أعلن البنك المركزى أن صافى احتياطى النقد الأجنبى، تراجع بنسبة 10% خلال شهر واحد، حيث انخفض بنحو 1.8 مليار دولار، ليصل إلى 16.3 مليار دولار فى يناير الماضى مقارنة ب18.1 مليار دولار فى ديسمبر الماضى، رغم ارتفاع إيرادات رسوم المرور فى قناة السويس إلى نحو 5 مليارات دولار، وصعود قيمة تحويلات المصريين العاملين فى الخارج إلى 12.5 مليار دولار. ويأتى التراجع الخطير للاحتياطى النقدى للبنك المركزى، فى ظل محاولات مستميتة من جانب الحكومة المصرية، لتعزيز الاحتياطى النقدى من خلال الحصول على قروض من عدة جهات دولية، على رأسها صندوق النقد والبنك الدوليين، والبنك الإفريقى للتنمية، وغيرها من المؤسسات الاقتصادية العالمية والعربية. ورغم تحذيرات مسئولين فى صندوق النقد الدولى للحكومة، من خطر استمرار السحب من الاحتياطى النقدى، وتأكيد أهمية الحفاظ على بعض الاحتياطات الوقائية، تحسبا لزيادة الضغوط على ميزان المدفوعات، إلا أن السياسات الحكومية فى استخدام الاحتياطى، استمرت فى تخبطها، بوصوله إلى مرحلة الخطورة، خاصة أن الحد الآمن للاحتياطى، هو أن يكفى الواردات الأساسية لمدة تتراوح ما بين 3 و6 أشهر، أى ما يعادل 25 مليار دولار. وكانت الحكومة قد بدأت مباحثات مكثفة منذ شهر، للحصول على قرض من صندوق النقد الدولى بقيمة 3.3 مليار دولار، لسد النقص الحاد فى الاحتياطى النقدى من العملات الأجنبية، وهو القرض الذى أثار الكثير من الجدل خلال الفترة الأخيرة، خاصة مع تصاعد أزمات البنزين والبوتاجاز، وما ترتبط به من شروط رفع دعم الطاقة التى يفرضها صندوق النقد الدولى. وفى تصريحات خاصة ل«الفجر»، من جهته أكدت مصادر حكومية - رفضت الكشف عن هويتها - أن الإجراءات التى تم الإعلان عنها مؤخرا، كشروط لإتمام القرض مع صندوق النقد، وضعتها الحكومة المصرية بالأساس، مشيرة إلى أنها لا تعد «شروطا» بالمعنى المفهوم، لكنها تعد إجراءات إصلاحية تهدف إلى تقليل عجز الموازنة العامة للدولة، كترشيد الإنفاق داخليا، بالتوازى مع الاقتراض من الخارج، مضيفة أن الصندوق لم يفرض أى شروط على مصر، وإنما طلب خطة اقتصادية، يضمن من خلالها قدرة الاقتصاد المصرى على سداد أقساط الدين، وتبعاته خلال المرحلة القادمة. وأوضحت المصادر أن قرض ال 3.3 مليار دولار ليس هو الهدف بالأساس، فالحكومة تدرك أنه مبلغ ضئيل، لا يتعدى 20 مليار جنيه، لكن الحرص على إتمام القرض، يأتى لكونه رسالة تطمين للمؤسسات الدولية والدول المقرضة الأخرى، بأن تمشى على خطاه، وتوافق على إقراض مصر، بعد حالة القلق والتردد المسيطرة على هذه المؤسسات حاليا، بسبب الظروف الاقتصادية فى مصر. وأكدت المصادر أن القرض يعد «طوق نجاة» لمصر فى الوقت الحالى، لأنه رغم تدنى قيمته، يساهم فى تدعيم الاحتياطى النقدى، الذى بدأ فى التآكل، خاصة أن الاقتراض الداخلى أصبح عالى التكلفة، ففى آخر طرح لأذون الخزانة المصرية، طلبت البنوك المحلية سعر فائدة تخطى ال15%، وهو ما يزيد من أعباء الموازنة العامة، بسبب ضخامة خدمة الدين «الفوائد والأقساط»، كما أن الاقتراض الداخلى يتم بالجنيه المصرى، بينما تحتاج البلاد إلى النقد الأجنبى. وفى محاولة من جانب الحكومة، لدعم الاحتياطى النقدى، لجأت مؤخرا إلى عرض 40 ألف قطعة أرض مملوكة للدولة، للبيع للمصريين فى الخارج، على ثلاث مراحل، على أن يتم الدفع بالدولار، خاصة فى ظل تصاعد الخلافات بين القاهرةوواشنطن، على خلفية قضية تمويل منظمات المجتمع المدنى، التى تهدد بسحب الولاياتالمتحدة لوعودها للحكومة المصرية بتقديم حزمة مساعدات فورية لتجاوز أزمتها الاقتصادية، وبعد التوترات الأخيرة فى العلاقة بين البلدين، قد يمتد التوتر إلى ضغط واشنطن على المؤسسات الدولية المقرضة لتعطيل قروضها لمصر.