فوز جامعة المنيا بالمركز الأول في نموذج الزراعة والأغذية    محافظ الإسكندرية: استمرار رفع درجة الطوارئ لمواجهة أمطار نوة المكنسة.. صور    الدفاعات الأوكرانية تتصدى لهجوم روسي مكثف على العاصمة كييف    بث مباشر يلاااا شوووووت.. مشاهدة مباراة مصر ضد أوزبكستان في بطولة العين الودية اليوم 14 نوفمبر 2025    شاب ينهي حياته غرقاً بمياه ترعة العلمين الجديدة بكفر الدوار بالبحيرة    «احترمي خصوصياتهم وبادري بالود».. 7 نصائح ضرورية لتعزيز علاقتك بأقارب زوجك    «العمر مجرد رقم».. نانسي عجرم: بعد الأربعين أصبحت أروق وأوعى    بيحبوا الاستقرار.. 5 أبراج تفضل الحياة الزوجية عن العزوبية    سنن التطيب وأثرها على تطهير النفس    سرّ الصلاة على النبي يوم الجمعة    هل ثواب الصدقة يصل للمتوفى؟.. دار الإفتاء توضح    أمراض بكتيرية حولت مسار التاريخ الأوروبي: تحليل الحمض النووي يكشف أسباب كارثة جيش نابليون في روسيا    المركز الأفريقى لخدمات صحة المرأة يحتفل باليوم العالمي ل«مرض السكر»    اليوم.. أوقاف الفيوم تفتتح مسجد"الرحمة"بمركز سنورس    اشتباكات مسلحة ب"الهاون والرشاشات" في 4 بلدات بالسويداء السورية    إيران تطالب الأمم المتحدة بمحاسبة واشنطن وتل أبيب على ضرباتها النووية في يونيو    نتنياهو يربط التعامل مع أحمد الشرع بهذا الشرط    وزير الدفاع الأمريكي يعلن بدء عملية "الرمح الجنوبي" ضد شبكات مخدرات في الغرب    العثور على حطام طائرة إطفاء تركية ووفاة قائدها    بن غفير يتباهى بالتنكيل بمواطنين فلسطينيين داخل إسرائيل    صلاة الاستسقاء قطر اليوم – تفاصيل أداء الصلاة في مصلى لوسيل    محافظ بورسعيد يبحث استعدادات إجراء انتخابات مجلس النواب 2025    إنجلترا تواصل حملة الانتصارات مع توخيل وتعبر صربيا بثنائي أرسنال    المنتخبات المشاركة في كأس العالم 2026 بعد تأهل فرنسا    تقرير: خطة برشلونة لتكريم ميسي    طنطا يواجه ديروط.. ومسار يصطدم ب الداخلية في دوري المحترفين    بعد الفوز على الكاميرون.. الكونغو تصعد لنهائي الملحق الأفريقي لكأس العالم 2026    أول تعليق من «الأطباء» على واقعة إصابة طبيب بطلق ناري خلال مشاركته في قافلة طبية بقنا    السيطرة على حريق شب في مخزن للمساعدات الإنسانية جنوب العريش    الثلوج تتساقط وأمطار رعدية تضرب الإسكندرية والمحافظة تعلن الطوارئ.. فيديو    شقيق الشهيد أحمد الشبراوى يخلد ذكراه فى إهداء رسالة الماجيستير    بالأسماء، إصابة 4 أشخاص في تصادم موتوسيكل ب"توك توك" بطريق نبروة بالدقهلية    مصرع وإصابة 8 أشخاص في حادث تصادم بطريق القصير مرسى علم    مصرع شقيقتين في انهيار منزل بقنا بعد قدومهما من حفل زفاف في رأس غارب    رسميًا بعد تطويرها.. موعد افتتاح حديقة الحيوان بالجيزة وخطة تجديدها وربطها بالأورمان    تفاصيل محاكمة المتهمين بالتنمر على الطفل جان رامز على مواقع التواصل    وزارة التعليم تضيف معلمي ثانية إعدادي للفئات المستحقة ل«حافز التطوير»    الإمارات تعلن نتائج تحقيقات تهريب العتاد العسكري إلى السودان    كيف بدأت النجمة نانسي عجرم حياتها الفنية؟    نانسي عجرم ل منى الشاذلي: اتعلمت استمتع بكل لحظة في شغلي ومع عيلتي    رئيس الناشرين العرب يغادر المستشفى ويعود لمصر السبت بعد عملية ناجحة    ما الذي تغير في نانسي عجرم بعد ال 40؟ الفنانة ترد (فيديو)    التفاصيل الكاملة لمشروع جنة مصر وسكن مصر.. فيديو    بين ابتكار الآسيويين ومحاذير الخدع التسويقية.. هل يهدد الذهب الصيني الجديد سوق الاقتصاد؟    القانون ينظم عمل ذوي الاعاقة.. تفاصيل    أذكار المساء يوم الجمعة – حصنك من الشر والهم والضيق    سعر الدولار الآن مقابل الجنيه خلال عطلة البنوك اليوم الجمعة 14 نوفمبر 2025    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 14 نوفمبر 2025    4 أبراج «بيجيلهم اكتئاب الشتاء».. حسّاسون يتأثرون بشدة من البرد ويحتاجون للدفء العاطفي    «الصحة»: التطعيم ضد الإنفلونزا يمنع الإصابة بنسبة تزيد على 70%    طريقة تنظيف حوامل البوتاجاز شديدة الاتساخ بمكونات من مطبخك    عمر هشام طلعت يفوز بعضوية المكتب التنفيذى للاتحاد العربى للجولف..والرميان يحتفظ بالرئاسة    الفيلم التركي كما نتنفس يعرض صورة مغايرة للحياة التركية في عرضه الأول بمهرجان القاهرة السينمائي    "الصحة" تنظم جلسة لمناقشة تطبيق التحول الأخضر في المستشفيات وإدارة المخلفات الطبية    كلية الآداب بجامعة عين شمس تستقبل مدير شراكات جامعة إسيكس البريطانية    إنشاء جامعة دمياط التكنولوجية    الشيخ خالد الجندي: كل لحظة انتظار للصلاة تُكتب في ميزانك وتجعلك من القانتين    بث مباشر مباراة العراق والإمارات اليوم في تصفيات كأس العالم 2026 – ملحق آسيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مواقف من الأسر الحاكمة
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 23 - 11 - 2009

دعونا نحلل ونناقش جملة هائلة من القضايا والمسائل التاريخية التي أطال هيكل فيها واستطرد وتنقّل نقلات غير منهجية، وأطلق أحكاما غير منصفة منطلقا من أفكار مسبّقة ناهيكم عن تجاهله كتابات عدد كبير من المؤرخين العرب والأجانب عن أسس التاريخ الحديث، فضلاً عن جهلة المريع بأولويات فلسفة تاريخ الشرق الأوسط الحديث وتقاليده السياسية الموروثة.. سنقف علي أحاديث لا يمكن أن نسميها أو نطلق عليها إلا هذيانا أو من الهذيان..
وسأقف محاججاً الرجل في كل ما تفوه به من كلام.. مسألة وراء أخري، علماً بأن طريقته في صياغة التاريخ طريقة فجة، فهو لا يعرف كيف يوازن بين الموضوعات ويتوقف طويلا في مكان ثم يسترسل في مكان آخر.. وهو يخلط ذكرياته الشخصية ببعض الأحداث التاريخية..
إنه لا يدرك تاريخ العرب الحديث لا كله ولا أي أجزاء منه.. إن مهمته تنحصر في تشويه ذلك "التاريخ" من دون إعطاء أي آراء أو الاستئناس بأي أفكار واستنتاجات ذكرها غيره من المؤرخين، خصوصا إذا ما عرفنا أنه صحفي وإعلامي وكاتب مقالات صحفية وكتب إنشائية ولم يصل مرتبة المؤرخ المحترف.
سنقف ها هنا علي مسردات لا تمت للحقيقة بصلة، وهو رجل افتقد الثقة بالآخرين ناهيكم عن فقده الثقة بنفسه، فتجده يهرع من حين إلي آخر لتذكيرنا بأنه يستخدم وثائق ويطيل في شرح ذلك من دون أن يقدم نموذجا واحدا من تلك الوثائق، بل إنني أتعجّب من إنسان قضي عمره في الكتابة لا يدرك معني الوثيقة ولا يفقه كيفية استخدامها في كتابة التاريخ!
إنه كاتب مخادع من الطراز الاول، وهو منكشف علي الملأ بتأكيده أنه اعتمد علي الوثائق وكل ذلك كذب وبهتان.. وهنا أطالب زملائي المؤرخين في مصر خصوصا من المختصين في تاريخ العرب الحديث وفي تاريخ مصر الحديث بأن يقولوا كلمتهم في كل الاتهامات التي ساقها هيكل ليس ضد أسر مالكة أو ضد زعماء معينين ولكن ضد تاريخنا العربي الحديث خصوصا أنه لا يعرف - كما يبدو - من ذلك التاريخ إلا ثلاث أسر حاكمة.. سنجده يلقي بأحكامه الضعيفة متهما إياهم بشتي التهم، والحقيقة أنه كان قد قبض ثمن ما قال ضد أحد الزعماء بالذات وضد أسرة مالكة عربية بالاتفاق مع إحدي الدول، ولكنه تعمّد أن يسيء إلي زعيمين آخرين وإلي أسرتين آخريين كي يضيع أو يموّه هجومه علي من يقصده بالذات. دعونا نبدأ معه:
صورة اللاند سكيب
يقول محمد حسنين هيكل: الحاجة الأولانية إن إحنا بنتكلم في محاولة استشراف المشهد الذي وجده جيلي باتكلم علي مشهد.. باتكلم علي (land escape) اللي بيسموه الصورة العامة.. الصورة الشاملة، في هذه الصورة الشاملة أنا وقفت قلت إمبارح أو من الأسبوع اللي فات تكلمت علي إنه لأول مشهد طالعنا هو مشهد القوة الأمريكية التي تبدو وكأنها انتصرت في الحرب ضد النازية وهي فعلا كانت منتصرة لكن هي اللي كانت قادمة ترث كل الإمبراطوريات وإحنا لاقيناها علي حافة الأفق في الشرق الأوسط هي دخلت في صراع إمبراطوري مع كل من سبقها وجاءت لترث في النهاية إمبراطوريتين بقيا في التاريخ وهما الإمبراطورية البريطانية
والإمبراطورية الفرنسية وتزيح جانبا الاتحاد السوفيتي وهو الإمبراطورية الروسية القديمة القيصرية وجاءت هي متقدمة، ده كان المشهد أو كانت البقعة الأولي التي لفتت نظري ضمن جيلي يمكن يكون فيه ناس غيري في جيلي لما نطل عادة علي مشهد معين مشهد واسع.. بانوراما واسعة بعضنا ممكن يبص علي الغابة بعضنا ممكن يبص علي النخيل بعضنا ممكن يبص علي النهر بعضنا يحط علي الجبل لكن أنا.. وكل واحد فينا بيشوف مشهد معين يعني بيشوف الصورة العامة كلها البانوراما نتشارك فيها جميعا لكن نقط التركيز قد تختلف من أحدنا إلي الآخر.. انتهي النص.
إنه يحاول أن يستشرف المشهد، وكأن المشهد يستعرض أمامه الأحداث وهو يجلس في الأعلي يستشرفه، وهو يصفة ب" الصورة العامة " التي سينقلها إلي القراء أو المشاهدين، ويزيد من وصف ذلك مخادعا فيسميها ب"الصورة الشاملة" . ونحن نسأل: هل من حقّه أن يرسّم نفسه مؤرخا أو فيلسوفا في التاريخ كي يتحدث بهذه الفوقية والتعالي؟ وهل له الحق في أن يعطي لنفسه صفة المهندس المعماري لأصعب المشاهد التاريخية فيقول باللاند سكيب؟ طيب، هل أن ما حققته الولايات المتحدة الأمريكية يا هيكل من انتصارات علي امتداد القرن العشرين غريب عن تفكيرنا نحن العرب جميعا من دون تحديد المختصين أم غير المختصين، حتي تجعل من نفسك مكتشفا لذلك؟ مشهد تاريخي له فصول متعددة ومتنوعة معروف للقاصي والداني لا يحتاج إلي كل هذه الفخفخة الكلامية وأنه قد لفت نظرك أو أنها البقعة التي لفتت نظرك من بين جيلك.. وتريد القول بعد هذا وذاك بأنك متميز عن غيرك من أبناء جيلك بأن توضحت أمامك هذه البانوراما ولم تتضح أمام غيرك.. فكل واحد منهم ينظر من زاوية معينة للبانوراما ولكنك متفوق عليهم بحيث تنظر علي الصورة كلها وتطل علي المشهد كله!
ما هذا يا هيكل؟ الأمر لا يحتاج إلي كل هذه الفوقية أولا ولا إلي كل هذه النرجسية ثانيا في أمر بديهي وواضح.. إنك تخلق من نفسك حاجة غير طبيعية وكأنك ملهم ولك قدرات تفوق غيرك من أبناء جيلك والأجيال الأخري.. وكل هذا لا نحتاجه أبداً في ما ورثته الولايات المتحدة الأمريكية من أسلاب وبقايا امبراطوريتين استعماريتين قديمتين.. وجئنا نحن لاقيناها عند حافة الأفق في الشرق الأوسط! دعنا نبقي معك وأنت تهوّل الأمور وتدخل نفسك وتحشر دورك في ثنايا التاريخ الصعب الذي تجهله تماما!
المشهد الجديد
يقول هيكل: "بالنسبة لي أنا بدا لي إنه أهم حاجة في المشهد الجديد اللي إحنا طالعين فيه هو الظهور الأمريكي الذي كان واضحا، الحاجة الثانية اللي لفتت نظري علي طول في هذا المشهد وأظنها.. أما حد النهارده يتكلم يقول والله لفت نظري يبقي بيتكلم لفت نظره فيما مضي حينما رأي ولفت نظره أيضا بالتجربة الثقافية اللي تكونت فيها مداركه واهتمامه بالشأن العام، أنا لفت نظري مباشرة بعد الإمبراطورية الأمريكية الأسر الثلاث الحاكمة في العالم العربي لأنه كان موجود الأسرة العلوية الملك فاروق ابن الملك فؤاد في مصر، الملك عبدالعزيز أو الأسرة المالكة السعودية في السعودية وكان موجود الهاشميين موجودين في عاصمتين عربيتين وهما بغداد ودمشق".
طيب.. من قال عكس ذلك يا هيكل الا العقلاء؟ من صفق للقوة السوفيتية الجديدة والعالم الاشتراكي؟ ألم تبد الصورة واضحة والمشهد الجديد جليا بالنسبة لطائفة من الساسة العرب؟ ألم يكن الظهور الأمريكي مسألة واضحة ومفروغاً منها بالنسبة لزعماء قدماء سواء في السعودية أم العراق الملكي أم لبنان أم الاردن أم المغرب؟ لم يكن واضحا بالنسبة لك أو أنه كان واضحا وكنت تميط اللثام وتهاجم من كان يريد التعامل معه! لماذا لم تصرّح بذلك سابقا؟ ثم دعني أسألك: ماذا تريد من قولك إن الأمر قد لفت نظرك مباشرة وأن غيرك قد انتبه الآن بعد تجربة ثقافية واكتمال مداركها واهتمامها بالشأن العام؟ ما هذا الهذيان؟ لقد كانت هناك سياسات عربية دخلت في معاهدات وآليات عمل واتفاقيات مع الولايات المتحدة الأمريكية..
ولم يكن ذلك عيباً، فكل الناس لم يلتفت نظرها إلي ذلك وأنت الوحيد الذي اكتشفت ذلك؟ هل من الاحترام أن تبخس العقل العربي ما يعرفه حقا، لكي تقدّم لنا مقدماتك من أجل ما تنوي أن تريد قوله ثم تختفي؟ هل كان الساسة والمثقفون والمتابعون والمؤرخون العرب من الغباء بمكان ألا يكتشفوا مثل هذه "الأسرار" وأنت الذي كشفتها؟ والأمر لا أسرار فيه، إنه مجرد رؤية لما كان يجري في العالم.. ولكن تريد القول إن ما لفت نظرك مباشرة بعد الإمبراطورية الأمريكية الأسر الثلاث الحاكمة في العالم العربي وقد حصرتها بالأسرة العلوية في مصر، والأسرة السعودية في السعودية والاسرة الهاشمية في بغداد وعمّان وليس في بغداد ودمشق ! وأنا أسألك: هل كانت هذه معضلة تاريخية صعبة الكشف حتي تكتشفها يا هيكل؟ هل هي0 مسألة لا يدركها العالم حتي تتفنن في استعراض عضلاتك بها؟
ثم إنني أسألك: لماذا الأسر المالكة الثلاث في العالم العربي؟ ألم تكن هناك أسر مالكة عربية أخري كانت ضمن المشهد؟ لماذا لم تذكرها علي الأقل؟ ثم هل كان الشرق الأوسط وحوافيه التي تحدثت عنها منحصرة بكل من العراق ومصر والسعودية.. أم كانت هناك دول شرق أوسطية أخري كانت تكرّس علاقاتها بالولايات المتحدة الأمريكية يوماً بعد آخر أكثر بكثير من ذاك الذي كرسته دول عربية؟ لماذا لم تذكر إيران وتركيا؟ وبعد هذا وذاك اسأل: ما المشكلة في ذلك يا هيكل؟ ربما لا تمنح الناس وكل العالم أجوبة محددة وواضحة أبداً.. لأنك لا تدرك الأولويات التاريخية ولا تفقه معاني تكوينات العرب الحديثة.. وأن ليس لديك إلا رسالة معينة تريد أن تبثّها ضد هذا أو ذاك وأنت تقصد بها ضرب أهداف معينة.. ليس إلا. وسأبقي معك متابعاً كل كلمة قلتها وأحاسبك عليها حساباً علمياً ومنهجياً عسيراً من أجل أن يدرك الناس طبيعة اللعبة التي مارستها ولم تزل تمارسها عبر هذه السنين.. ولم تنفع معك أبداً أي تصويبات طرحها عليك منتقدوك.. فماذا تريد الوصول إليه؟
ماذا عن علاقة الأسر الحاكمة بصراع الإمبراطوريات؟
يقول هيكل: "الأسر المالكة في اعتقادي مسألة كانت في منتهي الأهمية لأنه الدور اللي لعبوه في التاريخ لعبته هذه الأسر والرجال المؤسسين لها ضمن الصراع الإمبراطوري علي المنطقة وهذه مسألة ينبغي ألا تغيب علي بالنا لحظة بمعني إن إحنا إذا قلنا.. إذا رجعنا ثاني للخريطة طبقا لرأي ديجول وقلنا إنه الزحف كان باستمرار..
الزحف الإمبراطوري متقدم من شمال البحر الأبيض إلي جنوبه باستمرار في اتجاه الشاطئ الجنوبي وإذا قلنا.. افتكرنا إنه في القرن السابع عشر والثامن عشر تمهيدا للقرن العشرين إنه آسيا هنا كان فيها صراع إمبراطوري كبير.. ثلاث إمبراطوريات تتصارع، الثلاث إمبراطوريات المتصارعة في واقع الأمر هي الإمبراطورية البريطانية والإمبراطورية الفرنسية والإمبراطورية الروسية.. القيصرية في ذلك الوقت، الثلاث إمبراطوريات دي كانت واقع الأمر إنها لما نفتكر إنه فرنسا تمركزت بالهند الصينية لما نفتكر إنه روسيا القيصرية تمددت ووصلت إلي الباسفيك المحيط الهادي وإنجلترا مالية الهند وبتزحف وبعدين أهمية النزول جنوبا.. لأنه هنا النزول جنوبا كان جزء منه مهماً قوياً لو نفتكر كنا بنتكلم علي محاصرة طرق التجارة وفتحها للاستيلاء علي البحر الأبيض وفتح طرق التجارة في العالم العربي والإسلامي وهنا كان فيه أوروبا بتنزل وهنا كان فيه الإمبراطوريات الأوروبية بتتمدد والعالم العربي الإسلامي محصور بين الاثنين محصور بين البحر الأبيض الموجود هنا ومحصور بين الخليج الموجود هنا والزحف من الهند ماشي والبحر الأبيض والزحف هنا ماشي من هنا.. ".
كل كلام هيكل عادي ومعروف للعالم كله قبل أن يطرحه علينا بمثل هذه السفسطة.. ولكن دعوني أسأله عدة أسئلة وأنا مدرك أنه لا يستطيع الإجابة عنها لأنه لا يدرك معاني التاريخ الحديث أبداً.. وقد وضع نفسه أو نصّب من نفسه وليا عليه من دون أي مشروعية وأخذ يوزّع الأحكام من دون أي كفاءة.. أسأله وأنا مدرك أنه لا يعي سلاسل تاريخ العالم وهو يتحدث عن صراع الامبراطوريات! أسأله وأنا مدرك أنه لا يعرف غير هذه الأسر المالكة الثلاث؟ أسأله وأنا مدرك أنه لم يحر جوابا ولم يكلف نفسه عناء التفكير فيما يقوله له المختصون وما يطالب به المؤرخون: أين يا هيكل جواب الشرط الذي افترضته أن الأسر المالكة لعبت دورا.. وماذا بعد؟ إنك تريد القول إنها لعبت دورا خيانيا ولكنك لم تقل ذلك، فإذا كانت قد لعبت فهل كانت الوحيدة علي الساحة، بل كان العالم كله يسعي من خلال زعمائه وساسته إلي أن يجد كل منهم بلاده في وضع قانوني مع العالم!
وأسألك ما دمت قد ذكرت أن الصراع الامبراطوري كان قد بدأ منذ القرن السابع عشر والثامن عشر حتي القرن العشرين: من كان اللاعب الأساسي علي الساحة إزاء الصراع الامبراطوري منذ ذلك الوقت حتي القرن العشرين، ألم تكن الامبراطورية العثمانية؟ إنك لا تفقه بتواريخها شيئا، فهي اللاعب الأساسي في تاريخ الشرق الأوسط قبل أن تبدأ الدول العربية تبحث لها عن مسوغات قانونية في إطار الصراع العالمي.. ومن قال يا هيكل إن الزحف قد تم علي آسيا فقط؟ ألم تزحف الامبراطوريات والدول القوية علي أفريقيا أيضا؟ بريطانيا وفرنسا وروسيا.. هذه الامبراطوريات القوية التي عاشت هي الأخري صراعاً عالمياً علي مناطق النفوذ.. فالمشكلة ليست مشكلة العرب إزاء العالم، بل مشكلة العالم إزاء العرب، وليست مشكلة الامبراطوريات إزاء العرب وحدهم، فكل المناطق التي تمّتعت بمجالات حيوية في كل القارات تعرضت لما تعرّض له العرب . وأوروبا لم تنزل فقط وتتمدد، بل وعاشت نفسها في صراعات داخلية وقارية انتهاء بالحرب العالمية الثانية عندما وضعت تلك الحرب أوزارها.. وأسألك يا هيكل: هل العالم العربي الإسلامي محصور بين البحر المتوسط (وليس البحر الأبيض كما تسميه) وبين الخليج العربي؟! أتمني أن تعيد قراءتك لجغرافية العالمين العربي والإسلامي في مدارسنا الابتدائية!
أين بقية الأسر المالكة العربية؟
يستطرد هيكل: "في هذا الجو بنفتكر إنه الأسر المالكة الثلاث الموجودة في العالم العربي واللي شافها جيلي كلها نشأت تقريبا في هذه الفترة بمعني إنه أسرة محمد علي قامت في مصر سنة.. أو قامت في مصر في أول قرن والأسرة المالكة السعودية بدت لأول مرة في التحالف بين الأمير سعود الكبير وبين محمد بن عبدالوهاب في نفس الوقت تقريبا الأسرة الهاشمية كانت موجودة خفية لسه في الحجاز ولم تكن ظاهرة وكان حتي الشريف حسين وهو مؤسس الأسرة كان موجوداً لا يزال في اسطنبول لكن هنا الأسر المالكة الثلاث اللي بقت في أيديها مقادير الأمور محليا علي الأقل لازم نلاحظ إنها واحد نشأت في ظل أو في حركة أو ضمن حركة.. هنا مش بتكلم علي أنها من صنع ده بأقول إنها نشأت في ظل صراع إمبراطوري ولم يكن ممكنا أن تكون بعيدا عنه.. مش ضروري أنها تبقي نتيجة من نتائجه لكن هي في ظل تفاعلاته وضمن حركته.. " .
هذه الأسر المالكة الثلاث التي وجدت في العالم العربي لم يرها جيلك حسب، بل عاشت أجيال القرن التاسع عشر والقرن العشرين.. وكيف نشأت تقريبا في هذه الفترة.. أي فترة تقصد؟ متي قامت أسرة محمد علي باشا؟ لم تذكر ذلك يا هيكل.. لقد نصّب محمد علي باشا بشكل رسمي واليا علي مصر سنة 1804، أما الأسرة السعودية، فإنها قد بدت بتأسيسها الدولة السعودية الأولي.. أما الاسرة الهاشمية فلم تكن وقت ذاك أسرة مالكة، بل كانوا من الأشراف . ولم يكن الشريف حسين مؤسسا للأسرة، فالاسرة الهاشمية موجودة منذ القدم في مكة..
ولم تكن موجودة خفية، بل موجودة في العلن وإمارة مكة معروفة منذ قرون وأمير مكة منتخب من قبل الهاشميين.. ولم يكن الشريف حسين عندما أسس محمد علي باشا دولته أو عندما أسس السعوديون دولتهم في اسطنبول . إنه لم يكن قد ولد بعد يا هيكل . لقد ولد الشريف حسين في اسطنبول عام 1853 . الحلقة القادمة يوم الأربعاء الكاتب.. مفكر عربي عراقي مقيم في كندا وأستاذ في جامعات عربية وأمريكية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.