"جيشنا هو الأكثر أخلاقية بين جيوش العالم".. مقولة دأب الأمريكان على استخدامها للثناء على رجالهم في الجيش، قبل أن تكشف تقارير صحفية زيف هذه الادعاءات، وتؤكد ارتفاع نسبة جرائم الاغتصاب، والتحرش الجنسي، والشذوذ فى الجيش الأمريكي، و"فشل" أمريكا وجيشها "أخلاقيًا". ووفقا لصحيفة واشنطن بوست، فإنه خلال أسبوع واحد تم التحقيق فى أكثر من 31 دعوى اغتصاب، ووجهت المحكمة العسكرية اتهامات لأكثر من خمسة جنود، بممارسة جرائم الإغتصاب وتكوين علاقات "غير لائقة"، مع المتدربات بالقوات الجوية، بخلاف أكثر من35 حالة إغتصاب مازالت على ذمة التحقيق. وقال جاك سبير، عضو الكونجرس عن ولاية كاليفورنيا، أن جرائم الاغتصاب فى الجيش، هى نتيجة فشل طويل المدى للقيادة الفاسدة، بعد أن تعهد الجيش باتخاذ إجراءات صارمة ضد عمليات الإعتداء الجنسي، والإغتصاب فى صفوفه، منذ1992 فى أعقاب فضيحة ضخمة شهدتها القوات البحرية الأمريكية (المارينز)، وقام خلالها 175 ضابطًا بعمليات إغتصاب جماعي، وحينها تعهد قائد العمليات البحرية، الأدميرال فرانك كيلسو، بتغيير مؤسسي، فى طرق التعامل مع المجندات، وبعد أربع سنوات فقط، اندلعت فضيحة أخرى، وتم توجيه تهم الإعتداء الجنسي لعشرات الضباط. وتشير التقديرات إلى أن نصف مليون مجندة، تعرضن للاعتداء الجنسي أثناء الخدمة في الجيش الأميركي. وبحسب تقرير صادر عن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) عام 2012، فقد تم الإبلاغ عن 3192 حالة اعتداء جنسي، داخل صفوف الجيش، ووفقا للتقرير فإن هذا الرقم يمثل 15% فقط من الحوادث الفعلية، وأن العدد الحقيقي يصل إلى 20 ألف حالة كل عام. وأفاد التقرير إنه "لا يتم التعامل مع تقارير الإعتداء الجنسي بشكل مباشر، ونتيجة لذلك، نادرًا ما تتم ملاحقة الحالات خاصة أن ما يقرب من 70% من الحالات لا يتم إثباتها". وبحسب التقرير فإن الكونجرس أجرى عددًا من جلسات الاستماع لمجندات تعرضن لعمليات إغتصاب، وفي كل مرة كان يستمع إلى الضحايا وقصصهم المؤلمة، وتجاربهم، بدون نتيجة. ووجه عضو الكونجرس مايك تيرنر من ولاية أوهايو، رسالة الاسبوع الماضي فى مؤتمر حزبي، طلب فيها من القوات الجوية الرد على هذه الفضيحة الجديدة، وطالب القادة اجراء تغييرات جذرية داخل المؤسسة العسكرية. براءة العسكريين ووفقاً لواشنطن بوست، فإنه "من بين 3192 شكوى عام 2011، أدين فقط 191 فردا، وجرت محاكمتهم أمام محاكم عسكرية". وأضافت "الصحيفة" إن ما يحدث في صفوف الجيش "يثبت أن الاغتصاب، والتحرش الجنسي فى الجيش الأمريكي هو ثقافة أمة أمريكية كاملة، وثقافة سائدة بشكل متواصل في الجيش". وقال المقدم جو ريتشارد، المتحدث باسم "البنتاجون": "هناك آلاف التقارير عن الانتهاكات الجنسية في الجيش ضد الموظفين العسكريين، وهى في زيادة دائمة، ونحن نعلم أن العدد الفعلي أكثر من ذلك بكثير، وخاصة مع وجود 1.5 مليون فرد يخدمون في الجيش الأمريكي، فإن الأعداد الحقيقية ستكون أكثر من ذلك بكثير"، مضيفًا إن: "حالات الاعتداءات الجنسية تتضمن الاغتصاب المدبر والاغتصاب الفعلي، واللواط والشذوذ والتحرش الجنسي، حيث أن عشرات الآلاف من الجنود الأمريكيين والمجندات، يعيشون في أماكن معزولة، وبعيدة عن موطنهم الرئيسي، وتصل مدة بعدهم إلى سنوات، كما حدث في حرب العراق". وكشفت تقارير رسمية إن الكثير من الإنتهاكات وعمليات الاغتصاب، تحدث من قبل الضباط الكبار بحق الضباط أو الجنود الأقل رتبة، وتقوم وزارة الدفاع الأمريكية، بالتستر على العديد من التقارير والمعلومات الخاصة بجنودها والوحدات العسكرية المنتشرة في الداخل والخارج. وأشارت التقارير إلى فضيحة "تايلهوك" عام 1991 والتي تم خلالها إغتصاب عدد من المتدربين والمتدربات في صفوف القوات البحرية الأمريكية، كاشفة عن عمق الانتهاكات الجنسية والتصرفات الإباحية في الجيش الأميركي، عبر مئات حالات الاغتصاب، التي حدثت على مدى 3 أيام، كانت مدة انعقاد المؤتمر السنوي لمنظمة "تايلهوك" في سان دييجو بالولاياتالمتحدة، وفى عام 1997 تم كشف فضائح الاغتصاب والتحرش الجنسي والعلاقات الإباحية، بين جنود الجيش الأمريكي في معسكر التدريب العسكري في منطقة أبردين، أدت إلى تقديم العشرات من موظفي الجيش الأمريكي والعسكريين لمحاكمات عسكرية، بتهمة الإغتصاب والتحرش الجنسي، وفى عام 2000 قامت الفريق كلوديا كينيدي، وهى ضابطة كبيرة في الجيش الأمريكي، بإقامة دعوى قضائية ضد اللواء لاري سميث بسبب لقيامه بعمليات تحرش جنسي وفضائح أخلاقية، ومؤخرا فى عام 2012 تم القبض على رقيب القوات الجوية يدعى لويس ووكر، والذى يواجه محاكمة عسكرية في تكساس فى أول وأكبر فضيحة إعتداء جنسي منذ 16 عاما، والتى ألقت أضواء على الفشل العسكري الأمريكي. إجهاض المجندات اللافت للنظر أن الجيش الأمريكي يكافح الإعتداء الجنسي بسياسة الإجهاض، حيث ذكرت صحيفة "الديلي بيست" الأمريكية، أن الجيش الأمريكي قدم مشروع قانون للموافقة على إجهاض المجندات الأمريكيات اللاتي تعرضن لعمليات إغتصاب وسفاح القربى. وعارض جناح تنظيم المجندات بالجيش الأمريكي، والإتحاد الأميركي للحريات المدنية، القانون مطالبًا بوقف السياسة التى لا تمنح المجندات التغطية التأمينية فى حالات الحمل الناتج عن الاعتداءات الجنسية ووقف الرعاية لهن داخل النظام العسكري، مؤكدين أن الجيش يتبع سياسات قاسية ضد النساء اللواتي تعرضن للإغتصاب وأصبحن حاملات. ويأتى تمرير مشروع القانون بمجلسي النواب والشيوخ كخطوة أولى في تحسين حقوق المرأة العسكرية، ومنح المجندات حقوق في الإجهاض مثل أي موظف داخل الولاياتالمتحدة، واعتمد التعديل بتصويت الحزبين الجمهوري والديمقراطي، بما في ذلك التحالف من أجل الدفاع الوطني، و بتأييد القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، مع تأييد السيناتور جون ماكين، ممثل الحزب الجمهوري الذى طالب بوضع حد ل"السياسة العنصرية" تجاه المجندات، والسماح لهن وعائلاتهن، بحيث يشملهن نظام التغطية التأمينية للإجهاض في حالات التعرض للاغتصاب أو "سفاح القربى".