كان 2015 عام صعود تنظيم داعش والجماعات الإرهابية الموالية لها في ليبيا بعد أن شهد العام الماضى تمددا سريعا له في سوريا والعراق، وهو العام نفسه الذي مدت فيه جماعة بوكو حرام الإرهابية ذراعيها في نيجيرياوالكاميرونوتشادوالنيجر، وتوغلت حركة الشباب الصومالية في كينيا، كما كشر الإرهاب عن أنيابه في مالي، في الوقت الذى تصاعدت فيه وتيرة الأعمال الإرهابية في تونس. ففى ليبيا، انزلقت البلاد في مستنقع الفوضي بعد أن أعلنت بعض الجماعات المسلحة الليبية من بينها "أنصار الشريعة" ولاءها لتنظيم داعش، وذلك في أعقاب اندلاع صراع على السلطة، في الوقت الذي شنت فيه جماعات مسلحة أخرى هجمات ضد الجيش الليبي، مستهدفة في بعضها العاصمة طرابلس، بما في ذلك هجوم يناير الماضي الذي استهدف فندق كورنثيا. وبعد أن صارت ليبيا وكرا للإرهاب في أفريقيا، كانت تونس أبرز الضحايا، ومع تنامي الإرهاب المتصاعد من قبل كتيبة "عقبة بن نافع" التي أعلنت مبايعتها لداعش، شهدت البلاد ثلاث هجمات دامية استهدفت الأولى سائحين بمتحف باردو بالعاصمة في مارس الماضي، والثانية منتجع سوسة في أكتوبر، فيما طال الهجوم الثالث سيارة للحرس الرئاسي في نوفمبر الماضي. ومثلما كان 2015 عام صعود داعش، كان هو أيضا عام الصعود الشرس لجماعة بوكوحرام التي تنشط بشكل أساسي في نيجيرياوالكاميرون، لدرجة أنها باتت هي وداعش مسئولتين عن أكثر من نصف عدد ضحايا الإرهاب في العالم، وفقا لإحصائيات معهد "الاقتصاد والسلام" في واشنطن. وتسببت بوكوحرام التي أعلنت مبايعتها لداعش في مارس الماضي في مقتل ما لا يقل عن 6600 شخصا عام 2014، وهي الحصيلة الأعلى مقارنة بالجماعات الإرهابية الأخرى، ولم تقتصر هجماتها على استهداف عناصر الجيش والشرطة أو قتل المدنيين الأبرياء وخطف الفتيات في نيجيريا فحسب، بل امتدت عملياتها خارج الحدود لتصل إلى الكاميرونوتشادوالنيجر، حيث سيطرت على عدد من المدن في شمال الكاميرون وجزر في تشاد، وتسببت في نزوح أكثر من 94 ألف شخص في النيجر، ودفعت نحو نصف مليون تقريبا في نيجيريا للفرار إلى مخيمات اللاجئين في الكاميرونوتشادوالنيجر منذ عام 2009، حتى أصبحت الجماعة تستولي على حوالي 52 ألف كيلومتر مربع من الأراضي، أي ما يقرب من مساحة جمهورية سلوفاكيا. وفي كينيا، عانى الشعب من هجمات حركة الشباب الصومالية التي كان أشرسها في أبريل الماضي عندما شن مسلحون هجوما ضد جامعة جاريسا شرقي البلاد وراح ضحيته 148 شخصا. وفي مالي ايضا، ترك الإرهاب بصمته الشرسة بعد أن شنت جماعة المرابطون في نوفمبر الماضي هجوما ضخما على فندق "راديسون بلو" في وسط العاصمة باماكو، والذي أسفر عن مقتل وإصابة ما لا يقل عن 47 شخصا من جنسيات مختلفة. ومع إعلان أكثر من اثنين وأربعين جماعة إرهابية منتشرة داخل ربوع القارات ولاءها لداعش، فقد أصبح السيناريو الكارثي المتوقع هو اتحاد المزيد من الجماعات الإرهابية الأخرى مع تنظيم داعش إذا لم تتضافر جهود عربية وإفريقية في كبح جماح التنظيم الذي يتخذ من ليبيا مأوى له، مما ينذر بمشكلة لاجئين كارثية في القارة التي لا تنقصها المآسي.