الرئيس الأمريكي أمر تميم بطرد مفتى الإرهاب من الدوحة وتسليمه للسلطات المصرية سافر إلى الدوحة بموافقة "عبد الناصر" وادعى اضطهاده في مصر ليحصل على الجنسية القطرية قدم فتاواه المتناقضة لتبرير جرائم العائلة الحاكمة.. ولعب على كل الحبال لتحقيق مصالحه الخاصة ---------------------------------------------------------------------------------------------------------------- يبدو أن "شهر العسل" بين النظام القطري والداعية الإخواني الشيخ يوسف القرضاوي أوشك علي الانتهاء وذلك بعد أن شهدت الفترة الأخيرة تطورات خطيرة باتت تهدد بتعكير صفو العلاقة بين الطرفين وتنذر ببدء تغيير جذري في التوجه القطري نحو القرضاوي. ولعل أبرز عوامل هذا التغيير هو اللقاء المرتقب للرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأسبوع المقبل بأمير قطر تميم بن حمد، حيث يواجه الأول ضغوطاً أمريكية على خلفية الحديث المثار حول علاقة الأمير بالإرهابي يوسف القرضاوي أحد أقرب مستشاريه الشخصيين وذلك وسط تكهنات تشير إلي مطالبة قطر بطرده وتسليمه للسلطات المصرية. وكان المحلل السياسي الأمريكي جوردن شاشتيل، حث الرئيس دونالد ترامب علي استفسار أمير قطر تميم بن حمد، عند لقائه به الأسبوع المقبل في البيت الأبيض، حول علاقته بالإرهابي يوسف القرضاوي أحد أقرب مستشاريه الشخصيين. وفي مقال نشره موقع "ذا دايلي واير" قال شاشتيل : "قل لي مَن تصاحب أقل لك مَن أنت، وإن أراد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فهم قطر وسياستها الخارجية وأميرها بأوضح طريقة ممكنة، ربما عليه معرفة أقرب مستشار لتميم".. مشيراً إلى أن القرضاوي المعروف بأنه القائد الروحي لجماعة الإخوان الإرهابية، مشهور بفتاويه التي تحض على الكراهية، وأنه موجود في قطر التي مٌنح جنسيتها بتوجيهات من العائلة المالكة. ولفت شاشتيل في المقال إلى أن "مفتي الكراهية" كان يستغل منابره بعد هجمات 11 سبتمبر، لدعم بعض المنظمات الإرهابية الأكثر عنفًا في العالم.. مشيراً إلى أن القرضاوي دعا الإرهابيين لتنفيذ عمليات تفجير انتحارية ضد الغرب، وهو ضيف دائم في الفعاليات التي تستضيفها العائلة المالكة القطرية، بل عادة ما يوصف بأنه ضيف شرف، ويجلس مباشرة بجوار الأمير، كما حدث خلال إحدى الفعاليات في شهر رمضان. وأوضح أن تقارير صحفية سابقة تحدثت عن تلك الفعالية التي أقامتها قطر في رمضان، إذ ظهر القرضاوي خلال لقطات عبر التلفزيون الرسمي كضيف شرف يجلس بجوار تميم ويتحدث بود معه، وتابع "لقد قبل أمير قطر رأسه، وهذا لم يحدث لمرة واحدة، بل عام بعد عام، يجلس القرضاوي بصفته ضيف شرف إلى جانب الأمير في الفعاليات رفيعة المستوى". وأضاف شاشتيل أن مضيفي القرضاوي في قطر لم يردوا بأدنى تأنيب على الفتاوى والدعوات العنف التي يطلقها، بل في الواقع يواصلون الإعلاء من شأنه بالحديث عن مدى قربه بالأمير، ما يشير إلى تأييد تميم لتصريحات وأساليب المفتي المتطرف. وذكر المحلل الأمريكي أن القرضاوي ليس فقط صاحب حضور منتظر بقصر الأمير، بل لسنوات عدة أيضًا كان ضيفًا عبر شبكة "الجزيرة" المملوكة للدوحة. واستطرد "استخدم الصديق المقرب للأمير منصته للدعوة للعنف والترويج لهذا التحريض الخطير والتعصب الأعمى للملايين من مشاهدي الجزيرة، المملوكة بشكل كامل للعائلة المالكة في قطر". واختتم المحلل السياسي مقاله بالقول إن لقطر سجلاً طويلاً وحافلاً بتقديم دعم علني وسري لمنظمات صنفتها الولاياتالمتحدة إرهابية، لافتًا إلى أن الرابط بين آل ثاني والقرضاوي هو أوضح مثال على أن الدوحة تلعب لصالح الفريق الآخر في الحرب العالمية على التطرف. تناقضات حياتية ويعتبر يوسف عبد الله القرضاوي، المصري الأصل القطري الجنسية، هو الرجل القوي النافذ والمؤثر في قطر، والذي لا ترد كلمته، ولا يعصي له أحد أمراً، وبسببه واجهت قطر كثيراً من الضغوط خلال السنوات الأخيرة بسبب سعيها لمنع إدراج اسمه من قبل على قوائم الإرهاب الأمريكية، وكانت ترفض أي وساطة للمطالبة بتسليمه لمصر رغم إدراج اسمه أيضاً في قوائم الإرهاب، التي أصدرتها الدول الأربع السعودية ومصر والإمارات والبحرين. ظل "القرضاوي" يمثل لغزاً حير الكثير نتيجة تناقضاته وتغير وتبدل مراحل حياته، فقد كان الرجل يسير من النقيض إلى النقيض في كل مرحلة من مراحل حياته، وذلك لاختلاف الوجهة التي يقصدها، واختلاف الراعي الرسمي له. ربما لا يصدق كثيرون أن القرضاوي الذي سجن في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وتعرض للتعذيب هناك، لتورطه في الانضمام لتنظيم الإخوان المسلمين الذي حاول اغتيال عبدالناصر عدة مرات، أعير بموافقة الحكومة المصرية ونظام عبدالناصر نفسه للعمل في دولة قطر في العام 1961، وهناك في قطر عمل كمدرس مساعد ورفض تجديد جواز سفره المصري بحجه أنه معارض لنظام عبدالناصر ويخشى من اعتقاله لو عاد لمصر، الأمر الذي دفع بالسلطات القطرية لإيوائه ومنحه الجنسية. وربما لا يصدق كثيرون أن الرجل الذي عمل مأذوناً شرعياً في قريته صفط تراب بالمحلة الكبرى محافظة الغربية، ومن خلال مهنته هذه، انضم إلى الإخوان وتقرب لقادتهم في المحلة، ومن المحلة انطلق للقاهرة ليلتحق بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر ويعمل في جناح الجماعة السري في القاهرة الذي كان يخطط آنذاك لقلب نظام الحكم. مفتي الجماعة ويعد عام 1995 فاتحة الخير بالنسبة للقرضاوي إذ أصبح مقرباً من العائلة الحاكمة يقدم لها الفتاوى التي تعزز سلطتها ومكانتها ونفوذها، بل كان يقدم الفتاوى التي تجعل كل أعضاء جماعة الإخوان والتنظيمات التي تفرعت منها مجرد أداة في يد النظام القطري. وفي يونيو من ذلك العام انقلب ولي العهد الشيخ حمد بن خليفة على والده الشيخ خليفة، وهنا كان دور القرضاوي الذي لم ينسه الأمير الجديد، فقد أفتى صراحة بأن الشرع يجيز انقلاب حمد على والده، وقال نصاً إن مصلحة الأمة تجيز ما فعله الشيخ حمد، وكان مبرره أن ما حدث كان استجابة لإرادة الأمة والشعب القطري، فالقطريون هم الذين طلبوا من حمد أن ينقلب على أبيه. دائرة الانتقام فتوى القرضاوي جاءت انتقاماً من الأمير السابق الشيخ خليفة، الذي كاد يطرده من قطر وهذه قصة شهيرة تعود تفاصيلها إلي وقت تولي الكاتب المصري رجاء النقاش رئاسة تحرير مجلة "الدوحة" في عهد الشيخ خليفة بن حمد، حيث نجح وقتها في تقديم قطر للعالم بصورة الدولة المهتمة بالثقافة والنهضة مما جعله مقرباً من الأمير وأصبح من أبرز مستشاريه. دبت نيران الغيرة في القرضاوي من رجاء النقاش لذا أفتى بتكفيره، بسبب بعض آرائه ومقالاته، وأثارت الفتوى ضجة هائلة وخشي الأمير من ردة فعل الإسلاميين الذين أيدوا فتوى القرضاوي لذا أغلق مجلة "الدوحة" لوأد نار الفتنة، وقام بتنصيب النقاش مديراً لتحرير لصحيفة "الراية"، وهي الصحيفة الوحيدة في ذلك الوقت في البلاد، كما قام بتجميد نشاط القرضاوي، وكان على وشك سحب الجنسية منه لولا تدخل المقربين الذين سعوا لتهدئة الاجواء. بعد هذه الواقعة اعتبر القرضاوي الشيخ خليفة عدواً له، ولذلك وعقب انقلاب الشيخ حمد على والده أفتى الشيخ المصري بجواز وشرعية ذلك، وهو ما منح الشيخ حمد بن خليفة شرعية لانقلابه. وعقب انطلاق قناة "الجزيرة" خصصت القناة بدعم وتوجيهات من الأمير برنامجاً للقرضاوي، الذي سعى لتعزيز نفوذه في قطر، وتقديم الدعم المالي والمعنوي لجماعته الأم جماعة الإخوان التي توافد قادتها وأنصارها على قطر، إما للعمل أو للحصول على دعم مالي وبمباركة القرضاوي. فتاوي تفصيل وبمرور الوقت أصبحت قطر تعتمد القرضاوي لإضفاء شرعية دينية علي ممارساتها وعلاقاتها السياسية من خلال من خلال فتواه التي تجمع كافة المتناقضات وتفضحها وسائل التواصل ومواقع اليوتيوب. ففي الوقت الذي كان أمير قطر على علاقة جيدة بسوريا وحزب الله كانت فتاوى القرضاوي تضفي هالة على الرئيس السوري بشار الأسد وحزب الله وتصفهم بأنهم من يقودون الأمة لمواجهة مؤامرات الغرب ضد العرب. واستمراراً لهذه المواقف المتناقضة أصدر القرضاوي فتوى تبرر مواقف قطر من حرب العراق، حيث أفتى وأجاز للمسلمين في أميركا بالقتال مع الجيش الأمريكي في العراق وأفغانستان. والغريب أنه أفتى القرضاوي بعدم جواز تصويت المسلم السوداني لصالح انفصال الجنوب السوداني، لأن هذا كان موقف قطر الرسمي. وتحدث القرضاوي سابقاً عن الرئيس التونسي زين العابدين بن علي بكل حب وتقدير وصفه براعي الثقافة، لكن عقب اندلاع ثوره تونس انقلب عليه وصفه ب"الغبي" تماشياً مع الموقف القطري. وعقب وصول الإخوان للحكم، أفتى القرضاوي بعدم الخروج على الحاكم ووصف من سيخرجون على الرئيس المعزول محمد مرسي بالخوارج، لأن وجود الإخوان في الحكم كان هو الهدف القطري، الذي سعت من خلاله للتدخل في الشأن المصري. وظلت العلاقة بين القرضاوي والشيخ حمد بن خليفة علاقة وطيدة، فالأمير يدين بالفضل للقرضاوي في ترسيخ شرعيته، والقرضاوي يدين للأمير بالفضل في تعزيز مكانته ونفوذه في قطر والعالم الإسلامي، حيث قال القرضاوي إنه لولا الأمير لكان في قائمة الإرهاب، بعد أن وقف في وجه الولاياتالمتحدة عندما حاولت إدراج اسمه بين قائمة الشخصيات الداعمة للإرهاب. وقال القرضاوي في كلمة له على موقعه الرسمي: "لولا الشيخ حمد بن خليفة أمير البلاد لكنت في قائمة الإرهابيين، لقد أصر الأمريكيون على إدخالي في القائمة، فوقف الأمير بقوة وشجاعة وإصرار ضد إصرارهم، وأصبحت بعيداً عن تهمة الإرهاب"، وأضاف أن "الله أكرمني بدولة قطر التي أفسحت لي الطريق، ولم يقف أمامي أي عائق في سبيل حرية القول جميع وسائل الإعلام وقطر لم تضع أمامي خطوطا حمراء".