إعلان نتيجة المرحلة الأولى بتنسيق الجامعات 2025.. غدًا    «التضامن» تقر قيد 3 جمعيات في محافظتي الإسكندرية والمنيا    تنسيق المرحلة الثانية للثانوية العامة 2025.. 5 نصائح تساعدك على اختيار الكلية المناسبة    أسعار الفراخ اليوم فى مطروح السبت 2 أغسطس 2025    تسلا تدفع 200 مليون دولار تعويضات بعد مقتل شاب بسبب القيادة الآلية    توقيع بروتوكول تعاون بين «الجمارك» وغرفة القاهرة التجارية لتيسير الإجراءات    ننشر أسعار حديد التسليح اليوم 2 أغسطس 2025    وزارة النقل: استمرار تلقي طلبات السائقين الراغبين في الانضمام لبرنامج تدريب وتأهيل سائقى الاتوبيسات والنقل الثقيل    «بلومبرج»: مكتب التحقيقات الفيدرالي أخفى اسم ترامب في ملفات قضية إبستين    استشهاد 22 فلسطينيا برصاص الاحتلال الإسرائيلي بأنحاء متفرقة من قطاع غزة    سقطة وخيانة و "فضيحة بجلاجل"    "اليونيسيف": أطفال غزة يموتون بمعدل غير مسبوق    "صحة غزة": شاحنات تحمل أدوية ومستلزمات طبية ستدخل القطاع اليوم عبر منظمة الصحة العالمية    الزمالك يتوصل لاتفاق مع عدي الدباغ    موعد مباراة بايرن ميونخ ضد ليون الودية والقنوات الناقلة    وزير الرياضة يشهد تتويج منتخب الناشئين والناشئات ببطولة كأس العالم للاسكواش    اللجنة الأولمبية تشكر الرياضيين وتُعزز الاستقرار بتفعيل مدونة السلوك    21 مصابًا.. ارتفاع أعداد المصابين في حادث انفجار أسطوانة بوتاجاز بمطعم بسوهاج    القبض على بلوجر "إنهاء تراخيص المرور" في أكتوبر    الداخلية: سحب 844 رخصة وتحرير 601 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة خلال 24 ساعة    شكل العام الدراسي الجديد 2026.. مواعيد بداية الدراسة والامتحانات| مستندات    تنظيم قواعد إنهاء عقود الوكالة التجارية بقرار وزاري مخالف للدستور    أجواء غائمة وفرص أمطار تمتد للقاهرة.. حالة الطقس اليوم السبت 2 أغسطس 2025    عمرو دياب يحقق أعلى حضور جماهيري في مهرجان العلمين بحفل أسطوري (صور)    القاهرة الإخبارية: حضور لافت للمصريين فى اليونان للتصويت بانتخابات الشيوخ    ابحث عن طريقة لزيادة دخلك.. توقعات برج الحمل في أغسطس 2025    رئيس جامعة المنوفية يصدر 7 قرارات جديدة بتعيين وتجديد تكليف لوكلاء الكليات    55.7 مليون جنيه.. إيرادات فيلم الشاطر بعد 17 ليلة عرض (تفاصيل)    بيت الزكاة والصدقات يبدأ غدا صرف إعانة شهر أغسطس للمستحقين بجميع المحافظات    «الصحة» تطلق منصة إلكترونية تفاعلية لأمانة المراكز الطبية المتخصصة والمستشفيات    مدبولي يتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات بمجلس الوزراء خلال يوليو 2025    «100 يوم صحة» تقدم 26 مليونًا و742 ألف خدمة طبية مجانية خلال 17 يومًا    انتخابات الشيوخ 2025.. توافد لافت ورسائل دعم للدولة المصرية خلال تصويت المصريين بالسعودية    الكهرباء تكشف أحدث حيل سرقة التيار عبر العدادات مسبوقة الدفع    النشرة المرورية.. سيولة فى حركة السيارات على طرق القاهرة والجيزة    أيمن يونس: شيكابالا سيتجه للإعلام.. وعبد الشافي سيكون بعيدا عن مجال كرة القدم    تعرف على منافسات مصر بسابع أيام دورة الألعاب الأفريقية للمدارس بالجزائر    الهيئة الوطنية للانتخابات: سفراء مصر بالخارج يدعمون التصويت    زلزال بقوة 5.5 درجة يضرب شمال باكستان    جنين تم تجميده عام 1994.. ولادة أكبر طفل في العالم    ترامب يخطو الخطوة الأولى في «سلم التصعيد النووي»    90 دقيقة تأخيرات «بنها وبورسعيد».. السبت 2 أغسطس 2025    وفاة والد معتمد جمال مدرب الزمالك السابق    سعر الذهب اليوم السبت 2 أغسطس 2025 يقفز لأعلى مستوياته في أسبوع    رسميًا.. وزارة التعليم العالي تعلن عن القائمة الكاملة ل الجامعات الحكومية والأهلية والخاصة والمعاهد المعتمدة في مصر    الصفاقسي التونسي يكشف تفاصيل التعاقد مع علي معلول    استشارية أسرية: الزواج التقليدي لا يواكب انفتاح العصر    مقتل 4 أشخاص في إطلاق نار داخل حانة بولاية مونتانا الأمريكية    عمرو دياب يشعل العلمين في ليلة غنائية لا تُنسى    محافظ سوهاج يقرر غلق محلين بسبب مشاجرة بعض العاملين وتعطيل حركة المواطنين    كما كشف في الجول – النجم الساحلي يعلن عودة كريستو قادما من الأهلي    أبرزها رفع المعاش واعتماد لائحة الإعانات.. قرارات الجمعية العمومية لاتحاد نقابات المهن الطبية    حسام موافي ينصح الشباب: مقاطعة الصديق الذي علمك التدخين حلال    رئيس أركان حرب القوات المسلحة يشهد فعاليات اليوم العلمى ل«الفنية العسكرية»    للرزق قوانين    هل يشعر الأموات بما يدور حولهم؟ د. يسري جبر يوضح    أمين الفتوى: البيت مقدم على العمل والمرأة مسؤولة عن أولادها شرعًا    وزير الأوقاف يؤدي صلاة الجمعة من مسجد الإمام الحسين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما يصبح هيكل صيداً ثميناً
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 02 - 12 - 2009


الأسرة العلوية: سلالة محمد علي باشا
يقول هيكل: "أسرة محمد علي لو نفتكر نشأت بعد نابليون فرنسا.. الصراع بين إنجلترا وفرنسا الصراع الإمبراطوري اللي كان موجود في البحر الأبيض كان إنجلترا وفرنسا بالدرجة الأولي هذا هو نفس الصراع اللي كان موجود لإنجلترا وفرنسا بس كانت زائدة عليه روسيا لكن روسيا كانت بعيد شوية وكان فيه بقايا البرتغال والإسبان إلي آخره لكن إنجلترا وفرنسا كانوا هنا بيتسابقوا في هذه المنطقة والهدف هو فتح طرق التجارة والاستيلاء علي المنطقة جانب شواهد البترول اللي كانت علي أوائل القرن بالذات أوائل القرن العشرين يعني في هذه الفترة نشأت هذه الأسر ولما أقول مثلا علي سبيل المثال لما أقول إنه إذا كنت بأقول إن أسرة سعود نشأت بعلاقة ما مع حكومة الهند وإن فيه شواهد كثير قوي بتقول لي الكلام ده لازم أقول أيضا إنه أسرة محمد علي نشأت بنفس الطريقة وبعلاقات ملتبسة جدا بين فرنسا وإنجلترا في ظل صراع إمبراطوري.. "(انتهي النص).
ماذا أقول؟
لم نفهم العبارة يا هيكل.. ماذا تريد قوله حول الصراع البريطاني الفرنسي.. أن الامبراطوريتين تتسابقان في امتدادهما نحو العالم. هذا أمر معروف ومعروفة أهدافه ومنها ليس فتح طرق التجارة والاستيلاء علي المنطقة، بل للهيمنة علي طرق التجارة الدولية ومسالكها فتلك كانت مفتوحة أصلا. ولكن أي جانب من شواهد البترول تقصد؟ إنك تتحدث عن بدايات القرن التاسع عشر عندما تولي محمد علي باشا ولاية مصر واكتشاف النفط جاء في بدايات القرن العشرين؟ فالصراع إبان القرن التاسع عشر لم يكن علي البترول أبدًا، بقدر ما كان علي مسالك التجارة والموارد والسيطرة علي الأسواق. ثم ما بالك تخلط التواريخ يا هيكل؟ هل تتحدث عن نشأة العلويين بمصر والسعوديين بالجزيرة العربية مطلع القرن التاسع عشر أم بدايات القرن العشرين؟ حدد ما تقوله بالضبط، فكل ما قلته هو خلط للأمور والتواريخ التي لا يفهم من يتابعك ما تريد قوله فعلا.
بونابرت: مصر علي أبواب التاريخ الحديث
يتابع هيكل حديثه، فيقول: "جاء نابليون غزا ولكن نابليون لما جاء مصر ما كنش هدفه مصر في حد ذاتها بنتكلم علي نابليون لو حد.. لو نفتكر كويس قوي وهذه مسائل في منتهي الأهمية لأنه إحنا لما مع الأسف لما جينا ندرس تاريخ بلادنا بعد كده درسنا كل بلد علي حدة لوحده خالص دون علاقة بآخرين بينما لو بصينا علي الخريطة الشاملة تتضح الصورة قدامنا أكثر لأنه ما كان يجري في المنطقة كان يجري لمنطقة بحالها والصراع عليها وهذا طبيعة تاريخ الصراع عليها مش كان بيجري علي حدود الصراع كان علي إرث الإمبراطورية العثمانية علي إرث الخلاف علي الإرث العربي الإسلامي الموجود.. المتمثل في دولة الخلافة في ذلك الوقت واللي هي كانت وريثة دولة المماليك إلي آخره، إذاً يصعب جدا إنه إحنا نتصور إنه الأسر المالكة الحاكمة التي نشأت في هذا الوقت نشأت في عزلة عن الصراع الدولي هي موجودة لكن نحن لم نلتفت بالقدر الكافي في دراستنا للتاريخ حتي في المدرس إلي العلاقة الكبري الموجودة والتي صنعها صراع علي إقليم علي منطقة بحالها وليس علي بلد.. بلد، لما نابليون جاء مصر ما كنش بيتكلم علي مصر بحد ذاتها كان بيتكلم علي طريق الهند لأنه الصراع أكبر قوي كان من مصر يمكن كان صراع إمبراطوريات ماهيش ممالك بس،..".
ماذا أقول؟
ثمة ملاحظة لابد أن أذكرها بشكل عام، ذلك أن أغلب من يذكر حملة بونابرت علي مصر وبلاد الشام يذكرها باسم حملة نابليون، والصواب كما تعلمنا كل كتب التاريخ بأن اسمه عندما غزا مصر كان بونابرت، ولم يتسم باسم نابليون إلا بعد أن أصبح زعيما لفرنسا. ومن يراجع تاريخ الجبرتي - مثلا - سيجد أن اسمه (بونابرته)، وان اسمه عند الخطيب العمري هو (برته بول).. وهذا يسري في كل الوثائق والأوراق والكتب التاريخية التي كتبها مؤرخون فرنسيون وغيرهم.
دعني ارجع إلي هيكل وأقول متسائلا: هل قرأت يا هيكل ما كتبه المؤرخون العرب (ومن مصر بالذات) عن تاريخ المنطقة وتاريخ حملة بونابرت؟ إنك لو قرأت وتابعت جملة من المؤلفات الرصينة لما اطلقت مثلا هذا الكلام. انك لا تدرك بأن هناك في اغلب اقسام التاريخ بالجامعات العربية مادة أساسية عنوانها (تاريخ العرب الحديث) لا تدرس مضامينه منفصلة، بل تدرس تواريخ المنطقة وحدة مترابطة.. ثم قل لي بربك: أيعقل أن تكون حملة بونابرت قد قصدت مصر لوحدها، أم انها قصدت المنطقة كلها؟ انك لا تدري يا هيكل كيف تخاطب العقل العربي .. وكأنك تخاطب مجموعة جهلة لا يفقهون من تواريخهم شيئا! وهنا اسأل زملائي المؤرخين المصريين: هل يمكنكم قبول ما يقوله هيكل لكم وكأنه يصنع من نفسه معلما لنا وبيده عصاه وهو يتأتئ كي يعلمنا كيف نفهم اولويات التاريخ، وهو لا يدرك ألف ياءه؟؟ انني اتحدّي هيكل أن يكون قد قرأ تاريخ الجبرتي مثلا، فلو كان الرجل قد قرأ ما كتبه المؤرخ الجبرتي عن تاريخ مصر الحديث لما تجرأ وكتب مثل هذه التخرصات! وهل يمكن للمؤرخين (مهما كانت جنسيتهم) أن يقبلوا بمثل هذه الاعتداءات السافرة علي تاريخ مصر الحديث وتسفيه صناعة تاريخها والحط من شأن مؤرخيها ضمن حجج واهية وأكذوبات مختلقة؟!
محمد علي باشا ودروفيتي
نتابع معه اختلاقاته التاريخية.. يقول هيكل: "محمد علي لما جاء.. لما أنشئت أسرة محمد علي.. أسرة محمد علي لما حد يقول لي والله إنه محمد علي إحنا درسنا في المدارس كلها في مدارسنا وإحنا شباب وإحنا صبية صغار إنه أسرة محمد علي بايعه العلماء وثائق التاريخ كلها بتقول إنه علماء الأزهر آه محمد علي كان قائد تركي محلي له شعبية بين الناس لكنه ما أتي به في الفراغ اللي نشأ بعد سقوط.. بعد انسحاب نابليون من مصر في هذا الفراغ الذي نشأ هو الصراع البريطاني الفرنسي اللي محمد علي استفاد منه أو ما استفدش منه اقترب منه أو ابتعد منه بدرجات لكن القنصل الفرنسي في ذلك الوقت في مصر دروفيتي لعب دورا في تنصيب محمد علي زي الدور اللي ممكن تكون حكومة الهند لعبته في الشرق مع أسرة آل سعود، حاجة غريبة قوي لما حد يبص يشوف كيف.. ".
هل لي أن أقول شيئا؟
ما هي الحاجة الغريبة قوي يا هيكل؟ هل اكتشفت أمرا جللا كبيرا حتي تستغرب بهذا الشكل؟ وكل هذا الكلام الفارغ حول ما درسته عندما كنت صبيا وشابا.. وكل هذا اللف والدوران لتقول إن القنصل الفرنسي كان وراء تنصيب محمد علي باشا! من دون أن تذكر ما المنصب الذي تقلّده.. انه منصب ولاية مصر العثمانية.. كنت اتمني عليك أن تقرأ الجزء السادس من كتاب الجبرتي الشهير ب"عجائب الآثار في التراجم والأخبار"، وفيه تفصيلات موسعّة عن دور محمد علي في مصر بين زوال الحملة الفرنسية وبين تنصيبه واليا علي مصر. إن من يتابع شأن محمد علي باشا في كتاب الجبرتي، سيجد بأن ادواره الداخلية وعلاقاته وتكوين شعبيته هي التي قادت إلي أن يكون علي رأس السلطة، وليس في الأمر أي مؤامرة فرنسية! لقد اختزلت تاريخ أهم مراحل نشوء مصر الحديثة وهي السنوات الصعبة التي تدفقت فيها جملة كبري من الأحداث كي تقول إن نشأة مصر الحديثة قد جاءت علي يد القنصل الفرنسي بمصر دروفيتي وكأن لم يكن هناك أية صراعات داخلية ولم يكن هناك أية أجندة بريطانية ولم يكن هناك أية قوة عثمانية ولم يكن هناك أية قوي محلية مملوكية.. وكأن فرنسا لم تتقهقر في مصر.. كنت اتمني عليك أن تتواضع قليلا يا هيكل وتذكر آراء ثلاثة اقوي مؤرخين مصريين يعتبرون آباء حقيقيين للتاريخ المصري الحديث، وهم: محمد شفيق غربال ومحمد صبري الصوربوني ومحمد فؤاد شكري.. ولا أقول غيرهم ولا أقول عد إلي ما كتبته من تاريخ وثائقي عن تكوين مصر الحديثة.
وثائق التاريخ
ثم تأتي لتتحدث لنا باسم الوثائق كأنك تدري أنك لا تعرف من تاريخ مصر شيئا وتريد أن تعلم الناس بأنك مؤرخ يعتمد علي الوثائق علما بأنك تعلم علم اليقين إنك تهذي ولا تدرك من تاريخ مصر إلا اسمه.. إنك تستطرد وتقول: "ماذا تقول لنا وثائق التاريخ لأنه هنا أنا أظن إن إحنا قرأنا التاريخ كثير قوي بعيد عن وثائقه لكن أنا ما باهتمش.. باهتم جدا طبعا بالكتب الناس اللي بيأرخوا لكن ما يهمني أكثر في واقع الأمر هو الوثائق لأن الوثائق ممكن تدينا نظرة أوسع إلي ما كنا.. إلي ما نحن بصدد أن ندرسه وأن نفهمه الوثائق لما بتقع في يد مؤرخ فرنساوي ولا في يد مؤرخ إنجليزي هو يتصرف فيها برؤية معينة، إذا أنا بمنظور محلي شفت وثائقي الأصلية أقدر أبص فيها بطريقة مختلفة، لما أبص ألاقي وثائق فترة محمد علي وإحنا جبناها يعني هاتكلم يمكن فيها مرة بعدين الثانية لكن وثائق نابليون والفترة المحيطة بها كلها أنا باعتقد إنها كلها موجودة في حوزتي واهتميت بها قوي وأظن جبتها بجهد خارج عن جهد الدول لكن ده موضوع ثاني هاتكلم فيه حالا،.. ".
دعني اعلق عليك وأقسو قليلا من دون أن اتجني أبدًا، ألا يخجل المرء من نفسه عندما يتهم مدارس تاريخية كاملة في مصر وغير مصر أنها قرأت التاريخ مبتعدة عن وثائقه؟ وسواء اهتممت أم لم تهتم فما وزن هيكل إزاء المؤرخين الكبار وحتي الصغار من باحثي الدراسات العليا الذين تخصصوا في نشوء مصر الحديثة. واسأل: هل نحن بحاجة إلي من يعلمنا بأن الوثائق " تدينا نظرة أوسع.. ".. بل ولم تكتف بهذا القدر من التطاول، بل تذهب لتجعل من نفسك مؤرخا وتقارن نفسك بمؤرخ فرنسي ومؤرخ انجليزي وتتهمها بتصرفهما بطريقة معينة في حين تجعل من نفسك مؤرخا ولك نظرتك المختلفة من دون أي احساس بالتواضع ومن دون أن تتوغل في مضامين الوثائق واتحداك يا هيكل أن تأتي لي بوثيقة واحدة فيها معلومات لم يطلع عليها مؤرخو مصر المحدثون ولا أقول المؤرخين من غير المصريين. انك تلعب بعواطف الناس وتستخف بعقولنا وتتبجح عند أبواب تخصصاتنا من دون اعتذار أو حتي حياء.. وثائق القنصلية الفرنسية:
يقول هيكل: " لكن لما نقرأ وثائق القنصلية الفرنساوية اللي كاتبها دروفيتي اللي هو كان القنصل اللي سابه نابليون نعرف إلي أي مدي الصراع الفرنسي الإنجليزي لعب دورا في تنصيب محمد علي وإلي أي مدي محمد علي في واقع الأمر يكاد يكون اشتري ولاية مصر من القنصل من فرنسا في مواجهة صراع مع إنجلترا والثمن اللي دفعه محمد علي هو.. وهذا لافت للنظر جدا هو آثار مصرية أن تصرح لدروفيتي.. دروفيتي هو القنصل الموجود هنا والفرنسيون مبهورون بالآثار المصرية، القنصل الإنجليزي والقنصل البريطاني بيتصارعوا مع هذا الأمير الألباني أو هذا الجندي الألباني اللي جاء في مصر واللي الظروف في مصر إدته فرصة هايلة يتقدم الصفوف في الحامية التركية في مصر ويصبح إلي حد ما الأكثر شعبية بين الضباط الأتراك الموجودين والمتصارعين علي الولاية بعد هزيمة نابليون وبعد كسر أسطوله في أبوقير إلي آخره، دروفيتي بيلعب هو والقنصل الإنجليزي بيلعبوا أدوار مهمة جدا والغواية اللي بيدفعها محمد علي هي تصريح بنقل وبحث والاستيلاء علي كمية آثار وهذا الرجل في حد ذاته لوحده دروفيتي أنشأ متحف بحاله هو متحف توريم في إيطاليا لأنه علي أي حال لأن هو كان من أصل طلياني لكن عرش مصر في هذه الفترة أسرة محمد علي مع مطامع محمد علي ومع الدور المهم اللي يكون لعبه محمد علي ومع القيمة اللي موجودة عند محمد علي ومع تصورات محمد علي.. محمد علي كان موجودًا في إطار صراع فرنسي بريطاني لعب دورا في توليته بأكثر مما لعب علماء الأزهر مع تقديري لكتب التاريخ، خلي بالنا أنه في هذه الفترة..".
ماذا أقول؟
دعني يا هيكل احاكمك قليلا، فلقد اوقعت نفسك في شباكنا فأصبحت بالنسبة لنا صيدا ثمينا، برغم انك لا تعني لنا شيئا نحن المؤرخين، ولكن يبدو انك تعني الكثير بالنسبة للناس الذين لا يعرفون من أنت بعد! قل لي: هل أنت متأكد مما تذيعه وتقوله وتدعيه بأنك قرأت وثائق القنصلية الفرنسية؟ وما الذي كتبه القنصل دروفيتي من معلومات نادرة لا يعرفها الملأ حتي يومنا هذا؟ وهل انك متأكد مما تقوله؟ ولعلمك أن ذلك العصر هو الذي شغل كل من الانجليز والفرنسيين والأمريكيين بالبحث عن الآثار القديمة.. ولكن ما قدمته من اختلاقات حول ثمن تنصيب محمد علي باشا علي مصر من قبل الفرنسيين لقاء منحهم آثار مصر.. فهذا ادعاء كاذب ولا يمكنك الدفاع عنه ابدا.. واسألك: هل أنت من الوعي التاريخي في شيء من الاشياء عندما تقول إن محمد علي باشا قد أصبح "لي حد ما الأكثر شعبية بين الضباط الأتراك الموجودين والمتصارعين علي الولاية بعد هزيمة نابليون وبعد كسر أسطوله في أبوقير إلي آخره"! متي حدثت معركة أبي قير البحرية؟ لقد حدثت في 1 أغسطس 1798 بعد أن عاد الاسطول البريطاني بقيادة نلسون إلي السواحل المصرية اثر سقوط القاهرة بيد بونابرت، أي بعد شهر تماما من نزول الفرنسيين ارض مصر.. وتحطّم الاسطول الفرنسي.. فإذا كانت هذه حقيقة تاريخية، فكيف تقول لنا يا هيكل إن محمد علي أصبح الأكثر شعبية بين الضباط الاتراك الموجودين والمتصارعين علي الولاية بعد هزيمة نابليون؟ اتدري متي وصل محمد علي باشا مصر؟ لقد التحق قائدا للقوات الالبانية التي دخلت في عداد الجيوش العثمانية المرسلة إلي مصر عام 1799 ولم يرسّم واليا علي مصر إلا بعد خمس سنوات، أي صدرت وثيقة تعيينه بتاريخ 13 مايو 1805. فعن أي ابي قير تتحدث؟ وإذا كان درو فيتي يحب الآثار وانشأ له متحفا في ايطاليا وكان من اصل طلياني، فما علاقة محمد علي باشا به يا هيكل؟ ألا يكفيك طعنا بمحمد علي باشا وأسرته، وفي كل مرة تطلع علينا بتهم جديدة تلقيها عليهم؟ وأي عرش مصر هذا الذي تتحدث عنه؟ إن محمد علي باشا نصّب واليا ووافق السلطان العثماني سليم الثالث عليه اسوة ببقية ولاة الدولة العثمانية.. فعن أي عرش تتحدث؟ العرش لم يأت إلا بعد ازمان يا هيكل.. ثم قل لي بربك عن أي علماء للأزهر تتحدث عندما تتدعي بأن ثمة قنصلاً فرنسيا وآخر انجليزيا.. وإذا عرفنا ضلوع محمد علي باللعبة الدولية في وقت متأخر.. فما علاقة علماء الأزهر بتنصيب محمد علي باشا؟ لقد برز دوره اثر انتفاضة القاهرة الشعبية في شهر مايو 1805 واطيح بفلول الانكشارية وبزعيمهم خورشيد باشا فنودي مجمع الشيوخ ووقف عمر مكرم داعيا إلي والي جديد لمصر.. فانتهي الأمر لصالح محمد علي باشا. وتعال هنا لاسألك عن هذه العجرفة عندما تقول: مع تقديري لكتب التاريخ. فأيهما يصح قوله أنت أم كتب التاريخ؟ وهنا دعوني ننتقل إلي توصيفه كتب التاريخ التي لم تعجبه وفيها مضامين واسعة عكس هذيانه وبقاياه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.