خرج علينا الدكتور «يوسف القرضاوى» فى خطبته بالأزهر يوم الجمعة الماضى داعياً المصريين إلى التوحد، وترك الصراعات والعمل معاً من أجل مصر، ولم ينس أن يزف لنا أو لغيرنا الاكتشاف الذى توصل إليه مؤخراً من أن العلمانيين والليبراليين المصريين ما زالوا على ملة الإسلام، وأنهم ليسوا كفاراً ولا ملاحدة!، ونبّه -وهذا هو الأهم- إلى ضرورة التوقف عن التظاهرات حتى تهدأ الأمور فى البلاد، وأشار على عجل -فى هذا السياق- إلى المظاهرات التى تزمع بعض القوى الوطنية والثورية تنظيمها فى الذكرى الثانية للاحتفال بالثورة (25 يناير 2013) لإسقاط الدستور، وفى خطبة الجمعة فى اليوم نفسه تبنى الشيخ «المبادراتى»: محمد حسان مبادرة «لم الشمل» بين المصريين.. والسؤال: لماذا الآن -والآن تحديداً- يرفع بعض شيوخنا شعار «كلنا إيد واحدة يا بهجت»؟!. لا أجد تفسيراً لتلك الدعوات والمبادرات سوى الإحساس بالقلق من جانب تيار «الدقون» الحاكم، ومن اللافت أن ينتاب هذا الإحساس طبقة الحكام الجدد، بعد أن استطاعوا السيطرة على كل مفاصل النظام السياسى فى مصر، وأصبحوا أصحاب الأمر والنهى فى حياة المصريين!. وفى تقديرى أن هناك مصدرين أساسيين للقلق، أولهما: الحالة الاقتصادية المتردية التى تعيشها البلاد والمرشحة لما هو أسوأ خلال الأيام القادمة، بسبب السياسات التى انتهجها الرئيس «محمد مرسى» خلال الأشهر الستة الماضية، وكانت نتيجتها زرع المزيد من الاحتقان فى الشارع المصرى وقسمته على اثنين، الأمر الذى أدى إلى خروج الاقتصاد المصرى من حالة الاعتلال التى تسببت فيها المرحلة الانتقالية، إلى مرحلة الانهيار فى ظل الرئيس الجديد. ويرتبط السبب الثانى للقلق بحالة الغضب الشعبى التى تتصاعد ضد تيار «الدقون»، بحيث أصبحت بادية لكل عين، حتى ولو كانت كليلة. وقد بدا ذلك واضحاً فى الكثير من الغزوات التى حاول افتعالها «الرجالة» الذين يهتفون بأنهم وراء الرئيس، من الإخوان والسلفيين، حين أخذ الأهالى فى التحلق ضدهم والنظر إليهم كعدو مشترك، ولعلك تذكر ما حدث فى مدينة الإسكندرية يوم الجمعة قبل الماضى، حين تفاعل «الرجالة المدقنين» مع دعوة الشيخ حازم صلاح أبوإسماعيل، فكان نصيبهم مواجهة مؤسفة من جانب الأهالى «خدوا فيها علقة موت»!. تيار «الدقون» الحاكم أصبح يشعر بأن الأرض تميد من تحته، وأنه أصبح قاب قوسين أو أدنى من مواجهة غير محمودة العواقب، قد تنطلق شرارتها فى أى لحظة، ربما تأتى يوم الاحتفال بالعيد الثانى للثورة، أو تسبقه أو تليه، إذا تم رفع الدعم -كما هو متوقع- عن السلع لتلتهب حياة المواطنين بشكل أكثر ضراوة. مشكلة الكثير من الدعاة الذين يتاجرون على الناس بيوم «الحساب»، أنهم ينسون فى غمرة فرحهم بالدنيا أن يوم الحساب «آتٍ».. لابد!.