تبعد قرية «الشامي» خمسة كيلومترات عن مركز ساحل سليم فى أسيوط، ويبلغ عدد سكانها نحو 10 آلاف مواطن ثلثهم أقباط، ويشتهر المركز بانتشار الأسلحة وتجارة المخدرات، فيما يعمل بعض الأهالى بالزراعة وبعض الحرف البدائية. والقرية تعيش تحت الحصار منذ شهر أغسطس الماضى، فعقب فض اعتصامى الإخوان فى «رابعة» و«النهضة»، 14 أغسطس العام الماضى، قام تشكيل عصابى مكون من مجموعات مسلحة بفرض «إتاوات» ومارست عمليات الخطف ضد الأهالى من الأقباط. وكانت البداية مع عائلة لطفى دميان التى رفض أبناؤها دفع الإتاوة المقررة، وكانت النتيجة اقتحام منزلهم ومقتل 2 من أفراد الأسرة هما عماد لطفى دميان عضو اللجنة العليا بالحزب المصرى الديمقراطى، وابن عمه مدحت صدقى دميان. وعلى الرغم من قيام عدد من الأقباط بتنظيم مظاهرات، الأمر الذى أدى إلى قيام أجهزة أمن أسيوط بحصار القرية لمدة 5 أيام متصلة للقبض على أفراد التشكيل العصابى المتخصص فى خطف الأقباط، وإجبارهم على دفع فدية تصل إلى 100 ألف جنيه مقابل تحريرهم، إضافة إلى السرقة بالإكراه بالطريقين الصحراوى والزراعى الشرقى القاهرةأسوان، الأمر الذى أوجد حالة من الفرحة بين الأقباط والمسلمين على السواء فى القرية، بسبب انتشار قوات الأمن والمدرعات فى الشوارع، فيما قال عدد من المواطنين تعليقا على ذلك «لقد شعرنا بوجود دولة منذ نزول قوات الشرطة إلى القرية»، فيما تمكنت الحملة التى تشنها مديرية أمن أسيوط من ضبط عدد من المتهمين، ومازالت أعمال التمشيط مستمرة لضبط باقى المتهمين فى مقتل القبطيين. ومن أشهر وقائع القتل نتيجة عدم دفع الفدية حادث مقتل قبطيين وهما «عماد لطفى»، «ومدحت حلمى» أبناء عمومة من القرية نفسها، وأظهرت التحريات الأولية حول الواقعة أن منفذ العملية 2 من البلطجية هما أشرف حلاقة وماجد فوزى الشهير والأخير مطلوب فى قضيتين ومحكوم عليه بالسجن المؤبد. وكان شقيق المتوفى الثانى سامى لطفى دميان 57 سنة طبيب نساء وتوليد اتهم محمد أحمد محمد وشهرته «أشرف حلاقة» (مسجل شقى خطر فئة ج ) تحت رقم 2193 قتل وفرض سيطرة، وآخرين، بإطلاق أعيرة نارية من أسلحة كانت بحوزتهم صوب المجنى عليهما وإحداث إصابتهما التى أودت بحياتهما على الفور بسبب رفضهما دفع الإتاوة المطلوبة. وتباينت آراء أهالى القرية ما بين من يؤكد أن فرض الإتاوات يقتصر على أقباط، ومن يؤكد أنها تُفرض على المسلمين والمسيحيين معا، ولكن الأهالى أجمعوا أنه لا توجد أى «فتن طائفية» بالقرية وأنهم جميعا يعيشون فى سلام ويتشاركون الأفراح والأحزان. وفى السياق نفسه قال أحد المتضررين من العصابة، رفض ذكر اسمه، إن المتهمين أشرف حلاقة وحمادة ثابت أجبرا نجله «أكرم» على دفع إتاوة بلغت 100 ألف جنيه ورفض تحرير محضر خوفا من بطشهم، مطالبا الشرطة بعدم إنهاء الحملة الأمنية إلا بعد القبض على المتهمين الرئيسيين. وقال وسيم دانيال، سائق توك توك تحدث ل«الصباح» بعد محاولات عديدة نظرا لخوفه مما سيحدث له من قبل التشكيل العصابى «إن قرية الشامية تعانى الانفلات الأمنى منذ سنوات طويلة وهناك مجموعة أشخاص يقومون بفرض الإتاوات وسرقتهم بالإكراه أو قتلهم حال رفضهم الدفع». من جهته، قال أحمد سعيد طالب بالمدرسة الإعدادية بالقرية «إحنا اتعودنا على ضرب النار والسرقة والخوف، حتى مدارسنا بيتخطف منها زمايلنا وأهاليهم بيدفعوا الفدية مرغمين علشان يرجعوا»، مطالبا المسئولين عن الأمن بإقامة نقطة شرطة فى القرية لما تعانيه من «انفلات أمنى». أما مينا بطرس بائع خضراوات فقال «إن الأمن عليه التواجد بشكل مستمر، ولكن الحل ليس هدم منازل البلطجية، فما يهمنا هو ضبط الخارجين على القانون لعودة الأمان للبلد»، رافضا ذكر أسماء الأشخاص الذين يقومون بفرض الإتاوات قائلا «مقدرش انطق الشرطة عارفاهم وبعدين لما القوات هتمشى محدش هيحمينى منهم». وشدد الحاج عبد السميع محمد 70 عاما، من أهالى القرية، على أنه «لا توجد فتن طائفية فى البلدة، ومعلوم للجميع أن المسلمين والأقباط يعيشون جيرانا بجوار بعضهم البعض، وحالات فرض الإتاوات هى حالات فردية يقوم بها بعض الخارجين على القانون وليس لها أى صلة بالدين، ونحن نشارك الأقباط ويشاركوننا الفرح والحزن وليس معنى وجود عصابة من الأشقياء تسرق أو تقتل أن هناك فتنة طائفية، فهى محاولات هدامة».