«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وسائل الثبات على دين الله
نشر في الفجر يوم 13 - 04 - 2012

يتناول الدرس الثبات على دين الله كمطلب أساسي لكل مسلم صادق، يريد سلوك الصراط المستقيم بعزيمة ورشد، وذكر أهمية هذا الموضوع ثم ذكر وسائل الثبات، ونماذج من صور الثبات، ثم ذكر مواطن الثبات.
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أهمية هذا الموضوع: الثبات على دين الله مطلب أساسي لكل مسلم صادق، يريد سلوك الصراط المستقيم بعزيمة ورشد، وتكمن أهمية الموضوع في أمور منها:
أولا: وضع المجتمعات الحالية التي يعيش فيها المسلمون، وأنواع الفتن والمغريات التي بنارها يكتوون، وأصناف الشهوات والشبهات التي بسببها أضحى الدين غريباً، فنال المتمسكون به مثلاً عجيباً: [الصَّابِرُ فِيهِمْ عَلَى دِينِهِ كَالْقَابِضِ عَلَى الْجَمْرِ]... رواه الترمذي.
ولا شك عند كل ذي لب أن حاجة المسلم اليوم لوسائل الثبات أعظم من حاجة أخيه أيام السلف، والجهد المطلوب لتحقيقه أكبر؛ لفساد الزمان، وندرة الإخوان، وضعف المعين، وقلة الناصر .
ثانيا: كثرت حوادث الردة والنكوص على الأعقاب، والانتكاسات حتى بين بعض العاملين للإسلام مما يحمل المسلم على الخوف من أمثال تلك المصائر، ويتلمس وسائل الثبات للوصول إلى برٍ آمن.
ثالثا: ارتباط الموضوع بالقلب؛ الذي يقول النبي صلى الله عليه وسلم في شأنه: [لَقَلْبُ ابْنِ آدَمَ أَشَدُّ انْقِلَابًا مِنْ الْقِدْرِ إِذَا اجْتَمَعَتْ غَلْيًا].. رواه أحمد وهو في صحيح الجامع رقم 5147.
ويضرب عليه الصلاة والسلام للقلب مثلاً آخر، فيقول: [إِنَّمَا سُمِّيَ الْقَلْبُ مِنْ تَقَلُّبِهِ إِنَّمَا مَثَلُ الْقَلْبِ كَمَثَلِ رِيشَةٍ مُعَلَّقَةٍ فِي أَصْلِ شَجَرَةٍ يُقَلِّبُهَا الرِّيحُ ظَهْرًا لِبَطْنٍ]... رواه أحمد وهو في صحيح الجامع 2364.
فسبق الحديثُ قولَ الشاعر:
وما سمي الإنسان إلا لنسيانه *** ولا القلب إلا أنه يتقلب
فتثبيت هذا المتقلب برياح الشهوات والشبهات أمر خطير يحتاج لوسائل جبارة تكافئ ضخامة المهمة وصعوبتها.
وسائل الثبات
ومن رحمة الله عز وجل بنا أن بين لنا في كتابه، وعلى لسان نبيه، وفي سيرته صلى الله عليه وسلم وسائل كثيرة للثبات، أستعرض بعضاً منها:
أولاً: الإقبال على القرآن: القرآن العظيم وسيلة الثبات الأولى، وهو حبل الله المتين، والنور المبين، من تمسك به عصمه الله، ومن اتبعه أنجاه الله، ومن دعا إليه هُدي إلى صراط مستقيم، وقد نص الله على أن الغاية التي من أجلها أنزل هذا الكتاب منجماً مفصلاً هي التثبيت، فقال تعالى في معرض الرد على شُبه الكفار: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا}... (الفرقان : 32) .
لماذا كان القرآن مصدراً للتثبيت؟
1- لأنه يزرع الإيمان، ويزكي النفس بالصلة بالله .
2- لأن تلك الآيات تتنزل برداً وسلاماً على قلب المؤمن، فلا تعصف به رياح الفتنة، ويطمئن قلبه بذكر الله .
3- لأنه يزود المسلم بالتصورات والقيم الصحيحة التي يستطيع من خلالها أن يُقوِّم الأوضاع من حوله، وكذا الموازين التي تهيئ له الحكم على الأمور؛ فلا يضطرب حكمه، ولا تتناقض أقواله باختلاف الأحداث والأشخاص .
4- أنه يرد على الشبهات التي يثيرها أعداء الإسلام من الكفار والمنافقين كالأمثلة الحية التي عاشها الصدر الأول.
نماذج:
1- ما هو أثر قوله تعالى: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}.. (الضحى : 3). على نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما قال المشركون: [ودع محمد ...]؟
2- وما هو أثر قول الله عز وجل: {لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ}... (النحل : 103). لما ادعى كفار قريش أن محمداً صلى الله عليه وسلم إنما يعلمه بشر، وأنه يأخذ القرآن عن نجار رومي بمكة؟
3- وما هو أثر قول الله عز وجل: {أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا}.. (التوبة : 49). في نفوس المؤمنين لما قال المنافق: {ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي...}... (التوبة : 49)؟ أليس تثبيتاً على تثبيت، وربطاً على القلوب المؤمنة، ورداً على الشبهات، وإسكاتاً لأهل الباطل .. ؟ بلى وربي .
ومن العجب أن الله يعد المؤمنين في رجوعهم من الحديبية بغنائم كثيرة يأخذونها- وهي غنائم خيبر - وأنه سيعجلها لهم، وأنهم سينطلقون إليها دون غيرهم، وأن المنافقين سيطلبون مرافقتهم، وأن المسلمين سيقولون:لن تتبعونا، وأنهم سيصرون يريدون أن يبدلوا كلام الله، وأنهم سيقولون للمؤمنين: بل تحسدوننا، وأن الله أجابهم بقوله: {بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا}.. (الفتح : 15).
ثم يحدث هذا كله أمام المؤمنين مرحلة بمرحلة وخطوة بخطوة وكلمة بكلمة... ومن هنا نستطيع أن ندرك الفرق بين: الذين ربطوا حياتهم بالقرآن، وأقبلوا عليه تلاوة وحفظاً وتفسيراً وتدبراً، ومنه ينطلقون، وإليه يفيئون، وبين من جعلوا كلام البشر جل همهم، وشغلهم الشاغل... ويا ليت الذين يطلبون العلم يجعلون للقرآن، وتفسيره نصيباً كبيراً من طلبهم .
ثانياً: التزام شرع الله والعمل الصالح: قال الله تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ}.. (إبراهيم : 27). قال قتادة: 'أما الحياة الدنيا: فيثبتهم بالخير والعمل الصالح، وفي الآخرة: في القبر'.
وقال سبحانه: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا}.. (النساء : 66) أي: على الحق، وهذا بيّن، وإلا فهل نتوقع ثباتاً من الكسالى القاعدين عن الأعمال الصالحة إذا أطلت الفتنة برأسها وادلهم الخطب؟! ولكن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم صراطاً مستقيما؛ ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يثابر على الأعمال الصالحة، وكان أحب العمل إليه أدومه وإن قل. وكان أصحابه إذا عملوا عملاً أثبتوه. وكانت عائشة رضي الله عنها إذا عملت العمل لزمته.
وكان صلى الله عليه وسلم يقول: [مَنْ ثَابَرَ عَلَى ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً مِنْ السُّنَّةِ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ] رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه، وهو في صحيح النسائي. أي: السنن الرواتب. وفي الحديث القدسي: [وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ] رواه البخاري.
ثالثاً: تدبر قصص الأنبياء ودراستها للتأسي والعمل: والدليل على ذلك قوله تعالى: {وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ}... (هود : 102).
فما نزلت تلك الآيات على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم للتلهي والتفكه، وإنما لغرض عظيم هو: تثبيت فؤاد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأفئدة المؤمنين معه .
نماذج للتأسي:
إبراهيم عليه السلام : فلو تأملت قول الله: {قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا ءَالِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ * قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ * وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ}... (الأنبياء : 68 – 70). قال ابن عباس: [كَانَ آخِرَ قَوْلِ إِبْرَاهِيمَ حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ]... رواه البخاري. ألا تشعر بمعنى من معاني الثبات أمام الطغيان والعذاب، يدخل نفسك، وأنت تتأمل هذه القصة؟
موسى عليه السلام: لو تدبرت قول الله عز وجل في قصة موسى: {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ}.. (الشعراء : 62). ألا تحس بمعنى آخر من معاني الثبات عند ملاحقة الطالبين، والثبات في لحظات الشدة وسط صرخات اليائسين وأنت تتدبر هذه القصة؟
سحرة فرعون: لو استعرضت قصة سحرة فرعون، ذلك المثل العجيب للثلة التي ثبتت على الحق بعدما تبين، ألا ترى أن معنى عظيماً من معاني الثبات يستقر في النفس أمام تهديدات الظالم وهو يقول: {قَالَ ءَامَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ ءَاذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى}...(طه : 71).
ثبات القلة المؤمنة الذي لا يشوبه أدنى تراجع وهم يقولون: {قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * إِنَّا ءَامَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى}... (طه : 72-73)... وهكذا: قصة المؤمن في سورة يس، ومؤمن آل فرعون، وأصحاب الأخدود، وغيرها: يكاد الثبات يكون أعظم دروسها قاطبة .
رابعاً: الدعاء: من صفات عباد الله المؤمنين أنهم يتوجهون إلى الله بالدعاء أن يثبتهم: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا}... (آل عمران : 8)، {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا}... {البقرة : 250). ولما كانت: [قُلُوب بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ كَقَلْبٍ وَاحِدٍ يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ] رواه مسلم وأحمد؛ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: [يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ] رواه الترمذي وابن ماجه، وهو في صحيح الجامع.
خامساً: ذكر الله: وهو من أعظم أسباب التثبيت؛ تأمل في هذا: الاقتران بين الأمرين في قوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}... (الأنفال : 45). فجعله من أعظم ما يعين على الثبات في الجهاد، وتأمل أبدان فارس والروم كيف خانتهم أحوج ما كانوا إليها، بالرغم من قلة عدد وعدة الذاكرين الله كثيراً... وبماذا استعان يوسف عليه السلام في الثبات أمام فتنة المرأة ذات المنصب والجمال لما دعته إلى نفسها؟ ألم يدخل في حصن: {مَعَاذَ اللَّهِ...}.. (يوسف : 23). فتكسرت أمواج جنود الشهوات على أسوار حصنه؟ وكذا تكون فاعلية الأذكار في تثبيت المؤمنين.
سادساً: الحرص على أن يسلك المسلم طريقاً صحيحاً: والطريق الوحيد الصحيح الذي يجب على كل مسلم سلوكه هو طريق: أهل السنة والجماعة، الطائفة المنصورة، والفرقة الناجية، أهل العقيدة الصافية والمنهج السليم وإتباع السنة والدليل، والتميز عن أعداء الله ومفاصلة أهل الباطل.
سمعنا كثيراً عن كبار تنقلوا في منازل البدع، وآخرين هداهم الله، فتركوا الباطل وانتقلوا إلى مذهب أهل السنة والجماعة ساخطين على مذاهبهم الأولى، ولكن هل سمعنا العكس؟! فإن أردت الثبات فعليك بسبيل المؤمنين .
سابعاً: التربية الإيمانية العلمية الواعية المتدرجة:
التربية الإيمانية: التي تحيي القلب والضمير بالخوف والرجاء والمحبة، المنافية للجفاف الناتج من البعد عن نصوص القرآن والسنة، والعكوف على أقاويل الرجال، فهي عامل أساسي من عوامل الثبات.
التربية العلمية :القائمة على الدليل الصحيح، المنافية للتقليد والإمعية الذميمة .
التربية المتدرجة: التي تسير بالمسلم شيئاً فشيئاً، ترتقي به في مدارج كماله بتخطيط موزون، والمنافية للارتجال والتسرع والقفزات المحطمة ... ولكي ندرك أهمية هذا العنصر من عناصر الثبات، فلنعد إلى سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونسائل أنفسنا: ما هو مصدر ثبات صحابة النبي صلى الله عليه وسلم في مكة، إبان فترة الاضطهاد؟ كيف ثبت بلال وخباب ومصعب وآل ياسر، وغيرهم من المستضعفين وحتى كبار الصحابة في حصار الشعب وغيره؟ هل يمكن أن يكون ثباتهم بغير تربية عميقة من مشكاة النبوة، صقلت شخصياتهم؟ لنأخذ رجلاً صحابياً مثل خباب بن الأرت رضي الله عنه، الذي كانت مولاته تحمي أسياخ الحديد حتى تحمر، ثم تطرحه عليها عاري الظهر، فلا يطفئها إلا ودك [أي شحم] ظهره حين يسيل عليها، ما الذي جعله يصبر على هذا كله ؟ وبلال تحت الصخرة في الرمضاء، وسمية في الأغلال والسلاسل... وسؤال منبثق من موقف آخر في العهد المدني: من الذي ثبت مع النبي صلى الله عليه وسلم في حُنين لما انهزم أكثر المسلمين؟ هل هم حديثو العهد بالإسلام ومُسلِمة الفتح الذين لم يتربوا وقتاً كافياً في مدرسة النبوة والذين خرج كثير منهم طلباً للغنائم؟ كلا.. إن غالب من ثبت هم أولئك الصفوة المؤمنة التي تلقت قدراً عظيماً من التربية على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم، لو لم تكن هناك تربية ترى هل كان سيثبت هؤلاء ؟
ثامناً: الثقة بالطريق: كلما ازدادت الثقة بالطريق الذي يسلكه المسلم، كان ثباته عليه أكبر، ولهذا وسائل منها:
1- استشعار أن الصراط المستقيم الذي تسلكه ليس جديداً، ولا وليد زمانك، وإنما هو طريق عتيق قد سار فيه من قبلك الأنبياء والصديقون والعلماء والشهداء والصالحون؛ فتزول غربتك، وتتبدل وحشتك أنساً، وكآبتك فرحاً وسروراً؛ لأنك تشعر بأن أولئك كلهم أخوة لك في الطريق والمنهج.
2- الشعور بالاصطفاء، قال الله عز وجل: {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ}.. (النمل : 59)، وقال: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا}.. (فاطر : 32). وقال: {وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ}... (يوسف : 6).
وكما أن الله اصطفى الأنبياء فللصالحين نصيب من ذلك الاصطفاء، وهو ما ورثوه من علوم الأنبياء ...ألا ترى أن شعورك باصطفاء الله لك، وأنْ جعلك داعية من أهل السنة والجماعة؛ من عوامل ثباتك على منهجك وطريقك؟
تاسعاً: ممارسة الدعوة إلى الله عز وجل: النفس إن لم تتحرك تأسن، وإن لم تنطلق تتعفن، ومن أعظم مجالات انطلاق النفس: الدعوة إلى الله، فهي وظيفة الرسل، ومخلصة النفس من العذاب ؛ فيها تتفجر الطاقات، وتنجز المهمات: {فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ}... (الشورى : 15)... والدعوة إلى المنهج الصحيح- ببذل الوقت، وكدّ الفكر، وسعي الجسد، وانطلاق اللسان، بحيث تصبح الدعوة هم المسلم وشغله الشاغل - تقطع الطريق على محاولات الشيطان بالإضلال والفتنة.
زد على ذلك ما يحدث في نفس الداعية من الشعور بالتحدي تجاه العوائق، والمعاندين، وأهل الباطل، وهو يسير في مشواره الدعوي؛ فيرتقي إيمانه، وتقوى أركانه، فتكون الدعوة بالإضافة لما فيها من الأجر العظيم وسيلة من وسائل الثبات، والحماية من التراجع والتقهقر، لأن الذي يُهاجم لا يحتاج للدفاع، والله مع الدعاة يثبتهم ويسدد خطاهم والداعية كالطبيب يحارب المرض بخبرته وعلمه، وبمحاربته في الآخرين فهو أبعد من غيره عن الوقوع فيه .
عاشراً: الالتفاف حول العناصر المثبتة: تلك العناصر التي من صفاتها ما أخبرنا به عليه الصلاة والسلام: [إِنَّ مِنْ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ].. رواه ابن ماجه وابن أبي عاصم، وانظر الصحيحة.
البحث عن العلماء والصالحين والدعاة المؤمنين، والالتفاف حولهم معين كبير على الثبات.
وقد حدثت في التاريخ الإسلامي فتن ثبت الله فيها المسلمين برجال، وتأمل ما قاله ابن القيم رحمه الله عن دور شيخه شيخ الإسلام في التثبيت: 'وكنا إذا اشتد بنا الخوف، وساءت بنا الظنون، وضاقت بنا الأرض أتيناه، فما هو إلا أن نراه ونسمع كلامه؛ فيذهب ذلك كله عنا، وينقلب انشراحاً وقوة ويقيناً وطمأنينة، فسبحان من أشهد عباده جنته قبل لقائه، وفتح لهم أبوابها في دار العمل، وآتاهم من روحها ونسيمها وطيبها ما استفرغ قواهم لطلبها والمسابقة إليها' الوابل الصيب، وهنا تبرز الأخوة الإسلامية كمصدر أساسي للتثبيت، فإخوانك الصالحون والقدوات والمربون هم العون لك في الطريق، والركن الشديد الذي تأوي إليه؛ فيثبتوك بما معهم من آيات الله والحكمة؛ فالزمهم وعش في أكنافهم، وإياك والوحدة فتتخطفك الشياطين، فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية .
الحادي عشر: الثقة بنصر الله وأن المستقبل للإسلام: نحتاج إلى الثبات كثيراً عند تأخر النصر، حتى لا تزل قدم بعد ثبوتها، قال تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ * وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}... (آل عمران : 146 – 148).
ولما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يثبت أصحابه المعذبين أخبرهم بأن المستقبل للإسلام في أوقات التعذيب والمحن فماذا قال ؟ قال: [وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ أَوْ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ]... رواه البخاري وأبو داود وأحمد . فعرض أحاديث البشارة بأن المستقبل للإسلام على الناشئة مهم في تربيتهم على الثبات .
الثاني عشر: معرفة حقيقة الباطل وعدم الاغترار به: ففي قول الله عز وجل: {لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ}... (آل عمران : 196)، تسرية عن المؤمنين وتثبيت لهم... وفي قوله عز وجل: {لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ}... (الرعد : 17)؛ عبرة لأولي الألباب في عدم الخوف من الباطل والاستسلام له.
ومن طريقة القرآن فضح أهل الباطل، وتعرية أهدافهم ووسائلهم: {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ}... (الأنعام : 55). حتى لا يؤخذ المسلمون على حين غرة، وحتى يعرفوا من أين يؤتى الإسلام. وكم سمعنا ورأينا حركات تهاوت، ودعاة زلت أقدامهم، ففقدوا الثبات لما أتوا من حيث لم يحتسبوا بسبب جهلهم بأعدائهم .
الثالث عشر: استجماع الأخلاق المعينة على الثبات: وعلى رأسها الصبر، ففي حديث الصحيحين: [مَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنْ الصَّبْرِ]... رواه البخاري ومسلم والترمذي وأبو داود والنسائي ومالك والدارمي وأحمد. وأشد الصبر عند الصدمة الأولى، وإذا أصيب المرء بما لم يتوقع تحصل النكسة ويزول الثبات إذا عدم الصبر .
الرابع عشر: وصية الرجل الصالح: من عوامل الثبات أن يقيض الله للمسلم رجلاً صالحاً يعظه ويثبته، فتكون كلمات ينفع الله بها، ويسدد الخطى، وتكون هذه الكلمات مشحونة بالتذكير بالله، ولقائه، وجنته، وناره، وهذا مثال من سيرة الإمام أحمد رحمه الله، الذي دخل المحنة ليخرج ذهباً نقيا ً.
لقد سيق إلى المأمون مقيداً بالأغلال، وقد توعده وعيداً شديداً قبل أن يصل إليه: فهذا أعرابي قال للإمام أحمد: 'يا هذا إنك وافد الناس فلا تكن شؤماً عليهم، وإنك رأس الناس اليوم، فإياك أن تجيبهم إلى ما يدعونك إليه، فيجيبوا فتحمل أوزارهم يوم القيامة، وإن كنت تحب الله، فاصبر على ما أنت فيه، فإنه ما بينك وبين الجنة إلا أن تقتل' قال الإمام أحمد: 'وكان كلامه مما قوى عزمي على ما أنا فيه من الامتناع عن ذلك الذي يدعونني إليه' . فاحرص على طلب الوصية من الصالحين، وأعقلها إذا تليت عليك.
الخامس عشر: التأمل في نعيم الجنة وعذاب النار وتذكر الموت: فالذي يعلم الأجر تهون عليه مشقة العمل، وهو يسير ويعلم بأنه إذا لم يثبت، فستفوته جنة عرضها السموات والأرض، ثم إن النفس تحتاج إلى ما يرفعها من الطين الأرضي ويجذبها إلى العالم العلوي. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستخدم ذكر الجنة في تثبيت أصحابه، فقد مر بياسر وعمار وأم عمار وهم يؤذن في الله، فقال لهم: [صبراً آل ياسر صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة] رواه الحاكم وهو حديث حسن صحيح.
مواطن الثبات
وهي كثيرة تحتاج إلى تفصيل، نكتفي بسرد بعضها على وجه الإجمال في هذا المقام:
أولاً: الثبات في الفتن: ومن أنواع الفتن:
1- فتنة المال: { وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّوْا وَّهُم مُّعْرِضُونَ}.. (التوبة : 75-76).
2- فتنة الجاه: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا}.. (الكهف : 28).
وعن خطورة الفتنتين السابقتين قال صلى الله عليه وسلم: [مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلَا فِي غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ الْمَرْءِ عَلَى الْمَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ]... رواه الترمذي وأحمد والدارمي وهو في صحيح الجامع. والمعنى: أن حرص المرء على المال والشرف أشد فساداً للدين من الذئبين الجائعين أرسلا في غنم.
3- فتنة الزوجة: {إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ}... (التغابن : 14).
4- فتنة الأولاد : [الولد مجبنة مبخلة محزنة]... رواه أبو يعلى وهو في صحيح الجامع .
5- فتنة الاضطهاد والطغيان والظلم : ويمثلها أروع تمثيل قول الله عز وجل: {قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ * النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ * إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ * وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ * وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}... (البروج : 4-9).
6- فتنة الدجال: وهي أعظم فتن المحيا: [إِنَّهُ لَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ مُنْذُ ذَرَأَ اللَّهُ ذُرِّيَّةَ آدَمَ أَعْظَمَ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ... عِبَادَ اللَّهِ فَاثْبُتُوا فَإِنِّي سَأَصِفُهُ لَكُمْ صِفَةً لَمْ يَصِفْهَا إِيَّاهُ نَبِيٌّ قَبْلِي...].. رواه ابن ماجه، وانظر: صحيح الجامع .
ثانياً: الثبات في الجهاد: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ}... (الأنفال : 45). ومن الكبائر في ديننا الفرار من الزحف، وكان عليه الصلاة والسلام، وهو يحمل التراب على ظهره في الخندق يردد مع المؤمنين: [............وَثَبِّتْ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا]... رواه البخاري وأحمد والدارمي .
ثالثاً: الثبات على المنهج: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}... (الأحزاب : 23) مبادئهم أغلى من أرواحهم، إصرار لا يعرف التنازل.
رابعاً: الثبات عند الممات: أهل الصلاح والسنة؛ يوفقهم الله للثبات عند الممات، فينطقون بالشهادتين، وقد يُرى من هؤلاء تهلل وجه، أو طيب رائحة، ونوع استبشار عند خروج أرواحهم،
ومثل هؤلاء قال الله فيهم: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ}... (فصلت : 30). اللهم اجعلنا منهم، اللهم إنا نسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.