ننشر لكم اليوم السبت الموافق الثالث عشر من رمضان على كيفية ضبط الإنسان المسلم لتناول الطعام والشراب خلال اليوم وتعويد النفس على الضبط الذاتي لعادات الأكل والشرب اليومية، علما أن شهر رمضان الكريم هو فرصة لإعطاء المعدة والجهاز الهضمي راحة عضوية وفسيولوجية، وإعطاء الجسم كله فرصة للتخلص من تراكم السموم التي يُخلفها الانفلات اليومي في تناول الأطعمة والأشربة بأنواعها طوال ساعات اليوم. وما يحتاج الصائم إدراكه هو كيفية التفاعل والتعامل مع التغيرات الفسيولوجية والعضوية التي يمر بها الجسم خلال ممارسة شعيرة الصوم، وكيفية تقليل التأثيرات التي تطال الجسم جراء الامتناع عن تناول الطعام والسوائل خلال ساعات النهار، ووضع خطة للتغذية اليومية، والأهم كيفية رفع مستوى الاستفادة القصوى من هذه الفرصة السنوية العظيمة للصوم. كما أن الحرص على تأخير السحور إلى آخر وقت ممكن هو أفضل ما يقوم به المرء لتخفيف تأثيرات الامتناع عن تناول الطعام والشراب خلال صوم نهار رمضان. ويدخل الجسم مرحلة الصوم بعد ما بين سبع إلى ثمان ساعات من بدء عدم تناول الطعام والشراب، بعد إتمام الجهاز الهضمي هضم طعام وجبة السحور والفراغ من امتصاص الجهاز الهضمي لكل العناصر الغذائية التي احتوتها الأطعمة التي تناولها المرء في وجبة السحور. وفي الحالات الطبيعية، يلعب دوره سكر الجلوكوز في الجسم، وهو المصدر الرئيسي لحصول خلايا الجسم على وقود إنتاج الطاقة. وخلال الصوم يُستخدم هذا الجلوكوز المخزون في الجسم لتزويد خلايا الجسم بمصدر وقود إنتاج الطاقة كي تستخدمه الخلايا لتستطيع القيام بمهامها وواجباتها لعمل أجهزة الجسم وأنظمته الكيميائية الحيوية. ثم وفي مراحل تالية من الصوم، وحينما ينتهي مخزون الغلوكوز من العضلات والكبد، يبدأ الجسم باستخدام الشحوم باعتبارها المصدر الثاني لوقود إنتاج الطاقة، كما يُمكن للكبد إنتاج كميات قليلة من سكر الغلوكوز عبر تفاعلات معقدة. وفقط بعد الصوم عن تناول الطعام لعدة أيام متواصلة، يبدأ الجسم باللجوء إلى البروتينات واستخدامها كمصدر لوقود إنتاج الطاقة في خلايا الجسم، ومصدر البروتينات في هذه الحالة هو العضلات. ولأن صوم نهار رمضان هو عدد من الساعات، من الفجر إلى غروب الشمس، فإن هذه فرصة ممتازة لإعادة بناء مخزون طاقة الغلوكوز، كما أنها تمثل فرصة للتحول التدريجي إلى استخدام الشحوم الموجودة في الجسم بشكل غير قاس، في إنتاج الطاقة. والأهم في الصوم فقط من الفجر إلى مغيب الشمس هو منع حصول عملية تحلل العضلات من أجل توفير البروتين كمصدر لوقود إنتاج الطاقة. وباستخدام الشحوم يوميًا لإنتاج الطاقة، يُسهم الصوم في خفض وزن الجسم وتقليل كمية الشحوم فيه، وخفض الكولسترول، وخفض ضغط الدم، إضافة إلى ضبط أفضل لنسبة السكر في الدم لدى مرضى السكري. وليس هذا فقط بل أن الصور يقوم بعملية إزالة السموم عن الجسم وذلك من خلال إذابة أي سموم تم خزنها في شحوم الجسم وإخراجها منه. وتشير المصادر الطبية إلى أن بعد بضعة أيام من الصوم ترتفع نسبة هرمونات إندروفين، وهو ما يرفع من مستوى الوعي والشعور بالراحة النفسية والبدنية. ومن المهم إدراك ضرورة صنع حالة من التوازن فيما بين تناول الطعام والسوائل خلال فترة شهر الصوم، وهو ما يُساعد الكلى على أداء مهامها وحفظ معدلات الأملاح في الدم ضمن المستويات الطبيعية. ولهذا صيام نهار أيام مفيد للصحة، ولكن إذا لم يتم اتباع نمط صحي في الأكل والشرب فإن الأمر قد يتحول إلى أضرار صحية تُزيل فوائد الصوم للجسم. ويؤكد موقع الموجز أيض إلى أن الضرر ليس الصوم بل ما يتم تناوله من أطعمة وأشربة في ساعات الليل، وذلك عبر الإفراط في تناول الأطعمة والعشوائية في انتقائها واختيار نوعيات غير صحية من الأطعمة. وبالمقابل فإن الاعتدال في تناول الأطعمة والحفاظ على التوازن في مكونات الوجبات للإفطار والسحور والحرص على تناول أطعمة تم إعدادها وطهوها بطرق صحية هو المفتاح لاستفادة الجسم بشكل صحي من الصوم. والمطلوب تناول أطعمة طبيعية تحتوي على سكريات معقدة وبروتينات ودهون نباتية غير مشبعة وألياف ومعادن وفيتامينات. وهنا يأتي دور تناول البقول والحبوب الكاملة ومشتقات الألبان قليلة الدسم واللحوم الخالية من الشحوم والفواكه والخضراوات. ومن أمثلة الحبوب القمح والشوفان وبقول الفول والحمص والفاصوليا والبازلاء والعدس، ومن أمثلة الخضراوات الفاصوليا الخضراء والورقيات والجزر والكوسة والبطاطا بقشرتها. ومن أمثلة الفواكه المشمش والرطب والتمر والتين والعنب والرمان. ولهذا من الضروري تقليل تناول جميع أنواع الأطعمة المقلية، والأطعمة المحتوية على السكر الأبيض، والأطعمة الدسمة بالدهون، والأطعمة المحتوية على دقيق القمح الأبيض وغيرها. وأيضًا تقليل تناول الأطعمة والمشروبات المحتوية على الكافيين الذي تتسبب في إدرار البول وفقد الجسم للسوائل.