لجنة "حواس" المشكلة بقرار 116 تثبت صرف 23 مليون جنيه بالزيادة في أحد المستخلصات المستشار القانوني للوزارة يؤكد في مذكرة أنه لا مانع قانوني من إعادة تحليل الأسعار المتعاقد عليها
قضايا فساد مرت عليها سنوات طوال ولم يبت في أمرها حتى الآن على الرغم من تقديم بلاغات كثيرة لكل من جاء في منصب النائب العام للتحقيق بشأنها في الفترات الماضية، إلا أن أحدا لم يحرك ساكنا وتبقى البلاغات بما فيها من مستندات تثبت إهدار المال العام للدولة في مكانها المعتاد المتمثل في أدراج المكاتب المغلقة كعادة المسئولين في دولة أنهكتها حكومات الفساد المتتالية لمدة تزيد عن 30 عام.
وفي ذلك الإطار حصلت بوابة "الفجر" على مستندات تثبت إهدار أموال عامة داخل وزارة الدولة لشئون الآثار في إحدى المشروعات الخاصة بترميم وتوثيق بعض الأماكن الأثرية، ويتمثل المستند في مقايسة لزيادة كميات لمشروع توثيق وترميم قصر إسماعيل باشا المفتش الكائن بميدان لاظوغلي بالسيدة زينب.
واحتوى ذلك المستند على عدة بنود لبعض بيانات الأعمال الخاصة بعمليات الترميم والتوثيق كان أهمها ردم 180 متر3 برمال نظيفة تكلف 360 ألف جنيه، أعمال صلب من قطاعات حديد بما يوزاي 15 طن حديد بتكلفة 405 ألف جنيه، تكسير 1800 متر من أرضيات البلاط الموزايكو بتكلفة 324 ألف جنيه، فك 1000 متر من الأخشاب المتواجدة بالقصر بتكلفة 180 ألف جنيه، وكان ذلك في المرحلة الأولى.
وفي المرحلة الثانية، شهدت بعض بيانات الأعمال زيادة مهولة أيضا في الأسعار بالمقارنة مع أقصى سعر في السوق الخارجي، إذ تكلف فك وتكسير 2000 متر بلاط أرضيات 540 ألف جنيه مصري، حفر 800 متر في أي نوع من أنواع التربة بتكلفة 216 ألف جنيه، عمل فرد وتسوية ل 1500 متر من الأرض مع الدمك بتكلفة 67500 جنيه، توريد وعمل طبقة إحلال من المرحلة قدرها 700 متر بتكلفة 315 ألف جنيه.
وأيضا توريد وعمل مباني من الدبش بمقدار 1400 متر بتكلفة 3 مليون و780 ألف جنيه، توريد وتركيب 150 من درج سلم من الرخام الأبيض بتكلفة 67500 جنيه، توريد وتركيب 500 متر من بلاط سيراميك للأرضيات بتكلفة 90 ألف جنيه، توريد وتركيب 500 متر من بلاط سيراميك للحوائط بتكلفة 90 ألف جنيه، تصليح واستكمال وتسكيك 100 باب بتكلفة 180 ألف جنيه، تصليح ضلف 100 شباك حماية بتكلفة 180 ألف جنيه، توريد وتركيب 30 حوض غسيل أيدي بتكلفة 81 ألف جنيه، توريد وتركيب 16 حوض ستانلس عين واحدة بتكلفة 57600 جنيه، توريد وتركيب 50 حنفية حريق قطر 2.5 بوصة حديد بتكلفة 225 ألف جنيه وتوريد وتركيب 50 صندوق حريق شامل بتكلفة 225 ألف جنيه.
وفي سياق متصل أصدر زاهي حواس، وزير الدولة لشئون الآثار وقتها، قرارا حمل رقم 116 بتاريخ 26 إبريل 2011، قرر خلاله تشكيل لجنة تحت إشراف سامح خطاب، رئيس قطاع التمويل، ورئاسة المهندس حسام فوده، نائب المدير التنفيذي لمشروع المتحف المصري الكبير، ومكونة من 14 عضوا آخرين، وتهدف تلك اللجنة للقيام بفحص أعمال قطاع المشروعات لتحديد علاقة المديونية المالية المستحقة على القطاع تجاه شركات المقاولات التي أنجزت الأعمال والمشروعات في الفترة الماضية إن كانت صحيحة ومراجعة الأوراق الخاصة بكافة المشروعات والقيام بالتنسيق اللازم مع رئيس قطاع المشروعات، على أن تستعين تلك اللجنة بمن تراه مناسبا لإنجاز أعمالها وتلغي ما يخالف ذلك من قرارات سابقة.
وعلى ذلك القرار تقدم سامح خطاب، رئيس قطاع التمويل والمشرف العام على الشئون المالية والإدارة والمشرف على اللجنة المشكلة لفحص أعمال قطاع المشروعات، بمذكرة للعرض على زاهي حواس، أكد له فيها أنه إيماءا لأعمال اللجنة المشكلة والمكلفة بفحص أعمال قطاع المشروعات لتحديد علاقة المديونية المالية المستحقة على القطاع، تبين حسب دراسة اللجنة أن ما تم صرفه بالزيادة بلغ حوالي 23 مليون جنيه وذلك بالمستخلص رقم 6 فقط والذي تبلغ قيمته حوالي 33 مليون جنيه، ما يعني أن الأعمال المنفذة فعليا تقدر بحوالي 10 مليون جنيه وتمثل 30% من المستخلص أي أن هناك 70% مبالغ مهدرة تم صرفها للمقاول دون وجه حق وتقدر بمبلغ 23 مليون جنيه.
وأكدت المذكرة أنه باستطلاع رأي المستشار ممدوح راضي، المستشار القانوني للوزارة، أوضح أنه ليس هناك مانعا قانونيا من إعادة تحليل الأسعار المتعاقد عليها لبعض البنود طالما أنه تزيد عن أسعار السوق زيادة فاحشة سواء زادت كمياتها عن نسبة 125 % أو أقل.
وأوضح المستشار أيضا أنه إذا ما تم إثبات الزيادة في الأسعار فإنه بالإمكان إيقاف الصرف لمستحقات المقاولين الناتجة عن تلك الزيادة مع إمكانية للتفاوض معهم للنزول بهذه الأسعار والتلويح بفسخ العقد إذا ما ثبت قيام حالة الغش وما قد يترتب على ذلك من آثار بشطب اسم المتعاقد، وفي حالة تمسل المقاولون فإن قاعدة العقد شريعة المتعاقدين لا تقف حائلا دون عدم صرف مستخلصات المقاولين نتيجة الزيادة الفاحشة في الأسعار.
وبعد كل ذلك لا زال الأمر محل تساؤلات وعلامات استفهام كثيرة ، لأنه حتى الآن لم يتم التعامل مع هذا الملف بشكل مقنن لإمكانية إعادة أموال الدولة المهدرة مرارا وتكرارا على الرغم من تقديم عدد من البلاغات للنائب العام، وهكذا تبقى المقولة الأزلية التي تنطبق على المصريين، وطن كل شيء فيه ينسى بعد حين.