المعارضة لا يجوز أن تكون مشروطة.. والمجتمع المدنى يحتاج لإصلاح من الداخل يجب إنهاء أزمة الحبس الاحتياطى بغض النظر عن الضغوط الخارجية جمع بين العمل السياسى والحقوقى والمحاماة هذه السمات جعلته مؤهلاً بقوة لترأس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان خلفاً لرئيسها السابق حافظ أبو سعدة، هو المحامى والقيادى الوفدى البارز عصام شيحة الذى ترافع فى العديد من قضايا الرأى والحريات من خلال مكتبه القاطن بمنطقة وسط البلد معقل «الحريات»، من هنا أجرت الفجر هذا الحوار الذى أكد خلاله ضرورة وجود معارضة حقيقية تعبر عن المصريين، وأن تصل الأحزاب للقرى والنجوع حتى تستطيع أن تتعافى مرة أخرى وتقوم بدورها الحقيقى، وإلى نص الحوار. ■ بداية هل الصراعات المستمرة أفقدت حزب الوفد هويته؟ - الصراعات فى الوفد دائمة ومستمرة وهذا دليل على حيويته ولا أستطيع القول إن الصراع الأخير سبب فقد الوفد هويته خاصة أن الوفد فى الفترة الأخيرة فقد بوصلته وأصبح من الصعب أن يستوعب الرأى العام أين الوفد هل هو حزب يسارى أم يمينى وهل هو معارضة أم حزب موالاة ففقد بوصلته وأتصور أن الأزمة الحقيقية التى يمر بها الوفد فى الوقت الراهن هو تحديد بوصلته واتجاهه. ■ صرح بهاء أبو شقة رئيس حزب الوفد فى حديث له بأن الحزب يتعرض لمؤامرة كبرى... ما تعليقك على هذا؟ - «أبو شقة» محام جنائى معروف ويدرك خطورة الكلمة وقوله هذا يعنى أن لديه من الأدلة ما يدفعه لتوجيه مثل هذه الاتهامات، صحيح أن هناك بعض الأخطاء التى نتمنى تصحيحها ولكنه سيظل حزب الوحدة الوطنية ويخطئ من يتوهم أن الحزب عزبة أو دكانه. ■ كيف ترى حديث الرئيس عن الحاجة لمعارضة حقيقية؟ - لا أفهم ما معنى أن تكون المعارضة مشروطة فالمعارضة معناها أن يكون حزبًا يمتلك رؤية وبرنامجًا يطرح نفسه كبديل للحزب الحاكم، وهذا معناه بالضرورة أن المعارضة تعارض ما تشاء من أرضية وطنية، وأستطيع القول أن المعارضة فى مصر وطنية من الطراز الأول ممثلة فى الأحزاب السياسية ولا أستطيع التحدث باسم المعارضة خارج الإطار الشرعى ولكن المعارضة الوطنية كلها تنطلق من المصلحة الوطنية وتسعى لبناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، وأتفهم حديث سيادة الرئيس وأن المعارضة تنطلق من رؤية مخالفة للنظام وبرنامج مخالف للنظام بهدف الوصول للسلطة وأزمتنا الحقيقة أنه لا توجد لدينا معارضة حقيقية قادرة وراغبة فى الوصول للسلطة. والمعارضة غائبة فى الوقت الراهن وأغلب القوى السياسية تبدو موالية للنظام أكثر منها معارضة له وهذا يعطى الفرصة للمعارضة غير الشرعية أن تلعب دوراً. ■ ماذا تقصد بالمعارضة غير الشرعية؟ - مثل جماعة الإخوان الإرهابية والتنظيمات السياسية التى تعمل من خارج الوطن والقوى السياسية غير الممثلة فى أحزاب مشروعة. ■ هل نعيش الآن سياسة الحزب الواحد؟ - كلنا يحكمنا الدستور المصرى وهو من أفضل الدساتير التى عرفتها الدولة المصرية بعد دستور 23 وهذا الدستور نص فى مادته الخامسة أن الحياة السياسية فى مصر ترتكز على التعددية السياسية والحزبية والقانون رقم «40 » لسنة 77 وتعديلاته تحدث عن الأحزاب السياسية ونص على أن الأحزاب تمثل قطاعات المجتمع وتنافس للوصول إلى السلطة وهذا ما يفرقها عن النقابات المهنية والعمالية والجمعيات الأهلية فالطبيعى أن تكون هناك أحزاب تنافس على السلطة وكل ما أخشاه أن يكون مستقبل وطن يكرر نفس تجربة الحزب الوطنى لأن الأحزاب حتى يكون لها أرضية تنشأ من القرى والنجوع حتى يكون لها قاعدة جماهيرية وما يجعلنى أوجه هذا النقد هو حبى وحرصى على الوطن وكان هناك تجربة خاصة بالحزب الوطنى فكان هناك 3 ملايين عضو عندما قامت ثورة يناير تبخر لأنه لم يكن يمتلك قواعد على الأرض والمهم لأى حزب أن يكون له قواعد على الأرض وأن يعبر بشكل حقيقى عن رؤية وبرنامج له. ■ غابت الأحزاب السياسية فى الآونة الأخيرة عن المشهد فما سبب ذلك؟ - قضية الهجوم على الأحزاب السياسية قديمة وطيلة الوقت نوجه اللوم للأحزاب السياسية هل هو البديل أن يكون لدينا حزب واحد فالتجربة السياسية أثبتت أن الحزب الواحد فشل ووصلنا إلى هذه النتيجة فالرئيس جمال عبد الناصر ألغى الأحزاب عام 53 وكانت النتيجة تعرضنا لنكسة وقبل وفاته قال إننا أخطأنا عندما ألغينا الأحزاب وكان أول القرارات التى اتخذها الرئيس أنور السادات بعد استقرار الأمور بعد نصر أكتوبر أنه أعاد المنابر مرة أخرى فى 76 يمين ويسار ووسط وأصبح لدينا عدد من الأحزاب والهجوم على الأحزاب يضر الحياة السياسية وبالفعل الأحزاب تعانى من مشاكل عديدة ولكن لا يجب البحث عن بديل لها ومنظومة الحزب الواحد جميعها فشلت وعندما تؤمن الأحزاب أنها قادرة على الوصول إلى السلطة أستطيع القول أن لدينا تجربة حزبية ناجحة ولكننا للأسف عشنا وقتًا طويلًا بين خيارين كلاهما صعب بين الحزب الوطنى أو جماعة الإخوان الإرهابية وأتمنى أن يكون لدينا بديل قادر وآمن من الأحزاب السياسية وأن نتخلص من فزاعة القبول بالبديل المستحيل ونرغب فى بديل آمن ومعروف أعضائه وليس كجماعة الإخوان خارجًا من تحت الأرض. وأؤيد فكرة نقد الأحزاب وحثها على القيام بدورها وبالفعل الدولة لديها رغبة فى دعم الأحزاب وهذا كان واضحًا فى أغلب خطابات الرئيس التى حث فيها الأحزاب على التحالف والاندماج والقيام بدورها وبناء كيانات كبيرة وأستطيع القول أنه فى لقاء سابق مع الرئيس خاص بحزب الوفد أعلن الرئيس حرصه على حل الأزمة وتدخل الرئيس لحل أزمة داخل حزب محسوب على المعارضة معناه أن الدولة لديها إرادة سياسية لدعم ومساندة الأحزاب ولكننا للأسف فوتنا الفرصة فالأحزاب فشلت ولكن ليس معنى فشل الأحزاب فى مرحلة أن نهاجم الأحزاب فيجب دعمها من قبل الدولة والرأى العام والإعلام. ■ هل أثرت صراعات حزب الوفد على الأصوات التى حصل عليها فى انتخابات الشيوخ والنواب؟ - لا جدال أن صراعات الوفد أثرت على صورته لدى الرأى العام والانتخابات وتفاوضه مع حزب مستقبل وطن والأحزاب الأخرى لسببين أن النظام الانتخابى كان بالقائمة وكانت جامعة مانعة، كما كانت جميع الكوادر راغبة فى المشاركة بالقائمة لسببين أولهما أنها بدون تكلفة والسبب الآخر وجود مؤشرات لنجاحها، فهناك رغبة قوية للمشاركة فى القائمة الوطنية لأنه بمجرد الدخول فيها يصبح لديك فرصة كبيرة أن تصبح نائبًا فى البرلمان، ومن هنا حدثت انقسامات فالعدد المطلوب من مشاركة الوفد محدود فى الوقت نفسه يوجد نحو 200 قيادة راغبة فى المشاركة وبالتالى العدد الغاضب أكبر خاصة أنه كان يرى عدم وجود معايير للمشاركة وكانت أغلب كوادر الحزب لا تمتلك المال لأن يكونوا بالقائمة، وعلى الجانب الآخر رأوا مشاركة البعض فى البرلمان دون أية أموال ومن هنا بدأ الصراع بالحزب بسبب المشاركة فى الإنتخابات واعتبار البعض أن رئيس الحزب هو من اختار واستبعد الآخرين. ■ ما أبرز العقبات التى تواجه منظمات حقوق الإنسان بمصر؟ - لاشك أننا نعانى من بعض المشاكل ولا توجد دولة فى العالم ليس لديها مشاكل ومهمتنا الرئيسية الحفاظ على كرامة المواطن المصرى وحث الدولة على الحد من التجاوزات فى مجال حقوق الإنسان وبالفعل نجحنا فى حث الدولة على تعديل بعض التشريعات ومنها قانون الجمعيات الأهلية ويسرت لائحة القانون بنسبة 80% العقبات أمام العمل الأهلي وهذا إنجاز كبير ولكن المنظمات بمصر تعانى بشكل كبير من توقف الدعم وأغلب منظمات المجتمع المدنى بمصر تعتمد اعتمادًا كبيرًا على التمويل الأجنبى. ■ ملف المحبوسين احتياطيا شائك.. هل نحن بحاجة إلى إصلاح تشريعى فى هذا الصدد؟ - يوجه إلينا نقدا شديدا من المحافل الدولية بسبب الحبس الاحتياطى الذى يتجاوز مدة العقوبة فى بعض الجرائم ببعض الأحيان خاصة بعد الخلط بين حرية الرأى والتعبير والسب والقذف فوجدنا أن أغلب الشباب تم حبسه احتياطيا على ذمة قضايا السب والقذف ولايعلم هؤلاء الشباب أن قانون العقوبات المصرى يعاقب فى المادة 304 وما بعدها على السب والقذف وتصوره أنه يوجه نقدًا وهذا النقد الذى يتضمن كلمات نابية يندرج تحت جريمة السب والقذف ولكن فى بعض الأحوال تتأخر الإحالة إلى المحكمة، وقد تدخل الرئيس بالفعل فى هذه القضايا وأطالب بتدخل النائب العام ليحيل كافة القضايا التى مر عليها أكثر من 90 يوما إلى المحاكم أيا كانت هذه القضايا والقانون ينص أن المدة قد تصل إلى 24 شهرا وهذا فى الجرائم المعاقب عليها بالإعدام وهناك جرائم يظل المتهم فى الحبس عامين والقضية نفسها عقوبتها شهور وأتمنى أن تستجيب مؤسسات الدولة لمطالب المجتمع المدنى وتفرج عن كل المتهمين على ذمة قضايا الرأى أو إحالتهم للمحاكم لمحاكمتهم. ■ من وجهة نظرك ما الملف العاجل لحقوق الإنسان فى الفترة الحالية؟ - الدولة بعد عام 2013 عملت بشكل كبير على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وحققت فيها إنجازا كبيرا وأتصور أنه آن الأوان للعمل على الحقوق السياسية خاصة فى ظل وجود تربص للدولة المصرية وهذا يلزمنا بفتح الأبواب لممارسة السياسة وحرية الرأى والتعبير لضمان استقرار هذا الوطن والمهمة الأساسية هو الحفاظ على كيان الدولة وكرامة المصريين. ■ ما سبب غياب منظمات المجتمع المدنى عن المشهد؟ - من الإنصاف القول أن منظمات المجتمع المدنى قدمت خدمات جليلة للوطن وهذا ظهر فى بعض الأزمات التى مر بها الوطن وبناء مدارس وبنك الطعام والمنظمات التى تعمل فى الخدمات الاجتماعية سدت عجزا كبيرا وكل ما نحتاجه فقط هو إعادة بناء الثقة بين منظمات المجتمع المدنى والدولة والمواطن، ونحتاج أن يكون المواطنون فاعلين فى هذه الجمعيات حتى يكون هناك نوع من المحاسبة والمكاشفة والمشكلة ليست فى المجمع المدنى ولكن فى تدبير الموارد والتمويل. ■ تورط الكثير من الحقوقيين فى قضايا تحرش.. فهل ترى أن المجتمع المدنى بحاجة إلى إصلاح؟ - المجتمع المدنى يحتاج لإصلاح ذاتى وليس عيبا أن يتم توجيه النقد بهدف الإصلاح ولم أندهش حينما خرجت شهادات تتهم حقوقيين بالتحرش واعترف هؤلاء الأشخاص ولكن فى النهاية حرية الرأى والتعبير أتاحت للضحايا الحديث وأجبرت المتحرشين على الاعتراف بجريمتهم وهناك قوانين رادعة لجريمة التحرش ومن باب أولى على كوادر المجتمع المدنى أن تكون حريصة أكثر وأن تمتنع عن ارتكاب مثل هذه الجرائم خاصة أن هذه الجمعيات من مهامها الدفاع عن حقوق المرأة ودعمها.