رغم التطور التكنولوجى الذى طال كل شىء تقريبا، حتى الحِرف والمهن البسيطة، إلا أن «عم فوزى» مازال محافظا على مهنته القديمة كما هى، وكما ورثها عمن سبقوه.. فهو «مكوجى رجل» أصيل. ورغم كل المميزات التى تملكها المكواة الحديثة، خصوصا توفير الجهد والوقت، إلا أن «عم فوزى محمود»، والبالغ من العمر 74 عاما، والذى يعمل «مكوجى» بحى باب الشعرية بالقاهرة يرفض تماما الاستسلام للمكواة الحديثة، وبيع عشرة العمر التى بينه وبين «مكواة الرجل» القديمة والتى يبلغ عمرها 60 عاما. رغم أنها لا توفر له الدخل الذى يمكن أن توفره المكواة الحديثة لأصحابها. يقول «عم فوزى»: «الحمد لله.. رغم الدخل القليل إلا أنها استطاعت أن تعيشنى أنا وأسرتى وإتمام زواج أولادى الاثنين». ويسترجع بدايته مع هذه المهنة قائلا: «تعلمت المكواة على يد والد زوجتى عام 1953 ومنذ هذا الوقت بدأت رحلة عشقى لهذه المهنة». يبرر «عم فوزى» عدم استخدامه المكواة الحديثة بأنه يشعر بأنها تجعل الملابس مثل «الرغيف المسلوق»، لأن عند خروجها من الدولاب للارتداء تكون مكرمشة، لكن مكواته تجعل الملابس محتفظة ب«كويتها» لمدة طويلة. ويشير إلى أن سعر «صفيحة الجاز»، التى يستخدمها حتى تعمل المكواة زمان فى عصر الملك فاروق كانت ب«ريال»، لكن الآن أصبح سعرها 42 جنيها. لكن رغم ارتفاع سعر الجاز إلا أننى أرفض رفع سعر المكواة على الزبائن حتى لا أخسرهم. يتذكر «عم فوزى» فترة حكم الملك فاروق وجمال عبدالناصر والتى يعتبرها من أفضل الفترات التى عاصرها بحياته، ويقول: «فى عصر الملك فاروق كانت الشوارع نظيفة، وعربيات النظافة تمر كل صباح لتنظف الشوارع وترش المياه. والأسعار كانت رخيصة والسلع فى متناول الأيدى. أما عبدالناصر فكان زعيما يحب شعبه، وكان يقيل أى وزير يقوم برفع أسعار السلع على الشعب، لذلك أعتبر أيام فاروق وجمال أياما لا تعوض». ويكمل رأيه فى السياسة، بتأكيده أن ثورة 23 يوليو أفضل من ثورة 25 يناير، لأن الأولى تقبل الملك فاروق رأى الشعب ورحل فى صمت دون أن يحدث سفك دماء، مثلما حدث فى ثورة يناير، والتى طالبت بتنحى مبارك عن الحكم. وينهى «عم فوزى» حديثه عن رحلة عشقه للمكواة، بأنه سينهى رحلته معها قريبا، نظرا لكبر سنه وحاجته للراحة. وسيقوم مضطرا لبيع مكواته وقضاء آخر ما تبقى من حياته بالجلوس بجوار زوجته بالمنزل.