*زارع: التعنت ضد مسودة التعديلات عقاب على تقرير التعذيب المرفوع ل«الرئاسة» *شكر: اللجنة كادت توافق.. وجهة أمنية تدخلت فتعطل القانون *فوزى: التمسك بالتنسيق مع النيابة قبل زيارة السجن حماية من مخاطر السجناء بعد 6 أشهر من المناقشات، دخلت تعديلات القانون المنظم لعمل المجلس القومى لحقوق الإنسان، «نفقًا مظلمًا» بعد سحب المجلس لمشروع التعديلات الذى تقدم به إلى لجنة الإصلاح التشريعى فى فبراير الماضى، بعدما دبت الخلافات بين المجلس واللجنة لاختلافهما على عدد من النصوص. وفيما تقول مصادر بلجنة الإصلاح التشريعى: إن سبب سحب المجلس لتعديلات مشروع القانون هو إصرار اللجنة على إشراف الجهاز المركزى للمحاسبات على أموال المجلس، أرجع أعضاء بالمجلس سحب تعديلات القانون لرفضهم الحصول على تصاريح زيارة السجون من قبل النيابة والداخلية قبل الزيارة، وتمسكهم بأن تكون هذه الزيارات بمجرد الإخطار. ووفق مصادر مطلعة على تفاصيل الأزمة، فإن أجواء التوتر بين المجلس القومى لحقوق الإنسان ووزارة الداخلية، ظهرت إلى العلن بعد التقرير الذى أصدره المجلس عن زيارته لسجن أبو زعبل، فى إبريل الماضى. وأشارت المصادر، إلى أنه وعلى الرغم من اللقاء الذى جمع محمد فايق رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان، واللواء مجدى عبد الغفار وزير الداخلية بعد إصدار التقرير، إلاّ أن الأجواء لم تصف بشكل كامل فى ظل تصاعد الخلاف بين المجلس والأجهزة المعنية بعد إصرار المجلس على أن تكون زيارات للسجون بمجرد الإخطار دون إذن مسبق، فيما تتمسك وزارة الداخلية بأحقيتها فى إصدار التصريح. ووفق المصادر ذاتها، فإن الهوة واسعة بين مطالب الجهات الحقوقية والجهات الأمنية، ومن المتوقع أن يتدخل المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء لحسم النقاط المختلف حولها. وتتضمن بنود المسودة النهائية للقانون، التى تم رفضها من قبل المجلس القومى لحقوق الإنسان، التأكيد على حق المجلس فى الدخول كجزء من الدعوة الجنائية وفقًا للدستور، والنص على استقلال المجلس التام، بعد إلغاء مجلس الشورى. ونصت المسودة أيضًا على الحق فى زيارة السجون ولكن من خلال «التنسيق مع النيابة العامة»، وهو ما قوبل باعتراض المجلس الذى يصّر على أن تكون الزيارة بمجرد الإخطار. وأرسل المجلس القومى خطابًا إلى اللجنة العليا للإصلاح التشريعى يعلن فيه سحب المجلس القومى مشروع القانون الخاص به، بعد جلسة ساخنة حضرها محمد فايق، رئيس المجلس، كنوع من الاحتجاج على تعديلاتها. وحصلت «الصباح» على تعديلات مشروع قانون المجلس القومى لحقوق الإنسان، التى أقرتها اللجنة العليا للإصلاح التشريعى فى وقت سابق، وشملت التعديلات كلًا من، المواد الأولى والثانية وإضافة المادة الثالثة مكرر، وتعديل المواد الرابعة والسابعة والتاسعة من قانون المجلس القومى لحقوق الإنسان الحالى رقم 94 لسنة 2003. وانتهت اللجان المنبثقة عن اللجنة العليا للإصلاح التشريعى، إلى تعديل الفقرة المتعلقة بإنشاء المجلس القومى لحقوق الإنسان بعد إلغاء مجلس الشورى فى الدستور الجديد، وهو ما تم تداركه بالإبقاء على نفس نص المادة الخاصة بإنشاء المجلس فقط مع حذف تعيين مجلس الشورى، لتكون بدايتها «ينشأ مجلس يسمى المجلس القومى لحقوق الإنسان». ومن ضمن التعديلات التى تم إقرارها فيما يتعلق بمادة تشكيل المجلس القومى لحقوق الإنسان، فقد تم حذف شرط الاستقلال فى الرأى الذى اشترط القانون الحالى توافره فى عضو المجلس، نظرًا لصعوبة التثبت من استقلالية الرأى من عدمه فى ظل غياب معيار يمكن الارتكان إليه فى هذا الشأن، ومن ضمن التعديلات التى تم إضافتها على هذه الفقرة أن يكون تعيين العضو بقرار من رئيس الجمهورية بناء على ترشيح من مجلس النواب ومجلس الوزراء، وأن يكون اختيار الشخصيات المرشحة متوافقًا مع مبادئ باريس المتعلقة بالمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان. ورفضت اللجنة العليا للإصلاح التشريعى نص المادة الثالثة مكرر بشأن تمتع الأعضاء والباحثين بالحماية القانونية اللازمة أثناء عملهم، معتبرة أنها عبارة غير واضحة الدلالة، وأن الضمانات تكون للأعضاء فقط، معتبرة أن كلمة «مراكز الاحتجاز» غير واضحة الدلالة ولا تعطى المقصود منها، وعدلّت اللجنة جملة وللمجلس «الحق فى إبلاغ النيابة العامة عن أى انتهاك أو اعتداء على الحرية الشخصية أو حرية الحياة الخاصة للمواطنين» بجملة، «الحق فى إبلاغ النيابة العامة عن أى انتهاك أو اعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين»، وأضافت على أحقية المجلس التدخل فى الدعوى المدنية منضمًا للمضرور بناء على طلبه جملة «فى أى مرحلة من مراحل الدعوى». وأضافت اللجان المنبثقة عن «العليا للإصلاح التشريعى على المادة التاسعة الخاصة بتعيين أمين عام للمجلس، جملة »ويصدر المجلس قرارًا بتعيين أو ندب الأمين العام من غير أعضائه، على أن يكون له حق حضور الجلسات دون أن يكون له حق التصويت».
جهة أمنية ويؤكد عبد الغفار شكر، نائب رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان، أن تعديلات قانون المجلس التى تقدم بها فى فبراير، تكفل زيادة ضمانات استقلاله واختصاصاته وفقًا لدستور 2014، وتسمح بزيارة السجون ومقر الاحتجاز بالإخطار، وأن التعديلات تعطى المجلس القومى سلطة ملزمة على هيئات الدولة بتقديم المعلومات المطلوبة، والمتعلقة بحقوق الإنسان إذا ما طلبها المجلس، وأن تزيد مدة المجلس لأربع سنوات بدلا من ثلاثة. ويشير شكر، إلى أن لجنة الإصلاح التشريعى ناقشت مع ممثلى المجلس كل المقترحات، وكادت توافق عليها، لكن إحدى الجهات الأمنية - لم يسمها - رفضت ما يتعلق ببند طلب زيارة السجون بالإخطار فتعطل القانون. جورج إسحق عضو المجلس، أوضح أن قرار سحب مشروع تعديلات القانون جاء بعد رفض تعديل المادة الخاصة بزيارة السجون موضحًا أن المجلس فى مشروع تعديلات القانون طالب بأن يكون من حق أعضاء المجلس زيارة السجون وأماكن الاحتجاز بالإخطار وليس بإذن من أى جهة لكن لم تتم الموافقة على ذلك. ويقول إسحق أنه لا يعلم شيئًا عمّا تردد بأن سحب مشروع تعديلات القانون بسبب رفض المجلس إدخال تعديل ينص صراحة على أن يراقب الجهاز المركزى للمحاسبات أموال المجلس. لا تراجع ويؤكد كمال عباس، عضو المجلس القومى، أن الخلاف مع لجنة الإصلاح التشريعى، يتركز صراحة فى النص صراحة على السماح لأعضاء المجلس بزيارة الأقسام والسجون بالإخطار دون إذن مسبق، وأن هذا هو السبب الرئيسى وراء سحب مشروع التعديلات، مشيرًا إلى أن اللجنة تصّر على الحصول على الموافقات من النيابة العامة ووزارة الداخلية قبل ممارسة أعضاء المجلس عملهم فى هذا الشأن وهو ما يعرقل المجلس عن أداء مهمته. وكشف عباس عن وجود خلاف ثانٍ مع اللجنة ممثلًا فى رفضها أن يكون لأعضاء المجلس الحق فى الدخول كمتضامنين، ومدعين بالحق المدنى فى أى قضية يرفعها أى مواطن لتعرضه لأى انتهاك، موضحًا أن هذا حق يكفله الدستور لنا لكن اللجنة لا ترى ذلك. وفيما يؤكد عباس أن أعضاء المجلس لن يتراجعوا عن موقفهم وأنهم متمسكون بمطلبهم، نفى ما تردد بشأن اعتراض المجلس على رقابة الجهاز المركزى للمحاسبات على أمواله مشيرًا إلى أن الأموال التى يحصل عليها المجلس تكون من خلال الجهاز المركزى نفسه. من جانبه قال صلاح فوزى، عضو لجنة الإصلاح التشريعى: إن اشتراط إخطار من النيابة العامة ليمارس المجلس حقه فى زيارة المجلس فى صالح أعضاء المجلس، مشيرًا إلى إمكانية تعرض أعضاء المجلس للخطر داخل السجن، فى حالة عدم التنسيق. ويرى فوزى، أن النيابة العامة هى الجهة المشرفة على السجون بنص الدستور ولا ينازعها فى ذلك أى جهة كانت، لذلك كان ضروريًا اشتراط الحصول على التنسيق معها فى هذا الشأن لكونها السلطة المختصة. اتفاقيات دولية يؤكد منصف سليمان، عضو لجنة الإصلاح التشريعى أن المعترضين على اشتراط التنسيق مع النيابة العامة قبل زيارة السجون لا يدركون بنود الاتفاقيات الدولية التى تنظم عمل المجلس القومى لحقوق الإنسان، والتى وقعت عليها مصر وأصبحت جزءًا من التشريع الداخلى، طبقا للمادة 93 من الدستور. وأضاف سليمان، أن التنسيق مع النيابة العامة شرط دستورى أصيل، موضحًا أن التعديلات تلزم النيابة العامة فى ذات الوقت بمنح أعضاء المجلس التصريح فى مدة زمنية معروفة، وليس الأمر مفتوحًا، وكشف عن وجود اعتراضات من جانب المجلس القومى لحقوق الإنسان على رقابة الجهاز المركزى للمحاسبات. ويؤكد حافظ أبو سعدة، عضو المجلس، أن دخول أعضاء القومى لحقوق الإنسان إلى السجون بمجرد الإخطار يمكنهم من التحقيق فى الشكاوى والانتهاكات داخل السجون، موضحًا أنه إذا كانت هناك مشكلة داخل السجن فليس من مصلحة إدارة السجون أن تمنح مندوبى المجلس ترخيص دخول، مشيرًا إلى عدم تمكن المجلس من ملاحقة أى أزمة يتوجب الانتقال فورًا إلى مكانها لمعاينتها وإبلاغ النيابة العامة. وينفى أبو سعده تعارض مقترحات المجلس مع صلاحيات النيابة العامة، موضحًا أن النيابة العامة هى الرئيس الأعلى لمصلحة السجون والمشرف على السجون وأماكن الاحتجاز، ولا يجب أن يدخل أى مواطن لهذه الأماكن إلاّ بأذن من جهات التحقيق المختصة، ويضيف: «دورنا يتلخص فى التحقيق فى الشكاوى وفقًا لقانون المجلس وللقانون الذى أعطانا الحق فى التحقيق فى الشكاوى التى تمس انتهاكات حقوق الإنسان إذا ليس هناك تضارب بيننا لأننا لن نقوم بدور المحقق أو إحالة شكوى إلى التحقيق أو ضابط إلى المحكمة أو توقيفه أو غير ذلك، فنحن لا نتخذ أى إجراء من إجراءات التحقيق التى تملكها النيابة العامة ولكننا نسمع الشكوى ونسجلها وننقلها للنيابة العامة». ويرى محمد زارع، عضو المنظمة العربية للإصلاح الجنائى، أن النص على التنسيق مع الجهات المعنية وإخطارها قبل زيارة أعضاء حقوق الإنسان للسجون، جاء كعقاب للمجلس على آخر تقرير تم رفعه من المجلس لرئيس الجمهورية والذى كشف وجود حالات تعذيب تحدث بالسجون، معتبرًا أن تلك الخطوة تعد عائقًا وتحجيمًا لدور المجلس القومى وصلاحياته وبالتالى عدم معرفة مشاكل السجناء بدقة. ويضيف زارع: «ليس صحيحًا إدعاء البعض أن التصريح بالزيارة يكون بمجرد الإخطار، يعد تدخلًا فى أعمال النيابة العامة، لأن عضو المجلس مهمته رصد الانتهاكات التى تحدث مع السجناء، وإبلاغ هيئة النيابة العامة لاتخاذ الإجراءات اللازمة مع المتسبب بذلك وليس التدخل فى شئونها. ويؤيد نجاد البرعى، الناشط الحقوقى، اتجاه لجنة الإصلاح التشريعى بضرورة التنسيق مع الجهات المختصة وعدم السماح بالزيارات المفاجئة التى يقوم بها المجلس للسجون دون إذن مسبق، تحت بند ضرورة العمل الحقوقى، لأن زيارات السجون من قبل المجلس القومى تعد تدخلًا فى شئون أعمال النيابة العامة وتشريعاتها. ويوضح البرعى، أن دور المجلس القومى يقتصر على كتابة التوصيات التى ترفع للحكومة وانتظار الرد عليه وليس دخول السجون، بحسب تقديره.