحد من الناس»    دراسة جديدة تحذر من رش ملح إضافي على الطعام    توقعات الأبراج، حظك الثلاثاء 14-5-2024، الميزان والعقرب والقوس    الأوبرا تحتفى ب«عمار الشريعي» على المسرح الكبير    المديريات تبدأ في قبول اعتذارات المشاركة في امتحانات الشهادة الإعدادية 2024    شعبة الأدوية: السوق يواجه نقصا غير مسبوق في الدواء ونطالب مجلس الوزراء بحل الأزمة    نيمار يقلد رونالدو بعد تتويج الهلال    كولر يستفسر عن حالة المصابين مع طبيب الفريق قبل موقعة الترجي    تداول امتحانات الترم الثاني 2024 لصفوف النقل عبر تليجرام    العمل تشارك فى احتفالية الاتحاد المحلي لعمال أسيوط    وزير الإسكان يتفقد سير العمل بمشروع سد «جوليوس نيريري» الكهرومائية بتنزانيا    خلال 24 ساعة.. رفع 46 سيارة ودراجة نارية متهالكة من الميادين    خلال 24 ساعة.. تحرير 544 مخالفة لقائدي الدراجات النارية لعدم ارتداء «الخوذة»    تغييرات في الحكومة الروسية وإقالة وزير الدفاع.. كيف يستعد بوتين لحرب طويلة الأمد؟    السفير الأمريكي لدى إسرائيل ينفي حدوث تغير في العلاقات الثنائية    الدفاعات الجوية الروسية تدمر 16 صاروخا و35 طائرة مسيرة من أوكرانيا خلال الليل    4 إجراءات لتعزيز المنظومة البيئية للسياحة العلاجية والاستشفائية في مصر    جامعة الإسكندرية توقع بروتوكول تعاون مع مقاطعة صينية لإقامة مشاريع زراعية    فيلم «السرب» يحتفظ بصدارة قائمة إيرادات السينما    هيئة التنمية الصناعية تستعرض مع وفد البنك الدولى موقف تطور الأعمال بالمناطق الصناعية بقنا وسوهاج    ثلاثة لاعبين مصريين في الجولة الثالثة من بطولة العالم للإسكواش    اليوم.. «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية في ديرمواس ضمن «حياة كريمة»    أول تعليق من الأزهر على إعلان انضمام مصر لدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام «العدل الدولية»    حظك اليوم الإثنين، رسائل لبرجي الأسد والميزان (فيديو)    الدفاع المدنى فى غزة: انتشلنا جثامين 10 شهداء من حى السلام شرق مدينة رفح    الأرصاد الجوية : طقس حار على أغلب الأنحاء معتدل على السواحل الشمالية    شقيقان يقتلان شابا فى مشاجرة بالسلام    اليوم.. «محلية النواب» تناقش موازنة محافظتي القاهرة والإسكندرية للعام المالي 2024/ 2025    الافتاء توضح حكم ارتداء المرأة الحجاب عند قراءة القرآن    أرتيتا يثني على لاعبي أرسنال    عقد مناظرة بين إسلام بحيري وعبدالله رشدي حول مركز "تكوين الفكر العربي"    سيناتور أمريكي مقرب من ترامب يطالب بضرب غزة وإيران بسلاح نووي    هل يجوز التوسل بالرسول عند الدعاء.. الإفتاء تجيب    وزير التعليم: طلاب المدارس الفنية محجوزين للعمل قبل التخرج    بعد تعيينها بقرار جمهوري.. تفاصيل توجيهات رئيس جامعة القاهرة لعميدة التمريض    لا أستطيع الوفاء بالنذر.. ماذا أفعل؟.. الإفتاء توضح الكفارة    دعاء في جوف الليل: اللهم إنا نسألك أن تستجيب دعواتنا وتحقق رغباتنا وتقضي حوائجنا    مفاجأة.. نجم الزمالك يكشف مكسب الفريق في مباراة نهضة بركان    أزهري يرد على تصريحات إسلام بحيري: أي دين يتحدثون عنه؟    وزير التعليم: هناك آلية لدى الوزارة لتعيين المعلمين الجدد    منها تخفيف الغازات والانتفاخ.. فوائد مذهلة لمضغ القرنفل (تعرف عليها)    مستقبل وطن بأشمون يكرم العمال في عيدهم | صور    نهائي الكونفدرالية – موعد مباراة العودة بين الزمالك ضد نهضة بركان والقناة الناقلة    وفاة أول رجل خضع لعملية زراعة كلية من خنزير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جريمة القرن | المحظورات والخطايا فى محاكمة القرن
نشر في الوطن يوم 07 - 06 - 2012

فى البدء أقول: أنا أؤمن بالله حقاً، وإيمانى هذا يدفعنى قرب التصديق ويقذفنى بداخله أن دولة الظلم لا تدوم. لا تدوم. وإن بدت أقوى من الزوال لكنها حقاً كبيت العنكبوت و«إن أهون البيوت لبيت العنكبوت». إذن فقد سقط الطاغوت. سقط الطاغوت ولم ولن يعود.
سقط الطاغوت، وكان سقوطه بحجم ظلمه مؤلماً ودامياً، كما سقطت دمى الطاغوت. سقطوا جميعاً سقوطا مروعا لكنه سقوط كالموت بل هو الموت، يأتى متربصاً مريعاً، سقط الطاغوت وسقطت الدمى، لكنها تحاول قبل الرحيل أن تسمم أرواحاً طاهرة وتغتال سمعة الأبرياء والشرفاء فينا حتى تصورنا جميعاً بأننا شركاء الخطأ والخطيئة بل الخطايا. أنا أرى. أنا أفهم هذا، لكنى أؤمن بأن الله غالب على أمره، فالله قائم على كونه، يمهل دون إهمال.
وبقدر الفرحة بالحرية، بقدر الأسى على أرواح الشهداء، دماء الضحايا التى أُهدرت فى سبيل هذه الحرية، وسأظل ما حييت أذكر لحظات ما قبل يوم سقوط الطاغوت، كأنها كانت مشاهد من مشاهد القيامة، وأنت ممنوع من الكلام، ممنوع من التفكير، وبالأدنى غير قادر على أيهما، مسموح لك فقط بتلقى إخطارات الرعب والهلع، ولأطفالك بالصراخ وبالبكاء. مضت تلك اللحظات ذات القدم الدامى، وخالقها وحده يعرف كيف انتهت، لكن مليون سؤال ستوقظك ليلاً كأنها الكوابيس:
س: من أطلق النار على الشهداء فى ميدان التحرير..؟
س: من أمر بفتح السجون وإخراج المسجلين خطر والأشقياء وعتاة المجرمين..؟
س: من أباح دماءنا وأموالنا وحرق وخرب كل ما وصلت إليه يده..؟
س: من نحاكم، ومن يحاكمهم، ومن يقتص منهم..؟
س: ما الأوراق المقلوبة التى لم تكشف بعد، وما حقيقة دور مباحث أمن الدولة..؟
س: من أحرق مقار أمن الدولة وزج بمستندات بعينها إلينا..؟
س: من أمر بقطع الاتصالات ووقف خدمات الإنترنت فمات المتظاهر ومن جاء للبحث عنه..؟
وأنا أتساءل: هل كان الحكم على مبارك والعادلى بالمؤبد عادلاً وهل يستحق مساعدو العادلى البراءة حقاً؟
علمونا فى كليات الحقوق أن الأحكام القضائية ذات حصانة تعصمها من النقد والتجريح، ولكنهم علمونا أيضاً أن القاضى بشر، وأن احتمال الخطأ كاحتمال الصواب قائم.
هذه المقدمات تبدو متناقضة، ولا تكاد تسفر عن نتيجة مرضية يقبلها العقل.
ثمة حقيقة ومفترض أساسى لا يمكن أن نختلف بشأنه وهو أن الشعور الجماعى بالعدالة والرضا بها أحد المعايير المهمة للحكم على عدالة الأحكام القضائية، ففى أنظمة قانونية أخرى وبغرض الوصول إلى هذه الغاية تشكل المحاكم القضائية الجنائية من قضاة متخصصين ومن العامة، القضاة يمثلون العنصر الفنى التقنى المتخصص فى البحث والتنقيب عن الأدلة، والعامة يمثلون ضمير الجماعة للحكم بالإدانة أو بالبراءة.
إن ضمير الجماعة المصرية صُدم فى محاكمة القرن مرتين، الأولى حين قضى بعقوبة المؤبد على الرئيس السابق ووزير داخليته وهى عقوبة يراها غير مناسبة مع الجرم المرتكب، والثانية حين قضى ببراءة مساعدى وزير الداخلية، وعادت الأسئلة تئن من جديد؟؟!!
إن الأحكام القضائية التى لا تعلن الحقائق كاملة لا يمكن توصيفها بالعادلة، فالعدل هو الحق فى المعرفة أولاً، ثم الحق فى القصاص ثانياً، وضمير الجماعة المصرية يرى أن محاكمة القرن قد أخفقت فى تحقيق أى من هذه الغايات. إن محاولة قراءة القادم وتوقعه هى ضرب من الجنون.
1- القصاص: قصاص بقتل كل من قتل -قصاص برد كل ما سلب ونهب- قصاص بتعويض كل من أُضير، ليس أقل من تعويض أسر الشهداء والضحايا، بعيداً عما أعلنته الدولة من أثمان رخيصة لأرواح هؤلاء الشهداء والضحايا، والسبيل لذلك دعوى التعويض والتى تُعرف بأنها الوسيلة القانونية والقضائية التى يستطيع بها المضرور الحصول على تعويض عادل ممن ألحق به ضرراً، سواء أكان ضرراً مادياً أو أدبياً عن طريق إقامة دعوى قضائية هى دعوى التعويض، فدعوى التعويض كما يقرر القضاء دوماً هى الوسيلة القضائية التى يستطيع المضرور عن طريقها الحصول من المسئول عن تعويض الضرر الذى أصابه.
كيف يحصل أهل الشهداء والضحايا على تعويضات عادلة..؟
قبل الحديث عن كيفية حصول كل من أُضير على تعويض فإن حقيقة مهمة ينبغى الالتفات إليها وهى خاصة بالمحاكمات الجنائية والمسئولية السياسية لكل من ساهم فى إحداث الأضرار المطلوب التعويض عنها، فالمحاكمات الجنائية شىء، والمسئولية السياسية شىء، وطلب التعويض شىء ثالث مختلف تماماً.
المسئولية الجنائية عما أحدثه النظام البائد بأعوانه ومماليكه فى ميدان التحرير من سفك لدماء الشهداء والضحايا توجب محاكمة النظام بأعوانه وزبانيته، محاكمة تبدأ برأس هذا النظام، وتمتد لرقاب كل من عاونه بأى صورة من الصور وصولاً إلى البلطجية الذين كانوا الوجه القذر لهذا النظام، وأنا أُعلنها أنه لن تهدأ دماء الشهداء إلا بإراقة دماء هؤلاء السفاحين، فليس للقتل جزاء إلا القتل، هكذا تكون العدالة، وهكذا فقط يمكننا القول بأن هذه الدماء الذكية لم تذهب هباء.
أما عن المسئولية السياسية والتى تعنى وجوب إبعاد أطراف وأذناب النظام البائد عن العمل العام وتحديداً العمل السياسى، فلا أقل من حل الحزب اللعين والمسمى خطأ بالحزب الوطنى الديمقراطى، ورد جميع مقراته للدولة، فلا هو حزب بل عصابة منتفعين وقتلة وسافكو دماء، ولا هو وطنى، وهو حقيقة ألد أعداء الديمقراطية.
وفى العودة إلى بيان كيفية تعويض أسر الشهداء والضحايا يمكننا الجزم بأن الأضرار التى ألمت بالجميع عصية على العد والإحصاء، فهى بين قتل وحرق وتمثيل بالجثث وترويع للآمنين وتخريب الأموال العامة والخاصة واعتقالات واختفاء قسرى، والقياس ممكن ومباح.. لذا فإننا نقصر الحديث عن التعويض عما قامت به الشرطة ومنها ذلك الجهاز اللعين المسمى بمباحث أمن الدولة، وقد كانت أعمال الشرطة الشرارة التى أوقدت النار فى الجميع.
والتساؤل: من يساءل عما قامت به العناصر الفاسدة والمفسدة من الشرطة ومباحث أمن الدولة..؟
هذا التساؤل يعنى أمرين، الأمر الأول لماذا تساءل الدولة عن تعويض أهالى الشهداء والضحايا، الأمر الثانى ما الجهة التى تلزم بالتعويض وتقام ضدها من ثم دعوى
التعويض؟
أما عن الأمر الأول فتنص المادة 163 من القانون المدنى على أنه:
1- كل خطأ سبب ضررا للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض.
2- ومع ذلك إذا وقع الضرر من شخص غير مميز ولم يكن هناك من هو مسئول عنه، أو تعذر الحصول على تعويض من المسئول، جاز للقاضى أن يلزم من وقع منه الضرر بتعويض عادل، مراعيا فى ذلك مركز الخصوم.
أما عن الأمر الثانى فتنص المادة رقم 174 من القانون المدنى على أنه:
1- يكون المتبوع مسئولاً عن الضرر الذى يحدثه تابعه بعمله غير المشروع، متى كان واقعاً منه فى حال تأدية وظيفته أو بسببها.
2- وتقوم رابطة التبعية، ولو لم يكن المتبوع حراً فى اختيار تابعه، متى كانت له عليه سلطة فعلية فى رقابته وفى توجيهه.
فما الأخطاء التى يمكن أن تكون محلاً لدعوى تعويض..؟
الأخطاء التى يصح أن تكون محلاً لدعوى التعويض، وكما نوردها فيما يلى تفصيلاً هى:
- إطلاق النار على المتظاهرين بميدان التحرير وجميع ميادين الحرية بمصر.
- سحب قوات الشرطة بما ترتب عليه من حدوث فراغ أمنى.
- أعمال الحريق والإتلاف والتعييب للممتلكات الخاصة.
- دهس المتظاهرين تحت علاج سيارات الشرطة.
- استعمال الأسلحة الفاسدة -القنابل المسيلة للدموع- منتهية الصلاحية.
- قطع الاتصالات ووقف خدمة الإنترنت ومسئولية شركات خدمات المحمول: موبينيل - فودافون - اتصالات.
- الاختفاء القسرى لعدد من المتظاهرين وتعذيبهم.
من المتبوع، ومن التابع..؟
المتبوع هو وزارة الداخلية، أيا كان القابع على إدارة شئونها، والتابع هو جهاز الشرطة بالكامل على اختلاف الرتب والدرجات الوظيفية وتعدد المسميات، وأهمها جميعاً هو ذلك الجهاز اللعين المسمى بمباحث أمن الدولة والذى عدل اسمه تفادياً للغضب إلى جهاز الأمن القومى.
2- المسئولية عن إطلاق النار على المتظاهرين بميدان التحرير وجميع ميادين الحرية بمصر
- من أمر بإطلاق النار على المتظاهرين..؟
- هل صدور أمر بإطلاق النار يعفى من أطلق النار من المسئولية الجنائية والمدنية..؟
كاذب وأفاق من يقول إن الأمن المركزى ليس مسلحاً بذخيرة حية، وإلا فمن أطلق النار على المتظاهرين، وما سر الأسلحة النارية التى يتسلح بها على الأقل الضباط بإدارة الأمن المركزى، هل من مجيب؟ وإذا صح الزعم بأن قوات الأمن المركزى لم تطلق النار على شهداء ميدان التحرير، فمن أطلق النار؟ الإجابة ببساطة قد تكمن فى الرد على التساؤل التالى: هل كل قوات الشرطة التى وجدت بميدان التحرير وبغيره من ميادين الحرية كانت ظاهرة العيان مرتدية الزى الميرى؟ الإجابة بالقطع لا. وإذا فرضنا جدلاً أن الصدمة دفعت هذه القوات إلى استعمال الرصاص الحى، فالتساؤل: لماذا تعمدت الضرب فى مقتل؟ التجارب السابقة تكذب عدم استعمال الشرطة للذخيرة الحية، فلهذه الواقعة سابقة قضائية خاصة بثورة يوليو 1952، فقد تعرضت لهذه الواقعة محكمة النقض فى أحد أحكامها فأقرت بأنه: إذا كان الحكم المطعون فيه بعد أن سرد وقائع الدعوى عرض لما أوردته محكمة الدرجة الأولى فى حكمها من أسباب أقامت عليها مسئولية الحكومة عن فعل تابعيها من رجال البوليس أثناء قيامهم بتفريق المظاهرات التى قامت يوم وقوع الحادث الذى أصيبت فيه الطاعنة وما أسنده ذلك الحكم إليهم من خطأ يتمثل فى إطلاقهم الأعيرة النارية على غير هدى وبدون دقة، مع وجود متسع من الفضاء أمامهم وإحداثهم نتيجة لذلك ولعدم إحكام الرماية إصابة الطاعنة التى كانت فى شرفة منزلها فى الدور الثانى منه، وكان الحكم المطعون فيه تناول بالتفنيد ما ورد فى هذه الأسباب فأوضح -مما حصله من الوقائع- أنه لم يكن ثمة -فى مكان وقوع الحادث- فضاء متسع وأنه لم يثبت أن رجال البوليس كانوا يطلقون النار جزافاً -وأسس قضاءه برفض دعوى الطاعنة على نفى وقوع خطأ ما من جانب رجال البوليس- مورداً فى ذلك من الاعتبارات السائغة ما يبرر قضاءه، فإن النعى عليه بالخطأ فى القانون وفساد الاستدلال يكون على غير أساس.
* إذن فاستعمال الشرطة للذخيرة الحية فى تفريق المتظاهرين واقعة ثابتة بموجب حكم قضائى نهائى، وإن كان الخلاف فى خصوص هذه الواقعة تحديداً حول إطلاق الشرطة النار جزافاً أو بحرص وعناية ودقة فى تفريق المتظاهرين، فالمحكمة أثبتت وجود إطلاق نار على المتظاهرين.
* والقول بأن إطلاق النار لم يكن متعمداً قول غير صحيح، فالإصابات كانت فى الرأس مباشرة وفى الصدر، وهى بطبيعتها مناطق قاتلة، مما ينفى القول بعدم تعمد القتل.
* وقد انتهى تقرير لجنة تقصى الحقائق إلى ثبوت صدور أوامر من وزير الداخلية ومن مساعدى الوزير بإطلاق النار على المتظاهرين، ولا يعفى أحدهم من المسئولية قوله إنه كان ينفذ أوامر رئيسه، فالأمر الذى يشكل جريمة لا طاعة فى تنفيذه.
3- المسئولية عن قرار سحب قوات الشرطة قبل تولى القوات المسلحة مهام الحماية والسيطرة.
- من المسئول عن تنظيم قوات الأمن المركزى وغيرها ممن تصدى للمتظاهرين..؟
- كيفية توصيف الخطأ الذى ارتكبته قيادات الشرطة بالخطأ كحد أدنى..؟
إذا عرفنا حقيقة دور جهاز الشرطة، وهو كما روج له سنوات وسنوات بأنه حفظ الأمن وبث الطمأنينة، أمكننا القول أن هذا الجهاز قصر فى أداء هذه المهمة تقصيرا يدينه من العمد أو الخطأ الجسيم غير المغتفر، هذا التقصير بكل صوره وأشكاله خطأ يوجب محاسبة كل من تحمل مسئولية القيادة فيه، وإذا كان جوهر وأساس مسئولية جهاز الشرطة هو التقصير فإن مسئولية وزارة الداخلية تتحقق بيقين، فالخطأ واضح والأدلة عليه لا ينكرها عاقل، وفى هذا الصدد سبق أن قضت محكمة النقض فى سابقة قضائية خاصة بثورة يوليو 1952: تنظيم قوات الأمن وتوزيعها وتحديد عددها هو من المسائل التى تنأى عن رقابة المحاكم فلا تقوم مسئولية الحكومة عن تعويض الأضرار التى تلحق الأفراد بسبب الإضرابات والقلاقل إلا إذا ثبت أن القائمين على شئون الأمن قد امتنعوا عن القيام بواجبهم أو قصروا فى أداء هذه الواجبات تقصيراً يمكن وصفه فى تلك الظروف الاستثنائية بأنه خطأ.
* فأساس المسئولية فى هذه الحالة أحد أمرين، الأول هو الامتناع عن القيام بالواجبات، والثانى هو التقصير فى القيام بالواجبات. وواجبات الشرطة حصرها قانون الشرطة.
4- المسئولية عن أعمال الحريق والإتلاف والتعييب للممتلكات الخاصة
- من أمر بأعمال الحرق والسلب والنهب..؟
- من أمر بإطلاق سراح المسجلين خطر والأشقياء ومعتادى الإجرام..؟
هل يمكن القول أن الثورة ولدت فجأة، إلى حد اعتبار كونها مفاجأة لوزارة الداخلية ذات الإدارات والأنظمة التى يروج لها أنها تسمع دبيب النمل تحت الصخور الصماء، هل يمكن إقناع أى عاقل بذلك، أين إدارات الحس الأمنى والتحريات والاستطلاع التى لم تفلح يوماً فى شىء إلا فى الإمساك بالشرفاء والأبرياء وتلفيق التهم لهم؟ القول بالمفاجأة وعدم التوقع عبث، ويخضع القائل به للمسئولية أيضاً، أين كانت إدارات تقدير الموقف، وأين كانت إدارات إدارة الأزمات؟ المسئولية قائمة وفى هذا الصدد قضت محكمة النقض فى سابقة قضائية خاصة بثورة يوليو 1952: مجرد عدم وجود قوات من رجال الأمن بمكان الحادث وقت حصوله لا يكفى بذاته فى الظروف الاستثنائية التى لابست حوادث 26 من يناير سنة 1952 لتوافر ركن الخطأ فى حق وزارة الداخلية «الطاعنة» فإذا كانت الطاعنة قد دفعت بأنه كان من المتعذر على قوات الشرطة بسبب الثورة المفاجئة التى انفجرت فى هذا اليوم فى أماكن متفرقة وفى وقت واحد منع حوادث الإتلاف التى حدثت ومن بينها حادث حريق عمارة المطعون ضدهم، فقد كان على الحكم المطعون فيه أن يثبت لقيام المسئولية أن عدم وجود قوات من رجال الأمن فى مكان الحادث وقت حصوله يرجع إلى امتناع أو تقصير من جانب القائمين على شئون مرفق الأمن أو يثبت أن من كان موجوداً من هؤلاء قريباً من مكان الحادث قد امتنع عن القيام بواجبه فى منع الغوغاء من إشعال الحريق فى عمارة المطعون ضدهم فإذا خلا الحكم من التدليل على ذلك فإنه يكون مشوباً بالقصور.
5- أساس مسئولية وزارة الداخلية عما قام به أفراد الشرطة
- هل انسحبت قوات الشرطة معاً وفى توقيت واحد بقرار أم بغير ذلك..؟
- لماذا تساءل وزارة الداخلية عما قام به أفراد الشرطة..؟
لئن كانت الإدارة مسئولة مع الموظف أمام المضرور عن التعويض المستحق له عما يصيبه من ضرر بسبب الخطأ الذى يرتكبه هذا الموظف على أساس مسئولية المتبوع عن أعمال التابع المنصوص عليها فى المادة 174 من القانون المدنى سواء كان هذا الخطأ مرفقياً أو شخصياً، إلا أنها -وعلى ما نصت عليه المادة 58 من قانون العاملين بالدولة رقم 46 لسنة 1964 المقابلة للمادة 3/78 من القانون الحالى رقم 47 لسنة 1978 والمادة 57 من القانون رقم 61 لسنة 1964 فى شأن هيئة الشرطة المقابلة للمادة 3/47 من القانون اللاحق عليه رقم 109 لسنة 1971، وما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لهذا القانون الأخير - لا ترجع على هذا الموظف بما حكم به عليها من تعويض إلا إذا كان الخطأ الواقع منه خطأ شخصياً، إذ لا يسأل الضابط فى علاقته بالدولة عن هذا التعويض إذا كان ما وقع منه خطأ مصلحياً أو مرفقياً، ولا يعتبر ما وقع من الموظف خطأ شخصياً إلا إذا كان خطؤه جسيماً، أو كان مدفوعاً فيه بعوامل شخصية قصد بها مجرد النكاية أو الإيذاء أو تحقيق منفعة ذاتية له أو لغيره.
6- مسئولية وزارة الداخلية عن دهس المتظاهرين تحت علاج سيارتها
- من أمر سائقى سيارات الشرطة بدهس المتظاهرين..؟
ليس الشهداء فقط من أطلقت عليهم قوات الشرطة الرصاص الحى، بل أيضاً من لقوا حتفهم تحت عجلات سيارات الشرطة وهى تتحرك وتلصق عن عمد أجسادهم الطاهرة بأديم الأرض، فإذا صح الكذب بأن قوات الأمن لم تطلق النار على المتظاهرين لأنها غير مصرح لها بحمل السلاح، فمن يملك القول بأن السيارات التى دهست المتظاهرين ليست سيارات الشرطة، الشهيد شهيد، سواء اغتالته رصاصة قصدته فأودت بحياته أو دهسته إحدى سيارات الشرطة فتحققت ذات النتيجة. فى الحالتين تتحقق مسئولية وزارة الداخلية، وفى الحالتين يجب التعويض، وفى الحالتين أيضاً تجب مساءلة المتسبب أيا كان، وقد يظن البعض أن الخوف والخشية هى التى دفعت من يقود سيارات الشرطة إلى الفرار ومن ثم دهس كل من تصادف وجوده أمام هذه السيارات، أقول قد يظن البعض، إلا أنه فى هذه الحالة أيضاً تتحقق المسئولية عن التعويض، وفى هذا الصدد تتضح أهمية الحكم الذى أصدرته محكمة النقض حين قضت بأنه: إذ نص الشارع فى المادة 174 من القانون المدنى على أن المتبوع يكون مسئولاً عن الضرر الذى يحدثه تابعه بعمله غير المشروع متى كان واقعاً منه حال تأدية وظيفته وبسببها فهو إنما أقام المسئولية على خطأ مقترن من جانب المتبوع يرجع إلى سوء اختياره تابعه وتقصيره فى رقابته ولا يشترط فى ذلك أن يكون المتبوع قادراً على الرقابة والتوجيه من الناحية الفنية، بل يكفى أن يكون من الناحية الإدارية هو صاحب الرقابة والتوجيه، كما أن علاقة التبعية لا تقتضى أن يكون التابع مأجوراً من المتبوع على نحو دائم، وبحسب المضرور أن يكون حين تعامل مع التابع معتقداً صحة رأيه.
أخبار متعلقة:
جريمة القرن.. الفاعل «مجهول» والمعلوم «شهداء»
جريمة القرن | رجال القانون: الشرطة لم تقبض على الفاعل الأصلى.. والنيابة لم تثبت وجوده على مسرح الجريمة
جريمة القرن| مصطفى الصاوى.. الميلاد والموت فى يوم واحد
جريمة القرن | محمود الخضيرى: النائب العام برىء من ضعف الأدلة.. ولا عذر للمحكمة
جريمة القرن |شاهد الإثبات العاشر اللواء حسن عبد الحميد: حضرت اجتماع «فض المظاهرات بالقوة» والمحكمة استبعدت شهادتى
جريمة القرن | قضاة: كيف يدان محرض ويبرَّأ فاعل أصلى؟!
جريمة القرن | أحمد إيهاب.. دماء عريس الثورة تسيل على كوبرى قصر النيل
جريمة القرن | أحمد بسيونى.. علَّم طفله الهتاف للحرية فأصابه «القناصة» فى رأسه
جريمة القرن | «سرى للغاية».. صفحات من دفتر أوامر «الداخلية» بين يومى 24 و28 يناير
جريمة القرن | شاهد الإثبات الثامن: مساعدو «العادلى» أصحاب قرار مواجهة الثوار بالقوة
جريمة القرن| نصر الله: شهادة العيسوى متناقضة.. ووجدى حاول حماية العادلى ومساعديه
جريمة القرن | «إسلام بكير».. 5 رصاصات لقتل الحالم بالعدالة
جريمة القرن | الشهيد محمد على عيد.. الطلقة تسبق هتاف الحرية
جريمة القرن | كريم بنونة.. وزع «خبز الثورة» على المتظاهرين ورحل وهو يهتف: «سلمية سلمية»
جريمة القرن | محمود قطب.. الشهيد ينتصر بعد معركة الأشهر الستة
جريمة القرن | نبيل سالم: شهادة المشير طنطاوي غير حاسمة .. ورفض المحكمة توجيه الأسئلة له لا يخالف القانون
جريمة القرن | المستشار زكريا شلش: «عبارة بالخطأ» فى شهادة سليمان أثبتت إدانة مبارك والعادلى
جريمة القرن | اللواء «الهلالى»: الحكم غامض.. والمحرض والفاعل شريكان فى الجريمة
جريمة القرن | الشهيد «المجهول».. رأى جنته فأغمض عينيه وابتسم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.