«التعليم العالي» يبحث مع وزير خارجية القمر المتحدة التعاون الأكاديمي والبحثي بين البلدين    بعد أسبوعين.. جدول امتحانات الترم الثاني 2025 للصف الأول الثانوي بالقاهرة    جوتي ساخرًا من برشلونة: أبتلعوا الأهداف مثل كل عام    محمد منصور: هدفنا في "مسار" تمثيل مصر في كأس العالم لأندية السيدات    الأرصاد الجوية تكشف حالة طقس الغد    رئيس "أزهرية الإسماعيلية" يشهد امتحانات النقل الإعدادى والابتدائى    بيلعب بمسدس والده فقتل صديقه بالخطأ.. التصريح بدفن ضحية لعب الأطفال بكفر الشيخ    بعد تجاوز أزمته الرقابية.. هل نجح فيلم استنساخ في الجذب الجماهيري؟    وزير البترول: التوسع الخارجي لشركة "صان مصر"على رأس الأولويات خلال الفترة المقبلة    البورصة تخسر 25 مليار جنيه في ختام تعاملات الأربعاء    طلعت مصطفى: 70 مليار جنيه مبيعات يوم واحد بالمرحلة الثانية من مشروع " ساوث مد"    الجبهة الوطنية يختار 6 أمناء مساعدين للحزب بشمال سيناء    بيان مشترك ل 6 دول أوروبية يحذر من «تصعيد خطير» في غزة    البابا تواضروس يستقبل وكيل أبروشية الأرثوذكس الرومانيين في صربيا    موعد انضمام أحمد سمير لجهاز الزمالك    مارتينيز لاعب برشلونة ينفي قيامه بالبصق على أتشيربي    تعرف على وضع صلاح بين منافسيه في الدوري الإنجليزي بعد 35 جولة    عمر طلعت مصطفى: العمل الاحترافي يجذب 400 ألف سائح جولف لمصر سنويًا    الرياضية: مدرب فولام يوافق على تدريب الهلال    القومي للمرأة ينظم ورشة عمل تفاعلية لخريجات برنامج المرأة تقود    قرار هام من الحكومة بشأن الجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا    قناة السويس تناقش مع عملائها تأثير التطورات الإيجابية بالبحر الأحمر على حركة الملاحة    بسبب الفلوس.. إصابة شخصين في مشاجرة بالوراق    مصرع شخصين في حريق نشب داخل مركز صيانة سيارات بالهرم    ب12 هاتفًا.. عصابة تخترق حساب سيدة من ذوي الاحتياجات وتنهب أموالها    محافظ الدقهلية يلتقي المزارعين بحقول القمح ويؤكد توفير كل أوجه الدعم للفلاحين    القائمة الكاملة لجوائز مهرجان أسوان لأفلام المرأة 2025 (صور)    أوبرا الإسكندرية تقيم حفل ختام العام الدراسي لطلبة ستوديو الباليه آنا بافلوفا    منها «السرطان».. 5 أبراج تجيد الطبخ بالفطرة وتبتكر وصفات جديدة بكل شغف    كندة علوش: دوري في «إخواتي» مغامرة من المخرج    شيرين عبد الوهاب تحرر محضرا بقسم البساتين ضد مدير صفحاتها    قطاع الفنون التشكيلية يعلن أسماء المشاركين في المعرض العام في دورته 45    منتج "سيد الناس" يرد على الانتقادات: "كل الناس كانت بتصرخ في المسلسل"    مجلس الوزراء يستعرض التقرير النصف سنوي حول أداء الهيئة العامة للرعاية الصحية    إطلاق صندوق لتحسين الخدمة في الصحة النفسية وعلاج الإدمان    حزنا على زواج عمتها.. طالبة تنهي حياتها شنقا في قنا    المراجعات النهائية للشهادة الإعدادية بشمال سيناء    وائل غنيم في رسالة مطولة على فيسبوك: دخلت في عزلة لإصلاح نفسي وتوقفت عن تعاطي المخدرات    وزارة الأوقاف تعلن أسماء المقبولين لدخول التصفيات الأولية لمسابقة القرآن الكريم    مدبولي يُكلف الوزراء المعنيين بتنفيذ توجيهات الرئيس خلال احتفالية عيد العمال    مجدي البدوي: عمال مصر رجال المرحلة.. والتحديات لا تُحسم إلا بسواعدهم    سحب 49 عينة سولار وبنزين من محطات الوقود بالإسكندرية لتحليلها    التايكوندو يتوجه للإمارات للمشاركة في بطولة العالم تحت 14 عام    إصابة ضباط وجنود إسرائيليين في كمين محكم نفذته المقاومة داخل رفح الفلسطينية    وكالة الأنباء الفلسطينية: ارتفاع حصيلة القصف الإسرائيلي لمدرستين في مخيم البريج ومدينة غزة إلى 49 قتيلا    كيف يتم انتخاب البابا الجديد؟    بدء اجتماع "محلية النواب" لمناقشة عدد من طلبات الإحاطة    هل انكشاف أسفل الظهر وجزء من العورة يبطل الصلاة؟.. الإفتاء توضح    مصر ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في اليمن مع الولايات المتحدة    الداخلية: ضبط 507 دراجة نارية لعدم ارتداء الخوذة    زيادة قدرتها الاستيعابية.. رئيس "صرف الإسكندرية يتفقد محطة العامرية- صور    بتكلفه 85 مليون جنيه.. افتتاح مبنى امتداد مركز الأورام الجديد للعلاج الإشعاعي بقنا    أحمد سليمان: هناك محاولات ودية لحسم ملف زيزو.. وقد نراه يلعب خارج مصر    أسامة ربيع: توفير الإمكانيات لتجهيز مقرات «الرعاية الصحية» بمواقع قناة السويس    اليوم.. الرئيس السيسي يتوجه إلى اليونان في زيارة رسمية    ما حكم إخراج المزكى زكاته على مَن ينفق عليهم؟.. دار الإفتاء تجيب    الأزهر يصدر دليلًا إرشاديًا حول الأضحية.. 16 معلومة شرعية لا غنى عنها في عيد الأضحى    عاجل- مصر وقطر تؤكدان استمرار جهود الوساطة في غزة لوقف المأساة الإنسانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشعب المصري ومماليك القرن العشرين
نشر في بص وطل يوم 20 - 10 - 2010

اقرأوا معي هذا الخبر أولا:
"كشف مصدر مطّلع بالجهاز المركزي للمحاسبات أن الجهاز انتقد وبشدة في تقرير أعده مؤخرا، خروج الجامعات المصرية من تصنيف الجامعات العالمية.
وأشار المصدر إلى أن الجهاز أكد في تقريره انزعاجه من هذه التصنيفات، التي تعكس واقعا مريرا للمستوى العلمي الذي وصلت إليه الجامعات المصرية بشكل خاص، ومستوى البحث العلمي برمّته، وهو ما ينعكس على إعداد خريجين غير مؤهلين علميا.
وأوضح المصدر أن الجهاز المركزي للمحاسبات أعدّ هذا التقرير لأول مرة عن ترتيب الجامعات المصرية بين قوائم ترتيب وتصنيف الجامعات العالمية، وأن التقرير كشف عن حقيقة كارثية تمثّلت في أن هناك قائمة تضمّ أفضل 60 بحثا في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، لا يوجد بينها بحث مصري واحد، في الوقت الذي ضمّت القائمة 47 بحثا من إسرائيل وحدها، و7 أبحاث من جنوب إفريقيا، والمفاجأة أن السعودية دخلت القائمة بأربعة أبحاث، ولكن لباحثين أجانب.." حسنا إلى هنا انتهى الخبر..

فتعالوا نستعِدْ ذاكرة الأيام ونقرأ معا جزءا من مقال للكاتب "أحمد بهاء الدين" في نهاية الستينيات، يقول الكاتب:
"حين جاء نابليون على رأس الجيش الفرنسي ليحتلّ مصر, وليغزو هذا الشرق كله.. فكانت أول مرة منذ أجيال سحيقة من الظلام، يكتشف فيها أهل هذا الشرق وجود الحضارة الغربية الحديثة الطاغية، ويعرفون أن ظلام الإمبراطورية العثمانية ليس كل شيء.."
ونحن الآن نضحك ونتعجّب، حين نقرأ في تاريخ "الجبرتي" وصفه لقاء المماليك والشعب لنابليون والجيش الفرنسي.. نضحك حين نقرأ أن المماليك خرجوا بالجياد المطهّمة والسيوف المذهّبة ليقاتلوا مدفعية نابليون الثقيلة، وحين نقرأ أن الدراويش خرجوا بالرايات يردّدون الأذكار ليقهر الله جند نابليون, الزاحفين في مربعات من النار، وربما يغلبنا الأسى ونحن نقرأ ل"الجبرتي" وهو يصف الواقعة فيقول: "فلما سقط عليهم "القنبر" (أي القنابل) وعاينوه، ولم يكونوا قد رأوه أو شاهدوه، صاحوا: يا سلام يا سلام من هذه الآلام، يا خفي الألطاف نجّنا مما نخاف".
ما معنى هذا؟
معناه أن دورة الحضارة التي ماتت في بلادنا قرونا طوالا، بينما انطلقت تدور وتهدر في أوروبا، كانت قد خلقت هذا الفارق السحيق المخيف..
شعبنا لم تكن تنقصه البسالة، فقد هرب المماليك بذهبهم وحريمهم، وبقي الشعب يثور مرة بعد أخرى, إنما كانت تنقصه الحضارة.. الحضارة التي هي العلم، والخبرة، والثقافة، والبارود، وإدراك روح العصر بسياساته وأفكاره وعناصر الصراع فيه، وليس أدل على ذلك من أن نابليون -مبعوث أوروبا وممثلها القوي- جاء بأول مطبعة، وجاء بعلماء وخبراء.. يكتشفون بلادنا, ويرسمون خرائطها، ويدرسون مواردها، ويستكشفون حتى آثارها وتاريخها.. ذلك أن المجتمع الراكد المظلم المتخلّف كان يعيش فوق هذا كله دون أن يعرفه أو يهتمّ به.. كان مجتمعا جفّ ماء الحياة فيه، وماتت خلاياه، وضمرت أطرافه، وانطفأ سراج عقله.. وإن ظل يقاوم ويقدّم الضحايا عاما بعد عام.. دون أن يصل إلى شيء"..
تلك كانت كلمات كاتبنا الكبير أحمد بهاء الدين وهو يحاول أن يفسّر لنا وجود إسرائيل التي غرسها الغرب في أرض العرب، وكيف أن الموت الذي أحاط بنا في كل جوانب الحياة الحضارية هو ما أدى إلى تعمّقها وتوغّلها في أراضينا، في الوقت الذي انهارت فيه حضارتنا تحت وطأة الجهل والفقر والمرض.. محذّرا من الهوّة العلمية والحضارية التي ستكون سببا في نكستنا مدى الدهر..
الشاهد هنا هو أن مصر في هذه المرحلة يأتيها الاستعمار من كل جانب، بداية من استعمار جيوش الأمراض على أجساد شعبنا الفقير في قائمة طويلة يقف في مقدمتها فيروس سي، مرورا بالفشل الكلوي، لتصل إلى ما لا نعرفه أو نسمع به في كتب الأولين!
واستعمار الجهل الذي سيطر على غالبية أبنائها؛ بدءا من أمية المواطن البسيط إلى أمية المثقفين..
ثم يأتينا الاستعمار الاقتصادي وسيطرة مماليك القرن العشرين على مقاليد أقوات الناس، ثم سيطرتهم على مقاعد المجلس الموقّر تحت القبة وفوق القبة وما بين القبة والقبة.. واستحواذهم على أعلى أماكن صناعة القرار.
فمصر التي نراها متهالكة.. مصر التي يجثم على صدرها مماليك القرن العشرين.. بينها وبين العالم المتحضر مئات السنوات، ووسط كل ألوان الاستعمار الذي يحيط بهذا البلد الكريم، وهذا الشعب الطيب المناضل الأمي لن يجد هؤلاء المماليك أصحاب رؤوس الأموال عندما تبدأ الجدران في التساقط والقمم في التهاوي، إلا أن يفعلوا كما فعل أسلافهم.. أن يهربوا بأموالهم وحريمهم إلى أوروبا؛ ليقف الشعب وحيدا يناضل من أجل أن يجد شربة ماء أو كسرة خبز..
وهكذا فإن خطر تخلّف مصر عن ركب الحضارة قديم، وناقوس الخطر قد دقّه العقلاء من أبناء هذا البلد منذ وقت طويل.. وما زالت مصر تهبط وتهبط حتى وصلت للكارثة العلمية التي يبنئ عنها ذلك الخبر في مقدمة المقال..
من هنا فالأمر الذي أؤمن به أن الخطر على هذا الشعب ليس أي استعمار خارجي، ولا أي عدوان يأتينا بالقنابل والصواريخ؛ فالمصريون دائما مستعدّون للفداء والتضحية أمام كل من يغزو أرضهم أو يهين كرامتهم..
إن المشكلة الحقيقية تكمن في هؤلاء المماليك.. الذين غزوا نفوس شعبنا، وأحاطوها بأسوار الخوف والجبن ووهم البحث عن لقمة عيش.. الخوف على مصر من أولئك الذين يعيشون وسطنا، ويتكلمون باسمنا، وينهبون خيرات وطننا، فإذا جاء موسم الحجّ أخرجوا عبّاراتهم المتهالكة لتغرق أبناءها، وإذا قلّ مخزون أموالهم رفعوا أسعار بضائعهم، فإذا جاء موسم الانتخابات أطعموا فقراءنا وكسوا عراتنا وتضامنوا بمعسول الكلام مع أوجاعنا وآلامنا.. فيخرج نفر منا يطبّلون ويرقصون لهم من أجل حفنة جنيهات شقّوها من جيوبنا..
الخوف كل الخوف من أولئك المماليك الجدد الذين باعوا مصرنا بثمن بخس، وكانوا فيها من الزاهدين.. حتى أصبحت رغم ثراء عقول أبنائها في ذيل الأمم..
ولكن هل معنى هذا أن مصر قد ضاعت وأنها لن تعود؟
أبدا.. فكل الذين غزوها من الخارج، أو عاشوا بين أهلها ودسّوا السموم في عروقها، وهم ليسوا من لحمها ودمها، انتهوا إلى الموت والسقوط في ظلامهم وظلمهم وطمعهم، وبقيت مصر، وشفيت من سقامها.. وقام شعب مصر يبني من جديد حلمه وأمله في غد مشرق.. أما الذي يدعوني إلى الأمل فشيء واحد ترسّخ في نفسي منذ زمن بعيد.. شيء يبعث في نفسي الأمان ويحيطه بسياج من نور الأمل، كلما اشتد عليّ ظلام الإحباط.. شيء جعله الله آية من آيات الليل والنهار.. شيء يجعلني أبصر هذا السواد في أيامنا بعين باسمة.

"إن أشد لحظات الليل ظلاما هي تلك التي تسبق بزوغ فجر جديد"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.