«بوكو حرام» خطفت 276 فتاة من مدرسة وقتلت 10 آلاف وهجرت نصف مليون شخص للإرهاب تاريخ طويل فى إفريقيا؛ حيث تستغل الجماعات الإرهابية الفقر والجهل لاستقطاب الأعضاء الجدد، وإذا كانت الحاجة هى أم الاختراع فى أنحاء العالم فالحاجة والعوز فى القارة السمراء هى الثروة التى تعتمد عليها الجماعات الإرهابية لتجنيد أعضاء ودعم ونشر قواعدها فى أنحاء القارة. وخلال المائة عام الأخيرة تعرضت الكثير من الدول الإفريقية لعدد من العمليات الإرهابية والجهادية التى أثرت كثيرًا بالسلب على أمنها واقتصادها واستقرارها، وزادتها فقرًا واضطرابًا. فهناك مثلًا نيجيريا، والصومال، وتشاد، والنيجر، والكاميرون اللواتى عانت وما زالت تعانى من عمليات إرهابية راح ضحيتها الآلاف من البشر على يد العديد من التنظيمات الإرهابية، ومن أشرس هذه التنظيمات جماعة «بوكو حرام» الإرهابية التى قامت خلال الفترات السابقة بعدد من العمليات نذكر منها خطف 276 فتاة من مدرسة عام 2014 وما يتجاوز العشرة آلاف ضحية التى قتلتهم فى 2009 وتهجير قرابة النصف مليون شخص إلى دول الجوار النيجيرى، وحركة الشباب الصومالية الجهادية التى نفذت هجوم مركز التسوق بنيروبى عام 2013، وهناك عمليات أخرى أليمة ارتكبتها يد الإرهاب الغادر كهجوم جامعة غارسيا عام 2015، وقتل 22 شخصًا فى هجوم على فندق بالعاصمة المالية باماكو. الإرهاب الذى يتغذى على الفقر والفقراء، هو نفسه أحد أسباب الفقر بجعلها أوطانًا غير آمنة فتهرب منها رؤوس الأموال ويجبن المستثمرون عن تنفيذ مشروعات تحل جزءًا من كارثة البطالة التى يعانى منها أبناء القارة، وترفع من معدلات التنمية والرعاية والخدمات، بل هو يكلف الدول الملايين لإعادة إعمار ما خلفه من دمار. «بوكو حرام» نفذت أيضًا عددًا من العمليات العام الماضى فى تشاد فى مخيم للاجئين على ضفاف بحيرة تشاد، والأشد إيلامًا أن تنظيمًا مثل «بوكو حرام» يستهدف الأطفال والنساء فى عملياته الإجرامية، و75 فى المائة من هؤلاء الأطفال فتيات قاصرات. كما أنه يقوم بخطف الأطفال ليتم تجنيدهم وضمهم لصفوفه والزج بهم فى عملياته؛ فمنذ 2014 تم الهجوم على 21 مدرسة بالكاميرون ونيجيرياوتشاد وخطف أكثر من 2000 طفل ليتم قتل براءتهم واستغلالهم فى هذه الجرائم الدنيئة. العمليات الإرهابية فى القارة السمراء تنوعت وامتدت لتشمل استهدافًا لحركة النقل الجوى باستهداف المطارات والطائرات ذاتها، فكشفت تقارير دولية أن هناك أكثر من 11 انتحاريًا صوماليًا بصدد القيام بعمليات فى مطارات دولية إفريقية خصوصًا فى كينيا، والنيجر، وإثيوبيا، والسودان وتشاد. الإرهاب فى إفريقيا له تاريخ أسود لا يمكن أن ننسى المجازر التى ارتكبتها جماعة «إنتيرا هاموى» المنتمية لقبائل الهوتو ضد شعب التوتسى الرواندى فى منتصف التسعينيات، والتى راح ضحيتها نحو المليون، فيما يعرف بأكبر عملية إبادة جماعية استهدفت عرقًا بذاته فى القرن العشرين، وكذلك الجرائم التى ارتكبتها عصابات «الجبهة المتحدة للثوار» فى سيراليون والتى كان مسعاها الأساسى لسرقة الألماس فأدخلت البلاد فى حرب ل11 عامًا مودية بحياة أكثر من 50 ألف شخص وامتد أثرها إلى ليبيريا وغينيا. فى منتصف التسعينيات تجاوزت جنوب إفريقيا فترة عصيبة عانت فيها كثيرًا جراء «الفصل العنصرى» حتى تم انتخاب نيلسون مانديلا رئيسًا لها، ولكن فى 1996 ظهرت جماعة «الشعب ضد العصابات» والتى ناهضت الإرهاب فى بدايتها ثم ما لبثت أن تحولت إلى جماعة إرهابية ونفذت العديد من التفجيرات فى مناطق سياحية. إفريقيا لم تسلم من شرور تنظيم «القاعدة» ولا ننسى فى 1998 تدميرها المتزامن لكل من سفارتى الولاياتالمتحدة فى دار السلام ونيروبى، مودية بحياة 300 شخص، كما نفذت عددًا من عملياتها الإرهابية فى دلتا نهر النيجر فى 2006، واحتلال شمالى مالى فى 2012. ورغم تطور أجهزة الأمن والاستخبارات فى القارة وبرامج زيادة معدلات الكفاءة الأمنية إلا أن كل ذلك لم يحد من الهجمات الإرهابية أو يردع منفذيها بل تضاعفت الهجمات فحين نقارن عام 2009، حين نفذ المتطرفون 171 هجومًا مسلحًا، بعام 2015 نجد أن الإرهابيين نجحوا فى تنفيذ 738 هجمة إرهابية؛ ولذا فمن المؤسف أن نجد أن كل تلك الجهود لا تجدى مع الإرهاب الذى يرتع فى ربوع القارة، بينما القرارات والاتفاقيات والمواثيق المناهضة له ما هى إلا حبر على ورق ليس لها من آثار كافية فى واقع إفريقيا المؤلم.