الإسكان: جار تنفيذ 64 برجا سكنيا بها 3068 وحدة.. و310 فيلات بتجمع صوارى في غرب كارفور بالإسكندرية    الانتفاضة الطلابية بأمريكا.. ماذا يحدث في حرم جامعة كاليفورنيا؟    دور العرض ترفع أحدث أفلام بيومي فؤاد من شاشاتها.. تعرف على السبب    بحضور السيسي.. تعرف على مكان احتفالية عيد العمال اليوم    سفير روسيا لدى واشنطن: اتهامات أمريكا لروسيا باستخدام أسلحة كيميائية في أوكرانيا بغيضة    طقس أسيوط اليوم.. جو ربيعي وانخفاض درجات الحرارة لمدة يومين    ارتفاع في أسعار الذهب بكفر الشيخ.. عيار 21 بكام؟    ماذا يستفيد جيبك ومستوى معيشتك من مبادرة «ابدأ»؟ توطين الصناعات وتخفيض فاتورة الاستيراد بالعملة الصعبة 50% وفرص عمل لملايين    قوات الجيش الإسرائيلي تقتحم مخيم عايدة في بيت لحم وقرية بدرس غربي رام الله ومخيم شعفاط في القدس    "الحرب النووية" سيناريو الدمار الشامل في 72 دقيقة    ملخص عمليات حزب الله ضد الجيش الإسرائيلي يوم الأربعاء    إجراء عاجل من الفلبين ضد بكين بعد اشتعال التوترات في بحر الصين الجنوبي    رامي ربيعة يهنئ أحمد حسن بمناسبة عيد ميلاده| شاهد    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 2 مايو 2024    حملة علاج الادمان: 20 الف تقدموا للعلاج بعد الاعلان    بحضور السيسي، تعرف على مكان احتفالية عيد العمال اليوم    نسخة واقعية من منزل فيلم الأنيميشن UP متاحًا للإيجار (صور)    هل يستجيب الله دعاء العاصي؟ أمين الإفتاء يجيب    مشروع انتاج خبز أبيض صحي بتمويل حكومي بريطاني    تعرف على أحداث الحلقتين الرابعة والخامسة من «البيت بيتي 2»    الصحة: لم نرصد أي إصابة بجلطات من 14 مليون جرعة للقاح أسترازينيكا في مصر    الصحة: مصر أول دولة في العالم تقضي على فيروس سي.. ونفذنا 1024 مشروعا منذ 2014    ضبط عاطل وأخصائى تمريض تخصص في تقليد الأختام وتزوير التقرير الطبى بسوهاج    تشيلسي وتوتنهام اليوم فى مباراة من العيار الثقيل بالدوري الإنجليزي.. الموعد والتشكيل المتوقع    خبير تحكيمي يكشف مدى صحة ركلة جزاء الإسماعيلي أمام الأهلي    بتهمة التحريض على الفسق والفجور.. القبض على الإعلامية "حليمة بولند" في الكويت    تأهل الهلال والنصر يصنع حدثًا فريدًا في السوبر السعودي    الثاني خلال ساعات، زلزال جديد يضرب سعر الذهب بعد تثبيت المركزي الأمريكي للفائدة    متى تصبح العمليات العسكرية جرائم حرب؟.. خبير قانوني يجيب    بتهمة التحريض على الفسق والفجور.. القبض على حليمة بولند وترحيلها للسجن    «البنتاجون»: أوستن أكد لنظيره الإسرائيلي ضرورة ضمان تدفق المساعدات إلى غزة    أمطار تاريخية وسيول تضرب القصيم والأرصاد السعودية تحذر (فيديو)    تامر حسني يوجه رسالة لبسمة بوسيل بعد الإعلان عن اغنيتها الجديدة.. ماذا قال؟    وليد صلاح الدين يرشح لاعبًا مفاجأة ل الأهلي    هاجر الشرنوبي تُحيي ذكرى ميلاد والدها وتوجه له رسالة مؤثرة.. ماذا قالت؟    عميد أصول الدين: المؤمن لا يكون عاطلا عن العمل    كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي في الموارد البشرية؟    لاعب الزمالك السابق: إمام عاشور يشبه حازم إمام ويستطيع أن يصبح الأفضل في إفريقيا    عاطل ينهي حياته شنقًا لمروره بأزمة نفسية في المنيرة الغربية    هذه وصفات طريقة عمل كيكة البراوني    أهمية ممارسة الرياضة في فصل الصيف وخلال الأجواء الحارة    حكم دفع الزكاة لشراء أدوية للمرضى الفقراء    مظهر شاهين: تقبيل حسام موافي يد "أبوالعنين" لا يتعارض مع الشرع    كوكولا مصر ترفع أسعار شويبس في الأسواق، قائمة بالأسعار الجديدة وموعد التطبيق    بسام الشماع: لا توجد لعنة للفراعنة ولا قوى خارقة تحمي المقابر الفرعونية    الأنبا باخوم يترأس صلاة ليلة خميس العهد من البصخة المقدسه بالعبور    برج الميزان .. حظك اليوم الخميس 2 مايو 2024 : تجاهل السلبيات    الخطيب يطالب خالد بيبو بتغليظ عقوبة افشة .. فماذا حدث ؟    يوسف الحسيني : الرئيس السيسي وضع سيناء على خريطة التنمية    أخبار التوك شو|"القبائل العربية" يختار السيسي رئيسًا فخريًا للاتحاد.. مصطفى بكري للرئيس السيسي: دمت لنا قائدا جسورا مدافعا عن الوطن والأمة    حيثيات الحكم بالسجن المشدد 5 سنوات على فرد أمن شرع فى قتل مديره: اعتقد أنه سبب فى فصله من العمل    انخفاض جديد في عز.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الخميس 2 مايو بالمصانع والأسواق    بعد أيام قليلة.. موعد إجازة شم النسيم لعام 2024 وأصل الاحتفال به    مفاجأة للموظفين.. عدد أيام إجازة شم النسيم في مصر بعد قرار ترحيل موعد عيد العمال    بقرار جمهوري.. تعيين الدكتورة نجلاء الأشرف عميدا لكلية التربية النوعية    النيابة تستعجل تحريات واقعة إشعال شخص النيران بنفسه بسبب الميراث في الإسكندرية    أكاديمية الأزهر وكلية الدعوة بالقاهرة تخرجان دفعة جديدة من دورة "إعداد الداعية المعاصر"    بروسيا دورتموند يقتنص فوزا صعبا أمام باريس سان جيرمان في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. أحمد يونس يكتب : القنبر ابن الكلب ده هو دايماً السبب
نشر في الفجر يوم 23 - 12 - 2013

النطعات، مؤنث أنطاع، يمزقن ثياب أستاذاتهن فى رحاب جامعة الأزهر أو على قارعة الطريق، ليصورنهن عاريات بالموبايل، يتصرفن كبلطجية المواخير فى قلعة الكبش قبل ثلاثينيات القرن الماضى، يهشمن أعمدة النور والأبواب الزجاجية، ويحرقن الأشجار والسيارات. جابوا السعرنة دى منين؟ أمام الأنطاع، فيعربدون فى الطرقات، يطلقون الخرطوش أو الرصاص الحى على الشباب اللى مالهوش حد يخافوا منه، ليعيشوا على الدوام فى مآتم ضحاياهم، وقد فهمت منذ فترة طويلة أن العقلية ذات التكوين الإرهابى، لا تعانى من تدهور حاد فى خلايا مراكز الإدراك بالمخ فقط، إنما أيضاً من الانخفاض الكارثى فى هرمونات الذكورة، فضلاً عن تبلد المشاعر ونطاعة القلب، إلى متى سنظل ندعى أننا مش واخدين بالنا؟ إلى متى سنظل نتطوح أو نلف حول أنفسنا هكذا كالمجاذيب؟ إلى متى سنظل نتصور أن الحياة ليست سوى حلقة ذكر كبيرة بحجم مصر من السد العالى حتى مكتبة الإسكندرية؟ نسأل على الفضائيات من نعرف أنه لا يعرف، أو عارف بس يستنطع: من يرتكب كل هذه الجرائم - هنا أو فى سيناء - يوماتى على الله؟ الجماعات الإرهابية - أبداً - لا تستنكر هذه الفظائع، الأمر الذى يؤكد - على الأقل - أنها ليست منزعجة مما حدث كبقية المواطنين، وأن جميع البيانات الصادرة عنها تدعو إلى المزيد من الإرهاب، وأن فى مقدور المتابع لتاريخ هذه البؤر الإرهابية أن يتوقع أنها ستشير بأصبع الاتهام إلى إسرائيل، أو أى جهة أخرى، المهم أن تبعد الشبهة عن نفسها. أيا كانت المجموعة التى ارتكبت الجريمة، فإن الإخوان هم المسئولون عن إدخال هذه الأفكار التكفيرية إلى مصر منذ ثلاثينيات القرن الماضى. الإخوان هم المسئولون عن تفريخ كل هذه التنظيمات الشبقة إلى الدم: الجهاد والجماعة الإسلامية والتكفير والهجرة والقطبيون وطلائع الفتح والقاعدة وفروعها والشوقيون وبتوع صالح سرية والناجون من النار. ألم يكونوا هم من اغتالوا الدكتور أحمد ماهر وحكمدار القاهرة سليم زكى والقاضى أحمد الخازندار والدكتور محمود فهمى النقراشى؟ ألم يكونوا هم من حاولوا مراراً اغتيال مصطفى النحاس أو جمال عبدالناصر؟ دائما كان حسن البنا يحمل أمر القتل فى الجيب الأيمن وبيان الاستنكار فى الجيب الأيسر.

لا يوجد ما هو أروع من تلخيص الجبرتى لأحوال القاهرة عشية غزو الجيش الفرنسى لها، بقيادة نابوليون بونابارت، مؤكداً أن الأهالى قضوا الليل بطوله يجمعون السلاح، ويقسمون على الكفاح، ويتصايحون: حى على الفلاح، «فلما نزل عليهم القنبر» أى القنبلة، انقلب الموقف رأساً على عقب، قالوا: يا سلام! من هذه الآلام! يا خفى الألطاف! نجنا مما نخاف، ثم تفرقوا، وذهب كل حى إلى حال سبيله.

بالفعل كان القنبر ابن الكلب ده هو الذى أنهى المعركة قبل أن تبدأ القوات الغازية حتى فى الاقتراب من أسوار المدينة، انهزموا أمام جيش لم يتح لهم أثناء القصف من على بعد حتى أن يروه، ولم تكن هذه هى المرة الأولى أو الأخيرة، حدث هذا فى الحقيقة مراراً وتكراراً قبل أو بعد ذلك، جرائم الإخوان ليست فى الواقع أكثر من قنابر يصنعونها تحت بير السلم، بالاشتراك مع أعداء الوطن الذين لا يعترفون فى أدبياتهم بوجوده، الصول صبحى صالح يطردونه من الخدمة العسكرية فى السلاح البحرى لأنه يرفض تحية العلم، ملايين الناس شاهدوا هؤلاء الذين أصروا على عدم الوقوف احتراماً لعزف السلام الجمهورى، بل إن ممثل حزب النور فى لجنة الخمسين، راح يتعمد الغياب لكى لا يحضر هذه اللحظة، المدارس التابعة لهذا النوع من البشر يمنعون فيها الطلبة من تأدية التحية لعلم مصر أو عزف السلام الجمهورى، الخونة وحدهم ينظرون إلى هذه المسائل باعتبارها من الأمور الثانوية التى لا تستحق التوقف عندها، الوطن بالنسبة لهؤلاء هو دولة الخلافة على الطريقة العثمانية، المرشد يحلم بأن يكون مولانا السلطان المعظم الذى يتحدث عن نفسه قائلا: حظرتنا، بينما لا ينام الشاطر الليل متوهماً أنه الوحيد الذى يصلح لملء مكان الصدر الأعظم الذى لا ينادى أحداً من المصريين إلا باسم: فلاح خرسيس نرسيس.

القنبر عاش يهددنا على مدى التاريخ، قدماء المصريين اتضح لهم أن سيوف الأحباش أقوى من تلك التى يقاتلون هم بها، كانت سيوف الأحباش يجرى صنعها من الحديد، بينما سيوف المصريين من البرونز، فما كان منهم سوى أن عملوا على اكتشاف مناجم الحديد بأسرع ما يمكن، لم يكن لديهم حل آخر، عرابى بنى استراتيجية العسكرية فى التل الكبير على أساس النظرية القائلة: الإنجليزى كالسمك، إذا خرج من البحر هلك، البعض يذهبون إلى أن من همس بها فى أذنه هو ديليسبس، غير أن من الصعوبة بمكان تصديق أن فرنسياً يمكن أن يصوغ باللغة العربية مقولة بالسجع كهذه، عموماً أثبتت التجربة أن اعتماد الجيش البريطانى على الأساطيل فى الحروب الاستعمارية التى يشنها لا يعنى أنه أصبح ينتمى إلى سلالة الأسماك، كما أثبتت أنه- لسوء الحظ - يستطيع القتال أيضا فى البر، غاية ما فى الأمر أن القنبر ابن الكلب ده اتخذ يومها شكلاً آخر هو المدافع الكثيفة النيران المحمولة على قواعد بعجلات تجرها الخيول، كان من الطبيعى ألا تستغرق المعركة أكثر من أربع دقائق ونصف بالعدد، صباح الخامس من يونيو 1967، تنكر القنبر فى هيئة أجهزة التشويش على الرادارات بواسطة السفينة ليبرتى، وفى رواية أخرى: انتحل شخصية القنابل التليفزيونية، حتى صدام حسين، خلال المواجهتين اللتين خاضتها الولايات المتحدة ضد العراق فى عهده، بدا مفاجأ بما فى الترسانة الأمريكية من قنابر، دائماً كان هناك قنبر يجردنا من القدرة على الدفاع عن أنفسنا، قنبر يجعل كلا منا يتسمر فى الوضع فاغراً فاه من الذهول، كأنما هو تمثال حجرى لشخص كان يوماً ما إنساناً من لحم ودم، إنسان له ذاكرة.

أى نعم تزحزح السجع قليلاً من مقدمة المشهد. اختفى عملياً - أو كاد - مع أربعينيات القرن العشرين، على الأقل بالمعنى اللغوى لوصف الظاهرة أو تفسيرها، لكن الزعمات الغاشمة الضيقة الأفق التى أدارت كل هذه الحروب، سياسية كانت أو روحية، ظلت تعلن عن إصرارها على التفكير بالسجع، الأمر الذى يشى بأن السجع ليس مجرد أسلوب فى التعبير كالشعر أو النثر، إنما هو فى الأصل طريقة فى التفاعل مع الوجود، ما يبعث على السخرية أيضاً هو أن الإخوان أضافوا مؤخراً لغة الكتاتيب، وهم لا يستطيعون أن يفكروا إلا بها.

هناك شيء يرفض منذ العصور الوسطى أن ينمو فى مراكز المخ المختصة بإدراك المتغيرات.

كم قرنا مر علينا حتى الآن، بينما نحن لا نزال نتجرع القنبر تلو القنبر، أو على حين نواجه بعقلية السجع كل أنواع الهزائم التى تقودنا إليها الديكتاتوريات الفاسدة أو الأشباح الهاربة من ليل التاريخ! كم قرناً مر علينا حتى الآن، بينما نحن لا نملك كلما ألمت بنا كارثة سوى أن نمصمص الشفاه ونغمغم: يا خفى الألطاف! نجنا مما نخاف! بالسجع أيضا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.