القانون يحدد شروط لإصدار الفتوى.. تعرف عليها    قوات الاحتلال تعتقل 14 فلسطينيًا خلال اقتحام مدينة نابلس    إعلام: المسؤولون الأوروبيون منزعجون من تملق روته لترامب في قمة الناتو    طلاب الثانوية العامة بالمنوفية يؤدون اليوم امتحاني الفيزياء والتاريخ    كأس العالم للأندية| مونتيري يضرب أوراوا بثلاثية في الشوط الأول    تعرف على موعد صرف المعاشات بالزيادة الجديدة    ترامب يشن هجومًا على القضاء الإسرائيلي لمحاكمته نتنياهو    وفد برلماني من لجنة الإدارة المحلية يتفقد شركة الإسكندرية لتوزيع الكهرباء    تحديد الإيجار حسب المنطقة.. قانون جديد لتوفيق أوضاع المالك والمستأجر    محافظ المنيا يشهد احتفال الأوقاف بالعام الهجري الجديد - صور    تشريع جديد يُنصف العامل.. كيف يؤمن القانون الجديد حقوق العمال؟    21 طالبًا مصريًا في برنامج التدريب الصيفي بجامعة لويفيل الأمريكية    بينهم إصابات خطيرة.. 3 شهداء و7 مصابين برصاص الاحتلال في الضفة الغربية    5 أيام حمائم.. كيف انتهت حرب إيران وإسرائيل ب"شكرًا لحسن تعاونكم معنا"؟    جزئيًا.. إيران تُعيد فتح مجالها الجوي بعد وقف إطلاق النار مع إسرائيل    راغب علامة يكسر الرقم القياسي في "منصة النهضة" ب150 ألف متفرج بمهرجان "موازين"    رسالة وداع مؤثرة من حمزة المثلوثي لجماهير الزمالك.. أنتم الروح    "وشلون أحبك".. على معلول يتغزل بزوجته بصورة جديدة    الدولار ب49.85 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الخميس 26-5-2025    إصابة 9 عاملات بمصنع ملابس في حادث بالمنيا    مها الصغير تتهم أحمد السقا بضربها داخل كمبوند    إصابة 10 أشخاص في حادث على طريق 36 الحربي بالإسماعيلية    محمد رمضان: "رفضت عرض في الدراما من أسبوع ب 200 مليون جنيه"    «نقل الكهرباء» توقع عقدًا جديدًا لإنشاء خط هوائي مزدوج الدائرة    مؤتمر إنزاجي: سنحاول استغلال الفرص أمام باتشوكا.. وهذا موقف ميتروفيتش    يورو تحت 21 عاما - من أجل اللقب الرابع.. ألمانيا تضرب موعدا مع إنجلترا في النهائي    شديد الحرارة وتصل 41 درجة.. تحذير بشأن حالة الطقس اليوم الخميس    التشكيل الرسمي لقمة الإنتر ضد ريفر بليت فى كأس العالم للأندية    إليسا تهنئ نادر عبدالله بعد تكريمه من «ساسيم»: «مبروك من نص قلبي»    بمناسبة العام الهجري الجديد.. دروس وعبر من الهجرة النبوية    تمريض حاضر وطبيب غائب.. رئيس الوحدة المحلية لنجع حمادي يفاجئ وحدة الحلفاية الصحية بزيارة ليلية (صور)    قافلة طبية لعلاج المواطنين بقرية السمطا في قنا.. وندوات إرشاية لتحذير المواطنين من خطر الإدمان    مينا مسعود يزور مستشفى 57357 لدعم الأطفال مرضى السرطان (صور)    إدارة الغذاء والدواء الأمريكية تُلزم بإضافة تحذير عن خطر نادر للقلب بسبب لقاحات كورونا    صحة مطروح تنظم احتفالية كبرى بمناسبة اليوم العالمي للتبرع بالدم    3 أيام متتالية.. موعد إجازة ثورة 30 يونيو 2025 للقطاع العام والخاص بعد ترحيلها رسميًا    صوت بلغاريا مع أنطاكية.. البطريرك دانيال يندد بالعنف ويدعو إلى حماية المسيحيين    الزمالك يستقر على قائمته الأولى قبل إرسالها لاتحاد الكرة    حضور جماهيرى كبير.. ويل سميث لأول مرة فى مهرجان موازين بالمغرب (صور)    وزير الرياضة يهنئ أبطال السلاح بعد التتويج ب 6 ميداليات أفريقية    مع إشراقات العام الهجري الجديد.. تعرف على أجمل الأدعية وأفضلها    مصطفى نجم: الزمالك على الطريق الصحيح    الدفاعات الإيرانية تسقط طائرة مسيّرة مجهولة قرب الحدود مع العراق    «الشؤون العربية والخارجية» بنقابة الصحفيين تعقد أول اجتماعاتها وتضع خطة عمل للفترة المقبلة    محافظ قنا يتفقد مشروع تطوير ميدان المحطة.. ويؤكد: نسعى لمدينة خضراء صديقة للبيئة    رئيس كهرباء البحيرة يوجه بتأمين التغذية الكهربائية للقرى السياحية بمنطقة الضبعة    4 أبراج «عارفين كويس همّ بيعملوا إيه».. غامضون لا يحتاجون إلى نصيحة وقراراتهم غالبًا صائبة    عيار 21 الآن بعد الارتفاع الجديد.. قفزة بأسعار الذهب اليوم الخميس بالصاغة محليًا وعالميًا    إصابة 11 شخص من كلب ضال فى الغربية    مع حلول العام الهجري الجديد 1447ه.. متى يبدأ رمضان 2026 فلكيًا؟    دار الإفتاء تعلن اليوم الخميس هو أول أيام شهر المحرّم وبداية العام الهجري الجديد 1447    دعاء العام الهجري الجديد 1447ه مستجاب.. ردده الآن لزيادة الرزق وتحقيق الأمنيات    بعد الاعتداء على 3 أطفال وتصويرهم.. قضية "توربينى البحيرة" تشهد فصلا جديدا فى ساحات القضاء.. جنايات دمنهور تقضى بإحالة المتهم للمفتى.. والمحكمة تنظر مرافعات الدفاع داخل غرفة المداولة.. والنطق بالحكم 21 أغسطس    بلاغ رسمي ضد أحمد السقا.. طليقته تتهمه بالاعتداء عليها وسبّها أمام السكان    جمال الكشكي: سياسة مصر تدعم الاستقرار وتدعو دائما لاحترام سيادة الدول    ممر شرفي من المعتمرين استعدادا لدخول كسوة الكعبة الجديدة (فيديو)    هذا ما يحبه الرجال..3 أشياء تفعلها النساء الجذابات بشكل منتظم    النيابة العامة بالمنيا تقرر تشريح جثة مدير المخلفات الصلبة بالمحافظة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر عند مفترق الطرق
نشر في المصري اليوم يوم 12 - 12 - 2010

ما هو المغزى الجوهرى لانتخابات مجلس الشعب المصرى التى جرت فى 28 نوفمبر الماضى؟.. هل هو ما نشير إليه من استمرار سيطرة الحزب الوطنى على مجمل الأوضاع السياسية فى مصر؟ هل هو ضعف قوى المعارضة وعجزها عن التحدى الجاد للحزب الوطنى؟ هل هو استمرار ظاهرة عزوف أغلب المواطنين المصريين – أكثر من 80% منهم على الأقل – عن المشاركة السياسية، بما فى ذلك التصويت فى الانتخابات العامة؟ هل هو الموقف الشفوى الهزيل الذى اتخذته القوى الخارجية (الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى) والذى لم يتعد بعض العبارات الإنشائية التى تطالب بضمان حرية الناخبين، وضمان التعبير عن الإرادة الحرة للمواطنين..؟!
قد يكون هذا كله - وأكثر منه - صحيحاً تماماً، ولكن إذا تجاوزنا (هذه التفاصيل) ورجعنا إلى المشهد الأصلى نستطيع القول، بإيجاز، إن المغزى الأساسى لما حدث فى انتخابات 28 نوفمبر هو نقل الصراع السياسى فى مصر من قنواته أو أوعيته «المؤسسية»، إلى خارج تلك القنوات والأوعية.. حتى وإن ظل بالطبع صراعاً مشروعاً، وفى إطار الدستور والقانون.
ولكى أوضح هذه النقطة بشكل أفضل، أعود فأذكر بأن الصراع السياسى أو التنافس السياسى الذى هو إحدى مسلمات الحياة السياسية فى أى مجتمع إنما يجرى فى النظم الديمقراطية بين قوى سياسية شرعية متمثلة فى الأحزاب السياسية أساساً، وإلى جانبها جماعات الضغط وجماعات المصالح والعديد من النقابات والجمعيات.. إلخ. ويمارس هذا الصراع أو التنافس السياسى بطرق شرعية ومقننة أولاً وأساساً فى «البرلمان»، حيث تمثل فيه الأحزاب والقوى السياسية القائمة فى المجتمع على نحو عادل وسليم بما يعكس قوتها الفعلية، ويوفر لها مساحة للحوار والتنافس وطرح أفكارها ورؤاها بشأن قضاياها الداخلية والخارجية، ومشروعاتها المختلفة للنهوض بمجتمعاتها!
ولكن هذا الصراع لا يقتصر بالطبع على ساحة البرلمان وإنما يتاح خارجه، خاصة من خلال عشرات ومئات الصحف التى تعكس المصالح ووجهات النظر المتباينة، وكذلك من خلال وسائل الإعلام المختلفة التى انفجرت فى العقود القليلة الماضية فى شكل مئات القنوات الفضائية العابرة للقارات، إلى جانب المحطات الإذاعية المحلية والدولية قبل أن يحدث الانفجار غير المسبوق فى التواصل بالإعلام الذى أحدثته ثورة المعلومات من خلال شبكة الإنترنت وما أتاحته من قنوات وأدوات للتواصل الإنسانى والاجتماعى غير المسبوق مثل فيس بوك وتويتر... إلخ - والتى أصبحت – بدورها - متاحة بسهولة على أدوات محمولة فى اليد والجيب بدءاً من هاتف الموبايل.. وحتى الآى بود والآى باد... وإلخ!
فى هذا السياق، يمكن القول بأن ما سوف يحدث فى مصر - من الآن فصاعداً - عقب نكسة 28 نوفمبر 2010 هو إغلاق أهم ساحات الصراع أو التنافس السياسى السلمى فى المجتمع – أى البرلمان بعد أن أضحى مقصوراً فى غالبيته الساحقة على الحزب الوطنى، حتى وإن رأى البعض أن المعارضة من «داخل» الحزب الوطنى، سوف تقوم بتلك المهمة! لأنه شتان بين معارضة (داخلية) فى الحزب تعكس اختلافاً أو منافسة بين أجنحة أو أشخاص فى داخل حزب واحد، وبين صراع أو تنافس بين «أحزاب» مختلفة تعكس مصالح اجتماعية واقتصادية وتوجهات سياسية مختلفة أو متباينة. ويعنى هذا - بالضرورة – أن الصراع (الذى هو أمر لا مفر منه لأنه يمثل جوهر «السياسة» فى أى مجتمع) لن يجرى فى داخل البرلمان وإنما فى خارجه، بما يحمله ذلك من تداعيات لا مفر منها.
فمن المؤكد أن «البرلمان» سوف يذبل دوره السياسى، بل وسوف يشحب وجوده فى الحياة العامة، ليكون نسخة أشبه ببرلمانات ما قبل التعددية الحزبية المقيدة فى مصر، أو ببرلمانات النظم اللاديمقراطية الشيوعية أو النازية، أو البرلمانات الصورية فى الديكتاتوريات المتبقية فى آسيا أو أفريقيا أو أمريكا اللاتينية! حتى وإن جرت محاولات وتمثيليات للاختلافات والمشادات السياسية فيه!
ويعنى هذا – أيضاً – أن البرلمان سوف يكون – بالأحرى – ساحة للخلافات الداخلية فى الحزب الوطنى، ولصراع الأجنحة فى داخله، خاصة فى ضوء الآليات والولاءات التى حكمت دخول هؤلاء الأعضاء، وتبعيتهم لمن اختاروهم، ورشحوهم، «ونجحوهم»!
وبذلك أيضاً سوف تتطابق – فعلياً – الهيئة البرلمانية للحزب الوطنى مع البرلمان نفسه، أى أنه بالنسبة للحزب الوطنى برلمان «منه فيه»، حسب التعبير العامى الشائع! لتعود مصر مرة أخرى – للأسف الشديد – إلى عصر الحزب الواحد - بكل ملامحه - فعلياً!
أما الصراع أو التنافس السياسى بالمعنى الحقيقى والذى يفترض أن يكون بين الحزب الوطنى، والأحزاب، والقوى السياسية الأخرى، والذى أغلقت أمامه الساحة الديمقراطية الطبيعية له – أى البرلمان – فسوف يكون مجاله – أولاً – أمام القضاء! وهذه للأسف مسألة سوف تستمر لفترة غير قصيرة بما تنطوى عليه من إهدار للطاقات والموارد التى يفترض أنه كان ينبغى أن توظف فيما هو أنفع للوطن وللشعب.
ولا شك أن الأحكام التى أصدرتها المحكة الإدارية العليا فى الأسبوعين الماضيين بتأييد بطلان انتخابات مجلس الشعب فى جميع الدوائر التى صدرت أحكام من محكمة القضاء الإدارى (أول درجة) ببطلان الانتخابات فيها، تضع محل التساؤل العملية الانتخابية برمتها، وتؤيد ما ذهبت إليه المحكمة من أن تشكيل مجلس الشعب مشوب بشبهة البطلان، بسبب انعدام المراكز القانونية لأعضائه الذين أعلنت اللجنة العليا فوزهم فى الانتخابات المقضى ببطلانها بأحكام القضاء الإدارى. فإذا تذكرنا أن عدد الأحكام القضائية التى قضت بوقف أو بطلان الانتخابات يزيد على ألف قضية موزعة فى معظم محافظات مصر، فضلاً عن حكم القضاء الإدارى ببطلان انتخابات الإعادة فى العديد من الدوائر، بدت لنا هشاشة الوضع القانونى للانتخابات وللمجلس الذى تمخض عنها. وفضلاً عن ذلك، فإنه مع استمرار غياب المؤسسات السياسية الفاعلة وطمس أدوارها سوف يستمر القضاء فى لعب أدوار سياسية لتعويض نقص معيب فى الحياة السياسية، ولملء فراغ خلفته وكرسته الممارسات اللاديمقراطية والاحتكارية للحزب الحاكم! وذلك أمر يؤدى بالقطع إلى التأثير السلبى على المؤسستين القضائية والتشريعية معاً.
غير أن هذا الإلغاء الفعلى لدور البرلمان كساحة أساسية لإدارة الصراع السياسى فى المجتمع، ونقله لساحات المحاكم سوف يصاحبه أيضاً – بالضرورة – جهد منطقى لممارسة تلك الأدوار السياسية والتشريعية والرقابية المفترضة للبرلمان من خلال مؤسسات وآليات أخرى تخلقها القوى الشعبية الواعية، وفى مقدمتها قوى المعارضة السياسية المنظمة. ولذلك كان من المنطقى تماماً أن تبرز فكرة البرلمان البديل، وغيرها من أفكار ومبادرات العمل الشعبى الجماهيرى.
وكما سبق أن ذكرت، فإن فكرة البرلمان البديل ليست جديدة وعرفتها مجتمعات سبقتنا فى معاركها من أجل إرساء نظمها الديمقراطية! وليس من الغريب أن أغلب القوى السياسية المعارضة فى مصر اليوم تلتقى على فكرة «البرلمان البديل»، وكل منها له تصوراته لطريقة تكوينه أو لهوية تشكيله وأعضائه. وفى اعتقادى أن أخطر ما يواجه تلك الفكرة اليوم هو تعدد منابعها وتفاوت الاجتهادات بشأنها، خاصة مع غياب خبرة مصرية سابقة بشأنها، ولذلك فربما كان أول ما يتطلبه تنفيذ فكرة «البرلمان البديل» هو الالتقاء بين جميع الأطراف الداعية إليها أو المرحبة بها من أحزاب أو حركات سياسية للتوافق حول مفاهيم وإجراءات أساسية مثل:
من هم الأعضاء المفترض تكوينهم للبرلمان البديل وما أساس اختيارهم والمفاضلة بينهم؟ وهل يفترض أن يختاروا عبر آلية «تمثيلية» ما، أم يكتفى بأن يكونوا شخصيات عامة تحظى بنوع من الإجماع حول أهليتها وكفاءتها؟ وما عدد هؤلاء الأعضاء وما كيفية تمثيلهم الإقليمى أو المهنى أو السياسى؟
وما الوظائف المتصورة – عملياً – لهذا «البرلمان البديل»، سواء كانت تشريعية أم رقابية أم غيرها؟ وكيف سيمكنهم ممارسة تلك الوظائف عملياً؟ وما الضوابط القانونية والتنظيمية لعمله؟ وإلى أى لائحة أو نظام يستند هذا العمل؟ وأين يمكن أن يعقد البرلمان البديل جلساته؟ وكيف تنظم علاقاته بالقوى والمؤسسات السياسية فى الداخل والخارج؟
تلك هى فقط بعض الأسئلة العملية، التى تثيرها فكرة البرلمان البديل كإحدى الأفكار التى تترتب بالضرورة على ذلك الشرخ الذى أحدثته انتخابات 28 نوفمبر 2010 فى الوضع السياسى فى مصر، وقسمت بمقتضاه المسرح السياسى المصرى بين الحزب الوطنى – مستأثراً بالبرلمان – من ناحية، والأحزاب والقوى المعارضة الأخرى التى ترغم اليوم على أن تصنع برلمانها الشرعى من ناحية أخرى!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.